موسكو ومينسك لتعزيز التحالف في مواجهة «العدوان الغربي»

عقيدة أمنية موحدة ونظام دفاعي مشترك... وتحكم روسي بالأسلحة النووية

اتفق بوتين ولوكاشينكو على إطلاق مرحلة جديدة من التعاون (إ.ب.أ)
اتفق بوتين ولوكاشينكو على إطلاق مرحلة جديدة من التعاون (إ.ب.أ)
TT

موسكو ومينسك لتعزيز التحالف في مواجهة «العدوان الغربي»

اتفق بوتين ولوكاشينكو على إطلاق مرحلة جديدة من التعاون (إ.ب.أ)
اتفق بوتين ولوكاشينكو على إطلاق مرحلة جديدة من التعاون (إ.ب.أ)

سارت موسكو ومينسك خطوات لتعزيز التحالف في إطار «دولة الاتحاد» بين البلدين الجارين، واتفق الرئيسان فلاديمير بوتين وألكسندر لوكاشينكو خلال قمة هدفت إلى إطلاق مرحلة جديدة من التعاون الوثيق على وضع خريطة طريق كاملة لتوحيد مفاهيم الأمن الاستراتيجي وإرساء أسس نظام دفاعي موحد على طول خطوط المواجهة مع حلف شمال الأطلسي.
وعقد الرئيسان جلسة مباحثات مطولة في الكرملين الخميس، شارك في الشق الموسع منها وفدا البلدين، في إطار «المجلس الأعلى لدولة الاتحاد» وهو الهيكلية التي تنظم آليات دمج المؤسسات في البلدين في إطار استراتيجية موحدة.
وأعلن بوتين أن روسيا وبيلاروسيا سوف تزيدان من التعاون في مجال الدفاع والأمن. وزاد «روسيا وبيلاروسيا تبنيان وتواصلان، كما نلاحظ اليوم، تفاعلهما في مجال الدفاع والأمن، وتوسيع التعاون في المجال العسكري التقني، وهذا بالتأكيد يلبي المصالح الأساسية لبلدينا وشعبينا». ولاحظ أن «هذا المسار مهم حقا؛ نظرا للوضع الدولي الصعب اليوم».
بدوره أشار الرئيس البيلاروسي إلى أن الجانبين «أنجزا بالفعل إنشاء نظام دفاعي فعال لدولة الاتحاد، تعمل فيه بنجاح مجموعة إقليمية من القوات ونظام دفاع جوي موحد». ولفت إلى أن بلاده «أدركت أن الغرب ليسوا أصدقاء، لهذا سوف تعزز تعاونها الأمن والعسكري والتقني مع روسيا كما كان الأمر أثناء حقبة الاتحاد السوفياتي».
وزاد لوكاشينكو أن «المؤشرات تؤكد على تفوق دولة الاتحاد بين روسيا وبيلاروسيا على كثير من الدول المتحالفة»، وشدد على أن سهولة انتقال المواطنين ورؤوس الأموال وأوساط الأعمال تساهم في تعزيز دولة الاتحاد.
كذلك تطرق لوكاشينكو إلى الإنجازات الصناعية لدولة الاتحاد، وقال إن لدى الجانبين 8 آلاف مصنع مشترك تضم مئات الآلاف من العمال، وتوفر فرص عمل هائلة، وأشار إلى تعزيز حدود الدولتين، ما يسمح بمكافحة الإرهاب ووقف تهريب المخدرات والبضائع عبر حدود دولة الاتحاد.
وأعلن بوتين خلال الاجتماع أن موسكو ومينسك تعملان على إعداد «عقيدة أمنية مشتركة» لدولة الاتحاد لمواجهة التوتر المتزايد في العالم. وزاد أن «مسألة البدء في إعداد عقيدة أمن دولة الاتحاد أمر بالغ الأهمية. وتهدف هذه الوثيقة إلى صياغة المهام الأساسية للتفاعل في ضوء التوتر المتزايد على الحدود الخارجية لدولنا والعقوبات والحرب الإعلامية». وكشف سكرتير مجلس الأمن في بيلاروسيا ألكسندر فولفوفيتش أنه من المقرر إقرار المفهوم الجديد بصيغته النهائية العام المقبل.
وفي ملف نشر الأسلحة النووية، أعلن الرئيس البيلاروسي أنه قد يوافق على مقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي طرحه خلال زيارته للصين بشأن «عدم السماح لأي دولة بنشر أسلحة نووية خارج أراضيها»، لكنه اشترط لذلك قيام واشنطن بسحب أسلحتها النووية من البلدان التي تنشرها فيها. كما ذكر لوكاشينكو أن الغرب، بعد أن فشل في حربه الاقتصادية ضد روسيا وبيلاروسيا، فشل أيضا في حصار دولة الاتحاد لأنها تتمتع بالاكتفاء الذاتي: «لهذا يصعد ضدها بالوسائل العسكرية من خلال حشد القوات والمرافق التابعة لحلف (الناتو)».
وطرح لوكاشينكو مبادرة لإنشاء شركات إعلامية قابضة خاصة بدولة الاتحاد لـ«كسب عقول وقلوب المواطنين، ومواجهة الحرب التي يشنها الغرب ضد مواطني روسيا وبيلاروسيا». كذلك أعلن لوكاشينكو عن تحول أوساط الأعمال في البلدين إلى تسوية الحسابات بين الدولتين بالعملة الروسية الروبل.
وكانت موسكو ومينسك سارتا خطوات لتعزيز التكامل العسكري والأمني، وأعلن الطرفان أخيرا الشروع بنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا. وأوضح بوتين أن هذه الخطوة «لا تنتهك الالتزامات الدولية، لأن روسيا لا تنقل ترسانتها إلى دولة مجاورة». بالإضافة إلى ذلك، فقد تم تزويد القوات المسلحة لبيلاروسيا بمجمعات صواريخ من طراز «إسكندر - إم» التكتيكية القادرة على حمل رؤوس نووية. كما تم تحويل جزء من الطائرات الهجومية البيلاروسية إلى أنظمة قادرة على استخدام أسلحة نووية.
وواجهت الخطوات المشتركة انتقادات قوية من جانب الغرب، لكن الكرملين تجاهل الموقف الغربي، وأشار إلى أن الولايات المتحدة «تحتفظ بمائة رأس نووي تكتيكي في أوروبا». ولفت إلى أنه يتم تخزين الشحنات النووية الأميركية في قواعد تنتشر في خمس من دول الناتو - بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا.
وكان الرئيسان عقدا جلسة عمل مغلقة سبقت اجتماع مجلس الدولة الأعلى لدولة الاتحاد، وكشف الناطق الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف الخميس أن محادثات الرئيسين تطرقت إلى «كل القضايا التي تم تحديدها بشكل مسبق على جدول الأعمال». وأعرب بوتين خلال الاجتماع عن ارتياح لـ«نجاح خطوات التكامل في مختلف المجالات، بما في ذلك في مجالي الأمن والاقتصاد». وقال لوكاشينكو بدوره إنه تم تنفيذ 28 برنامجاً للتكامل بنسبة 80 في المائة تقريباً. وفي وقت سابق، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في اجتماع مع قيادة القوات المسلحة البيلاروسية أن بعض طائرات سلاح الجو البيلاروسي تم تحويلها لتصبح قادرة على استخدام أسلحة نووية. وزاد «حصلت بعض الطائرات الهجومية البرية البيلاروسية على القدرة على ضرب أهداف معادية بأسلحة نووية».
وأكد أن تلك الخطوة تأتي ضمن حزمة من التدابير التي تسمح للبلدين في الاستجابة لزيادة الاستعداد القتالي للقوات المشتركة لحلف شمال الأطلسي، وتكثيف الأنشطة الاستخباراتية للتحالف بالقرب من حدود روسيا وبيلاروسيا.
اللافت أن الكرملين أعاد التذكير بأن الأسلحة النووية التي سوف تنشرها روسيا في البلد الجار ستكون تحت إشراف وقيادة القوات الروسية المنتشرة في هذا البلد، ما يعني أن التحكم بها سوف يبقى بيد الرئيس الروسي وحده.
وقال الناطق الرئاسي الروسي ردا على سؤال الصحافيين في هذا الشأن إن الرئيس بوتين حدد هذه النقطة في وقت سابق بشكل واضح. وكان السفير الروسي لدى مينسك بوريس غريزلوف قال إن الأسلحة النووية في بيلاروسيا سوف تنقل إلى الحدود الغربية لدولة الاتحاد، وأثارت هذه العبارة تساؤلات حول الجهة التي قد تتحكم بها، لكن بيسكوف شدد على ضرورة الالتفات إلى «تفسيرات فلاديمير بوتين، التي أدلى بها في مقابلة صحافية عندما سئل عن الموضوع». في وقت سابق، قال بوتين إن «موسكو ومينسك اتفقتا على أنهما، من دون انتهاك الالتزامات الدولية، سوف تنشران أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا». وزاد أن «روسيا لا تنقل أسلحتها النووية إلى بيلاروسيا، لكنها تفعل ما تفعله الولايات المتحدة منذ عقود، منذ أن قام الأميركيون بتدريب طواقم الحلفاء، وطياريها على استخدام هذا النوع من السلاح إذا لزم الأمر».


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز)

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
TT

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)

أظهر موقع «داون ديتيكتور» الإلكتروني لتتبع الأعطال أن منصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» المملوكتين لشركة «ميتا» متعطلتان لدى آلاف من المستخدمين في الولايات المتحدة، اليوم (الأربعاء).

وأبلغ أكثر من 27 ألف شخص عن وجود أعطال في منصة «فيسبوك»، وما يزيد على 28 ألفاً عن وجود أعطال في «إنستغرام»، وبدأ العطل في نحو الساعة 12:50 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة.

وذكر موقع «داون ديتيكتور» أن «واتساب»، تطبيق التراسل المملوك لـ«ميتا»، توقف عن العمل أيضاً لدى أكثر من ألف مستخدم. وتستند أرقام «داون ديتيكتور» إلى بلاغات مقدمة من مستخدمين.

وربما يتفاوت العدد الفعلي للمستخدمين المتأثرين بالأعطال. وقالت «ميتا» إنها على علم بالمشكلة التقنية التي تؤثر في قدرة المستخدمين على الوصول إلى تطبيقاتها. وذكرت في منشور على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»: «نعمل على إعادة الأمور إلى طبيعتها بأسرع ما يمكن ونعتذر عن أي إزعاج».

وكتب بعض مستخدمي «فيسبوك» و«إنستغرام» على منصة «إكس» منشورات تفيد بمواجهتهم عطلاً يعرض لهم رسالة «حدث خطأ ما»، وأن «ميتا» تعمل على إصلاح العطل. وأدّت مشكلة تقنية في وقت سابق من العام الحالي إلى عطل أثّر في مئات الألوف من مستخدمي «فيسبوك» و«إنستغرام» عالمياً. وواجهت المنصتان عطلاً آخر في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنهما عادتا إلى العمل إلى حدّ كبير في غضون ساعة.