اللبنانيون يستعجلون إنجاز معاملاتهم قبل نهاية ولاية المخاتير

وزير الداخلية دعا إلى إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مايو

لبنانيون يخلصون معاملاتهم لدى مختار في بيروت (الشرق الأوسط)
لبنانيون يخلصون معاملاتهم لدى مختار في بيروت (الشرق الأوسط)
TT

اللبنانيون يستعجلون إنجاز معاملاتهم قبل نهاية ولاية المخاتير

لبنانيون يخلصون معاملاتهم لدى مختار في بيروت (الشرق الأوسط)
لبنانيون يخلصون معاملاتهم لدى مختار في بيروت (الشرق الأوسط)

دعا وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي الهيئات الناخبة إلى «الاستعداد للانتخابات البلدية والاختيارية خلال شهر مايو (أيار) المقبل، واستكمال التحضيرات الخاصة بها». وحدد مواعيد لإجرائها بدءاً من 7 مايو في الشمال وعكار، و14 في جبل لبنان، و21 في بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل، و28 في الجنوب والنبطية. لكنّ وزير الداخلية رهنَ حصول الاستحقاق بتأمين الاعتمادات المالية غير المتوفرة حتى الآن، خصوصاً أنه عدّ دعوة الهيئات الناخبة «مجرّد إجراء إداري والتزام قانوني، ينسجم مع البيان الوزاري للحكومة التي وعدت بإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية». وبدا واضحاً أن دعوة الهيئات الناخبة لا يعني حتمية حصول الانتخابات، بدليل أن مولوي أكد «وجود الإصرار والنية على إجراء هذه الانتخابات لكنّ الأمر غير كافٍ، لأننا بحاجة لتأمين الاعتمادات المالية».
تحديد مواعيد الانتخابات لم يبدد هواجس المواطنين الذين ستتوقف معاملاتهم الإدارية في حال تطيير الانتخابات، إذ تشهد مكاتب المخاتير في لبنان زحمة غير مسبوقة لإنجاز المعاملات المتأخرة، تحسباً لسيناريو عدم إجراء انتخابات محلية أو عدم التجديد لهم، وذلك قبل نهاية ولاية المجالس البلدية والمخاتير في 31 مايو (أيار) المقبل.
ويشكل حلّ المجالس الاختيارية والبلدية كبرى الأزمات بالنسبة للمواطن اللبناني؛ لأن توقّف عمل المخاتير سيؤدي حتماً إلى وقف آلاف المعاملات الأساسية اليومية للناس، إذ إن المخاتير توكل إليهم مهام تنظيم المعاملات الخاصة بجوازات السفر، ووثائق الولادة والوفيات، وإفادات السكن والحصول على الهوية وبيانات القيد للمواطنين... وغيرها من المعاملات اليومية والضرورية.
ورأى مصدر رسمي معني بملفّ المخاتير أنه «لم تسجّل سابقة بتاريخ لبنان أن انتهت ولاية المجالس الاختيارية من دون التمديد لها أو انتخاب بديل عنها». وأكد لـ «الشرق الأوسط»، أنه «في حال وصلنا إلى نهاية مايو المقبل، ولم تجر الانتخابات أو يصدر قانون بالتمديد للمخاتير، نصبح أمام كارثة إدارية لا حدود لها». وأضاف: «معظم المعاملات الإدارية لا تسير إذا لم تحمل توقيع المختار، وبذلك يكون لبنان قد استكمل إفراغ الدولة من إداراتها».
ودخل لبنان في المهلة الدستورية لدعوة الهيئات الناخبة لانتخاب أعضاء المجالس البلدية والاختيارية التي تنتهي ولايتها في 31 مايو المقبل، من دون أن يدعو وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام المولوي الهيئات الناخبة لذلك، رغم إعلانه المتكرر أن وزارته جاهزة لهذا الاستحقاق إدارياً ولوجيستياً وأمنياً، فيما لم تتوافر الاعتمادات المالية لإجرائها بما يهدد بتطييرها.
ويجمع الخبراء على أن قوى سياسية وأحزاباً نافذة غير متحمّسة للانتخابات، لأنها تتحسّب لنتائج قد لا تكون لصالحها بسبب تبدّل المزاج الشعبي بعد الانهيار المالي والاقتصادي وبلوغ الواقع الاجتماعي الدرك الأسفل، لكنّ ثمة قلقاً من إحجام البرلمان اللبناني عن عقد جلسة تشريعية لإصدار قانون يمدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية إلى حين توافر الظروف الملائمة للانتخابات.
وتتضارب القراءات القانونية حول أحقيّة استمرار المجالس البلدية والاختيارية، في حال انقضت ولايتها بعد شهرين من دون إجراء الانتخابات، وفي حال عجز البرلمان عن عقد جلسة للتمديد لها جرّاء الصراعات السياسية. ويرى وزير الداخلية الأسبق المحامي زياد بارود أنه «في حال بقيت الأمور بلا انتخابات ولا تمديد تصبح كلّ البلديات منحلّة حكماً، ويكلّف وزير الداخلية المحافظين والقائمقامين بإدارة شؤونها». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة تكمن في أن المجالس الاختيارية تتوقف نهائياً، بغياب نصّ قانوني لاستمرار عملها». وأوضح أنه «ما بين عامي 1967 و1998، لم تحدث انتخابات بلدية أو اختيارية، لكن المجلس النيابي كان يصدر قوانين تجدد لهذه المجالس لتستمرّ في عملها».
واستغرب بارود «إصرار بعض القوى السياسية على عدم إجراء الانتخابات، خصوصاً أن الظروف الأمنية ملائمة لذلك». ورأى أنه «إذا كانت الذريعة بإقرار قانون نقل اعتمادات مالية، يمكن لمجلس الوزراء أن يصدر مرسوماً يقضي بنقل اعتماد من احتياطي الموازنة إلى وزارة الداخلية، وعندها يتوافر التمويل، إلّا إذا كان احتياطي الموازنة غير موجود». وسأل: «لماذا تجاهل السياسيون رصد التمويل للانتخابات البلدية خلال إقرار موازنة عام 2022؟».
وتخوّف بارود من «تعطيل قطاع أساسي في البلد وهو المخاتير». وذكّر أن «إسناد مهام البلديات إلى المحافظين لا يحلّ المشكلة». وأضاف: «عندما جرت الانتخابات البلدية في عام 1998، كان 57 في المائة من المجالس البلدية منحلّة، وكان الواقع البلدي في أزمة كبيرة، فكيف إذا أصبحت بعد شهرين منحلّة 100 في المائة؟». ورأى وزير الداخلية الأسبق أن «هناك استحالة بأن يتمكن محافظ أو قائمقام من إدارة أكثر من 200 بلدية في وقت واحد».
وخالفت «الدولية للمعلومات» هذا السيناريو القاتم، وقدّمت في الساعات الماضية تقريراً أشارت فيه، إلى أنه «في الفترة الممتدّة من 1967 ولغاية 1998، صدر 21 قانوناً يقضي بالتّمديد للبلديات والمخاتير، وكان بعضها يصدر بمفعولٍ رجعي».
وقالت: «إذا كانت فترة الولاية الممدّدة تنتهي من دون صدور القانون بالتمديد، فيستمر المخاتير والمجالس البلديّة بالعمل، ولاحقاً يصدر القانون الذي يُعمل به بمفعول رجعي، فيغطّي العمل في الفترة السّابقة التي كانت من دون غطاء قانوني». ولا تستبعد «الدولية للمعلومات» أن تنتهي ولاية المجالس البلديّة والاختيارية الحاليّة في 31 مايو المقبل، ولا تجري انتخابات ولا يصدر قانون بتمديد الولاية. وشددت على «ضرورة أن يستمرّ المخاتير والمجالس البلديّة بالعمل إلى حين صدور قانون يمدّد لها عملها بمفعولٍ رجعي، وبالتالي لن يتوقّف المخاتير ولا البلديات ومجالسها عن العمل، ولن تحلّ الأخيرة وتصبح بعهدة المحافظين والقائمقامين، كما يفترض بعض الخبراء القانونيّين والسياسيّين».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

ميقاتي يُحدث صدمة سياسية: اتفاق يشمل الرئاستين وخريطة لإنقاذ لبنان

TT

ميقاتي يُحدث صدمة سياسية: اتفاق يشمل الرئاستين وخريطة لإنقاذ لبنان

رئیس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي (أ.ف.ب)
رئیس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي (أ.ف.ب)

أحدث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي صدمة سياسية غير مسبوقة، بإعلانه من أمام مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، أن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي سيدعو فور التوصل لوقف النار لانتخاب رئيس توافقي لا يشكّل تحدياً لأي فريق، وهذا أملَى على الكتل النيابية طرح مجموعة من الأسئلة، أبرزها: هل الظروف الدولية والمحلية أصبحت ناضجة لانتخابه؟ وما الذي تغيّر بين ليلة وضحاها للرهان على أنها مواتية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم، وهو يقف حالياً على مشارف مرور عامين على الشغور؟ وكيف يمكن تهيئة الأجواء السياسية للتوافق على رئيس يقف على مسافة واحدة من الجميع؟

وهل يمكن تأمين التوافق على الرئيس في ظل انقطاع التواصل بين محور الممانعة والمعارضة، ويدخل النواب إلى جلسة الانتخاب بحثاً عن المرشح الذي يحظى بتأييد الغالبية النيابية؟ وأين يقف «حزب الله» من الموقف الذي أعلنه ميقاتي بالإنابة عن برّي؟ وهل جاءت حصيلة التشاور معه بينما ينصرف حالياً إلى إعادة ترتيب أوضاعه للخروج من الصدمة التي أصابته باغتيال إسرائيل أمينه العام حسن نصر الله؟ أم أنه يعتمد على تفويض الأخير له في الملف الرئاسي؟

فالصدمة الرئاسية بمعناها الإيجابي التي أحدثها برّي تنسجم مع ما خلص إليه سفراء «اللجنة الخماسية» بترجيحهم للخيار الرئاسي الثالث ممراً إلزامياً لإخراج انتخاب الرئيس من دوامة المراوحة من دون دخولهم في أسماء المرشحين، وقُوبل بتأييد من الموفَد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان.

ميقاتي لدى استقباله الوزير الفرنسي (رئاسة الحكومة اللبنانية)

لكن ترجمة الصدمة هذه إلى خطوة ملموسة تتوَّج بانتخاب رئيس توافقي، تبقى في حاجة إلى تسويق يُفترض أن تتصدّره الكتل النيابية الكبرى التي ما زالت منقسمة على نفسها، وإن كانت تدرك سلفاً أنه ليس في وسع الممانعة والمعارضة فرض رئيس للجمهورية، وهذا ما ينسحب على فرنجية ومنافسه الوزير السابق جهاد أزعور، وبالتالي لا بد من التوصل لتسوية تؤدي للتفاهم على رئيس توافقي، وهذا ما أملى على الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، أن يتصدر الدعوة للتفاهم شرطاً لتفادي الدوران في حلقة مفرغة، وتبنّاها لاحقاً «اللقاء الديمقراطي» في جولته على الكتل النيابية.

إلا أن التوافق يشترط التواصل المسبق بين الكتل النيابية لتفادي الدوران في حلقة مفرغة بجلسة الانتخاب، بدلاً من أن تؤدي إلى وقف التمديد للشغور الرئاسي، وهذا يستدعي منها الانفتاح على الرئيس برّي؛ لئلا تنتهي إلى ما انتهت إليه جلسات الانتخاب السابقة التي سجّلت رقماً قياسياً في تعطيل انتخاب الرئيس.

وفي هذا السياق، يقول مصدر سياسي بارز إن هناك ضرورة للانفتاح على برّي، وتحديداً من قوى المعارضة، ليس لردم الهوّة السياسية القائمة بينها وبين محور الممانعة، وإنما للتفاهم على شخص الرئيس العتيد، وخصوصاً أن برّي أقدم على خطوة سياسية بتخلّيه عن دعم ترشيح حليفه رئيس تيار «المردة»، النائب السابق سليمان فرنجية، برغم أنه لم يعرف حتى الساعة رد فعل «حزب الله»، وما إذا كان على تناغم مع رئيس المجلس بدعوته للتوافق على الرئيس.

ويلفت المصدر السياسي إلى أن هناك ضرورة للتعامل بمرونة ومسؤولية مع موقف بري، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه بموقفه أراد أن يخطو خطوة للتلاقي مع المعارضة في منتصف الطريق، ويبقى عليها القيام بخطوة مماثلة بلا شروط مسبقة.

ويرى أن هناك استحالة للتوصل إلى تسوية رئاسية من دون التفاهم مع برّي، ليس لأنه يُتقن تدوير الزوايا، وإنما لأنه الأقدر على التواصل، ولأن الدول الغربية المعنية بانتخاب الرئيس تعوِّل على دوره في هذا المجال، بينما ينصرف «حزب الله» إلى ترتيب أوضاعه الداخلية، ويقول إن هناك استحالة في إنجاز الاستحقاق الرئاسي حال أن البعض يخطّط للمجيء برئيس يشكّل تحدياً للشيعة، فبرّي هو من يسهّل انتخاب الرئيس، ومن غير الجائز - حسب المصدر نفسه - التصرف وكأن انتخابه يجب أن يأخذ في الاعتبار وجود غالب ومغلوب في ميزان القوى الداخلي، تحت عنوان إصرار بعض الأطراف على تصفية حساباته مع «حزب الله» على خلفية تفرّده بقراره مساندة «حماس»، من دون العودة إلى الحكومة، وما ترتّب عليها من أكلاف باهظة على البلد.

لذلك فإن انتخاب الرئيس سيُدرج بنداً أول على جدول أعمال الحراك النيابي فور التوصل لوقف النار في الجنوب، وهذا ما يشكّل حافزاً للدول المعنية بانتخابه، لمعاودة تشغيل محركاتها بدءاً بـ«اللجنة الخماسية» وسفرائها في لبنان؛ كونها تشكّل مجموعة دعم ومساندة للجهود الرامية لتسهيل انتخاب الرئيس، مع أن المصدر السياسي يتوقع منها بأن تبادر للتحرك على مستوى وزراء خارجيتها؛ لما سيكون له من تأثير يدفع باتجاه إعادة خلط الأوراق داخل البرلمان، لرفع منسوب التأييد للرئيس التوافقي، بما يضع حداً لتمديد تعطيل انتخابه.

ويراهن المصدر نفسه على أن يؤدي التواصل استعداداً لجلسة الانتخاب إلى التفاهم على الرئيس؛ لتسهيل انتخابه، والاتفاق على العناوين السياسية الرئيسة للمرحلة المقبلة بدءاً بتشكيل حكومة فاعلة.

وبكلام آخر يرى المصدر أن هناك ضرورة للتوصل إلى اتفاق لوضع الحلول للمشكلات المتراكمة في سلة واحدة تشمل رئاستَي الجمهورية والحكومة وخريطة طريق لإنقاذ لبنان، على أن لا يشمل الثلث الضامن في توزيع الحقائب الوزارية الذي أدّى إلى شلّ قدرة الحكومات المتعاقبة على الإنتاج والعطاء، وذلك أسوةً بالاتفاق الذي حصل بمؤتمر الدوحة في ربيع 2008، وكان وراء إنهاء الأزمة التي ترتبت على اجتياح «حزب الله» لبيروت، لكن من دون أن ينعقد هذه المرة في العاصمة القطرية، ويُستعاض عنه بتوافق محلي يحظى بمظلّة دولية عربية تضعه على سكة التعافي، ولو على مراحل.