تترقب الأوساط السياسية والإعلامية في الجزائر القرار الذي ستتخذه «سلطة ضبط السمعي البصري»، بعد أن طلبت توضيحات من التلفزيون الحكومي، بعد ظهور رمز حركة انفصالية مصنفة منظمة إرهابية في عمل درامي. ويأتي ذلك في وقت تشن فيه السلطات حرباً كبيرة على التنظيم، بدأت منذ عامين، حيث سجنت العشرات من نشطائه، وأصدرت مذكرة اعتقال دولية ضد زعيمه المقيم بالخارج.
وأثار مشهد اسم «ماك»، وهو اختصار لحركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل، على جدار حي شعبي كبير بالعاصمة الجزائرية في مسلسل يحمل اسم «الدامة» (لعبة شعبية)، ردود فعل ساخطة وجدلاً حاداً دفع «سلطة ضبط السمعي - البصري» المكلفة بمراقبة كل ما تبثه القنوات التلفزيونية والإذاعية إلى إصدار بيان، جاء فيه أنها «سجلت من خلال متابعتها لأحد برامج التلفزيون العمومي، المتمثل في مسلسل (الدامة) في أولى حلقاته، في الدقيقة 19:45، مشهداً يظهر فيه جدار بإحدى الأسواق بباب الواد بالعاصمة، مكتوب عليه اسم حركة انفصالية مصنفة منظمة إرهابية».
وأوضحت سلطة الضبط أنها «ستتخذ الإجراءات اللازمة على ضوء ما سيقدمه التلفزيون العمومي من توضيحات». لكن حتى يوم أمس لم يصدر عن مديرية «المؤسسة العمومية للتلفزيون» (التسمية الرسمية للتلفزيون الجزائري)، «التوضيح» الذي طلبته «سلطة الضبط».
من جهته، صرّح مخرج السلسلة يحيى مزاحم للصحافة بأنه لم ينتبه لاسم الحركة الانفصالية عندما كان يصور مشاهد الفيلم بالحي الشعبي. كما أنه لم ينتبه إلى ذلك عند مراجعة المسلسل، و«إلا كنا تصرفنا بطريقة أخرى». وقال إن «الأمر لا يستدعي كل هذا الجدل وردود الفعل الحادة».
وأخذت القضية أبعاداً أخرى في اليومين الماضيين، حينما تلقفها أحد البرلمانيين، مطالباً بنزول وزير الاتصال محمد بوسليماني إلى النواب ليقدم بدوره «توضيحات» بخصوص «تقصير سلطة الضبط في القيام بمهمتها في الرقابة القبلية والبعدية للأعمال، التي تبث في التلفزيون». وأكد البرلماني أنه «من غير المقبول أن يظهر رمز حركة محظورة في عمل تلفزيوني، من دون أن تنتبه سلطة الضبط إلى ذلك». علماً بأن قانون الإعلام يحصر مهمة هذا الجهاز في المراقبة البعدية فقط. وقد سبق أن تدخل بإصدار عقوبات وصلت إلى حد إغلاق قنوات خاصة، على أساس بث مواد «منافية للأخلاق والآداب العامة»، وأنها تتضمن «مساساً بالعقيدة والثوابت»، وأن بعضها «لا يتماشى والسياسة الخارجية للبلاد».
ولم تقتصر انتقادات النواب على ظهور رمز «ماك»، فقد تعدتها إلى التهجم على مخرج «الدامة»، بذريعة «العنف الذي يتضمنه المسلسل»، الذي أثار ردود فعل متباينة، بين مدافع عن «حرية الإبداع» ومشجع على «تفعيل مقص الرقابة».
وأعاد الجدل حول المسلسل إلى الواجهة «قضية التنظيم الانفصالي»، في وقت كانت فيه السلطات تحرص على طيها نهائياً، خصوصاً بعد أن أدان القضاء في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 49 من نشطائه بالإعدام، حسب لائحة الاتهامات، وذلك لضلوعهم في مقتل ثلاثيني والتنكيل بجثته في حرائق القبائل الشهيرة، صيف 2021. كما أصدرت مذكرة اعتقال دولية بحق رئيس «الحكومة المؤقتة للقبائل» فرحات مهني، اللاجئ بفرنسا، الذي اتهمته السلطات بـ«تدبير» الحرائق المهولة التي خلفت عشرات القتلى، ودماراً كبيراً في الممتلكات وفي الثروة الحيوانية والغابية.
جدل حاد في الجزائر بسبب ظهور رمز تنظيم انفصالي في عمل فني

صورة لزعيم «ماك» فرحات مهني نشرها على حسابه بـ«فيسبوك»
جدل حاد في الجزائر بسبب ظهور رمز تنظيم انفصالي في عمل فني

صورة لزعيم «ماك» فرحات مهني نشرها على حسابه بـ«فيسبوك»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة