سجال يمني في أعقاب تشديد مصري على إجراءات الدخول والإقامة

بن مبارك اتهم متضررين من إصلاحات مرتقبة... وبرلماني مصري دعا إلى «تدخل رئاسي»

جانب من لقاء وزير الخارجية اليمني مع نظيره الإثيوبي نهاية الشهر الماضي (سبأ)
جانب من لقاء وزير الخارجية اليمني مع نظيره الإثيوبي نهاية الشهر الماضي (سبأ)
TT

سجال يمني في أعقاب تشديد مصري على إجراءات الدخول والإقامة

جانب من لقاء وزير الخارجية اليمني مع نظيره الإثيوبي نهاية الشهر الماضي (سبأ)
جانب من لقاء وزير الخارجية اليمني مع نظيره الإثيوبي نهاية الشهر الماضي (سبأ)

سجل المشهد اليمني سجالات إزاء تفسير التشديد المصري على إجراءات دخول اليمنيين وإقامتهم، بأنه رد من القاهرة على تصريحات أدلى بها وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني الدكتور أحمد بن مبارك، خلال زيارته حديثاً إلى إثيوبيا، بينما اتهم بن مبارك «حملة إعلامية» منظمة بـ«استهدافه الشخصي للإساءة للعلاقات التاريخية مع مصر، من خلال فبركات لا أساس لها من الصحة».
وقال الوزير عبر حسابه في «تويتر»: «تابعت خلال اليومين الماضيين حملة إعلامية منظمة استهدفتنا شخصياً، إثر قيامنا بخطوات إصلاحية لمعالجة وضع الملحقيات الفنية في سفاراتنا، وهو أمر اعتدناه».
وأضاف: «لكن ما لا يمكن قبوله أبداً أن يستخدم الاستهداف الشخصي للإساءة لعلاقتنا المتينة والتاريخية مع مصر، من خلال فبركات لا أساس لها من الصحة». وتابع: «مصر أولاً أكبر من ذلك، ونحن لا يمكن إلا أن نكون معها دوماً، وأن نبادلها الوفاء بالوفاء في كل المواقف والمنابر».
وألغت مصر إعفاء المواطنين اليمنيين الواصلين إلى البلاد من مواني الوصول -رفقة الوالدين فوق سن الخمسين عاماً المعفيين أيضاً- من الحصول على تأشيرات دخول مسبقة، وأقرت ضرورة حصول الرعايا اليمنيين من 16 إلى 50 عاماً القادمين إلى البلاد على تأشيرة دخول مسبقة.
وتضمنت الاشتراطات أن يحصل القادمون لغرض العلاج على تقرير طبي من مستشفى حكومي بمصر، واشترطت على القادمين من غير اليمن الحصول على تأشيرة مسبقة من السفارات والقنصليات المصرية، أو موافقة أمنية.
سبب السجال هو تصريحات الوزير الذي قال إن بلاده تدعم «كل خطوات» أديس أبابا في التنمية، الأمر الذي ربطه البعض بالنزاع مع أديس أبابا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل.
وعلى الرغم من محاولات الوزير اليمني احتواء الأزمة سريعاً، فإن الصدى الواسع لتصريحات الوزير اليمني، دفع لربطها بتشديد القاهرة لإجراءات دخول اليمنيين إلى مصر.
وكان الوزير اليمني قد أكد خلال زيارته إلى إثيوبيا، قبل نحو 10 أيام: «تضامن بلاده ودعمها لكل الخطوات التي تقوم بها أديس أبابا، بغية تحريك عجلة التنمية». وعلى الرغم من تأخر رد الفعل، فإن إجراءات جديدة فرضتها وزارة الداخلية المصرية على اليمنيين القادمين إلى الأراضي المصرية، من بينها تقليص مدة تجديد الإقامة، فُسرت بأنها تعبير عن «غضب القاهرة».
مصرياً، نشر الإعلامي والبرلماني المصري مصطفى بكري، عدة تغريدات على صفحته بـ«تويتر»، اعتبر فيها الإجراءات المصرية رداً على تصريحات الوزير اليمني في إثيوبيا. وكتب بكري: «الشعب اليمني شعب شقيق، محب لمصر... ويجب ألا يؤاخذ الشعب اليمني بسبب موقف وزير الخارجية اليمني الحالي»، وطالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«فتح أبواب مصر لكل الأشقاء دون تفرقة، ومنحهم كثيراً من التسهيلات».
وأضاف: «شعب الحضارة يكن لمصر كل التقدير والمحبة. لكل ذلك أتمنى سريعاً عودة الأمور إلى أوضاعها الطبيعية»، لافتاً إلى «إعادة 60 من المرضى والأطفال إلى عدن بعد وصولهم إلى القاهرة، السبت»، لمخالفة تلك الإجراءات.
وتابع: «المسؤول الأول في اليمن رشاد العليمي محب لمصر، وتصريحاته ومواقفه تعبر عن ذلك... الكل أدان موقف وزير الخارجية ودعمه لإثيوبيا... الحكومات تمضي والشعب باقٍ، لذلك نأمل في تدخل الرئيس السيسي لإنهاء هذه الأزمة التي يدفع ثمنها الشعب اليمني وليس وزير الخارجية».
لكن السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، ووزير الخارجية المصري الأسبق، قلل من مسألة انعكاس التصريحات على العلاقات المصرية- اليمنية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن «صح دعمه (بن مبارك) لإثيوبيا، فإن الأمر لا يشغل مصر بهذه الدرجة، فمصر تدرك أن اليمن في أزمة كبيرة، وقد تكون تصريحات فيها قدر من المجاملة».
ورفض الدبلوماسي المصري الربط بين إجراءات دخول اليمنيين للقاهرة، وبين تلك التصريحات، وأشار إلى أن «لمصر سياسة ثابتة تدعم استقرار وأمن الشعب اليمني، بصرف النظر عن أي موقف»، موضحاً أن الإطار العام للجامعة العربية وقراراتها يدعمان مصر والسودان في نزاعهما مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
TT

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون في سجون مخابرات الجماعة الحوثية، أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين، في طليعتهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، رغم انقضاء شهرين على إيداعهم السجن بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة.

وذكرت مصادر حقوقية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أفرجوا أخيراً عن خمسة فقط من المعتقلين في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لكنها مستمرة في رفض إطلاق سراح وكيل وزارة الشباب والرياضة والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» أحمد العشاري وزميليه في الحزب أمين راجح وسعد الغليسي.

الحوثيون يرون قادة جناح «المؤتمر الشعبي» بصنعاء خصوماً لهم (إعلام محلي)

وقالت المصادر إن الجماعة تتهم المعتقلين بالتآمر مع الحكومة الشرعية لقيادة انتفاضة شعبية في مناطق سيطرتها تحت شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لقيام «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت نظام حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962.

ووفق هذه المصادر، فإن الاتصالات التي أجراها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالإفراج عن قياداته قوبلت بتعنت وتسويف.

وأشارت المصادر إلى أن مجموعة كبيرة من المعتقلين لا يُعرف مصيرهم، وأن كلّاً من فهد أحمد عيسى، وعمر أحمد منة، وأحمد البياض، وعبد الخالق المنجد، وحسين الخلقي لا يزالون رهن الاعتقال، إلى جانب الناشطة سحر الخولاني، والكاتبين سعد الحيمي، ومحمد دبوان المياحي، والناشط عبد الرحمن البيضاني، ورداد الحذيفي، وعبد الإله الياجوري، وغالب شيزر، وعبد الملك الثعيلي، ويوسف سند، وعبده الدويري، وغازي الروحاني.

شروط الإفراج

تقول مصادر سياسية في صنعاء إن «التحالف الشكلي» الذي كان قائماً بين جناح «المؤتمر الشعبي» والحوثيين قد انتهى فعلياً مع تشكيل حكومة الانقلاب الأخيرة، حيث تم استبعاد كل المحسوبين على هذا الجناح، وسيطرة الحوثيين على كل المناصب.

وبالتالي، فإن الحزب لا يعول على ذلك في تأمين إطلاق سراح المعتقلين، والذين لا يُعرف حتى الآن ما نيات الحوثيين تجاههم، هل سيتم الاحتفاظ بهم لفترة إضافية في السجون أم محاكمتهم؟

أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استخدام الحوثيين التعذيب لانتزاع الاعترافات (إعلام حوثي)

ووفق إفادة بعض المعتقلين الذين أفرج الحوثيون عنهم، فقد تم استجوابهم بتهمة الانخراط في مخطط تآمري للإطاحة بحكم الجماعة في صنعاء بدعم وتمويل من الحكومة الشرعية.

وبعد جلسات من التحقيق والاستجواب وتفتيش الجوالات، ومراجعة منشورات المعتقلين في مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد المعتقلون المفرج عنهم بأنه يتم الموافقة على إطلاق سراحهم، ولكن بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أو أي فعالية وطنية أخرى، وأن يظلوا رهن الاستعداد للحضور متى ما طُلب منهم ذلك إلى جهاز المخابرات الحوثي.

ولا تقتصر شروط الإفراج على ذلك، بل يُلزم المعتقلون بإحضار ضامن من الشخصيات الاجتماعية، ويكون ملزماً بإحضارهم متى طُلب منهم ذلك، ومنعهم من مغادرة منطقة سكنهم إلا بإذن مسبق، وعدم تغيير رقم جوالاتهم أو إغلاقها، وأن يظل تطبيق «الواتساب» يعمل كما كان عليه قبل اعتقالهم. كما يلحق بذلك تهديدات شفهية بإيذاء أطفالهم أو أقاربهم إذا غادروا إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو عادوا للنشر ضد الجماعة.

تعذيب مروع

بالتزامن مع استمرار الحوثيين في اعتقال المئات من الناشطين، كشف النائب اليمني المعارض أحمد سيف حاشد، عما سماها «غرف التعذيب» في سجون مخابرات الجماعة.

وقال حاشد إن هناك مسلخاً للتعذيب اسمه «الورشة» في صنعاء، وتحديداً في مقر سجن «الأمن والمخابرات» (الأمن السياسي سابقاً)، وإن هذا المسلخ يقع في الدور الثالث، وموزع إلى عدة غرف، وكل غرفة تحتوي على وسائل تعذيب تصنع في نفوس الضحايا الخوف المريع والبشاعة التي لا تُنسى.

الناشطة اليمنية سحر الخولاني انتقدت فساد الحوثيين وطالبت بصرف رواتب الموظفين فتم اعتقالها (إعلام محلي)

ووفق ما أورده حاشد، الذي غادر مؤخراً مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، توجد في هذا المكان سلاسل ترفع الشخص إلى الأعلى وتعيده إلى الأسفل بواسطة زر تحكم، حيث يُعلَّق الضحية ويُثبَّت بالطريقة التي يريد المحققون رؤيته عليها.

وذكر أن البعض من الضحايا يُعلق من يديه لساعات طويلة، وبعضهم يُعلق من رجليه، وبعد ذلك يتم إنزاله وقد صار عاجزاً أو محمولاً في بطانية.

ووفق هذه الرواية، فإن هذا القسم يشمل وسائل تعذيب متنوعة تشمل الكراسي الكهربائية، والكماشات لنزع الأظافر، والكابلات، والسياط، والأسياخ الحديدية، والكلاب البوليسية، وكل ما لا يخطر على البال من وسائل صناعة الرعب والخوف والألم.