جاك لانغ: أنا أكثر رؤساء معهد العالم العربي شرعية

رغم تجاوزه الثمانين يطمح أن يتم اختياره للمرة الرابعة

مدير معهد العالم العربي جاك لانغ
مدير معهد العالم العربي جاك لانغ
TT

جاك لانغ: أنا أكثر رؤساء معهد العالم العربي شرعية

مدير معهد العالم العربي جاك لانغ
مدير معهد العالم العربي جاك لانغ

يشغل جاك لانغ وزير الثقافة الفرنسي السابق، منصب رئيس معهد العالم العربي منذ 2013، وهو يعد بذالك أكثر رؤساء هذه المؤسسة تعميراً، وبينما يتم الاستعداد لاختيار رئيس جديد، لم يخف الوزير السابق طموحه في الفوز بولاية رابعة، مذكراً بحصيلته «الإيجابية» وحبه للغة العربية، وعلاقته الجيدة بشخصيات من المشهد الثقافي العربي. الجديد هذه المرة هو المنافسة التي يواجهها، حيث تقدم عدة شخصيات سياسية ودبلوماسية لخلافته، من بينهم وزير الخارجية السابق والمقرب من الرئيس ماكرون، جان إيف لودريان. «الشرق الأوسط» التقته في مكتبه الذي يُطل على ضفاف نهر السين، ليشرح لنا الدوافع وراء ترشحه لولاية رابعة، فكان الحوار التالي:
> جاك لانغ، الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولند، كان قد عرض عليك منصباً في أسمى هيئات الدولة، وهو المجلس الاستشاري الأعلى، لكنك فضلت الإشراف على «معهد العالم العربي»، لماذا؟
- فعلاً لقد تشرفت بهذا العرض الذي خصّني به الرئيس السابق، خصوصاً أني أصلاً أستاذ قانون دولي، وكنت قد شاركت في السابق في مهمة مراجعة الدستور، لكني شكرته وقلت له لا أريد أن أحبس نفسي في قفص أي وظيفة مهما كانت سامية، بل أفضل العمل في الميدان. أحب التحديات والوضعيات الصعبة، وفي تلك الفترة كانت مؤسسة معهد العالم العربي تواجه مشكلات كثيرة، أهمها انعدام رؤية واضحة، وغياب المشروعات الكبيرة والأفكار الجديدة، والأزمات المادية، وبالنسبة لي كانت هذه كلها محفزات للمساهمة بخبرتي وزيراً للثقافة للنهوض بهذه المؤسسة، والسبب الأهم هو علاقتي القوية بمعهد العالم العربي، الذي كنت شاهداً على انطلاقه، وتابعت تطوره خطوة بخطوة.
> أنت على رأس هذه المؤسسة منذ عشر سنوات، ماذا تمثل بالنسبة لك، وما هي الحصيلة؟
- علاقتي بهذه المؤسسة لم تبدأ حين تسلمت مهامي رئيساً، بل قبل ذلك بسنوات حين عُينت وزيراً للثقافة في مايو (أيار) 1981. الكل يعلم أن هذه الفترة المعروفة بـ«المشروعات المعمارية الضخمة» شهدت تشييد صروح ثقافية كالهرم الزجاجي في متحف اللوفر، وأوبرا الباستيل، والمكتبة الوطنية الجديدة، ومركز بومبيدو، وغيرها كثير، ولكن قليلاً من يعلم بأن أول اقتراح تقدمت به للرئيس (ميتران) حين تسلمت مهامي تضمن إيجاد مقر لمعهد العالم العربي في قلب باريس، ثم قمت بإطلاق مسابقة للمعماريين الشباب لتصميم مبنى المعهد، فاز بها جون نوفيل وكان وقتها معمارياً مبتدئاً، وهو الآن أشهر من نار على علم، كما تعلمين، ولكل هذه الأسباب وغيرها أعدُّ نفسي أكثر رؤساء المعهد العربي شرعية.
> وهل يمكننا القول بأن الاهتمام بهذه المؤسسة يجد صّداه في علاقتك القوية بالعالم العربي؟
- تعلقي بهذه المؤسسّة هو أيضاً تعبير عن شغفي بكل مظاهر الثقافة العربية وتراثها، وقد حاولت من خلال تجربتي وزيراً للثقافة لسنوات أن أنقل للفرنسيين وللعالم جمال هذا التراث، والآن من خلال إشرافي على معهد العالم العربي. أذكر مثلاً أن أول شخصية قابلتها بعد حصولي على منصب وزير كان المخرج المصري الراحل يوسف شاهين، الذي كانت تربطني به علاقة صداقة واحترام، وأول ملف على مكتبي كوزير جديد كان دعم السينما العربية، حيث تّم تمويل عدة مشروعات ثنائية. وفي مايو 1989 وجهنا دعوة للرئيس الراحل عرفات لزيارة باريس. الزيارة لقيت معارضة من اليمين، حيث حاولت بعض الشخصيات مقاطعتها، وكانت وضعية شائكة بالنسبة لجميع الأطراف، فاقترحت أن يتم إجراء لقاء بين الرئيس الفلسطيني الراحل وشخصيات فرنسية من السياسة وعالم الثقافة في معهد العالم العربي، وكان وزير الخارجية رولان دوما متحمساً لهذه الفكرة، وقد تّم اللّقاء في ظروف جيدة. وأذكر أني قمت بعدها باصطحاب الرئيس عرفات إلى متحف اللوفر في زيارة تناقلتها وسائل الإعلام. وبالمناسبة سيتم تنظيم معرض خاص بالثقافة الفلسطينية قريباً يشرف عليه المثقف الفلسطيني إلياس صنبر.
> أعلنتم مؤخراً عن مشروعات جديدة قد تجعل من معهد العالم العربي قبلة جديدة للفن التشكيلي العربي، هل لنا من تفاصيل؟
- نحن بصّدد التحضير لمشروعات مهمة بمبلغ إجمالي يفوق الستة ملايين يورو على مدار ثلاث سنوات ستخصص لتوسيع متحف الفنون العربية. للتذكير نظمنا في السنوات الأخيرة عدة تظاهرات ناجحة كمعرض «الحج إلى مكّة»، الذي أقيم بالتعاون مع مكتبة الملك عبد العزيز العامة ومعرض «تراث سوريا والعراق»، أو «سيدات الطرب»، وحالياً «على طريق سمرقند»، إضافة إلى معرض «العُلا واحة العجائب في الجزيرة العربية»، وكان معرضاً مذهلاً حظي بإقبال كبير لدرجة أننا قررنا تمديده لأشهر عديدة. وقد يكون أهم أنجاز أعتبر نفسي فخوراً به هو ما حققناه للغة العربية بعد إنشاء شهادة الكفاءة الدولية «سيما»، وهي تعادل شهادة التوفيل الإنجليزية وسابقة من نوعها بالنسبة للّغة العربية في العالم بأسره، على أن مشروع المتحف الجديد في غاية الأهمية، لأنه سيمنح العالم أول وأهم مجموعة للفن التشكيلي العربي، فحالياً أكبر متحفين للفنون المعاصرة العربية هما متحف الشارقة بالإمارات ومتحف قطر، ونحن لا نتحدث عن متحف الفنون الإسلامية باللّوفر أو «البريتيش موزيوم» اللّذين يعرضان قطعاً تاريخية وأثرية تختلف طبعاً عن الفن التشكيلي.
> هل يمكن أن تحدثنا أكثر عن هذا المتحف الجديد؟
- متحف معهد العالم العربي موجود منذ مدة، لكننا سنقوم بتوسيعه، وتجديد البناء المشهدي بعد تلقينا هبة تقدر بـ1800 قطعة فنية من اللبناني كلود لومان، الذي خصّ هو وزوجته فرانس معهد العالم العربي بهذه الهبّة، مما سيرفع عدد مقتنيات المتحف إلى 3400 قطعة لفنانين عرب معروفين على الساحة العالمية منذ السنوات السبعين، أمثال الجزائري عبد الله بن عنتر واللبناني شفيق عبود والعراقي ضياء العزاوي واللبنانية إيتيل عدنان. سيشرف على هذا المتحف المديرة السابقة لمتحف مونتريال ناتالي بونديل، وطموحنا أن يصبح معهد العالم العربي مركزاً عالمياً للفنون التشكيلية العربية، وأن تكون لنا عدة فروع في العالم. الشّق الأول من عمليات توسيع المتحف تم تموليها من طرف جهات فرنسية، وقد تلقينا دعم الرئيس ماكرون ووزيرة الثقافة ريما عبد الملك، وأملنا ألا يبقى هذا المتحف بين جدران معهد العالم العربي، بل أن تتمكن مؤسسات عربية من الاستفادة من مجموعاته الفنية أيضاً في إطار عمليات إعارة وتبادل. هذه الأيام مثلاً نستعد لعرض مقتنيات متحفنا في الرباط بمتحف محمد الخامس، كما أننا في محادثات مع شركائنا السعوديين للبحث في مشروع إعارة أكثر من ألف قطعة فنية من مجموعات المعهد للمشاركة في فعاليات افتتاح معرض الفن المعاصر الجديد في الرياض. كل هذه المشروعات تجعلني أتحمس للعمل على مواصلة نشاطي على رأس هذه المؤسسة العريقة.
> كيف يتم تمويل مشروعات معهد العالم العربي؟
- اليوم جّل التمويلات التي تصلّنا هي فرنسية المصدر، سواء وزارة الخارجية (12 مليون سنوياً) أو وزارة الثقافة، ولم تعد الدول العربية تساهم مادياً إلا في مناسبات نادرة؛ حيث حصلنا مثلاً على دعم من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية في إطار برامج تعليم اللغة العربية في فرنسا، وبالمناسبة تربطنا بالسلطات السعودية علاقات طيبة للغاية، وقد كنت قد تعرفت على مشروع «العلا» منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة حين كان في بداياته، وأعربت حينها عن إعجابي بالمشروع، وبعد سنوات طُلب مني المشاركة في المجلس الاستشاري، وقد سعدت بهذه الدعوة، وما زلت أذكر كلمات ولي العهد بمناسبة حفل أقيم بهذه المنطقة؛ حيث شكرني على دعمي، وأؤكد هنا بأني معجب بالتطور المذهل والسريع الذي يشهده هذا البلد وبكل مظاهر الثقافة التقليدية والمعاصرة وفنانيها الموهوبين المتألقين، وأنا أزور هذا البلد كل سنة، وألاحظ بعيني الثورة الثقافية الحاصلة الآن في كل الميادين. وبالمناسبة هناك مشروع تعاون كبير بين مهرجان البحر الأحمر ومعهد العالم العربي من أجل تنظيم مهرجان كبير لإحياء السينما العربية سينظم في شهر يونيو (حزيران) المقبل.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

مصير «خيّالة» الأهرامات يُفجر الجدل قبيل افتتاح تطوير المنطقة

استياء كتاب ومتابعين من سلوكيات «الخيالة والجمالة» بمنطقة أهرامات الجيزة (الشرق الأوسط)
استياء كتاب ومتابعين من سلوكيات «الخيالة والجمالة» بمنطقة أهرامات الجيزة (الشرق الأوسط)
TT

مصير «خيّالة» الأهرامات يُفجر الجدل قبيل افتتاح تطوير المنطقة

استياء كتاب ومتابعين من سلوكيات «الخيالة والجمالة» بمنطقة أهرامات الجيزة (الشرق الأوسط)
استياء كتاب ومتابعين من سلوكيات «الخيالة والجمالة» بمنطقة أهرامات الجيزة (الشرق الأوسط)

رغم أن أهرامات الجيزة تعد من أهم المناطق التاريخية على مستوى مصر والعالم، فإن رجال أعمال وخبراء سياحة وكتاباً مصريين يعتبرون أنها «لا تحظى بالتعامل اللائق من قبل أجهزة الدولة»، مُتهمين «الخيّالة» و«الجمّالة» بـ«الإساءة إلى السياحة المصرية».

وجدّد رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، النقاش والجدل بشأن مصير «الخيالة» و«الجمّالة»، الذي وصف بعضهم بأنهم «عصابات بلطجة مستقوية».

وقال ساويرس عبر حسابه على موقع «إكس» في إطار تعليقه على خبر لشركته التي تتولى مشروع تطوير منطقة الأهرامات: «بس خلصونا من الجمال والخيل ومخلفاتهم والبلطجة والبهدلة عند المدخل». مضيفاً في تعليق آخر: «كنت أتوقع أن تقوم الدولة بدورها بعد قيامي بدوري»، معتبراً أن هذا الأمر «مدمر لسمعتنا، ومضيع لملايين الدولارات»، وأضاف: «إذا توفرت لدى الدولة الإرادة السياسية والأمنية، سيكون هناك شيء آخر لمنطقة أهرامات الجيزة».

مشروع التطوير يتضمن إبعاد أصحاب الجِمال عن حرم الأهرامات (الشرق الأوسط)

وكان ساويرس قد أثار نقاشاً مماثلاً في شهر مارس (آذار) الماضي، عندما كتب عبر «إكس»: «مهما عملنا في منطقة الأهرام فلن ينصلح الحال إلا بإلغاء أو نقل الجمال والأحصنة إلى منطقة محددة وتسهيل الخروج والدخول».

ويعد آثاريون وخبراء سياحة أهرامات الجيزة «واجهة مصر الأولى»، وأحد أشهر المعالم السياحية في العالم التي يفضل كثير من مشاهير العالم زيارتها لدى وصولهم إلى مصر، إذ تتميز بتاريخ فريد، ومنظر استثنائي لا يوجد له مثيل في العالم.

وفي عام 2022 بدأت وزارة السياحة والآثار أعمال التشغيل التجريبي لمنظومة الطاقة النظيفة، والعربات الكهربائية، وخدمات الزوّار في منطقة أهرامات الجيزة، في سياق مشروع للتطوير.

ويتضمن مشروع التطوير تشغيل حافلات وسيارات كهربائية صديقة للبيئة داخل منطقة الأهرامات، في حين تصطف الأتوبيسات السياحية في ساحة انتظار مركز الزوّار التي تسع ما يقرب من 1000 سيارة، وتجوب العربات الكهربائية 7 محطات داخل المنطقة الأثرية تبدأ من محطة مركز الزوار، مروراً بمحطة بانوراما 1، ثم محطة هرم «منكاورع»، ومحطة هرم «خفرع» ثم محطة هرم «خوفو»، ومحطة «أبو الهول»، لتنتهي الرحلة عند محطة بانوراما 4 قبل العودة لمركز الزوار مرة أخرى. وبحسب الوزارة، فإن «المحطات مزودة بمكتب معلومات لخدمة الزائرين، إضافة إلى الإنترنت، وأجهزة شحن ذكية، ومجموعة من المقاعد المظللة للجلوس، ومنافذ لبيع الهدايا والمشروبات والمأكولات السريعة، ومناطق مخصصة للأطفال، ومواقع مخصصة للتصوير، وماكينات صرف آلي».

شكاوى متكررة من «استغلال وخداع الخيالة» بالأهرامات (الشرق الأوسط)

وقالت شركة «أوراسكوم بيراميدز» في بيان لها أخيراً إنها تستعد «خلال الفترة المقبلة لافتتاح مشروع تطوير منطقة أهرامات الجيزة، بعدما فازت الشركة بمناقصة لتطوير المنطقة بعد منافسة مع عدة شركات عالمية لتقديمها العرض الأفضل بينها».

وضخّت الشركة استثمارات بقيمة 100 مليون دولار لتطوير الخدمات بالمنطقة، خصصت 40 مليون دولار منها لاستبدال بمنظومة الصوت والضوء القديمة أخرى على أحدث مستوى.

كما تستعد لتشغيل خطوط أتوبيسات كهربائية لخدمة المنطقة وربط الأهرامات بالمتحف الكبير، بجانب مركز لخدمة الزائرين، وتوفير خدمة الإنترنت الهوائي المجاني وقاعات للسينما ودورات مياه فندقية وتركيب البوابات الإلكترونية وإنشاء سلسلة من المطاعم العالمية، على رأسها مطعم «خوفو»، الذي تم تصنيفه بوصفه أفضل مطعم في مصر وشمال أفريقيا وخامس أفضل مطعم في منطقة الشرق الأوسط لعام 2024.

لكنّ متابعين وكتاباً مصريين، من بينهم عادل نعمان ومحمد أمين، اعتبروا أن بعض السلوكيات التي يقوم بها «الخيالة والجمالة» بمنطقة الأهرامات «ستفسد أي مشروع تطوير»، معتبرين إياهم «سبباً رئيسياً طارداً للسياحة بالمنطقة». وقال نعمان في مقال نشره قبل أيام تحت عنوان «السيد وزير السياحة... المافيا أولاً»: «إن ما يرتكب في الهرم والبازارات والمزارات والأماكن السياحية أمر يحتاج إلى مراجعة شاملة لكل سلوكيات القائمين والعاملين عليها»، واصفاً بعض السلوكيات بأنها «جناية في حق تاريخنا العريق، مهما حاولنا أن نجذب السائح بكل الطرق والوسائل».

وفي حين روى نعمان قصة تعرض ابنته للخداع عند ركوب الخيل في الأهرامات، قال محمد أمين «إن مشروع تطوير منطقة الأهرامات، يلقى مقاومة كبرى من بعض الأجهزة الإدارية، ومن بعض سكان منطقة نزلة السمان المتاخمة للأهرامات».

وجدّد أمين دعوته إلى وزير السياحة والآثار لـ«فك أسر منطقة الأهرامات، وجعلها تحت إدارة معروفة يدفع السائح لها، بدلاً من قيامه بالدفع إلكترونياً، ثم السقوط في أيدي أصحاب الأحصنة والجِمال»، وفق تعبيره.

وتحظى منطقة أهرامات الجيزة باهتمام السائحين الأجانب والزوار المصريين على حد سواء، فقد استقبلت 35 ألف زائر في أول أيام عيد الفطر الماضي، لكن «الشرق الأوسط» استمعت إلى روايات سلبية من زوّار مصريين وأجانب بشأن «مضايقات» تعرضوا لها من «الخيالة والجمالة» أفسدت بهجتهم برؤية الأهرامات الخالدة. وحذرت السفارة الأميركية رعاياها في مصر من زيارة الأهرامات في عام 2013 بسبب «عدوانية الباعة والخيالة».

مصر لإبعاد الخيالة عن الأهرامات (الشرق الأوسط)

ويقترح الخبير السياحي أحمد عبد العزيز «الإبقاء على الجمال والخيول في سياج محدد داخل منطقة الأهرامات، مع وضع ضوابط صارمة، إذ يرى أن صورة الهرم باتت مقرونة بالجِمال، ولا يمكن تصوره من دونها».

ويضيف عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «إن الأهرامات تعد أعظم منطقة سياحية في العالم؛ لذلك يجب إدارتها بشكل لائق يجتذب السائحين»، مقترحاً «فرض تذاكر موحدة لركوب الجمال والخيل تحت إشراف السلطة التنفيذية».

ويؤكد الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية والمدير السابق لمنطقة أهرامات الجيزة، أن مشروع التطوير يحدد مصير «الخيالة والجمالة»، بمنطقة أهرامات الجيزة، موضحاً أنه «جرى تخصيص منطقة لهم جنوب بوابة دخول الأهرامات على طريق الفيوم، بعيدة جداً عن حرم الأهرامات، ليستمتع الزائرون بالأهرامات؛ حيث لا يكون هناك سوى البشر والأثر».

وأشار عبد البصير إلى أن «بعض الأشخاص الذي يضايقون السائحين خارج الأهرامات قد يكونون تابعين لأشخاص آخرين داخل المنطقة من الخيالة والجمالة»، متوقعاً «انتهاء الأزمة بتنظيم أماكن وجود الجمال والأحصنة».

أهرامات مصر من أبرز معالمها السياحية (الشرق الأوسط)

وأعاد ساويرس التعليق على الأزمة في تغريدة السبت، قائلاً: «تم الاتصال من وزارة الداخلية، موضحة مسؤولية كل الجهات عن إصدار التصاريح للخيل والجمال، ووعدوا بإصلاح كل المشاكل التي نواجهها».