الأمم المتحدة: 6 ملايين يمني على بعد خطوة واحدة من المجاعة

التهدئة تدخل عامها الثاني وسط خروق متصاعدة للميليشيات الحوثية

رجلان يحملان مساعدات غذائية في صنعاء من إحدى الوكالات الدولية (إ.ب.أ)
رجلان يحملان مساعدات غذائية في صنعاء من إحدى الوكالات الدولية (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة: 6 ملايين يمني على بعد خطوة واحدة من المجاعة

رجلان يحملان مساعدات غذائية في صنعاء من إحدى الوكالات الدولية (إ.ب.أ)
رجلان يحملان مساعدات غذائية في صنعاء من إحدى الوكالات الدولية (إ.ب.أ)

مع انقضاء عام على التهدئة في اليمن، واستمرار الحوثيين في عرقلة التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار والذهاب نحو محادثات سياسية تطوي ملف الحرب، أظهرت بيانات حديثة وزعها برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أن ستة ملايين شخص في هذا البلد يقفون على بعد خطوة واحدة من المجاعة. وأن البرنامج لم يحصل إلا على 17‎ في المائة من احتياجاته لتمويل المساعدات للأشهر الستة المقبلة.
أكد التقرير أن مستويات انعدام الأمن الغذائي مرتفعة للغاية، وأن التقديرات تشير إلى أن 6.1 مليون شخص يقفون على بعد خطوة واحدة من المجاعة أي في المرحلة الرابعة من التصنيف الدولي للطوارئ بحلول أواخر العام الماضي، وهو أعلى رقم في أي بلد في العالم.
وفي 76 صفحة، ذكر البرنامج أن تمويل خطة الاحتياجات الفعلية للأشهر الستة من الآن وحتى سبتمبر (أيلول) المقبل يغطي نسبة 17 في المائة فقط، في حين أن متطلبات التمويل تبلغ 1.15 مليار دولار، مبينا أن التقديرات تشير إلى أن 3.5 مليون شخص، بما في ذلك 2.3 مليون طفل و1.3 مليون امرأة حامل أو مرضع وفتاة، يعانون من سوء التغذية الحاد، مع دلائل على مزيد من التدهور إذ تم تخفيف الآثار الإيجابية للهدنة من خلال تقلص مساحة العمل الإنساني.
وفقاً لآخر بيانات الأمن الغذائي الصادرة في فبراير (شباط) الماضي، ذكر البرنامج أن معدل انتشار عدم كفاية استهلاك الغذاء ظل مستقراً في مطلع العام الحالي يناير (كانون الثاني) مقارنة بالشهر السابق، وأفاد بأن ما يقرب من نصف الأسر اليمنية (49 في المائة على الصعيد الوطني) يعاني من عدم كفاية استهلاك الغذاء، مع معدلات مرتفعة للغاية في 15 محافظة من أصل 22 محافظة، ونبه إلى أن بيئة التشغيل المجزأة والمثيرة للجدل بشكل متزايد أثرت في قدرته على مساعدة من هم في أمس الحاجة للمساعدة.
ويعتقد البرنامج أن الهدنة استمرت ستة أشهر في جميع أنحاء البلاد ووفرت أطول فترة سلام منذ بدء الصراع، لكنه عاد ليؤكد أن الوضع الأمني ظل متقلباً، كما تقلص الحيز الإنساني، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابين الحوثيين، وقال إن ذلك أثر بشكل مباشر على أنشطة البرنامج، كما أدت آثار الصراع بين روسيا وأوكرانيا إلى زيادة الاحتياجات وتزايد تكاليف التشغيل وانخفاض التمويل، مما حد من نطاق وحجم تدخلات البرنامج.
رغم الهدنة فإن برنامج الأغذية العالمي أكد أن قدرته على تقديم استجابة مبدئية أعيقت «بسبب الزيادة الملحوظة في محاولات التدخل، والعقبات والتأخيرات البيروقراطية، فضلاً عن القيود على الحركة والوصول»، وغالبية هذه التدخلات كانت في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين.
وقال البرنامج إن المثير للقلق بشكل خاص «هو التطبيق الصارم والمتزايد للممارسات التي تقيد حرية المرأة في الحركة» حيث أثر ذلك على قدرة المرأة على الوصول إلى الخدمات، وكذلك على قدرة الموظفات الوطنيات في البرنامج على القيام بالعمل الميداني، لافتا إلى مواجهة محاولات مستمرة وبشكل متزايد للتدخل في أعماله ووضع عقبات بيروقراطية مثل التأخير في الحصول على الموافقات وتصاريح التنقل والاتفاقيات الفرعية، وقال إن ذلك أعاق الأنشطة المخطط لها، وإن القيود المفروضة على استخدام مقدمي الخدمات المالية أدت أيضا إلى تأخير البرنامج في توسيع نطاق استخدامه القائم على التحويلات النقدية.
ونبه التقرير إلى أن القيود المفروضة من قبل الانقلابيين على حركة الموظفين المحليين أثرت على أنشطة الرصد والتقييم. مشيرا إلى أن العام الماضي شهد «قيوداً متزايدة الصرامة على حرية المرأة» في التنقل بين المناطق الخاضعة لسلطة الانقلابيين؛ حيث أثر ذلك سلباً على مشاركة المرأة الاقتصادية والمجتمعية فضلاً عن وصولها إلى الخدمات الأساسية. ومن الناحية التشغيلية، تأثرت الأنشطة الإنسانية بالقيود المفروضة على قدرة الموظفات الوطنيات على القيام بالعمل الميداني.
ولم تقتصر القيود على ذلك، بل إن العقبات البيروقراطية أعاقت - وفقا للتقرير - تقديم البرنامج المساعدات إلى المستفيدين في المناطق الخاضعة لسلطة الانقلابيين، وذكر أنه في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، زادت الحوادث الأمنية التي تؤثر على العاملين في المجال الإنساني؛ حيث أبلغ المجتمع الإنساني عن وقوع أكثر من 3500 حادث وصول في عام 2022، ما أثر على توفير المساعدة لخمسة ملايين شخص على الأقل.
ويقول البرنامج إنه ركز معظم موارده المتاحة على تلبية الاحتياجات الغذائية الهائلة في البلاد من خلال التحويلات غير المشروطة للموارد المنقذة للحياة (المساعدة الغذائية العامة) وعمل على منع سوء التغذية وعلاجه من خلال مجموعة موسعة من أنشطة التغذية، كما قام بتحسين المدخول الغذائي للأطفال وزيادة الالتحاق بالمدارس من خلال التغذية المدرسية وعمل على حماية سبل العيش وبناء القدرة على الصمود وتنشيط الإنتاج الزراعي لأصحاب الحيازات الصغيرة.
ونبه التقرير إلى أن الأمراض المعدية، فضلاً عن محدودية الوصول إلى التغذية والخدمات الصحية، تسببت في حدوث أحد أعلى معدلات سوء التغذية بين النساء والأطفال في العالم؛ حيث تظهر بيانات التصنيف لمرحلة الأمن الغذائي المتكامل أن ما يقرب من 2.2 مليون طفل دون سن الخامسة، و1.3 مليون امرأة حامل ومرضع يعانين من سوء التغذية الحاد، وأن 3.3 مليون شخص منهم 1.7 مليون طفل حصلوا على المساعدات الغذائية.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

إهمال الانقلابيين يغرق إب اليمنية في أكوام القمامة

عامل يفرز المواد البلاستيكية في صنعاء من وسط القمامة لإعادة تدويرها (إ.ب.أ)
عامل يفرز المواد البلاستيكية في صنعاء من وسط القمامة لإعادة تدويرها (إ.ب.أ)
TT

إهمال الانقلابيين يغرق إب اليمنية في أكوام القمامة

عامل يفرز المواد البلاستيكية في صنعاء من وسط القمامة لإعادة تدويرها (إ.ب.أ)
عامل يفرز المواد البلاستيكية في صنعاء من وسط القمامة لإعادة تدويرها (إ.ب.أ)

شكا سكان محافظة إب اليمنية (193 كلم جنوب صنعاء) من تراكم أكوام النفايات في شوارع وأحياء مركز المحافظة (مدينة إب) وعدة مديريات تابعة لها، ما ينذر بكارثة صحية وبيئية، وسط اتهامات لقادة الميليشيات الحوثية في المحافظة بالإهمال، والتركيز على نهب الأموال المقدمة من المنظمات الدولية دعماً لحملات النظافة.

وأفادت مصادر محلية في إب التي تعد من المناطق اليمنية المزدحمة بالسكان، بأن مركز عاصمة المحافظة ومديريات العدين والسياني والمخادر، تشهد حاليا تكدساً للمخلفات، في ظل تجاهل سلطات الانقلاب للكارثة، وعدم تحركها لاحتوائها أو تقليل مخاطرها الصحية على السكان.

ويخشى السكان في أحياء الظهار والسبل وسط المدينة من أن يؤدي تدهور أوضاع النظافة إلى توفير بيئة خصبة لتفشي الأمراض الفتاكة، ولفتوا إلى أن أكوام النفايات باتت تطمر عدداً من الشوارع الرئيسية، حيث انتشرت الروائح الكريهة، في ظل إهمال حوثي متعمد، زاد من عملية التكدس على نطاق واسع.

أكوام من القمامة وسط الأحياء السكنية في مدينة إب (فيسبوك)

واتهم السكان الحوثيين بأنهم يتعمدون تجاهل تراكم أطنان القمامة في الشوارع والأحياء، بعدما قاموا بمصادرة مرتبات عمال صندوق النظافة، وإيقاف نفقات التشغيل المتعلقة بآليات الصندوق في المحافظة؛ نتيجة اشتداد الصراع الحوثي البيني على الأموال المنهوبة.

تجاهل متعمد

ويؤكد مسؤول حي في إب لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة تتجاهل هذه المشكلة البيئية الخطرة ولم تقم باتخاذ أي إجراءات تجاهها، بالتوازي مع استثمار تفشي الأوبئة لابتزاز المنظمات الدولية وسرقة المساعدات.

ويقول محمد سالم، وهو اسم مستعار لأحد السكان إن «الميليشيات لا يهمها حالياً وضع المواطن وصحته وأوجاعه، بقدر ما يهمها مواصلة استهداف سكان المحافظة واليمنيين بشكل عام بمختلف الطرق والوسائل، وانشغالها بنهب إيرادات الدولة والمجالس المحلية، وزيادة حجم الإتاوات تحت حجج وأسماء غير قانونية».

وأكد محمد أن تراكم أطنان المخلفات إضافة إلى طفح مياه الصرف في أكثر من منطقة في إب دون وضع حلول لها، مع استمرار هطول الأمطار، جميعها توفر بيئة مواتية لنمو وتكاثر وانتشار الفيروسات والأوبئة، خصوصاً الكوليرا والملاريا.

وفي مديرية العدين (ثالث أكبر مديريات إب من حيث الكثافة السكانية) عبر السكان عن شكاواهم من انتشار كثيف للقمامة في شوارع مدينتهم وحاراتها وأزقتها، في ظل اختفاء مفاجئ لعمال النظافة.

وأوضح السكان أن روائح مياه الصرف تملأ الأحياء والشوارع نتيجة طفح المجاري فيها ما جعلها مكاناً خصباً للأوبئة القاتلة، محذرين من تبعات إبقاء أطنان القمامة على هذه الحال، في ظل تجاهل سلطات الميليشيات لواجباتها مع تأكيدهم أن المدينة ستغدو أمام جائحة محققة.

اتهام للجماعة بالفساد

يتهم مسؤول بفرع صندوق النظافة في مديرية العدين قيادات حوثية تدير صندوق النظافة الرئيسي في إب بالفساد والتلاعب ومواصلة تضييع ملايين الريالات اليمنية.

وأرجع المسؤول، الذي طلب إخفاء اسمه، توقف حملات النظافة في المديرية منذ نحو أسبوعين إلى قيام القيادات الحوثية بسرقة مبالغ مالية خصصت لتنفيذ حملات نظافة، تمثل أخيرها في نهب أكثر من 40 ألف دولار مقدمة من منظمات ووكالات إنسانية أممية على ثلاث مراحل من أجل تنفيذ حملات نظافة للمدينة.

القمامة تتكدس في أحد شوارع إب اليمنية (الشرق الأوسط)

ولم يقف قادة الانقلاب الحوثي عند ذلك الحد من الفساد، بل يواصلون نهب أكثر من نصف المبالغ التي يتم جبايتها من المواطنين والأسواق وأصحاب المحال تحت أسماء «رسوم نظافة، وتحسين مدينة...»، بينما يتبقَّى لفرع صندوق العدين وموظفيه وعماله ربع تلك المبالغ، ثم تطالبهم الميليشيات بتنفيذ حملات نظافة يومية. وفق مصادر محلية.

وعلى وقع غرق محافظة إب وبعض مديرياتها بمخلفات القمامة، يحذر أطباء متخصصون من استمرار تراكم النفايات، الأمر الذي قد يشكل خطرا حقيقيا يهدد صحة وحياة آلاف المواطنين والبيئة على حد سواء.

ويؤكد الأطباء أن مخلفات القمامة تعد مصدر جذب للبعوض والحشرات والقوارض الناقلة للعدوى والأمراض والأوبئة بين السكان، في حين كشف عاملون صحيون عن إصابة عشرات الأطفال في مديرية العدين بأمراض وأوبئة عدة مثل الملاريا، والتيفوئيد، والدوسنتاريا، والكوليرا، وأمراض جلدية مختلفة.


الحكومة اليمنية تواجه أزمة مالية حادة بسبب خسارة إيرادات النفط

يمنيات في صنعاء يتلقين مساعدات أممية وسط انعدام الأمن الغذائي (إ.ب.أ)
يمنيات في صنعاء يتلقين مساعدات أممية وسط انعدام الأمن الغذائي (إ.ب.أ)
TT

الحكومة اليمنية تواجه أزمة مالية حادة بسبب خسارة إيرادات النفط

يمنيات في صنعاء يتلقين مساعدات أممية وسط انعدام الأمن الغذائي (إ.ب.أ)
يمنيات في صنعاء يتلقين مساعدات أممية وسط انعدام الأمن الغذائي (إ.ب.أ)

تواجه الحكومة اليمنية أزمة مالية حادة غير مسبوقة، نتيجة استمرار توقف إيرادات النفط، بسبب هجمات الميليشيات الحوثية على مواني التصدير منذ 6 أشهر؛ حيث يعد النفط المصدر الوحيد للعملة الصعبة في البلاد.

ويهدد استمرار هذه التداعيات الحكومة اليمنية بالعجز عن دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، بالتزامن مع تأكيد الأمم المتحدة أن نحو 60 في المائة من الأسر اليمنية واجهت انخفاضات في دخلها خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

ووفق ما ذكره 3 من المسؤولين اليمنيين لـ«الشرق الأوسط»، فإن الحكومة تواجه أزمة مالية غير مسبوقة، نتيجة استمرار تهديدات ميليشيات الحوثي باستهداف مواني تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة، منذ الهجوم الذي استهدف ميناء الضبة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ لأن هذه التهديدات لا تزال تحول دون استئناف التصدير.

الحوثيون هاجموا ميناء الضبة أهم ميناء يمني لتصدير النفط (فيسبوك)

وأكد المسؤولون اليمنيون أن احتياطي العملة الصعبة لدى البنك المركزي في عدن تناقص بشكل كبير، وأنه قد يعجز عن توفير الدولار الأميركي لتجار استيراد المواد الغذائية الأساسية والوقود، والمحافظة على استقرار سعر العملة المحلية في مقابل الدولار الأميركي، من خلال مزادات بيع العملة الأسبوعية التي ساعدت على تراجع سعر الدولار من 1800 ريال يمني إلى 1320 ريالاً، وهو السعر الحالي.

عجز غير مسبوق

حسبما ذكره المسؤولون اليمنيون، فإن مقدار العجز في الموازنة العامة لهذا العام بلغ مع نهاية شهر مايو (أيار) نسبة 80 في المائة، بسبب عدم استئناف تصدير النفط، نتيجة استمرار ميليشيات الحوثي في تهديد مواني تصدير النفط والشركات الملاحية على حد سواء، وعدم اتخاذ المجتمع الدولي مواقف جدية تجاه هذه التهديدات، في حين أن الحكومة الشرعية تتحمل مسؤولية جميع سكان البلاد، حتى الذين يعيشون في مناطق سيطرة الميليشيات.

كما تتحمل الحكومة مسؤولية توفير العملة الصعبة لاستيراد المواد الغذائية والأدوية والوقود من دون تمييز، بينما تقوم الميليشيات بإنفاق عائدات الدولة لصالح قادتها ومقاتليها وتجنيد الأطفال.

المسؤولون اليمنيون أكدوا أن الحكومة تراهن على الدعم الذي تقدمه السعودية والإمارات، والدعم الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا، لتجاوز هذه الأزمة، وقالوا إنه رغم هذه الصعوبات والتحديات التي فرضتها المواجهات مع ميليشيات الحوثي، فإن الحكومة لن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه مواطنيها في كل محافظات البلاد، وسوف تتغلب على هذه الظروف.

ورأى المسؤولون أن جملة الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة خلال الأشهر الماضية لتحسين الإيرادات العامة وخفض الإنفاق بشكل كبير، خففت من المضاعفات التي نتجت عن توقف الصادرات النفطية.

انخفاض الدخل

بالتزامن مع ذلك، أكدت بيانات وزعها مكتب الأمم المتحدة في اليمن، أن 60 في المائة من الأسر اليمنية تعاني انخفاضاً في الدخل خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأن الأسر الزراعية عانت انخفاضاً في الدخل بنسبة أعلى من الأسر غير الزراعية، بينما لجأ 20 في المائة من الأسر إلى استراتيجية طارئة لمواجهة سبل العيش.

وحسب هذه البيانات، فإن ما يقرب من 4 من كل 10 أسر في مناطق سيطرة الحكومة (39.2 في المائة) عانت انعدام الأمن الغذائي، بما يعادل المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي للأمن الغذائي وما فوقها، خلال شهر مارس (آذار) الماضي، وفقاً لمقياس تجربة انعدام الأمن الغذائي.

وبينت الأمم المتحدة أن 31.4 في المائة من الأسر تعاني الجوع المعتدل أو الشديد، ونحو 47 في المائة من الأسر لديها استهلاك غذائي غير كافٍ، في حين استهلك 42 في المائة من الأسر أقل من 4 مجموعات غذائية.

الانقلاب الحوثي أدى إلى توقف تصدير الغاز المسال (إعلام حكومي)

واستناداً إلى هذه البيانات تشهد محافظات البيضاء والضالع وتعز انتشاراً كبيراً لانعدام الأمن الغذائي في جميع مؤشراته الخمسة، وتم الإبلاغ عن ارتفاع معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي في محافظات عمران ولحج وحجة، في 3 على الأقل من 5 من هذه المؤشرات.

وأشارت البيانات إلى أن الأسر التي ليست لديها مصادر دخل، والأسر التي تحصل على دخل رئيسي من الأجور الزراعية وغير الزراعية، كانت أكثر القطاعات التي تعاني انعدام الأمن الغذائي، أما بين الأسر الزراعية فكان هناك انتشار أعلى لانعدام الأمن الغذائي بين منتجي الماشية وبائعيها.

وأكدت البيانات الأممية أن 63 في المائة من الأسر تعرضت لصدمات مختلفة، من بينها ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وفقدان فرص العمل، ومع ذلك، انخفض عدد الأسر التي أفادت التقارير بأنها تعرضت للصدمات بنسبة 19 نقطة مئوية، مقارنة بشهر أبريل (نيسان) 2022.


نتنياهو يدعو إلى «تحقيق مشترك شامل» مع مصر في حادث الحدود

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحضر الاجتماع الأسبوعي للحكومة (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحضر الاجتماع الأسبوعي للحكومة (أ.ب)
TT

نتنياهو يدعو إلى «تحقيق مشترك شامل» مع مصر في حادث الحدود

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحضر الاجتماع الأسبوعي للحكومة (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحضر الاجتماع الأسبوعي للحكومة (أ.ب)

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إجراء تحقيق «مشترك شامل» مع مصر في ملابسات الحادث الحدودي الذي وقع أمس (السبت) وقُتل فيه ثلاثة جنود إسرائيليين وفرد أمن مصري.
وقال نتنياهو لمجلس الوزراء في تصريحات نقلها التلفزيون: «بعثت إسرائيل برسالة واضحة للحكومة المصرية. نتوقع أن يكون التحقيق المشترك شاملاً ومفصلاً».
وأضاف: «سنحدّث إجراءات وأساليب العمليات وأيضا الإجراءات الرامية للحد من عمليات التهريب إلى الحد الأدنى ولضمان عدم تكرار مثل هذه الهجمات الإرهابية المأساوية».

جنود إسرائيليون خارج قاعدة جبل حريف في صحراء النقب المتاخمة للحدود مع مصر (أ.ف.ب)

وكان المتحدث العسكري المصري أعلن في بيان، السبت، أن «مجنداً من قوات تأمين الحدود الدولية مع إسرائيل، اخترق حاجز التأمين وتبادل إطلاق النيران، خلال مطاردة عناصر تهريب المخدرات، ما أدَّى إلى وفاة 3 أفراد من عناصر التأمين الإسرائيلية وإصابة اثنين آخرين، بالإضافة إلى وفاة المجند المصري أثناء تبادل إطلاق النيران».
وأشار إلى أن وزير الدفاع المصري محمد زكي اتصل بنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت «لبحث ملابسات الحادث وتقديم واجب العزاء في ضحايا الحادث من الجانبين، والتنسيق المشترك لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً».

سيارات قرب موقع الحادث الذي وقع أمس على الحدود بين إسرائيل ومصر (رويترز)

وكان نتنياهو وصف الحادث على الحدود مع مصر بأنه «عابر»، مؤكداً أنه لن يؤثر على التعاون المشترك الذي يشمل حفظ الأمن على الحدود بين البلدين.


السودان: النزاع يعطّل المحاصيل الزراعية ويزيد خطر المجاعة

حمار أمام شجرة في ولاية كردفان السودانية (أ.ف.ب)
حمار أمام شجرة في ولاية كردفان السودانية (أ.ف.ب)
TT

السودان: النزاع يعطّل المحاصيل الزراعية ويزيد خطر المجاعة

حمار أمام شجرة في ولاية كردفان السودانية (أ.ف.ب)
حمار أمام شجرة في ولاية كردفان السودانية (أ.ف.ب)

يفترش مئات العمال المياومين مع أدواتهم الأرض في منطقة بولاية القضارف جنوب شرقي السودان، في انتظار مزارعين يستعينون بهم، لكن هؤلاء يغيبون هذا العام على غير عادة مع بدء موسم المحاصيل الصيفية، بعدما أثّر النزاع على القطاع.

ويبدأ في منتصف مايو (أيار) موسم هطول الأمطار في ولاية القضارف القريبة من الحدود مع إثيوبيا، التي تنتج نحو 40 في المائة من محصول السودان من الحبوب. ومع الأمطار، يبدأ الموسم الزراعي الصيفي.

ويقول المياوم محمد هارون لوكالة الصحافة الفرنسية: «وصلت إلى هنا من كردفان منذ 5 أيام ولم يعرض أحد عملاً عليّ». ويضيف العامل الذي كان مستلقياً على الأرض بجانب أدواته: «في السابق كنت لا أنتظر أكثر من يوم واحد... الآن نفدت كل نقودي ولا أدري كيف أدبّر طعامي».

وتختلف بداية موسم الزراعة الصيفي، وهو الأهم في البلاد، جذرياً هذا العام عما سبقها، في ظل النزاع الذي اندلع بدءاً من 15 أبريل (نيسان)، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.

وبحسب المنظمة العربية للتنمية الزراعية، تسبّبت الحرب بـ«تشوهات كبيرة في البنية الإنتاجية لقطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني، خصوصاً في مناطق احتدام الصراع بولاية الخرطوم، غير أن القطاع الإنتاجي في كل البلاد أصابه الشلل».

وأشارت المنظمة التي تتخذ من الخرطوم مقراً، إلى أن «انقطاع سلاسل الإمداد (أدى) إلى تحطيم كامل لمنظومات إنتاج الدواجن التي تتركز حول الخرطوم، وكذلك إنتاج الخضر والفاكهة».

مزارع سوداني يعرض مادة الصمغ العربي (أ.ف.ب)

وبدأ هطول الأمطار على أراضٍ تبقى مساحات شاسعة منها بلا أي زرع، وفق مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية، ما ينذر بصعوبات إضافية في بلاد كان ثلث سكانها يعانون من الجوع حتى قبل بدء القتال.

تمويل متأخر

ولا تقتصر الأزمة على المياومين، بل تطال قطاعات أخرى متعلقة بالزراعة التي تمثّل 40 في المائة من الناتج المحلي للبلاد، وتوظّف 80 في المائة من اليد العاملة.

ويقول ميرغني علي، الذي يعمل في تجارة البذور والأسمدة والمبيدات الزراعية: «في الظروف العادية خلال السنوات الماضية، كنا نعاني من اكتظاظ المزارعين لطلب البذور في هذا الوقت من العام»، إلا أن «الطلب ضعيف للغاية» هذا العام.

ويرجع محمد عبد الكريم الذي يمتلك أرضاً زراعية مساحتها 10 آلاف فدان (42 مليون متر مربع) يزرع فيها الذرة والقطن وعباد الشمس، أسباب تعطّل موسم الزراعة إلى «تأخر البنوك في التمويل». ويوضح أن «القرارات (بالتمويل) تصدر من رئاسات البنوك في العاصمة، وهذه البنوك لا تعمل منذ منتصف أبريل جراء الحرب»، مضيفاً: «حتى لو جاء التمويل المتأخر، نحتاج إلى وقت للحصول على البذور، كما أن الرؤية غير واضحة بشأن توفير السماد والوقود لتشغيل المعدات».

أشجار في (ولاية) كردفان السودانية (أ.ف.ب)

ورغم الوعود بتوفير الأموال، ومنها ما نقلته وكالة الأنباء السودانية (سونا) عن رئيس تجمع القطاع المطري ياسر علي صعب بشأن التزام وزارة المالية والمصرف المركزي بتمويل المزارعين، فإن ذلك لا يبدّد القلق بشأن مصير الموسم.

في مثل هذه الفترة من عام 2022، عانى السودان من تكدّس المحاصيل لدى المزارعين جراء نقص الأموال الحكومية المخصصة لشرائها في ظل أزمة اقتصادية.

وبحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، شهد موسم زراعة الحبوب في السودان لعام 2022، الذي تم حصده في مارس (آذار) الماضي، كميات من الذرة الرفيعة والقمح والدخن وصلت إلى 7.4 مليون طن.

وعلى الرغم من أن هذا الإنتاج مثّل زيادة بنسبة 45 في المائة على الموسم السابق، فإن المنظمة رأت أن ذلك لا يزال غير كافٍ لتلبية احتياجات البلاد.

ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، وتداعياته على أسعار الحبوب والوقود عالمياً، تلوح أزمات غذائية خصوصاً في بلدان تعتمد في وارداتها بشكل أساسي على هاتين الدولتين، ومنها السودان.

تعليق الاستثمار

وتؤكد الأمم المتحدة أن 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد سكان السودان، باتوا الآن بحاجة للمساعدة والحماية.

ويعدّ تحضير الأراضي قبل هطول الأمطار شرطاً أساسياً لموسم مثمر، وفق ما يؤكد المزارع حسين إبراهيم من القضارف.

ويوضح: «هناك مناطق هطلت فيها الأمطار وأصبح الوصول إليها صعباً جداً».

ويضيف: «لن يستطيع كثير من المزارعين إيصال العمال أو البذور أو الوقود إلى مشروعاتهم (الزراعية)».

ويقطع إطلاق النار الطرق، وتوقفت حركة الاستيراد والتصدير في البلاد إلى حد كبير، وسرقت مستودعات كثيرة. ويهدّد كل ذلك، وفق خبراء، بتسريع المجاعة في البلاد.

وبدأت الظروف التي تمرّ بها البلاد تنعكس بشكل مباشر على الاستثمار، إذ أعلنت مجموعة «الحجّار» الاستثمارية الكبرى في البلاد، التي تعمل مع آلاف المزارعين، «تعليق كل الأعمال الاستثمارية في السودان بدءاً من أول مايو (أيار)»، وذلك إلى أن «تسمح الظروف بعودة الأمور والأعمال إلى وضعها الطبيعي».

وأضافت المجموعة التي يعود تأسيسها إلى زهاء 120 عاماً، في بيان: «قررنا إعفاء كل العاملين من أي أعباء أو التزامات وظيفية بعد 30 يونيو (حزيران)».

حقائق

25 مليون شخص

أي أكثر من نصف عدد سكان السودان، باتوا الآن بحاجة للمساعدة والحماية (الأمم المتحدة)


الرياض وواشنطن تدعوان طرفي النزاع في السودان إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار

TT

الرياض وواشنطن تدعوان طرفي النزاع في السودان إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار

الدخان يتصاعد فوق المباني خلال الاشتباكات بين الجيش و«الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
الدخان يتصاعد فوق المباني خلال الاشتباكات بين الجيش و«الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

أكدت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة اليوم الأحد، حرصهما على استمرار المحادثات مع وفدي الطرفين المتنازعين في السودان.

وقالت وزارة الخارجية السعودية، في بيان اليوم، إن وفدي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا يزالان موجودين في جدة رغم تعليق المحادثات وانتهاء وقف إطلاق النار.

وحسب البيان، فإن «المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية حريصتان على استمرار المحادثات مع وفدي التفاوض، حيث تركزت المحادثات على سبل تسهيل المساعدات الإنسانية والتوصل إلى اتفاق بشأن خطوات على المدى القريب ينبغي على الطرفين اتخاذها قبل استئناف محادثات جدة».

وأكد البيان أن السعودية والولايات المتحدة «على استعداد لاستئناف المحادثات الرسمية، ويذكران الطرفين بأنه يجب عليهما تنفيذ التزاماتهما بموجب إعلان جدة (11 مايو/ أيار) للالتزام بحماية المدنيين في السودان». وأكدت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة تمسكهما بالتزامهما تجاه شعب السودان. وجددتا الدعوة للطرفين إلى اتفاق على وقف إطلاق نار جديد، وتنفيذه بشكلٍ فعال بهدف بناء وقف دائم للعمليات العسكرية.


الحرب تغيّب إحياء السودانيين ذكرى فض الاعتصام

قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)
TT

الحرب تغيّب إحياء السودانيين ذكرى فض الاعتصام

قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)

غيّبت الحرب الدائرة في السودان الاحتفاء بالذكرى الرابعة لفض الاعتصام الشهير أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني، في الثالث من يونيو (حزيران) 2019، التي راح ضحيتها المئات من القتلى وآلاف المصابين والمفقودين. وفي ذلك العام كان طرفا القتال الحالي (الجيش وقوات الدعم السريع)، قد انحازا إلى مطالب الشارع الذي خرج بالملايين للإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير، الذي حكم البلاد بالتحالف مع «الإسلاميين» 30 عاماً.

ودرجت القوى السياسية والشبابية سنوياً على الخروج بالآلاف في شوارع العاصمة (الخرطوم)، والولايات الأخرى لإحياء ذكرى فض الاعتصام والجرائم التي ارتُكبت في حق الشباب المعتصمين الذين خرجوا يطالبون بالحكم المدني وعودة العسكريين للثكنات. وعلى الرغم من مرور 4 أعوام على قضية فض الاعتصام التي هزت الشارع السوداني والرأي العام العالمي، لم يقدّم أي من مرتكبيها للمحاسبة القانونية.

لجنة التحقيق

وكان رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، كوّن لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في جريمة فض الاعتصام، برئاسة القانوني الشهير، نبيل أديب، مُنحت صلاحيات واسعة بإجراء تحقيقات مع كل المسؤولين إبان وقوع الحادثة، واستنطاق الشهود وجمع الأدلة. واستمعت اللجنة إلى شهادة أكثر من 3 آلاف، من بينهم كبار القادة «العسكريين» في الجيش، وقوات «الدعم السريع»؛ لتحديد المسؤولين عن فض الاعتصام بالتحريض، أو المشاركة، أو الاتفاق الجنائي، أو ارتكاب أي انتهاكات أخرى، وحصر الضحايا من الشهداء والمصابين والجرحى والمفقودين.

وقطع استيلاء الجيش على السلطة المدنية عبر انقلاب عسكري في 25 من أكتوبر(تشرين الأول) 2021 بعد أن أطاح بالحكومة المدنية الانتقالية، التي تأسست وفقاً لوثيقة دستورية بين المدنيين والعسكريين، صدور التقرير النهائي للجنة التحقيق الخاصة بأحداث القيادة.

عناصر من الجيش السوداني في أحد أحياء العاصمة السودانية (أ.ف.ب)

الإقرار بالفض

وكان عضو المجلس العسكري (المنحل)، الفريق شمس الدين كباشي، قد أقرّ بأن قادة الهيئات والأجهزة العسكرية في الجيش وقوات «الدعم السريع» اجتمعوا وقرروا فض الاعتصام وفقاً للإجراءات القانونية والأمنية المعروفة، وذهب القادة العسكريون ووضعوا الخطة ونفذوها.

لكن عضو المجلس المركزي لتحالف «الحرية والتغيير» المعارض لحكم العسكر، أحمد خليل، قال إن جريمة فض الاعتصام يتحمل مسؤوليتها المجلس العسكري الحاكم آنذاك، «قادة الجيش الحاليون»، مضيفاً: «لن تسقط تلك الجريمة وغيرها من الانتهاكات الفظيعة التي تعرّض لها السودانيون خلال الحرب الجارية حالياً، بالتقادم».

وأشار خليل إلى أن موقف «الحرية التغيير» كان واضحاً بضرورة إكمال التحقيق في الأحداث التي شهدتها القيادة العامة قبل 4 سنوات، «وتقديم كل مرتكبيها إلى المحاكم العادلة لصيانة حق الضحايا الذين سقطوا جراء جريمة لا تزال عالقة في ذاكرة الشعب السوداني، ولن تنمحي إلا بتحقيق العدالة الكاملة».

ملامح متشابهة

بدوره، قال الناشط الحقوقي فيصل الباقر: «ستظل جريمة فض الاعتصام وصمة عار في جبين الجنرالات المتحاربين الآن، ومعهم مَن يسمونهم (الطرف الثالث)، وهم يواصلون الهمجية ذاتها في حربهم الكارثية». وأضاف أن ما يحدث من انتهاكات لحقوق الإنسان في الحرب الحالية، يحمل ملامح واضحة لتورط الأطراف نفسها في جريمة فض الاعتصام، قائلاً: «نشهد هذه الأيام انتهاكات شبيهة بما حدث في جريمة فض الاعتصام، بل أفظع، وجميعها ترتقى لأن تكون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولن تمر دون مساءلة مهما طال الزمن أو قصر».

وقال الباقر إن ذاكرة الشعب السوداني ستظل متقدة لتحقيق العدالة ولو بعد حين، مضيفاً أن المطلوب الآن وقف الحرب، والضغط على الطرفين؛ لأن استمرارها يمثل أكبر انتهاك لحقوق الإنسان. ودعا الناشطين في الحركة الحقوقية للتمسك بملف المحاسبة في هذه الجرائم الخطيرة كلها، ومواصلة الإمساك بشعارات الثورة في العدالة وقضايا المساءلة والمحاسبة؛ لأنها جرائم لا تسقط بالتقادم.

لا يزال دخان المعارك يتصاعد في سماء العاصمة السودانية (أ.ف.ب)

استخدام الرصاص الحي

وأحدثت واقعة فض الاعتصام قطيعة بين الشارع السوداني والقادة العسكريين في البلاد، إذ جرت مهاجمة المعتصمين أمام مقر قيادة الجيش بوسط العاصمة (الخرطوم)، دون أي تحرك من الجيش لمنع وقوع الجريمة. وفي 3 يونيو 2019، هاجمت قوات كبيرة بأزياء نظامية على متن مئات السيارات، ساحة الاعتصام في محيط القيادة العامة للجيش بالخرطوم، واستخدمت القوات الرصاص الحي والهراوات لتفريق المعتصمين.

وتطالب أسر الشهداء بالقصاص، ورفع الحصانة عن المشتبه بهم، وحماية الشهود، والتعجيل بتقديم الجناة لمحاكمات عاجلة.

وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية العالمية اتهمت صراحة أجهزة الأمن السودانية بارتكاب مجزرة فض الاعتصام ضد المتظاهرين في الخرطوم.


واشنطن تؤكد دعمها استئناف التحوّل الديمقراطي في السودان

تصاعد الدخان جراء النزاع في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء النزاع في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تؤكد دعمها استئناف التحوّل الديمقراطي في السودان

تصاعد الدخان جراء النزاع في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء النزاع في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)

أعلنت السفارة الأميركية في السودان أنها ستواصل دعم مطلب الشعب السوداني بوجود حكومة مدنية واستئناف التحوّل الديمقراطي، مضيفة أن الاقتتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع» يهدد بنشوب صراع طويل الأمد ومعاناة واسعة النطاق. وشددت السفارة في بيان على أن استمرار الصراع يعرقل إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من المدنيين، ويدمر البنية التحتية. وقالت السفارة أيضاً: «سنواصل تحميل الأطراف المتحاربة في السودان المسؤولية عن العنف وتجاهل إرادة الشعب السوداني».

اشتباكات عنيفة

وفي غضون ذلك، اندلعت اشتباكات عنيفة يوم السبت في العاصمة الخرطوم، في الذكرى الرابعة لفض اعتصام القيادة العامة، وهو اليوم الثاني على التوالي بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّعه الطرفان المتحاربان في مدينة جدة الأسبوع الماضي، بوساطة سعودية أميركية، وذلك وسط تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي في البلاد. وتجددت الاشتباكات في منطقة أم درمان القديمة وجنوب الخرطوم، حيث شهدت انفجارات عنيفة، واستخداماً للأسلحة الثقيلة، وتبادلاً كثيفاً لإطلاق النار بين الطرفين. كما شملت منطقة الاشتباك مجموعة من المواقع الاستراتيجية بما فيها الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون الرسمي، إلى جانب مباني رئاسة شرطة محافظة الخرطوم، وهي منطقة متاخمة لعدد من المستشفيات والأحياء الحيوية المكتظة بالسكان.

دبابة للجيش السوداني في إحدى نقاط التفتيش بالخرطوم (أ.ف.ب)

الأسبوع الثامن للنزاع

وأظهر القصف الجوي والمدفعي للخرطوم غياب أي أفق للتهدئة في نزاع دخل أسبوعه الثامن، ويواصل حصد الضحايا الذين أعلن «الهلال الأحمر» السوداني دفن 180 مجهولي الهوية منهم. وأفاد سكان في الخرطوم بتسجيل قصف بالطيران الحربي العائد للجيش على مناطق في جنوب الخرطوم، ردّت عليه نيران المضادات الأرضية من مناطق تسيطر عليها قوات «الدعم السريع». كما أفاد شهود بسماع أصوات «قصف مدفعي» في ضاحية أم درمان بشمال الخرطوم صباح السبت، وسقوط قذائف في حي الصحافة بجنوب العاصمة، ما أدى إلى حدوث «إصابات بين المدنيين». يأتي ذلك غداة تسجيل قصف في شمال الخرطوم وجنوبها واشتباكات في شرقها. كما سجّلت اشتباكات حول مدينة كتم بولاية شمال دارفور الواقعة شمال الفاشر عاصمة الولاية، وفق شهود. وزادت حدة المعارك في اليومين الماضيين بعدما لاقت هدنة مؤقتة أبرمت بوساطة سعودية - أميركية بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات «الدعم السريع» بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، مصير سابقاتها بانهيارها بشكل كامل.

مجلس الأمن

من جانبه، جدد مجلس الأمن الدولي مساء الجمعة المهمة السياسية للأمم المتحدة ستة أشهر، بعدما اتهم قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان المبعوث الأممي للسودان، فولكر بيرتس، بالإسهام في تأجيج النزاع. وفي قرار مقتضب، وافق مجلس الأمن بالإجماع على تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، المعروفة باسم «يونيتامس»، حتى الثالث من ديسمبر (كانون الأول) 2023. ويعكس اقتصار تمديد التفويض على هذه المدة القصيرة مدى دقة الأوضاع في البلاد. وكان البرهان قد اتّهم الأسبوع الماضي بيرتس بتأجيج النزاع الدموي الدائر بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو. ووجّه البرهان رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش طالبه فيها بـ«ترشيح بديل» لبيرتس، متهماً الأخير بارتكاب «تزوير وتضليل» في أثناء قيادته عملية سياسية تحولت حرباً مدمرة.

وفي ختام اجتماع مغلق عقده مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء، أكد غوتيريش «ثقته التامة» في مبعوثه بيرتس، قائلاً: «يتعين على مجلس الأمن أن يقرر ما إذا كان يؤيد استمرار المهمة فترة إضافية، أو ما إذا كان الوقت قد حان لإنهائها». كذلك، أعرب عدد من أعضاء المجلس الآخرين عن دعمهم المبعوث الأممي. وقال نائب السفير البريطاني جيمس كاريوكي إن الأشهر الستة المقبلة ستتيح لمجلس الأمن الوقت اللازم «لتقييم تأثيرات... قدرة (يونيتامس) على ممارسة تفويضاتها الحيوية».

فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى السودان (رويترز)

تقارير كل ثلاثة أشهر

ومن جهته، أبدى نائب السفير الأميركي روبرت وود «أسفه لأن هذا المجلس عجز عن التوصل إلى إجماع على تفويض محدّث». وأمل أن يوافق المجلس في الأشهر المقبلة على قرار «يمكّن البعثة من تقديم دعم أفضل لإنهاء النزاع وحماية حقوق الإنسان ووصول المساعدة الإنسانية بلا عوائق». ويدعو القرار، الذي جرى تبنيه مساء الجمعة، الأمين العام إلى مواصلة تقديم تقارير بشأن المهمة في السودان كل ثلاثة أشهر. ويتوقع أن يصدر التقرير المقبل في 30 أغسطس (آب).

وبيرتس الذي كان موجوداً في نيويورك عندما اتهمه البرهان بتأجيج النزاع، يتوقع أن يعود «إلى المنطقة» في الأيام المقبلة، وهو سيزور أديس أبابا للقاء مسؤولين في الاتحاد الأفريقي، وفق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق. وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) أنشئت في يونيو (حزيران) 2020 لدعم العملية الديمقراطية الانتقالية بعد نحو عام على إطاحة الرئيس السابق عمر البشير، وكان يجري تجديد تفويضها سنوياً لمدة عام.

الهجمات على المدنيين

ودعا مجلس الأمن الدولي أيضاً طرفي الصراع في السودان إلى وقف الأعمال القتالية، وذلك في ظل استمرار المعارك في العاصمة الخرطوم بعد انهيار محادثات استهدفت الحفاظ على وقف إطلاق النار، وتخفيف أزمة إنسانية. وجاء في بيان صحافي وافق عليه المجلس المكون من 15 عضواً في نيويورك، أن المجلس يعبر عن «القلق البالغ» إزاء الاشتباكات، وأدان جميع الهجمات على المدنيين وموظفي الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية. وذكر البيان أن المجلس «شدد على ضرورة قيام الجانبين بوقف الأعمال القتالية على الفور، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، ووضع ترتيب دائم لوقف إطلاق النار، واستئناف العملية نحو التوصل إلى تسوية سياسية دائمة وشاملة وديمقراطية في السودان».


محامون: 80 % من معتقلي السجون الحوثية خارج القانون

منظومة الحوثي فرضت سيطرة كاملة على القضاة (إعلام حوثي) 
منظومة الحوثي فرضت سيطرة كاملة على القضاة (إعلام حوثي) 
TT

محامون: 80 % من معتقلي السجون الحوثية خارج القانون

منظومة الحوثي فرضت سيطرة كاملة على القضاة (إعلام حوثي) 
منظومة الحوثي فرضت سيطرة كاملة على القضاة (إعلام حوثي) 

قدّر محامون يمنيون نسبة المحتجزين لدى الحوثيين خارج إطار القانون بـ80 في المائة من المساجين بمختلف مناطق سيطرة الميليشيات.

الاتهامات للجماعة الانقلابية، جاءت في وقت يواصل فيه محمد علي الحوثي (ابن عم زعيم الجماعة) السيطرة على السلطة القضائية وإدارتها في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشياته.

ووفق المحامين الذين تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم خشية البطش بهم، فإن التقديرات لديهم تفيد بأن نحو 80 في المائة من السجناء لا يوجد بحق أي منهم أمر باستمرار حبسه إلى ما لا نهاية، وأن كل سجين منهم لم يصدر بحقه قرار من النيابة أو من المحكمة بتمديد فترة حبسه.

وأضافوا أن كثيراً من السجناء لديهم أوامر خطية من النيابة بالإفراج، إما لانتهاء فترة حبسهم احتياطياً، أو لانتهاء فترة العقوبة المحكوم بها عليهم، لكن مسؤولي السجون لا يفرجون عنهم.

عَقد من السجن

ذكر المحامون أن المستثمر رفيق الشرعبي أمضى حتى الآن 10 أعوام خلف القضبان دون قرار باستمرار حبسه منذ بداية نظر المحكمة في قضيته مع آخر ينازعه في ملكية المشروع الاستثماري، وأن القضاة يتهربون من مسؤولية حبسه خارج القانون.

وأوضح المحامون أن مشكلة هذا العدد الكبير من السجناء سببه إصدار أعضاء النيابة العامة والقضاة في تلك المناطق أوامر بسجن الأشخاص عند بداية التحقيق، ومن ثم يتركونهم دون قرار، سواء بالإفراج عنهم أو باستمرار حبسهم، حيث يصبح خروجهم مرهوناً بقدرتهم ونفوذهم على إنهاء تلك المظلومية بأنفسهم.

من جهته، أعلن المستثمر الشرعبي، في بلاغ وزّع على وسائل الإعلام، إضرابه عن الطعام حتى تحقيق مطالبه بالعدالة وفقاً للقانون والدستور، واتهم النيابة والمحكمة بالعاصمة صنعاء بمصادرة تلك الحقوق.

منظومة الحوثي فرضت سيطرة كاملة على القضاة (إعلام حوثي)

وأكد أنه أسس المستشفى الاستشاري اليمني في عام 2009، وظل تحت التأسيس حتى الافتتاح في 2011، وأن شخصاً آخر قام بتزوير اتفاق شراكة بمساعدة أحد القضاة، وفي عام 2014 تم إيداعه السجن بناء على تلك الوثائق المزورة، في حين رفضت المحكمة الفصل في دعوى التزوير التي أقامها على غريمه، مشيراً إلى أنه لا يزال في السجن حتى اليوم، بحسب ما جاء في البلاغ.

وشكا الرجل من مصادرة كل ممتلكاته، وقال إنه لم يجد وسيلة للفت أنظار الرأي العام إلى معاناته سوى الإضراب عن الطعام، مطالباً بفتح باب المرافعة والفصل بالطلبات، وتعيين محاسب قانوني، والفصل بدعوى التزوير الفرعية، وكذلك السماح بتقديم ما بقي لديه من وثائق، والسماح له بتصوير محاضر الجلسات، مطالباً بمحاكمة علنية، ومراجعة الإجراءات كلها.

إخفاء محامٍ وأسرته

في سياق الانتهاكات الحوثية، ذكرت مصادر قضائية أن رئيس محكمة تخضع لسلطة الميليشيات أقدم على اعتقال المحامي عارف القدسي، وأخفى بعد ذلك أسرته، وأمر بمصادرة منزله على أثر خلاف نشب بين المحامي وقاضٍ آخر يعمل لدى المحكمة التي يرأسها، في حين أن النزاع بين المحامي والقاضي لا يزال منظوراً أمام المحكمة العليا.

وأوضح مقربون من القدسي أن أسرته تعرضت أيضاً للإخفاء منذ نهاية الأسبوع الماضي، إثر مداهمة المنزل الواقع في الحي الغربي من صنعاء من قبل قوات أمنية بموجب أمر من رئيس المحكمة.

وقال أقارب المحامي إنهم لم يتمكنوا من معرفة مكان إخفاء الأسرة، مؤكدين أن الشرطة الخاضعة للحوثيين رفضت تحرير بلاغ بالواقعة بسبب مطالبتها بحضور أحد الأقارب من الدرجة الأولى، وأشاروا إلى أن منزل المحامي تعرّض للنهب، كما تم العبث بمحتوياته.

تلفيق التهم

كان محامٍ آخر وزّع شكوى امرأة من منطقة مران في محافظة صعدة مع أولادها، تناشد فيها عبد الملك الحوثي زعيم الميليشيات الإفراج عن زوجها الموضوع في السجن منذ 3 سنوات، الذي تمت محاكمته بتهم مفبركة دبرها جهازا الأمن والمخابرات.

وأكد المحامي أن رئيس المحكمة المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة منع أي محامٍ من الدفاع عنه، وبحسب ما يقوله المحامي وأسرة الرجل فإنه تعرض للتعذيب والتنكيل، في حين أنه يعول أسرة مكونة من زوجة و11 ولداً.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية المتحكم بالقضاء (تويتر)

ويسيطر القيادي محمد الحوثي على جهاز القضاء في مناطق سيطرة الميليشيات بعد أن استحدث لنفسه ما سمّاها «المنظومة العدلية»، التي لا يوجد لها سند في القانون أو الدستور، ومن خلالها قام بإزاحة المئات من محرري العقود القانونية، وفرض مراقبة ميدانية على القضاة، ومحاسبة العاملين في المحاكم.


1800 قتيل منذ اندلاع النزاع في السودان

تصاعد الدخان جراء النزاع في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء النزاع في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

1800 قتيل منذ اندلاع النزاع في السودان

تصاعد الدخان جراء النزاع في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء النزاع في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)

قال الهلال الأحمر السوداني إن القتال المستمر في السودان في الخرطوم ودارفور أرغم المتطوعين على دفن 180 قتيلا انتُشلت جثثهم من مناطق القتال، من دون التعرف على هوياتهم.

وقال الهلال الأحمر في بيان إنه منذ اندلاع القتال في 15 أبريل (نيسان)، دفن متطوعون 102 جثة مجهولة الهوية في مقبرة الشقيلاب بالعاصمة و78 جثة أخرى في مقابر بدارفور.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها، أن أكثر من 1800 شخص قُتلوا منذ اندلاع القتال.
وقال مسعفون ووكالات إغاثة مراراً وتكراراً إن عدد القتلى الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير، لوجود جثث في مناطق لا يمكن الوصول إليها.

وقتل المئات من المدنيين وأضرمت النيران في القرى والأسواق ونُهبت منشآت الإغاثة، ما دفع عشرات الآلاف إلى البحث عن ملاذ في تشاد المجاورة.

تعهد كل من قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه الذي يخوض الحرب ضده، محمد حمدان دقلو، مراراً بحماية المدنيين وتأمين الممرات الإنسانية.

وقال الهلال الأحمر الذي يتلقى الدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن متطوعيه وجدوا صعوبة في التنقل في الشوارع لانتشال الجثث «بسبب القيود الأمنية».

في محادثات وقف إطلاق النار في السعودية الشهر الماضي، اتفق الطرفان المتحاربان على تمكين الجهات الفاعلة الإغاثية، مثل الهلال الأحمر السوداني و/أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من «جمع الموتى وتسجيلهم ودفنهم بالتنسيق مع السلطات المختصة». ولكن بفعل الانتهاكات المتكررة من كلا الجانبين، انهارت اتفاقية الهدنة.

وقطعت المياه عن أحياء بأكملها في العاصمة، ولا تتوفر الكهرباء سوى لبضع ساعات في الأسبوع، فيما توقفت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال عن تقديم خدماتها.

والوضع مروع بشكل خاص في إقليم غرب دارفور الذي يقطنه حوالي ربع سكان السودان ولم يتعافَ من حرب مدمرة استمرت عقدين وخلفت مئات الآلاف من القتلى وأكثر من مليوني نازح.


اليمن يطلب الضغط على الحوثيين لرفع القيود عن وصول السلع

 مئات الشاحنات يحتجزها الانقلابيون الحوثيون في بلدة الراهدة على الطريق بين صنعاء وعدن (تويتر)
 مئات الشاحنات يحتجزها الانقلابيون الحوثيون في بلدة الراهدة على الطريق بين صنعاء وعدن (تويتر)
TT

اليمن يطلب الضغط على الحوثيين لرفع القيود عن وصول السلع

 مئات الشاحنات يحتجزها الانقلابيون الحوثيون في بلدة الراهدة على الطريق بين صنعاء وعدن (تويتر)
 مئات الشاحنات يحتجزها الانقلابيون الحوثيون في بلدة الراهدة على الطريق بين صنعاء وعدن (تويتر)

طالب اليمن المجتمع الدولي بإلزام الانقلابيين الحوثيين برفع القيود التي فرضوها على وصول السلع الأساسية بين المحافظات المحررة وتلك الواقعة تحت سيطرتهم، وذلك بعد احتجازهم شاحنات نقل البضائع في بلدة الراهدة.

الدعوات اليمنية جاءت على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني، الذي طالب الأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي إلى ممارسة ضغوط حقيقية على الانقلابيين الحوثيين لرفع كافة القيود على تدفق السلع وحركة البضائع بين المحافظات، وإدانة هذه الممارسات التي تنذر بتداعيات اقتصادية كارثية على القطاع الخاص، وتفاقم المعاناة الإنسانية في البلاد.

وذكر الإرياني أن الانقلابيين الحوثيين يحتجزون مئات الشاحنات القادمة من ميناء عدن محملة بالدقيق، في منفذ الراهدة، ومنعوها من العبور إلى المناطق الخاضعة لسيطرتهم، في محاولة لحصر الاستيراد عبر ميناء الحديدة، مما تسبب بخسائر فادحة للتجار، وارتفاع أسعار هذه السلعة الأساسية في الأسواق المحلية في مناطق سيطرتهم.

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (سبأ)

واتهم الوزير اليمني الانقلابيين الحوثيين بالسعي إلى تحقيق مكاسب مادية من خلال هذه الإجراءات، وفرض مزيد من القيود على التجار، واحتكار استيراد السلع الأساسية عبر شركات استيراد وتجار تابعين لها، والاستمرار في سياسة التجويع والإفقار التي تنتهجها بحق المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتأكيد مسؤوليتها عن تردي الأوضاع الإنسانية.

الجباية كترغيب وترهيب

تفيد مصادر تجارية في العاصمة صنعاء أن الميليشيات الحوثية تسعى إلى إجبار مجموعة شركات هائل سعيد التجارية، وهي أكبر مجموعة تجارية يمنية؛ على إيقاف عمليات طحن الحبوب في المحافظات المحررة، وتحويل عمليات الطحن إلى مطاحن في مدينة الحديدة تحت سيطرة الميليشيات.

وطبقاً للمصادر، التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الميليشيات حددت أسعار الدقيق عبر مكاتب القطاع التجاري، الذي تسيطر عليه، وأبلغت بها الشركات التجارية، وعلى رأسها مجموعة هائل سعيد، غير أن هذه الشركات ردت بأن ما تطلبه الميليشيات مجحف ويتسبب لها بخسائر كبيرة، خصوصاً مع تكلفة النقل عبر البحر إلى ميناء الحديدة، وأن الأسعار المحددة ستعود عليها بالخسائر.

إلا أن الميليشيات أصرت على موقفها، وضاعفت من الجبايات التي تفرضها على الشركات التجارية التي تنقل بضائعها من ميناء عدن براً، ووعدت الشركات والتجار الذين يستوردون عبر ميناء الحديدة بتخفيض الجبايات المفروضة عليهم.

وتواصل ميليشيات الحوثي منذ أسبوعين احتجاز أكثر من 300 من شاحنات القمح القادمة من ميناء العاصمة المؤقتة في بلدة الراهدة (224 كلم جنوب العاصمة صنعاء)، حيث استحدثت منفذاً جمركياً غير قانوني للحصول على جبايات من التجار والشركات على البضائع والسلع التي تعبر البلدة قادمة من المناطق والمحافظات المحررة.

ويقول سائقو الشاحنات إن الميليشيات الحوثية ترفض الإفصاح لهم عن سبب احتجازهم ومنعهم من العبور سوى بالإعلان أن هذه أوامر وإجراءات من وزارة التجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، وأن عناصر الميليشيات في المنفذ الجمركي المستحدث تزعم لهم أن التجار أصحاب البضائع يعلمون ما هي الإجراءات التي يفترض أن يتبعونها لإيصال بضائعهم.

يقضي سائقو الشاحنات أوقاتاً صعبة في ظروف جوية سيئة أمام نقاط التفتيش الحوثية (فيسبوك)

وأبدى سائقو الشاحنات قلقهم من تلف القمح والدقيق بسبب ارتفاع درجات الحرارة وهطول الأمطار الغزيرة التي تشهدها البلاد منذ أسابيع، مستغربين من هذه الإجراءات التي تأتي برغم دفع وتسديد كامل الرسوم التي فرضتها الميليشيات بحكم الأمر الواقع.

وحذر السائقون من أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى نقص المعروض من الدقيق والقمح في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات وبالتالي ارتفاع أسعاره، نظراً لاحتجاز هذه الكميات الكبيرة في منفذ الراهدة، واحتمالية تعرضها للتلف وارتفاع أجور نقلها بسبب زيادة المصاريف الشخصية للسائقين مع مكوثهم في المنفذ لوقت طويل.

الهيمنة على الاقتصاد

ولقيت هذه الإجراءات استنكاراً محلياً، بما في ذلك في أوساط الميليشيات الحوثية نفسها، مفصحة عن الخلافات التي تتصاعد بين أجنحة الميليشيات وقادتها وتسابقهم على النفوذ.

وانتقد عضو ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى للميليشيات، سلطان السامعي، قرار احتجاز شاحنات الدقيق في منفذ الراهدة، متسائلاً عن الإصرار على ذلك والسعي لممارسة التجويع الشعب، واصفاً القرار بـ«حكم قراقوش»، في تعبير عن مفاقمة الميليشيات لتعسفاتها.

وأشار السامعي إلى أن الميليشيات تهدف إلى إلزام التجار بنقل الدقيق من عدن عبر البحر وإدخاله من ميناء الحديدة، وجاءت ردود فعل مؤيدة لموقفه، خصوصاً من الشخصيات الاجتماعية والسياسية المؤيدة للميليشيات من محافظة تعز، التي عبرت عن غضبها من التعسفات التي تتعرض لها مجموعة شركات هائل سعيد التجارية، التي قالت إن دوافعها مناطقية.

وتأتي هذه الممارسات الحوثية ضد شاحنات القمح والمواد الأساسية ضمن موجة استهداف القطاع التجاري الخاص، والتضييق على الشركات والتجار وكبريات المجموعات التجارية.

واتخذت الميليشيات الحوثية إجراءات انقلابية ضد الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية، من خلال اقتحام مقر الاتحاد وتعيين تابعين لها بدلاً عن قيادته في إجراءات قالت الحكومة اليمنية إنها تؤكد مضي الميليشيات في مخططها لتدمير القطاع الخاص والقضاء على البيوت التجارية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، لصالح شركات ومستثمرين موالين لها.

وطبقاً لتصريحات وزير الإعلام الإرياني؛ فإن الميليشيات الحوثية تهدف إلى السيطرة الكلية على القطاع التجاري، والتحكم بالاقتصاد الوطني دون أي اكتراث بالأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة، والإمعان في إجراءاتها التعسفية تجاه القطاع الخاص والشركات التجارية دون مسوغ قانوني أو أحكام قضائية.

وأهاب الإرياني وفقاً لـ«سبأ» بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص عدم الوقوف موقف المتفرج إزاء ما وصفها بالحرب المفتوحة التي دشنتها ميليشيات الحوثي على البيوت التجارية ورؤوس الأموال التي صمدت واستمرت في نشاطها التجاري رغم الظروف الصعبة، واتخاذ خطوات عملية لوقف التدمير الممنهج الذي تمارسه بحق القطاع الخاص، مما يهدد بانهيار الأوضاع الاقتصادية ويفاقم المعاناة الإنسانية.

يواصل الانقلابيون الحوثيون ابتزاز التجار والشركات بمبرر مخالفة القائمة السعرية (إعلام حوثي)

وجاءت الإجراءات الانقلابية الحوثية على اتحاد الغرف التجارية والصناعية اليمنية عقب بيان صادر عن الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية حول إجراءات الميليشيات ضد القطاع الخاص وإغلاق شركات ومنشآت تجارية في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات وتحذيره من وقوع كارثة اقتصادية وتوقف استيراد البضائع والإضرار بمخزون السلع والمواد الأساسية، ونزوح وهجرة رأس المال الوطني بحثاً عن أمان تجاري واقتصادي.

حقائق

300 شاحنة قمح

كانت في طريقها من عدن إلى صنعاء واحتجزها الحوثيون منذ أسبوعين

وفي حين تزعم الميليشيات الحوثية أنها ومن خلال تلك الإجراءات، تسعى لمنع التلاعب بأسعار المواد الأساسية، أكد اتحاد الغرف التجارية والصناعية أن القطاع الخاص يعمل على مراجعة أسعاره صعوداً وهبوطاً وفقاً لمتغيرات الأسعار العالمية، ومسبباتها مثل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

وتترافق هذه الإجراءات الحوثية مع تحذيرات دولية من حدوث المزيد من التدهور للاقتصاد المحلي، مما يهدد بزيادة المعاناة الإنسانية وانعدام الأمن الغذائي، وزيادة معدلات الفقر، خصوصاً وأن البلاد تعتمد على الاستيراد في تلبية حاجاتها الغذائية.

وسبق للميليشيات الحوثية احتجاز عشرات الشاحنات المحملة بالبضائع والسلع الأساسية في منفذيها الجمركيين غير القانونيين في منطقتي الراهدة التابعة لمحافظة تعز، وعفر في محافظة البيضاء، أواخر مارس (آذار) الماضي، بعد أن اتخذت قراراً بمنع القطاع الخاص من إدخال البضائع والسلع إلى مناطق سيطرتها إلا عبر ميناء الحديدة، الذي تسيطر عليه.