العالم يتنفس هواءً ملوثاً

تشديد دولي على المعايير... ومراجعات عربية

منظر للمنطقة التجارية المركزية في بكين خلال عاصفة ترابية في 10 مارس الماضي (أ.ب)
منظر للمنطقة التجارية المركزية في بكين خلال عاصفة ترابية في 10 مارس الماضي (أ.ب)
TT
20

العالم يتنفس هواءً ملوثاً

منظر للمنطقة التجارية المركزية في بكين خلال عاصفة ترابية في 10 مارس الماضي (أ.ب)
منظر للمنطقة التجارية المركزية في بكين خلال عاصفة ترابية في 10 مارس الماضي (أ.ب)

لا يزال تلوث الهواء أحد أكبر المخاطر على الصحة العامة؛ ففي كل سنة يتسبب تدني نوعية الهواء بنحو 7 ملايين وفاة حول العالم، وخسائر اقتصادية إجمالية تعادل أكثر من 8 تريليونات دولار. ويؤدي التعرض لتلوث الهواء إلى حدوث العديد من الحالات المرضية وتفاقمها، كالربو والسرطان وأمراض الرئة والقلب والوفاة المبكرة.
وفي أكثر من مكان، يسعى صانعو السياسات إلى التشدُّد أكثر فأكثر في معايير جودة الهواء، من أجل تخفيف الأعباء الصحية والإقلال من الوفيات. ومع ذلك، لا تزال مجمل المدن حول العالم تعاني من ارتفاع مؤشرات التلوث على نحو كبير يتجاوز المسموح به بعدة أضعاف.
- تشدد دولي في المعايير
ينشأ تلوث الهواء عن ارتفاع تراكيز الجسيمات العالقة وبعض أنواع الغازات ذات الأثر السلبي. ويمكن أن ينتج التلوث عن الأنشطة البشرية، كدخان المصانع والسيارات، أو عن المصادر الطبيعية، كالعواصف الرملية وانبعاثات البراكين. وتشمل الملوثات الرئيسية الجسيمات الدقيقة العالقة في الهواء، التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرون أو أقل، والأوزون الأرضي، وثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد النيتروجين.
علاوة على ذلك، تساهم مجموعة من المركبات في تكوين الجسيمات العالقة والأوزون في الغلاف الجوي، من بينها المركبات العضوية المتطايرة والأمونيا والميثان والكربون الأسود وأكاسيد النيتروجين. كما يوجد العديد من ملوثات الهواء السامة للإنسان والنظم البيئية، مثل البنزن والمعادن الثقيلة والهيدروكربونات العطرية.
وتعد جودة الهواء مشكلة عابرة للحدود، حيث تؤدي تيارات الغلاف الجوي إلى نقل الملوثات بعيداً عن مصادرها. وخلال ذلك، يمكن للتفاعلات الكيميائية والعمليات الفيزيائية أن تعيد تكوين خليط ملوثات الهواء وتشكل مزيج تلوث جديد يؤثر على نوعية الهواء المحلية والإقليمية والدولية.
وتمتد تعقيدات تلوث الهواء من آثاره الصحية على الإنسان إلى مخاطره على المناخ العالمي والموارد البيئية. وتظهر هذه التأثيرات في الأحداث الجوية غير المتوقَّعة، وتعطيل هطول الأمطار والأنماط البيولوجية، وانخفاض إنتاج الطاقة والمحاصيل؛ فعلى سبيل المثال، يتسبب المطر الحمضي، الذي يتشكل عندما يتفاعل ثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت مع هطول الأمطار، في تحمض وزيادة المغذيات في النظم البيئية وتدهور البيئة العمرانية. كما أن الغطاء النباتي حساس للأوزون الذي يؤثر على صحته وقدرته في مواجهة الأمراض.

ضباب ناجم عن دخان المركبات والمولدات الخاصة يغطي أفق بيروت في أكتوبر 2019 (غيتي)

وفي سعيها لخفض المخاطر الصحية لتلوث الهواء والحد من مشكلاته، أصدرت «منظمة الصحة العالمية» تعديلاً على إرشادات جودة الهواء في سبتمبر (أيلول) 2021، في خطوة تُعتبر أول تحديث لهذه المعايير منذ 15 عاماً. وتتوقع المنظمة الدولية أنه يمكن تجنُّب نحو 80 في المائة من الوفيات المرتبطة بالجسيمات العالقة، إذا نجح العالم في تلبية الإرشادات الجديدة.
وتشمل هذه التعديلات، على سبيل المثال، خفض الحد الأعلى للانبعاث السنوي الموصى به فيما يخص الجسيمات العالقة من 10 إلى 5 ميكروغرامات في المتر المكعب، وتعيين الحد الأقصى لتركيز الأوزون الأرضي خلال موسم الذروة (6 أشهر تلي أعلى متوسط لتركيز الأوزون) بمقدار 60 ميكروغراماً في المتر المكعب، وخفض تركيز ثاني أكسيد النيتروجين الموصى به من 40 إلى 10 ميكروغرامات في المتر المكعب سنوياً.
ولا تُعتبر إرشادات جودة الهواء الصادرة عن «منظمة الصحة العالمية» معياراً أو وثيقة ملزمة قانوناً. ومع ذلك، تشير كثير من الهيئات التشريعية حول العالم إلى المبادئ التوجيهية لـ«منظمة الصحة العالمية»، عند وضع السياسة القانونية لمكافحة الملوثات المحمولة جواً. ولذلك فإن التعديل الجديد الذي تبنته المنظمة يدخل تلقائياً في التشريع الوطني للعديد من البلدان.
وحتى في الدول التي تتبنى معاييرها الخاصة بجودة الهواء، تمثل التعديلات الجديدة حافزاً للتحرك من أجل مواكبة التوجه العالمي. وعلى سبيل المثال، أعلنت «وكالة حماية البيئة الأميركية»، في فبراير (شباط) 2023، عن مقترح لتعزيز المعايير الوطنية لجودة الهواء المحيط، من خلال خفض معيار الحد الأعلى لتركيز الجسيمات العالقة من 12 إلى ما بين 9 و10 ميكروغرامات في المتر المكعب سنوياً.
وفيما لا يزال المعيار المقترح يمثل ضعف معيار «منظمة الصحة العالمية»، فإن تأثيره سيكون كبيراً على الولايات المتحدة، لا سيما في النصف الشرقي من البلاد، حيث تُعتبر جودة الهواء حرجة، وفق المعايير الوطنية الحالية. ويُعد تعزيز معايير الهواء في الولايات المتحدة حافزاً تنظيمياً جديداً للتخلي عن استخدام الفحم في محطات الطاقة، ولتحسين أداء المحطات التي تعمل على الغاز. وتكون السلطات، في الولايات التي تعاني من تلوث الهواء، مطالَبة بوضع خطة امتثال للمعايير الوطنية.
وفي «الاتحاد الأوروبي»، تم الإعلان في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 عن مقترح لقواعد جديدة تهدف إلى تحسين جودة الهواء حتى سنة 2030، وذلك في إطار «الصفقة الخضراء»، من أجل أوروبا خالية من التلوث بحلول 2050. وتلحظ القواعد المقترحة لسنة 2030 خفض معيار الحد الأعلى لتركيز الجسيمات العالقة من 25 إلى 10 ميكروغرامات في المتر المكعب سنوياً، وخفض معيار تركيز ثاني أكسيد النيتروجين من 40 إلى 20 ميكروغراماً في المتر المكعب سنوياً.
ولا تزال القواعد الأوروبية المقترحة لسنة 2030 تمثل أيضاً ضعف توصيات «منظمة الصحة العالمية». ووفقاً لآخر بيانات المنظمة لمؤشرات تلوث الهواء في المدن (2019)، فإن 22 في المائة فقط من المدن الأوروبية تستوفي الحد الأعلى المقترح لتركيز الجسيمات العالقة، بينما تحقق 84 منها الهدف المقترح لتركيز ثاني أكسيد النيتروجين.
وتشير دراسة صدرت في دورية «نيتشر»، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، إلى أن الجسيمات العالقة على صلة بنحو 90.4 في المائة من جميع وفيات تلوث الهواء في أوروبا بين عامي 1990 و2019. ويتوقع «الاتحاد الأوروبي» أن تخفض القواعد الجديدة أعداد الوفيات المبكرة بسبب تلوث الهواء بنسبة 55 في المائة على الأقل بحلول 2030، بما يعني إنقاذ حياة أكثر من 150 ألف شخص سنوياً.
وفي الصين، دعا فريق مكلف من قبل «البرنامج الوطني لأبحاث التلوث» إلى مراجعة المعايير الوطنية لتلوث الهواء وتحسين الحماية القانونية لصحة الإنسان. وتعتمد الصين حالياً هدفاً مؤقتاً لتركيز الجسيمات العالقة يبلغ 35 ميكروغراماً في المتر المكعب سنوياً، وهو بعيد جداً عن توصيات «منظمة الصحة العالمية».
وتشير تقديرات أميركية إلى أن تلوث الهواء في الصين تسبب بنحو 1.4 مليون وفاة مبكرة في عام 2019 وحده.
وفي دول «مجلس التعاون الخليجي»، تعمل لجنة منبثقة عن «الخطة الاستراتيجية 2020 - 2024» للوزراء المسؤولين عن شؤون البيئة على تحديث اللائحة التنفيذية الاسترشادية لجودة الهواء المحيط في دول المجلس، بالتعاون مع «برنامج الأمم المتحدة للبيئة» (يونيب). وتتبنى اللائحة التنفيذية الحالية لجودة الهواء في السعودية تركيز 15 ميكروغراماً في المتر المكعب سنوياً للجسيمات العالقة، وهي تستثني مساهمة المصادر الطبيعية، كالغبار الجوي، عند احتساب التجاوزات.
- تلوث الهواء في البلدان العربية يزداد
إذا جرى القياس وفق معايير «منظمة الصحة العالمية» لعام 2021، على قاعدة بيانات جودة الهواء في المدن حول العالم (بيانات 2019)، ستكون النتيجة أن جميع سكان العالم تقريباً يتنفسون هواءً ملوثاً. وتُظهر دراسة، نشرتها دورية «ذا لانسيت بلانيتاري هيلث» في مارس (آذار) 2023، أن 0.18 في المائة من مساحة اليابسة، وواحداً من بين مائة ألف إنسان يتعرضون لمستويات من تركيز الجسيمات العالقة تحقق معايير منظمة الصحة العالمية.
وتشير الدراسة إلى انخفاض المستويات اليومية لتلوث الهواء في أوروبا وأميركا الشمالية خلال الأعوام بين 2000 إلى 2019، في حين زادت مستويات التلوث اليومي في جنوب آسيا وأستراليا ونيوزيلندا وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وتُبين الدراسة أن تلوث الهواء بالجسيمات العالقة في أكثر من 255 يوماً خلال عام 2019 على مستوى العالم كان يشهد مستويات أعلى مما هو آمن.
وكان تقرير «الصحة والبيئة في الدول العربية»، الذي أصدره «المنتدى العربي للبيئة والتنمية» (أفِد) في 2020، حذر من أن الانبعاثات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زادت بمقدار 5 أضعاف خلال العقود الثلاثة الماضية، بسبب زيادة الطلب على المياه والطاقة والنقل. وفي السعودية والبحرين والكويت والإمارات ارتفعت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل 6 في المائة سنوياً بين سنتي 2005 و2014، جنباً إلى جنب مع ارتفاع إجمالي الناتج المحلي وزيادة استهلاك الطاقة.
وتؤدي هيمنة سيارات الركاب الخاصة على وسائط النقل في البلدان الخليجية إلى مضاعفة مشاكل الازدحام المروري وزيادة الانبعاثات، علماً بأن المركبات على الطرق العامة في معظم بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مسؤولة عن 59 في المائة من انبعاثات أكاسيد النيتروجين في المنطقة، وهي أيضاً تنتج 90 في المائة من ثاني أكسيد الكربون و75 في المائة من المركبات العضوية المتطايرة غير الميثانية.
ويعكس التقرير العالمي لجودة الهواء 2022، الذي تصدره شركة سويسرية تهتم بتكنولوجيا جودة الهواء، ارتفاع مؤشر التلوث بالجسيمات العالقة في الدول العربية العشر التي شملها التقرير، وهي السعودية ومصر والسودان والجزائر والعراق وسوريا والإمارات والكويت وقطر والبحرين.
وتراوحت هذه التراكيز، مقاسة بالميكروغرام في المتر المكعب سنوياً، بين 80.1 في العراق، الذي حل في المرتبة الثانية عالمياً في تلوث الهواء عام 2022 بعد تشاد، و20 و17.1 في سوريا والجزائر على التوالي. وكان تركيز الجسيمات العالقة في البحرين 66.6 (المركز الرابع عالمياً)، وفي الكويت 55.8 (المركز السابع عالمياً)، في حين حققت باقي البلدان تراكيز تراوحت بين 41.5 و46.5.
ويرتبط تراجع جودة الهواء في العراق وباقي الدول الخليجية خلال عام 2022 إلى حدٍ كبير بالأحوال الجوية والجفاف الذي زاد من نسبة الغبار المعلق في الهواء. وفي المقابل، يرتبط الانخفاض النسبي لتلوث الهواء في سوريا بحالة الحرب التي حدت بشكل كبير من الأنشطة البشرية.
إن تحسين نوعية الهواء في العالم العربي يتطلب مراجعة دقيقة للإطار التشريعي من أجل تعزيز متطلبات الصحة العامة وتحقيق أداء أفضل لمصادر التلوث. كما ينبغي الحزم في إجراءات معاقبة الملوثين عبر تطبيق القوانين بطريقة فاعلة، ووضع قوائم أولويات لتقييم المخاطر الصحية على أساس رصد الهواء، واعتماد خطوات إجرائية توازن بين تراكيز الملوثات والاستجابة للمخاطر الصحية.


مقالات ذات صلة

قرود وغوريلا وفهود «ورقية» من أفريقيا إلى القطب الشمالي

يوميات الشرق علَّ الصرخة تصل (أ.ب)

قرود وغوريلا وفهود «ورقية» من أفريقيا إلى القطب الشمالي

هذه الحيوانات ستُجبر على مغادرة موائلها الطبيعية بسبب الاحتباس الحراري، وستنزح نحو الشمال، حيث تمرُّ عبر مدن عدّة في طريقها وتنضم إليها حيوانات أخرى.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
علوم جزيرة العرب مرت بحقبات خضراء في الأزمان الماضية

دراسة علمية: جزيرة العرب ظلت يانعة لفترات طويلة

تكاد شبه الجزيرة العربية اليوم تكون صحراء قاحلة، لكنها كانت خضراء وخصبة مرات عديدة خلال الثمانية ملايين سنة الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مواطنون يحتمون من الشمس في الهند (أ.ف.ب)

درجات الحرارة العالمية تسجل مستويات قياسية في شهر مارس

بقيت درجات الحرارة العالمية عند مستويات مرتفعة تاريخياً في مارس، ما يشكّل استمراراً لقرابة عامَيْن من الحرّ غير المسبوق الذي يشهده الكوكب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ مواطنة أميركية تنظر إلى نهر ليكينغ وهو يرتفع ويبدأ في إغراق قبو منزلها في فالموث بولاية كنتاكي (أ.ف.ب)

فيضانات مفاجئة وأعاصير تضرب أجزاء من أميركا... ووقوع قتلى (صور وفيديو)

ضربت موجة أخرى من الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة أمس (السبت) أجزاء من الجنوب والغرب الأوسط للولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (تينيسي )
يوميات الشرق التوازن يختلّ بنفوقها (أ.ب)

نفوق صادم لمئات ملايين النحل في أميركا

تشهد صناعة تربية النحل في الولايات المتحدة أزمة بسبب النفوق الصادم وغير المبرَّر لمئات الملايين منها خلال الأشهر الـ8 الماضية.

«الشرق الأوسط» (تكساس)

مالكا منتجع بيئي في السويد يتركان خلفهما 158 برميلاً من الفضلات البشرية

المالك الجديد لمنتجع «ستدسانس» في السويد وخلفه براميل من الفضلات البشرية والعضوية تركها المالكان السابقان (موقع «داغنس نيهيتر»)
المالك الجديد لمنتجع «ستدسانس» في السويد وخلفه براميل من الفضلات البشرية والعضوية تركها المالكان السابقان (موقع «داغنس نيهيتر»)
TT
20

مالكا منتجع بيئي في السويد يتركان خلفهما 158 برميلاً من الفضلات البشرية

المالك الجديد لمنتجع «ستدسانس» في السويد وخلفه براميل من الفضلات البشرية والعضوية تركها المالكان السابقان (موقع «داغنس نيهيتر»)
المالك الجديد لمنتجع «ستدسانس» في السويد وخلفه براميل من الفضلات البشرية والعضوية تركها المالكان السابقان (موقع «داغنس نيهيتر»)

قال زوجان دنماركيان هربا من «منتجع الغابات» في السويد إلى غواتيمالا، وتركا وراءهما ديوناً ضريبية كبيرة و158 برميلاً من الفضلات البشرية والعضوية، ردّاً على الانتقادات التي وجهت لهما، إن تعاملهما مع مراحيض السماد العضوي كان «عاديّاً جدّاً».

تخلى فليمينغ هانسن وميتي هيلبيك، وكلاهما طاهيان، عن منتجعهما الذي يُزعم أنه صديق للبيئة، «ستدسانس»، في هالاند بجنوب السويد، العام الماضي، وعليهما ديون بمبالغ كبيرة للضرائب في السويد والدنمارك.

وقد تم الكشف عن قصة اختفائهما والمخلفات البشرية التي تركوها، هذا الأسبوع، بعد تحقيق أجرته صحيفتا «بوليتيكن» و«داغنس نيهيتر». كما وجد التحقيق أن الزوجين سربا مياه الصرف الصحي إلى الغابة، ما أدى لنفوق بعض الحيوانات، بالإضافة إلى التخلي عن حيوانات أخرى.

المالك الجديد لمنتجع «ستدسانس» في السويد وخلفه براميل من الفضلات البشرية والعضوية تركها المالكان السابقان (موقع «داغنس نيهيتر»)
المالك الجديد لمنتجع «ستدسانس» في السويد وخلفه براميل من الفضلات البشرية والعضوية تركها المالكان السابقان (موقع «داغنس نيهيتر»)

ووصفت السلطات المحلية تصرفات هانسن وهيلبيك بأنها «جريمة بيئية». ومع ذلك، ادعى الزوجان، يوم الخميس، أنهما كانا يتصرفان بشكل قانوني.

وتعليقاً على براميل الفضلات البشرية، قالا، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: «بالنسبة للأشخاص في المناطق الريفية في السويد، هذا أمر طبيعي جداً».

وأضافوا: «وهو أيضاً جزء مهم جداً من مبادئ الزراعة المستديمة أن تتعامل مع فضلاتك الخاصة».

وأوضحا أن المالك الجديد للمكان على علم بالبراميل ويمكن استخدامها كسماد عضوي، وتابعا: «نصفها جاهز للاستخدام هذا الربيع، والنصف الآخر سيكون جاهزاً للاستخدام خلال عام واحد، وفقاً لإرشادات القانون السويدي».

لكن دانيال هيلسينغ، رئيس قسم البناء والبيئة في السلطة المحلية، قال إن الزوجين لم يتبعا المتطلبات اللازمة لتحويل النفايات إلى سماد، موضحاً: «هناك عدد من المتطلبات التي كان يجب عليهم اتباعها ولم يفعلوا ذلك».

وأضاف أنه من الممكن تحويل الفضلات البشرية والعضوية إلى سماد، ولكن يجب أن يتم ذلك وفقاً لتعليمات السلطات المحلية.

وأضاف: «سيتعين عليهم الإبلاغ أولاً عن عزمهم على تحويل نفايات المرحاض إلى سماد، وهذا يعطينا بصفتنا سلطة محلية فرصة لوضع قواعد وإرشادات لكيفية القيام بذلك».

وقالت جمعية السياحة السويدية إنها لم تكن على دراية بالطرق المستخدمة في «ستيدسانس». وأكد متحدث باسمها: «لم أسمع قط أي شيء من هذا القبيل».

براميل من الفضلات البشرية والعضوية تركها مالكا منتجع بيئي في السويد (موقع «داغنس نيهيتر»)
براميل من الفضلات البشرية والعضوية تركها مالكا منتجع بيئي في السويد (موقع «داغنس نيهيتر»)

وقال هانسن وهيلبيك عن الموضوع الصحافي: «يزعم المقال أننا نلحق الضرر بالبيئة المحلية من خلال إجراءاتنا في منتجعنا للزراعة المستدامة، وأننا تركنا الحيوانات تموت. كل هذه الادعاءات كاذبة».

واتهم هانسن وهيلبيك السلطات المحلية بالجبن، وأكدا أن السلطات المحلية كانت على علم بمراحيضهم. وقال الزوجان إنهما عرضا المراحيض وإجراءاتها على ممثلي السلطة «عدة مرات». وأضافا: «إما أن البلدية تكذب، أو أنهم لم يقوموا بالعمل الذي دفعنا لهم للقيام به، وهو التأكد من اتباع جميع القواعد».

وقال هانسن وهيلبيك إن شركتهما قد أفلست، وإن الضرائب المتراكمة عليهما في الدنمارك «تضاعفت عشر مرات» بسبب الفوائد والرسوم على مدى عقد من الزمان. وإنهما سيكون عليهما دفع أكثر من 50 ألف كرونة دنماركية (نحو 5800 جنيه إسترليني) شهرياً للسلطات الضريبية الدنماركية حتى لا يزيد مبلغ الديون الأصلي، وهو ما أشارا إلى أنهما غير قادرين على تحمله.

وسبق أن قال الزوجين إنهما مدينان لوكالة الضرائب السويدية «بأكثر من 7 ملايين كرونة سويدية» (أكثر من 550 ألف جنيه إسترليني). وقالا إن من بين أسباب فرارهما إلى غواتيمالا هو «منح عائلتنا فرصة ثانية».