للمرة الأولى، تم توثيق مجموعة من الأيدي البشرية المقطوعة في منطقة بتل الضبعة بمحافظة الشرقية (شمال شرقي القاهرة)، مما يلقي الضوء على واحدة من أكثر الممارسات بشاعة في زمن الحرب بمصر القديمة.
وعثر على مجموعة الأيدي المقطوعة في «أفاريس»، وهي مدينه قديمة كانت عاصمة للهكسوس، حيث كانت توجد داخل قصر بناه الهكسوس، وهم الآسيويون الغربيون الذين سيطروا على شمال مصر نحو 1640 - 1530 قبل الميلاد، وحكموا الأسرة الفرعونية الخامسة عشرة.
وكانت الأيدي موضوعة في ثلاث حفر داخل فناء أمام غرفة عرش القصر، كما هو مذكور في الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية «ساينتفيك ريبورتيز» في 31 مارس (آذار) الماضي.
ورغم أن هذا النوع من الممارسة معروف من خلال النقوش في المقابر والمعابد المصرية، فإن هذه هي المرة الأولى، التي يتم فيها استخدام الأدلة المادية لمعرفة المزيد عن الإجراء، والأفراد الذين تم أخذ أيديهم.
وتشهد نقوش قبر المحاربين البارزين، بالإضافة إلى النقوش والصور الموجودة في المعابد، التي يرجع تاريخها جميعاً إلى بداية الدولة الحديثة (الأسرة الثامنة عشرة والعشرون) وما بعدها، على الصورة المتكررة للجنود وهم يقدمون أيدي الأعداء اليمنى المقطوعة إلى الفرعون، من أجل الحصول على «ذهب الشرف»، وهي مكافأة مرموقة على شكل طوق من الخرز الذهبي.
وفي غياب الأدلة المادية، فسر الباحثون هذه الممارسة على أنها عقاب للمجموعات المهزومة، وكذلك احتفال رمزي بالانتصار، غير أن اكتشاف الأيدي المقطوعة الفعلية في «أفاريس»، كان اختراقاً، مكَّن باحثين من النمسا وألمانيا، من النظر في أصول هذه الممارسة ومعناها، وحتى الأشخاص المشاركين فيها.
وأجرى فريق الباحثين تحليلاً بيولوجياً وعلمياً على العظام، وكشفوا عن معلومات تتعلق بعملية التشويه وتحضير هذه الأجزاء من الجسم.
ويقول مانفريد بيتاك، من المعهد الأثري النمساوي، والباحث المشارك بالدراسة لـ«الشرق الأوسط»: «اكتشفنا أنها لم تكن عقوبة للأعداء، بل كانت وسيلة لعد الأعداء المقتولين لمكافأة الجنود على كفاءتهم في القتل، وعرفت هذه العادة من النقوش في الدولة الحديثة، وهذا هو أول دليل مادي، وقد يفسر اختيار الجنود قطع اليد اليمنى، وذلك حتى يعجز الأعداء المقتولون في العالم السفلي على الإتيان بأي سلوك معادٍ».
وفي حين أن التشويه الجسدي للأعداء معروف في مصر منذ عهد الملك نارمر في فترة الأسرات المبكرة، فإن قطع الأيدي يظهر في السجلات المصرية فقط بعد حكم الهكسوس، وله طابع احتفالي.
ويأتي الرسم الأول الدال على هذه الممارسة من أبيدوس، حيث معبد أحمس، الفرعون المصري الذي هزم الهكسوس، وقهر أفاريس، وربما تعرض أحمس هناك لهذه العادة كممارسة للهكسوس، واعتمدها مع قواته كممارسة لأخذ الكؤوس. ويضيف بيتاك أن «هذا العرف قد أدخل في حكم الهكسوس على ما يبدو من قبل الكنعانيين (سكنوا منطقة الشام)، لذلك سنقوم بدراسة أكثر عمقاً في منطقة سوريا، لجمع العديد من الأدلة عن هذه الممارسة».
أول دليل مادي على قطع أيدي الأعداء في مصر القديمة
كانت وسيلة لحصر القتلى ومكافأة الجنود
أول دليل مادي على قطع أيدي الأعداء في مصر القديمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة