صدر أخيراً للكاتب والإعلامي المغربي عبد العزيز كوكاس، عن منشورات «النورس»، كتاب جديد تحت عنوان «حبل قصير للمشنقة»، هو عبارة عن شذرات جاءت تعميقا لعمل شذري سابق تحت عنوان «الصحو مثير للضجر» صدر له في 2017.
وصدّر كوكاس كتابه بجملة شعرية لمحمد الماغوط، مما ورد فيها: «أنا قطعا ما كنت مربوطا إلى رحمي بحبل سرة بل بحبل مشنقة».
في الإصدار الجديد لكوكاس نلمس كيف يتم تحويل الذات إلى مجال للتفكير والتأمل والمساءلة، لنجد أنفسنا أمام ذات متصدعة، منشطرة على نفسها، مسكونة بقلق الوجود. هذا المعطى المتعلق بالكتابة الشذرية في تشظيات كوكاس، عبر عنه الناقد محمد شداد الحراق، بقوله إن هذا الكاتب قد عوّدنا في كتاباته أن «يأسر قارئه ويلقي به في دهاليز الإثارة وفي سراديب المتعة، فلا يخرج منها إلا وقد امتلأ أسئلة ولذة ورغبة في العودة من جديد لاقتناص المزيد».
ويرى الحراق أن «المتلقي حينما يقرأ شذرات كوكاس تجرفه سيول الفضول نحوها بقوة، وتدعوه هواجس البحث والكشف والوصف لامتطاء صهوة القراءة العميقة التي تتسلل عبر الفجوات، وتكسر نظام التراكيب النحوية البسيطة والقوانين اللغوية الموروثة، وتعْبُر نحو ضفة المسكوت عنه الذي ظل متواريا تحت ظلال الكلمات المخطوطة وفي ثنايا العبارات المرصوفة».
أما المؤلف نفسه فيقول: «إن الكتابة الشذرية مثل قطع صغيرة من ذهب لها فرادتها وتفردها عن الكتابة المعهودة في التواصل العادي أو في الكتابات النسقية المألوفة، هي قطع صغيرة كرؤوس النمل من ذهب الروح، لآلئ وجواهر خالصة ترصع البياض بنشوة الفرح، لخفتها وسرعتها تسخر بمرح من العابر واليومي، تتفرق شذرا مدرا على بياض الصفحة راسمة مفازات التيه لمن يولع بجمع نثار الدرر بدل ما تساقط من كلام... لأن الكلام جماعي والشذرة فردية موجهة لانتهاك حرمة المقول والمتماسك وتفكيك اليقينيات».
مما نقرأ في «حبل قصير للمشنقة»، تحت عنوان «كشف حساب خارج التوقعات»: «أنا أصير يوما عن يوم إلى ما لست عليه، شيء ما داخلي يهجرني بالتقسيط المريح... أقصد ما كنته، لأن ما حلمت أن أكونه دائما له رؤيته الخاصة، رؤيته المغايرة لما أنا عليه، صراع الانبثاق والانطفاء داخلي بلا حدود... ما كنت أعتقد أنه صلب جوهري، لا أدري ما هو على وجه التحديد، المفكر في أو ما يملأ إحساسي بجدوى أن أستمر في الحلم، أو ما يجعل ذاتي منطبعة ببصمة التجريد، أي ذلك التجسيد الصوري لأناي، أو ما يبرر سعيي نحو كمال وجودي... أو شيء من هذا القبيل! إن مجرد انفجار هذه الفكرة في دماغي، حتى ولو كانت مجرد سؤال ميتافيزيقي أو نزوة رومانسية لا تليق برجل (عقلاني) مثلي، يدفعني إلى الإحساس بأنني بحجم ما أراه... كبيرا في الشكل صغيرا في المعنى، كي لا أقول تافها، من جهة لأنني ما زلت أُكن قليلا من الاحترام لما كنت عليه، ومن جهة أخرى لأنني أخشى أن تنتابني هلوسات تجعلني على حافة الجنون».
الذات مجالاً للتأمل في «شذرات»
https://aawsat.com/home/article/4248171/%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%8B-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%84-%D9%81%D9%8A-%C2%AB%D8%B4%D8%B0%D8%B1%D8%A7%D8%AA%C2%BB
الذات مجالاً للتأمل في «شذرات»
الذات مجالاً للتأمل في «شذرات»
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة