البرلمان التونسي في انتظار تشكيل تكتلات جديدة

مجلس الشعب المقبل لن يسيطر عليه أنصار الرئيس «لأنهم يمثلون أقلية»

صورة من الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد (الشرق الأوسط)
صورة من الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد (الشرق الأوسط)
TT

البرلمان التونسي في انتظار تشكيل تكتلات جديدة

صورة من الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد (الشرق الأوسط)
صورة من الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد (الشرق الأوسط)

في انتظار أن يعقد أعضاء البرلمان التونسي الجديد أول جلسة، يوم الثلاثاء، المقبل للمصادقة على النظام الداخلي، ومع إقرار لجنة النظام الداخلي بالبرلمان مبدأ تشكيل كتل برلمانية، مخالفة بذلك تصريحات الرئيس قيس سعيد التي قال فيها إن الكتل البرلمانية «أصبحت من التاريخ»، ينتظر المتابعون للمشهد التونسي تشكيل كتل برلمانية جديدة، والكشف عن توازنات وموازين قوى جديدة تسود مختلف التيارات السياسية، وكذا العلاقة التي ستربط السلطتين التنفيذية والتشريعية، خصوصاً بعد أن أكد الرئيس سعيد أن الحوار يمكن أن يجري داخل البرلمان، وهو ما يئد «مبادرة الإنقاذ»، التي يسعى اتحاد الشغل (نقابة العمال)، بمعية ثلاث منظمات حقوقية واجتماعية، إلى بلورتها وتقديمها إلى مؤسسة الرئاسة للمصادقة عليها وإقرارها.
وعلى الرغم من أن جل المترشحين للانتخابات البرلمانية التي أجريت على دورتين بنظام التصويت على الأفراد، أكدوا دعمهم لـ«مسار 25 يوليو»، الذي أعلن بموجبه الرئيس سعيد القطع مع منظومة الحكم السابقة، من خلال حل البرلمان والحكومة، وإقرار دستور وسن قانون انتخابي جديدين، فإن تقارير إعلامية عدة تشير إلى أن البرلمان المقبل لن يسيطر عليه أنصار الرئيس، بل يمثلون فقط «أقلية رغم الجهود الحثيثة التي بذلها» سعيد، ولذلك يرى مراقبون أنه من المستبعد أن يستطيع سعيّد الاعتماد على برلمان متحد لدعم سياساته، المعتمدة أساساً على إقصاء الأحزاب السياسية المنتمية إلى منظومة الحكم التي تزعمتها حركة النهضة، وعدم الاعتماد على الأجسام الوسيطة (منظمات المجتمع المدني) في حل الأزمات.
وفي هذا السياق، تحدث موقع «أفريكا أنتلجونس» الفرنسي عن عدم وضوح ولاءات عدد كبير من نواب البرلمان الجديد، فباستثناء النواب الذين أعلنوا دعمهم للرئيس في أعقاب الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية الأخيرة، فإن المعطيات الراهنة تكشف عن رغبة الرئيس في منع النواب من تشكيل تحالفات برلمانية، لكنه «فشل في هذا المسعى»، حيث أقر النواب تشكيل كتل برلمانية لا تقل عن 15 نائباً للكتلة الواحدة، وهي التي ستنبثق عنها اللجان البرلمانية. وأوردت المصادر نفسها أن أنصار سعيد المُعلنون لا يزيد عددهم على 10 مقاعد من مجموع 154 نائباً منتخباً، وغالبيتهم أعضاء في مبادرة «لينتصر الشعب».
كما أكد الموقع الفرنسي أن كتلة الرئيس التونسي لن تتجاوز الـ30 مقعداً تقريباً، حتى في حال احتساب الأحزاب التي لا تعارضه بشكل صريح، لكنها تنتقد مساره السياسي على غرار حركة «الشعب»، وحزب «الشباب التونسي الوطني»، وحراك «25 يوليو»، و«التحالف من أجل تونس»، و«صوت الجمهورية».
ووفق عدد من المنظمات المتابعة للعملية الانتخابية الأخيرة، فإن عدد النواب المستقلين لا يقل عن 125، وهم يمثلون أكبر فئة داخل البرلمان التونسي، لكنهم «غير معروفي الانتماء»، ولا يمكن للرئيس سعيد التعويل بالكامل على دعمهم، خصوصاً أنهم لا يمثلون كتلة متجانسة، ويضمون 27 نائباً ليست لديهم أي خبرة سياسية سابقة، و36 نائباً ليس لهم أي انتماء سياسي معروف.
وتؤكد عدة تحاليل رافقت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، أن نحو 52 نائباً كان لهم انتماء واحد على الأقل إلى حزب سياسي في الماضي، ويستحوذ حزب «حركة نداء تونس»، الذي أسسه الرئيس السابق الباجي قائد السبسي، على أكبر عدد منهم، بنحو 42 من النواب. وهذه المعطيات جعلت الكثير من المتابعين يتساءلون عن أهمية عودة حركة «نداء تونس»، المحسوبة على منظومة الحكم التي سبقت ثورة 2011 ومدى تأثيرها على المشهد برمته. كما تحدث البعض منهم عن عودة المنظومة القديمة تحت غطاء سياسي جديد، لذلك فإن معظمهم لم يفصحوا عن انتمائهم السياسي السابق، بهدف تفادي غضب الرئيس سعيد.
وقال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يستغرب عودة عدد من الناشطين السياسيين في أحزاب سياسية سابقة إلى العمل البرلماني، وذلك بالنظر إلى الخبرة السياسية التي راكموها على مدى عقود من الزمن، مضيفاً أن الكثير ممن انتموا إلى حركة نداء تونس لهم حضور قوي على المستوى الميداني، وعلاقات ممتدة تجعل الكثير من الناخبين يصوتون لفائدتهم، خصوصاً إذا خلت سجلاتهم من تهم الفساد واستغلال النفوذ، وقد فاز بعضهم بمقاعد في البرلمان الجديد على حساب قليلي الخبرة من المترشحين الجدد.
وكانت أحزاب سياسية عدة قد قاطعت المسارين السياسي والانتخابي، ولم تعترف بالبرلمان الجديد، عادّة الخطوات التي قام بها سعيد «انقلاباً على المؤسسات الدستورية». ورغم أجواء التفاؤل التي طغت على أشغال لجنة النظام الداخلي التي انطلقت في 16 من مارس (آذار) الماضي، وتواصلت لنحو أسبوعين، فإن تقارير إعلامية مواكبة لاجتماعات هذه اللجنة، أكدت وجود خلافات بين أعضائها حول عدة نقاط أساسية، من بينها مدة انتخاب رئيس البرلمان، وإن كانت تمتد لخمس سنوات ثم يعاد انتخابه كل سنة، وأيضاً كيفية تقديم الأسئلة الكتابية والشفهية إلى الحكومة، في إطار الدور الرقابي المسند للبرلمان في دستور 2022، هذا بالإضافة إلى آليات التمتع بالحصانة البرلمانية وشروط التمتع بها.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
TT

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة، وغازل عمداء البلديات بـ«الخدمات» من خلال إنهاء وتدشين عدة مشروعات في مناطقهم.

واجتمع الدبيبة في مقر الحكومة بطرابلس العاصمة مع 6 عمداء بلديات، هي الأصابعة وككلة والقواليش والمشاشية ويفرن والقلعة، بالإضافة إلى عدد من أعيانها، لمناقشة عدد من الملفات الخدمية والتنموية والاجتماعية.

وتحدث الدبيبة خلال اللقاء عن دعمه لملف التنمية المحلية واللامركزية، وإقرار عدد من اللوائح والقرارات المنظمة لهذا التوجه المهم، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود الوطنية للوصول بالبلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية، وفق قوانين عادلة ومتفق عليها، وإنهاء المراحل الانتقالية.

الدبيبة مع عدد من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

ووفقاً لمكتب الدبيبة، فقد استعرض رؤساء الأجهزة التنفيذية أهم المشروعات التنموية بالبلديات الحاضرة، ونسب الإنجاز الفنية والمشروعات المعتمدة في الخطة التنموية المقبلة.

ويأتي لقاء الدبيبة بعمداء البلديات الـ6، عقب يوم من لقائه أعضاء المجلس البلدي يفرن وعدداً من أعيان المدينة. وأثار خلال اجتماعه معهم ضرورة «توحيد الجهود الوطنية لإنجاز الدستور والقوانين الانتخابية العادلة، لتكون المرجعية الوطنية التي تتيح إجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية».

وخلال الاجتماعين حرص الدبيبة على توجيه أجهزة حكومته لإنجاز مشاريع معطلة بالبلديات، وقال في اللقاء الذي انتهى، مساء الخميس، إن «عمليات الإمداد المائي لبلديات الجبل تحديداً كانت من أولويات الخطة التنموية، ضمن مشروعات (عودة الحياة)، وما زالت مستمرة حتى استكمالها، تقديراً لظروف المنطقة واحتياجاتها لمياه الشرب».

كما وجّه الدبيبة «الأجهزة التنفيذية بإعطاء الأولوية في المشروعات التنموية لقطاعات المياه والصرف الصحي، والمرافق التعليمية والصحية، وإعطاء الأولوية للمشاريع الجارية لضمان استكمالها».

من جهة ثانية، تتواصل في ليبيا تداعيات إيقاف الدبيبة للقائم بالأعمال في السفارة الليبية لدى مصر، محمد عبد العالي، دون مزيد من الأسباب، لكنه كلف مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، السفير عبد المطلب إدريس، بتسيير مهام السفارة الليبية.

في غضون ذلك، دعا مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى جلسة رسمية، الاثنين المقبل، تُعقد في مدينة بنغازي، لمناقشة بنود جدول أعمال المجلس، حسب عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم المجلس.

الطاهر الباعور مستقبلاً سفير إيطاليا لدى ليبيا (خارجية الوحدة)

من جهته، التقى الطاهر الباعور، المكلف تسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، الجمعة، في مكتبه بطرابلس، سفير إيطاليا لدى ليبيا، جيانلوكا البريني، حيث أكد الجانبان على عمق العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين.

ونقلت الخارجية عن السفير «إشادته بمخرجات منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي، الذي عُقد بطرابلس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ حيث نقل خلال اللقاء امتنان وتقدير رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، لنجاح هذا المنتدى.

وأكد الباعور مشاركته وتمثيل الوفد الليبي في «منتدى حوار المتوسط لبلدان البحر المتوسط»، الذي سيُعقد في روما على المستوى الوزاري، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.