الرياض وطهران لتوسيع نطاق التعاون وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين

بن فرحان وعبداللهيان ناقشا سبل تطوير العلاقات

وزيرا الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والإيراني أمير عبداللهيان (واس)
وزيرا الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والإيراني أمير عبداللهيان (واس)
TT

الرياض وطهران لتوسيع نطاق التعاون وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين

وزيرا الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والإيراني أمير عبداللهيان (واس)
وزيرا الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والإيراني أمير عبداللهيان (واس)

أكد الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في بكين أمس، أهمية متابعة تنفيذ اتفاق استئناف العلاقات وتفعيله، بما يعزز الثقة المتبادلة ويوسع نطاق التعاون ويحقق الأمن والاستقرار الإقليمي، وذلك في أول لقاء رسمي بين أرفع مسؤولين دبلوماسيين في البلدين منذ أكثر من 7 أعوام، بعدما توسطت الصين في اتفاق لاستعادة العلاقات بين البلدين.
وأكد الوزيران أن اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين بلديهما سيسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة. وناقشا سبل تعزيز العلاقات الثنائية في عديد من المجالات، بالإضافة إلى متابعة خطوات تنفيذ اتفاق البلدين الموقّع في بكين، بما في ذلك إعادة فتح سفارتي البلدين خلال المدة المتفق عليها، وبحث السبل كافة، التي تحقق الأمن والازدهار للبلدين والشعبين.
وعبّر الجانبان، خلال اللقاء، عن تطلعهما إلى تكثيف اللقاءات التشاورية وبحث سبل التعاون لتحقيق مزيد من الآفاق الإيجابية لعلاقاتهما، بما يخدم مصالحهما المشتركة، كما ثمّنا استضافة جمهورية الصين الشعبية لهذا الاجتماع.
وجاء اللقاء الوزاري في العاصمة الصينية، حيث اتفقت الرياض وطهران الشهر الماضي، على إنهاء خلافهما الدبلوماسي وإعادة فتح البعثات الدبلوماسية في اتفاق توسطت فيه الصين الشهر الماضي.
وكانت السعودية وإيران اتفقتا، برعاية صينية، على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 7 سنوات. وأعلن البلدان والصين في بيان مشترك في 10 مارس (آذار) الماضي، أن الاتفاق سينفذ خلال 60 يوماً.

وزير الخارجية الصيني أقام مأدبة عمل لنظيريه السعودي والإيراني (واس)

ووقع الوزيران بياناً مشتركاً في ختام المباحثات يؤكد أهمية متابعة ما تضمنه البيان الثلاثي المشترك الصادر بتاريخ 10 مارس من العام الجاري، بشأن استئناف العلاقات، وفي إطار التنسيق بين البلدين حيال الخطوات اللازمة لاستئناف العملين الدبلوماسي والقنصلي بينهما.
وشدد البيان على حرصهما على بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين، الموقعة في 2001، التي اتفق بموجبها الجانبان على التعاون لمواجهة الإرهاب وتهريب المخدرات وغسل الأموال، وكذلك الاتفاقية العامة للتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة في عام 1998.
وبحسب نص البيان المشترك، جدد الجانبان الاتفاق على إعادة فتح بعثاتهما الدبلوماسية خلال المدة المتفق عليها، والمضي قدماً في اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح سفارتي البلدين في الرياض وطهران، وقنصليتيهما العامتين في جدة ومشهد.
وذكر أن الجانبين اتفقا على مواصلة التنسيق بين الفرق الفنية لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين بما في ذلك استئناف الرحلات الجوية، والزيارات المتبادلة للوفود الرسمية والقطاع الخاص، وتسهيل منح التأشيرات لمواطني البلدين بما في ذلك تأشيرات العمرة. كما عبر الجانبان عن تطلعهما إلى تكثيف اللقاءات التشاورية وبحث سبل التعاون لتحقيق مزيد من الآفاق الإيجابية للعلاقات بالنظر لما يمتلكه البلدان من موارد طبيعية، ومقومات اقتصادية، وفرص كبيرة لتحقيق المنفعة المشتركة للشعبين الشقيقين. وأكدا استعدادهما لبذل كل ما يمكن لتذليل أي عقبات تواجه تعزيز التعاون بينهما.
كما اتفق الجانبان على تعزيز تعاونهما في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وبما يخدم مصالح دولها وشعوبها.
وفي ختام الاجتماع، عبر الجانبان عن شكرهما وتقديرهما للجانب الصيني على استضافة هذا الاجتماع، كما عبّرا عن شكرهما للحكومة السويسرية لمساعيها وجهودها المقدرة لرعاية المصالح السعودية والإيرانية.
وقال البيان إن وزير الخارجية السعودي، جدد الدعوة الموجهة لنظيره الإيراني، لزيارة المملكة وعقد اجتماع ثنائي في العاصمة (الرياض)، حيث رحب الوزير عبداللهيان بالدعوة، ووجه دعوة مماثلة لنظيره الأمير فيصل بن فرحان لزيارة إيران وعقد اجتماع ثنائي في العاصمة (طهران)، ورحب الوزير السعودي بدوره بالدعوة.

دور بكين «الإيجابي»

من جهة أخرى، التقى الأمير فيصل بن فرحان في بكين، الخميس، وزير الخارجية الصيني تشين قانغ، وشهد اللقاء استعراض علاقات الصداقة المتينة بين المملكة والصين الشعبية، وسُبل تعزيزها في مجالات التعاون جميعها.
وتطرق الجانبان إلى المستجدات بشأن الاتفاق بين السعودية وإيران، بما يحقق المصالح المشتركة، ويعزز من جهود إرساء دعائم السلام بالمنطقة والعالم، بينما ثمن الوزير السعودي الدور الإيجابي لجمهورية الصين الشعبية، في الوصول إلى الاتفاق السعودي - الإيراني، بما يحقق الأمن والاستقرار للبلدين.
وبُثّت مشاهد تُظهر وزير الخارجية الصيني يتوسط نظيرَيه السعودي والإيراني، ويمسك بيديهما ويجمعهما. وفي مقطع مصور قصير أذاعه التلفزيون الإيراني الخميس، تبادل بن فرحان وعبداللهيان التحية قبل أن يجلسا متجاورين. وعلق عبداللهيان على طول الرحلة إلى بكين خلال اللقاء، وقال وزير الخارجية السعودي إن الرحلة بين الرياض وطهران لا تزيد على ساعتين.
كذلك أفادت قناة «سي سي تي في» الصينية الرسمية بأن بكين أشادت بـ«أول اجتماع رسمي بين وزيري خارجية البلدين منذ أكثر من سبع سنوات» و«وساطة بكين النشطة» على الصعيد الدبلوماسي، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وأكّدت الصين أنها تريد العمل من أجل «الاستقرار» في الشرق الأوسط. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، إن «الصين ستعمل مع دول (المنطقة) لتنفيذ مبادرات (...) لتعزيز الأمن والاستقرار (...) والتنمية» في الشرق الأوسط.
وقال قانغ إن الصين تدعم دول الشرق الأوسط في الحفاظ على استقلالها الاستراتيجي، والتخلص من «التدخل» الخارجي، والإبقاء على مستقبل المنطقة بأيديها.

لماذا الصين؟

ويوم الأربعاء كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن وزيري الخارجية السعودي والإيراني، سيلتقيان في بكين (الخميس)، لتفعيل مضمون اتفاق استئناف العلاقات الذي أُعلن الشهر الماضي. وكان لقاء بكين سبقته ثلاثة اتصالات بين الوزيرين، تضمنت الخطوات المقبلة لتنفيذ الاتفاق وإجراءات تفعيل الاتفاقات السابقة. ولفتت المصادر إلى أن اختيار الصين مكاناً لعقد اللقاء بين وزيري الخارجية السعودي والإيراني «يأتي امتداداً لدور بكين الإيجابي في الوصول للاتفاق، وتسهيل التواصل بين البلدين». وشدد البيان الثلاثي على «احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية». كما أكد تفعيل الاتفاقات المشتركة جميعها بين السعودية وإيران، ومنها اتفاقية التعاون الأمني، واتفاقية التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب.
وبعد جولات من المفاوضات في بغداد ومسقط، جرت الجولة الأخيرة من المفاوضات بين السعودية وإيران في بكين بين 6 و10 مارس الماضي، وترأس الوفد السعودي الدكتور مساعد العيبان، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، بينما كان الوفد الإيراني برئاسة الأدميرال علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي. وقال شمخاني بعد إبرام الاتفاق إنّ «إزالة سوء التفاهم والتطلع إلى مستقبل العلاقات بين طهران والرياض سيؤدّيان بالتأكيد إلى تعزيز الاستقرار والأمن الإقليميَين». وأضاف أن الاتفاق يمكن أن «يزيد من التعاون بين دول الخليج (...) والعالم الإسلامي لإدارة التحديات القائمة».
وجاءت هذه الخطوة بعد 7 سنوات من قطع العلاقات بين السعودية وإيران، إثر الهجوم على السفارة السعودية وملحقياتها في طهران ومشهد، في يناير (كانون الثاني) 2016، وإتلاف وإحراق محتوياتها، وهو ما دفع الخارجية السعودية آنذاك إلى مطالبة الدبلوماسيين الإيرانيين بمغادرة البلاد في غضون 48 ساعة، بينما أجلت السعودية دبلوماسييها من إيران.

مباحثات «إيجابية وبناءة»

> تفاعلت وسائل الإعلام الإيرانية أمس، مع لقاء الوزيرين في بكين، حيث قال عبد اللهيان إن مباحثاته مع الأمير فيصل بن فرحان جرت في أجواء «إيجابية وبناءة». وأعلن استعداد طهران لعقد لجنة اقتصادية مشتركة بين البلدين، متحدثاً عن «أهمية وضرورة تطوير العلاقات في المجالات الاقتصادية والتجارية، والاستثمار». وقال إن «العلاقات الاقتصادية والاستثمارات المتبادلة، يمكن أن تساعد في تعزيز العلاقات»، مشيراً إلى أن الترانزيت «أحد مجالات التعاون المهم»، ورأى أن «موقع إيران الجيوسياسي يعطي فرصة مثالية للسعودية ودول الخليج للتعاون التجاري مع الدول الواقعة شمال إيران» وفقاً لوكالة «إرنا» الرسمية.
ولاحقاً، كتب عبداللهيان على «تويتر»: «التقيت اليوم زميلي الأمير فيصل بن فرحان في بكين، وكانت لدينا محادثات إيجابية، واتفقنا على الموضوعات التالية: انطلاق العلاقات الرسمية الدبلوماسية بين إيران والسعودية، واستئناف العمرة، والتعاون الاقتصادي والتجاري، وإعادة فتح السفارات والقنصليات، والتأكيد على الثبات والأمن المستدام وتنمية المنطقة».
أما المتحدث باسم الخارجية الإيراني ناصر كنعاني، فقد قال لصحافيين يرافقون الوفد الإيراني: «إن العلاقات الرسمية بين إيران والسعودية بدأت رسمياً اليوم»، موضحاً أن وزيري الخارجية السعودي والإيراني أجريا جولتين من المحادثات إحداهما خلف الأبواب المغلقة.
ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن كنعاني قوله: «أكد وزيرا خارجية إيران والمملكة العربية السعودية الاستعداد المشترك لتنفيذ الاتفاقات الأساسية القائمة بين البلدين، في إطار الإرادة السياسية لتوسيع العلاقات الثنائية في المجالات جميعها (...) وعلى هذا الأساس تقرر اتخاذ الخطوات اللازمة تدريجياً».
وقال كنعاني: «مفاوضات اليوم أكدت ضرورة بذل الجهود والاتفاق على توسيع العلاقات في المجالات الاقتصادية في كل من القطاعين العام والخاص» بما في ذلك «تأكيد تسهيل إصدار التأشيرات والخدمات لمواطني البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية».

تفاعلات الأيام الأخيرة

> رحّبت إيران، الأربعاء، بالدعوة التي أطلقتها الولايات المتحدة، الثلاثاء، للمساعدة في إنهاء النزاع في اليمن عبر دعم عملية السلام. واعتبرت طهران أن تصريحات المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ، الثلاثاء، «مُرضية».
وكان ليندركينغ قال إن واشنطن تودّ «رؤية الإيرانيين يظهرون دعمهم للعملية السياسية التي تأمل أن تأتي» حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وفي مؤشر آخر على التقارب مع دول الخليج، عيّنت إيران، الأربعاء، رضا العامري سفيراً لها لدى الإمارات، بعد قرابة 8 سنوات على وجود آخر سفير لها في أبوظبي. كما رحّبت طهران بإمكانية التقارب مع جارتها البحرين بعد إعلان الاتفاق مع السعودية.
وقد أشادت دول في المنطقة وخارجها باتفاق إيران والسعودية باعتباره خطوة إيجابية نحو الاستقرار، قد تمهّد الطريق لمزيد من التقارب الدبلوماسي الإقليمي.
ورحب البيت الأبيض بالاتفاق، لكنه قال إنه لم يتضح بعد ما إذا كان الإيرانيون «سيفون بالتزاماتهم». كما رحبت فرنسا بالخطوة، قائلة إنها تؤيّد الحوار، لكنّها حثّت إيران على «نبذ أعمالها المزعزعة للاستقرار».
وأشاد كذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالخطوة، وقال إنه لا يزال على استعداد لتقديم «مساعيه الحميدة لدفع الحوار الإقليمي بشكل أكبر».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

لقاء جنيف... الخلاف يتسع بين أوروبا وإيران

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
TT

لقاء جنيف... الخلاف يتسع بين أوروبا وإيران

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

رغم الصخب الذي سبق المحادثات الأوروبية - الإيرانية في جنيف، فإنها لم تحمل مبادرات جديدة أو تحدد «خريطة طريق» للمفاوضات النووية، كما روج إعلام مقرب من النظام الإيراني قبيل اللقاء. كما لم تكن محصورة فقط بالملف النووي الإيراني بل تناولت علاقة إيران العسكرية بروسيا، بحسب ما قال دبلوماسيان أوروبيان رفيعا المستوى لـ«الشرق الأوسط».

واعترف دبلوماسي أوروبي بأن اللقاءات التي جمعت بين مسؤولين إيرانيين وأوروبيين في جنيف، أثبتت أن «حجم الخلافات» يتسع بين الطرفين على أكثر من صعيد.

وكان دبلوماسي أوروبي رفيع ثان قال لـ«الشرق الأوسط» قبل أيام، إن اللقاءات في جنيف «جزء من إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع الإيرانيين»، وإنها «ستكون شاملة، وإنه لا قرارات ستتخذ حول كيفية التعاطي مع الملف النووي الإيراني قبل اتضاح الرؤية الأميركية مع تسلم ترمب مهامه مطلع العام المقبل».

غروسي ونائبه يتوسطان المتحدث باسم «الذرية الإيرانية» بهروز كمالوندي ونائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي أمام مدخل منشأة نطنز في أصفهان (إرنا)

جنيف استكمال لنيويورك

وعلمت «الشرق الأوسط» أن اللقاءات كانت مُعدّة مسبقاً، وجاءت استكمالاً لما جرى في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تم التركيز بشكل أساسي على التصعيد النووي الإيراني، والتعاون العسكري الإيراني مع روسيا.

والتقى مديرو الأقسام السياسية في وزارات خارجية الدول الأوروبية الثلاث: فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الجمعة، بكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين مجيد تخت روانجي، ونائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي، غداة لقاء المسؤولين الإيرانيين بأنريكي مورا، الوسيط الأوروبي في المفاوضات النووية.

نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي (حسابه على منصة «إكس»)

وكتب مورا في تغريدة على منصة «إكس» أن اللقاء كان «صريحاً»، وأنه نقل للمسؤولين الإيرانيين ضرورة أن توقف طهران «تعاونها العسكري مع روسيا»، إضافة إلى الحاجة للتوصل «لحل دبلوماسي للمسألة النووية، ووقف تدخلات إيران الإقليمية».

ورد غريب آبادي بتغريدة أخرى، ينتقد فيها الاتحاد الأوروبي، وقال إن «أوروبا فشلت بأن تكون لاعباً جدياً بسبب غياب الثقة والمسؤولية». وكتب أيضاً أنه وجّه انتقادات لمورا تتعلق بالسياسات العامة للاتحاد الأوروبي تجاه المسائل الإقليمية والدولية، واصفاً تصرف التكتل «بغير المسؤول».

وبعد لقائه بالمسؤولين من الترويكا الأوروبية، كتب غريب آبادي على منصة «إكس» أن المحادثات «ركزت على الملف النووي ورفع العقوبات». وأضاف: «نحن ملتزمون بمصلحة شعبنا وتفضيلنا هو للطريق الدبلوماسي والحوار». وأشار إلى أنه تم الاتفاق على إبقاء الحوار الدبلوماسي مفتوحاً في المستقبل القريب.

ما فرصة «سناب باك»؟

جاءت لقاءات جنيف بعد أيام على تقديم الدول الأوروبية الثلاث: فرنسا وبريطانيا وألمانيا، مشروع قرار ضد إيران في مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تم تبنيه من قبل المجلس.

وأدان القرار عدم تعاون إيران مع الوكالة، وتصعيدها تخصيب اليورانيوم. وردت طهران بعد أيام بإبلاغ الوكالة الدولية بأنها تنوي تركيب الآلاف من أجهزة الطرد المركزي الجديدة.

ومع ذلك، قال الدبلوماسي الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»، إن الحديث عن إعادة تفعيل آلية الزناد أو «سناب باك» ما «زال مبكراً».

وكانت بريطانيا قد لمحت قبل أيام إلى إمكانية تفعيل الآلية، وقالت الخارجية في بيان قبل أيام على لقاء جنيف: «ما زلنا ملتزمين باتخاذ جميع الخطوات الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك عبر آلية (سناب باك) إذا لزم الأمر».

وتسمح هذه الآلية بإعادة فرض كامل العقوبات الدولية على إيران لخرقها لالتزاماتها النووية ضمن الاتفاق الذي عقد عام 2015 مع دول 5 زائد واحد، وانسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018 في الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتخشى إيران من أن يعود ترمب إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»، بما في ذلك السعي لتفعيل آلية «سناب باك». وفضلاً عن ترمب، يسود القلق في إيران أيضاً من تفعيل آلية «سناب باك» من قبل قوى أوروبية.

ويمر تفعيل آلية «سناب باك» عبر تفعيل بند يعرف بـ«فض النزاع». وكانت إدارة ترمب الأولى أقدمت على تفعيلها، لكنها واجهت معارضة أوروبية حالت دونها، رغم أن وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، أعلن تفعيل بلاده للآلية.

ضجيج مبالغ فيه

مع ذلك، لم تكن لقاءات جنيف محصورة فقط بالمفاوضات النووية، كما ألمحت وسائل إعلام إيرانية. ورغم تغريدة غريب آبادي التي لم تحمل الكثير من الدبلوماسية، قال الدبلوماسي الأوروبي الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع حصل «كما كان متوقعاً»، مضيفاً أنه لا يفهم «الضجيج الإعلامي المبالغ به الذي سبق اللقاءات» التي أُعدّ لها مسبقاً.

وكانت وكالة أنباء «رويترز» قد نقلت عن مسؤول إيراني قبيل اجتماع جنيف قوله إنه إذا «اتفقت إيران مع الترويكا الأوروبية على الانتهاء من وضع خريطة طريق» حول الاتفاق النووي، فإن «الولايات المتحدة ستقرر إما إحياء اتفاق عام 2015 وإما إنهاءه».

وينتهي العمل بالاتفاق النووي أصلاً في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل، وسيتعين على المجتمع الدولي بدء مفاوضات حول اتفاق جديد مع إيران، بسبب قرب انتهاء الاتفاق الحالي الذي تخرقه إيران باستمرار منذ انسحاب واشنطن منه.

وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية كانت على صلة بالمفاوضات، إن الاتفاق الحالي «لم يعد بالإمكان إحياؤه، ولكنه سيشكل أرضية لأية مفاوضات جديدة» يمكن أن تبدأها دول 5 زائد واحد مع إيران، بهدف التوصل لاتفاق ثانٍ يقيد نشاطات إيران النووية.