اتهامات دولية للحوثيين باستمرار زراعة الألغام وإخفاء خرائطها

تزايد أعداد الضحايا رغم التهدئة وتوقف الأعمال العسكرية

عامل في «مسام» يبحث عن ألغام زرعها الحوثيون جوار منزل في بلدة حيس جنوب الحديدة (أ.ف.ب)
عامل في «مسام» يبحث عن ألغام زرعها الحوثيون جوار منزل في بلدة حيس جنوب الحديدة (أ.ف.ب)
TT

اتهامات دولية للحوثيين باستمرار زراعة الألغام وإخفاء خرائطها

عامل في «مسام» يبحث عن ألغام زرعها الحوثيون جوار منزل في بلدة حيس جنوب الحديدة (أ.ف.ب)
عامل في «مسام» يبحث عن ألغام زرعها الحوثيون جوار منزل في بلدة حيس جنوب الحديدة (أ.ف.ب)

تشير مختلف التقارير الدولية والمحلية حول الألغام في اليمن إلى تزايد أعداد الضحايا الذين يسقطون قتلى وجرحى بانفجار الألغام التي زرعها الانقلابيون الحوثيون، رغم توقف الأعمال العسكرية في أغلب المناطق والجبهات؛ حيث يستمر الانقلابيون في تفخيخ المواقع دون ضرورة عسكرية، ملقين بالاتهامات على الحكومة اليمنية والتحالف الداعم لها.
في هذا السياق، دعت الولايات المتحدة الأميركية، الثلاثاء، الانقلابيين الحوثيين، إلى تسليم خرائط الألغام، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بخطر الألغام.
وفي تغريدة على «تويتر» دعت السفارة الأميركية لدى اليمن الانقلابيين الحوثيين إلى تسليم خرائط الألغام، معربة عن حزنها على اليمنيين الذين قتلوا وأصيبوا بها؛ حيث تعدّ هذه الدعوة اتهاماً مباشرا للانقلابيين بالانفراد بزراعة الألغام في اليمن.
إلى ذلك، أعلن المشروع السعودي لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام «مسام»، الأحد الماضي، نزع أكثر من 3300 لغم وقذيفة غير متفجرة في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر مارس (آذار) الماضي، بعد شهر من إعلانه عن نزع 4.811 لغماً خلال فبراير (شباط) الماضي.
وبلغ عدد الألغام التي نزعها مشروع «مسام» منذ انطلاقه منتصف عام 2018 وحتى نهاية مارس (آذار) الماضي 392.218 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، وفقاً لتصريحات صحافية أدلى بها أسامة القصيبي مدير عام المشروع الذي أفاد بأن الفرق التابعة للمشروع نزعت 137.560 لغماً مضاداً للدبابات و6086 لغماً مضاداً للأفراد.
وطبقاً للقصيبي؛ فإن الفرق الهندسية التابعة لمشروع «مسام» تمكنت حتى الآن من تطهير 45.367.536 متراً مربعاً من الأراضي اليمنية كانت مفخخة بالألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها الميليشيات الحوثية إضافة إلى مخلفات أخرى من الذخائر والقذائف غير المنفجرة.
في غضون ذلك، أوضح تقرير يمني أن الفترة من مطلع يناير (كانون الثاني) من العام الماضي وحتى أواخر فبراير (شباط) الماضي، شهدت سقوط 1022 مدنيا بين قتيل وجريح جراء حوادث انفجار الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية والمتفجرات من مخلفات الحرب؛ بينهم 388 طفلا و96 امرأة و100 مسن، بلغ عدد القتلى منهم 386 مدنيا، منهم 128 طفلا و25 امرأة و38 مسنا.
ورتب التقرير الذي أصدرته 13 منظمة محلية، المحافظات اليمنية التي وقعت فيها حوادث الألغام بحسب أعداد الضحايا، وهي «الحديدة، الجوف، مأرب، تعز، صعدة، البيضاء، شبوة، الضالع، حجة، لحج، صنعاء، أمانة العاصمة، إب، أبين، ذمار، عمران، عدن».
التقرير الذي جاء بعنوان «اليمن... الألغام والسلام» اتهم الميليشيات الحوثية بإغلاق الطرق التي لم تصل إليها المواجهات العسكرية بالألغام لتقييد حركة المدنيين، وإجبارهم على السير في الطرقات التي تسيطر عليها وتملؤها بنقاط التفتيش التي وصفها التقرير بأنها لا تقل خطورة عن الألغام، نظرا لما يواجه المدنيون فيها من انتهاكات.
وأكد التقرير حدوث زيادة كبيرة في أعداد الضحايا المدنيين بين قتلى وجرحى جراء الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية في المناطق الحيوية والمأهولة بالسكان وبصورة عشوائية، بقصد القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وبغض النظر عن هويات وأنواع الضحايا، ووصف هذه الممارسات بأنها «جريمة حرب لا أخلاقية، تعكس حالة التشوه الفكري والعقلي لمن يرتكبها».
وعزا التقرير تزايد أعداد الضحايا إلى انجرار النازحين والمهجرين وراء عملية السلام الشاملة المزعومة وتصديقهم إمكانية انتهاء الحرب؛ خصوصاً خلال الهدنة الأممية المنتهية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وما لحقها من فترة توقف الحرب، ما دفعهم للعودة إلى منازلهم قبل مسحها وتطهيرها من الألغام ومخلفات الحرب.
وأوضح التقرير أن الميليشيات الحوثية استخدمت الألغام إلى جانب وسائل أخرى من أجل فرض حصار على السكان المدنيين والنازحين وتقييد حركتهم؛ حيث عمدت إلى هدم وتفجير الجسور وتخريب الطرقات في أكثر من محافظة وصلت إليها، وعند اضطرارها للانسحاب تعمل على تفخيخ الجسور وعبارات السيول.
ونوه التقرير إلى أن ميليشيات الحوثي ترفض جهود الفرق المتخصصة في نزع الألغام، وتحول دون تمكنها من مسح وتطهير معظم الطرق التي ما زالت الكمائن والفخاخ وأشراك الألغام التي خلفتها قبل انسحابها تواصل حصد أرواح المدنيين وسائقي المركبات الذين يمرون بها.
ودعت المنظمات التي أعدت التقرير إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف حول الاستخدام المفرط للألغام المضادة للأفراد في اليمن من طرف ميليشيات الحوثي التي أوكل لها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مهمة نزع الألغام، ويواصل تقديم كل أوجه الدعم لها، مطالبا المنظمة الدولية باستخدام صلاحياتها لوقف استخدام الألغام في اليمن.
وكانت بعثة الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة على الساحل الغربي للبلاد أوردت في بيان لها أواخر فبراير الماضي، أن عدد المدنيين من ضحايا انفجارات الألغام الأرضية ارتفع بنسبة 160 في المائة مقارنة بما هو مسجل قبل سنة؛ حيث تم تسجيل سقوط 289 ضحية العام الماضي مقابل 111 خلال العام الأسبق.
وبحسب البعثة؛ فإن حوادث الألغام التي أوردتها وقعت على طول المناطق الساحلية الجنوبية لمدينة الحديدة، وأغلبها جاءت خلال ممارسة الأهالي والسكان أنشطتهم الزراعية.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.