هل تنجح الدببة القطبية في خداع الاحترار؟

تغيّرات جينية تفتح باب التكيّف مع عالم أكثر دفئاً

يظهر دب قطبي أمام محطة أبحاث مهجورة بجزيرة كولوتشين قبالة تشوكوتكا في روسيا (أ.ب)
يظهر دب قطبي أمام محطة أبحاث مهجورة بجزيرة كولوتشين قبالة تشوكوتكا في روسيا (أ.ب)
TT

هل تنجح الدببة القطبية في خداع الاحترار؟

يظهر دب قطبي أمام محطة أبحاث مهجورة بجزيرة كولوتشين قبالة تشوكوتكا في روسيا (أ.ب)
يظهر دب قطبي أمام محطة أبحاث مهجورة بجزيرة كولوتشين قبالة تشوكوتكا في روسيا (أ.ب)

في وقتٍ يشهد فيه المحيط المتجمد الشمالي أعلى درجات حرارة له منذ نحو 125 ألف عام، ومع استمرار تسارع وتيرة الاحترار العالمي، تزداد المخاوف بشأن مستقبل الدببة القطبية. وتشير تقديرات علمية إلى احتمال انقراض أكثر من ثلثي هذه الحيوانات بحلول عام 2050، مع سيناريو قاتم يُرجّح اختفاءها بالكامل قبل نهاية القرن الحالي.

غير أن دراسة علمية حديثة تحمل مؤشرات مختلفة، إذ كشفت عن تغيّرات جينية قد تمنح الدببة القطبية هامشاً من القدرة على التكيّف مع البيئات الأكثر دفئاً. وخلص الباحثون إلى أن تغيّر المناخ لا يبدّل الموائل فحسب، بل يترك بصمته أيضاً على الجينوم، ما قد يساعد بعض التجمعات على الصمود في وجه الظروف القاسية، شريطة توافر الغذاء وفرص التكاثر. وفقاً لموقع «ساينس أليرت».

وأظهرت الدراسة وجود علاقة وثيقة بين ارتفاع درجات الحرارة في جنوب شرقي غرينلاند، وحدوث تغيّرات ملحوظة في الحمض النووي للدببة القطبية. فالـ«دي إن إيه»، الذي يُشكّل دليل التعليمات داخل الخلايا، لا يحدد فقط النمو والتطور، بل يتفاعل كذلك مع الضغوط البيئية عبر آليات معقدة تشمل تنشيط جزيئات وراثية تُعرف بـ«العناصر القابلة للنقل» أو «الجينات القافزة».

واعتمد الباحثون في تحليلهم على بيانات وراثية متاحة للعامة، جُمعت من عينات دم لدببة قطبية في شمال وجنوب شرقي غرينلاند. وكانت دراسات سابقة قد أظهرت أن تجمع الدببة في الجنوب الشرقي يختلف وراثياً عن نظيره في الشمال الشرقي، بعدما هاجر منه قبل نحو 200 عام ثم عاش في عزلة نسبية.

ومن خلال ربط بيانات التعبير الجيني بسجلات مناخية دقيقة صادرة عن المعهد الدنماركي للأرصاد الجوية، توصّل الفريق إلى صورة أوضح عن كيفية استجابة الجينات لارتفاع درجات الحرارة. وكشفت النتائج أن شمال شرقي غرينلاند يتمتع بمناخ أبرد وأكثر استقراراً، في حين يتسم الجنوب الشرقي بدرجات حرارة أعلى وتقلبات أشد، ما يفرض تحديات بيئية قاسية على الدببة القطبية.

وتتفاقم هذه التحديات مع التراجع السريع لحواف الغطاء الجليدي في جنوب شرقي غرينلاند، وهو ما يقلّص منصات الصيد الطبيعية التي تعتمد عليها الدببة لاصطياد الفقمات، ويدفعها إلى مواجهة نقص الغذاء والعزلة. كما تختلف طبيعة الموائل بين المنطقتين، إذ تسود التندرا القطبية المسطّحة في الشمال، مقابل تضاريس جبلية ومناخ أكثر رطوبة ورياحاً في الجنوب الشرقي.

وبيّنت الدراسة أن الضغوط البيئية الشديدة قد تُسرّع التغيرات الوراثية، عبر تنشيط واسع للعناصر القابلة للنقل، التي تشكّل نحو 38 في المائة من جينوم الدب القطبي. ولاحظ الباحثون تنشيط أكثر من 1500 عنصر من هذه العناصر لدى دببة الجنوب الشرقي، في مؤشر على تغيّرات حديثة ربما تسهم في التكيّف مع الاحترار.

وتداخل بعض هذه العناصر مع جينات مرتبطة بالإجهاد والتمثيل الغذائي ومعالجة الدهون، وهي وظائف حيوية في بيئات يندر فيها الغذاء. ويرى الباحثون أن ذلك قد يعكس تحولاً تدريجياً في نمط التغذية، إذ قد تضطر دببة الجنوب الشرقي إلى الاعتماد بدرجة أكبر على موارد نباتية متاحة في المناطق الأدفأ، بدل الاعتماد شبه الكامل على الفقمات الغنية بالدهون كما في الشمال.

وتخلص الدراسة إلى أن تغيّر المناخ لا يعيد رسم خرائط موائل الدببة القطبية فحسب، بل يدفع أيضاً إلى إعادة تشكيل جيناتها. وفهم هذه التحولات الوراثية، حسب الباحثين، يمثّل خطوة أساسية لتقييم فرص بقاء هذا النوع في عالم يزداد دفئاً، وتحديد أي التجمعات أكثر قدرة على التكيّف، وأيها يقف على حافة الخطر.


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء الكندي يقر بأن بلاده لن تحقق أهدافها المناخية

العالم رئيس الوزراء الكندي مارك كارني (رويترز)

رئيس الوزراء الكندي يقر بأن بلاده لن تحقق أهدافها المناخية

أقر رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في مقابلة بثتها «راديو-كندا» العامة الثلاثاء، بأن البلاد لن تتمكن من تحقيق أهدافها المناخية لعامي 2030 و2050.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
بيئة قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)

القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

سجّل العام المنصرم أكثر السنوات حرارة على الإطلاق في المنطقة القطبية الشمالية، وفق تقرير صادر عن وكالة أميركية مرجعية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم بحلول نهاية القرن لن يتبقى سوى 9 في المائة من الأنهار الجليدية (رويترز)

باحثون يتوقعون ذوبان آلاف الأنهر الجليدية سنوياً بحلول منتصف القرن

أظهرت دراسة حديثة أن آلاف الأنهر الجليدية ستختفي سنوياً خلال العقود المقبلة، ولن يتبقى منها سوى جزء ضئيل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الدراسة الأولى من نوعها تُثبت وجود صلة بين ارتفاع درجات الحرارة وتغير نشاط الحمض النووي في الثدييات البرية (رويترز)

دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يظهر في الحمض النووي للدببة القطبية

أظهرت دراسة حديثة أن الدببة القطبية في إحدى أسرع مناطق القطب الشمالي ارتفاعاً في درجات الحرارة تُظهر تغيرات واضحة في سلوك حمضها النووي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية- رويترز)

2025 قد يكون ضمن أكثر 3 أعوام حرارة في التاريخ

أعلنت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ -وهي وكالة تابعة للاتحاد الأوروبي- أن عام 2025 يسير في اتجاه أن يصبح واحداً من أكثر 3 أعوام حرارة منذ بدء تسجيل القياسات.

«الشرق الأوسط» (برلين)

جدل وانقسام «سوشيالي» حول تعنيف مُسن مصري لفتاة بسبب «وضعية جلوسها»

مشهد من مقطع الفيديو المتداول لمُسن مصري يعنف فتاة بسبب جلستها (فيسبوك)
مشهد من مقطع الفيديو المتداول لمُسن مصري يعنف فتاة بسبب جلستها (فيسبوك)
TT

جدل وانقسام «سوشيالي» حول تعنيف مُسن مصري لفتاة بسبب «وضعية جلوسها»

مشهد من مقطع الفيديو المتداول لمُسن مصري يعنف فتاة بسبب جلستها (فيسبوك)
مشهد من مقطع الفيديو المتداول لمُسن مصري يعنف فتاة بسبب جلستها (فيسبوك)

في مشهد لم يتجاوز ثواني معدودة، أشعل مقطع فيديو التقط داخل إحدى عربات مترو الأنفاق في مصر، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما ظهر فيه رجل مسن يُعنف سيدة بسبب وضعية جلوسها، واضعةً ساقاً فوق الأخرى خلال جلوسها أمامه.

ويظهر بالمقطع مُسن، يبدو من هيئته ولهجته أنه ينتمي إلى صعيد مصر، منفعلاً بشكل كبير على إحدى الفتيات أو السيدات بمترو الأنفاق، التي كانت تجلس في المقعد المقابل له، اعتراضاً منه على وضعية جلوسها واضعةً ساقاً فوق الأخرى أمامه، ما عدّه «قلة احترام» منها.

الواقعة، التي انتشرت سريعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، أثارت مشاعر متباينة لدى روادها، الذين تنوعت تعليقاتهم وتفسيراتهم للواقعة، ما صعد بالواقعة إلى صدارة «التريند» في مصر عبر هاتشاغ «#رجل_على_رجل».

وانقسم المستخدمون بين من دافع عن الرجل وعدّه حارساً للقيم، لكونه يدافع عن «قيم الاحترام» التي نشأ عليها، خاصة في مجتمعات الصعيد المصري، حيث تُعد وضعية الجلوس هذه أمام رجل مسن «سلوكاً غير لائق».

بينما اتهم البعض الرجل بـ«التسلط وفرض وصاية أخلاقية على الآخرين، وأنه تجاوز في حق الفتاة بمنح نفسه الحكم على أفعال الآخرين، أو تلقينهم درساً في الأخلاق».

كما دافع قطاع آخر عن الفتاة، بأن تصرفها وجلستها طبيعيان ولا تستحق التعنيف، وأن فرض «عادات قديمة» على الأجيال الجديدة لم يعد مقبولاً.

في المقابل، هاجمها متابعون لا سيما ممن ينتمون إلى جنوب البلاد، وقالوا إنها كان يجب أن تحترم المسن في جلستها واعتراضها، مُقدمين اعتذارهم للمسن.

وبين التأييد والرفض، شهدت «السوشيال ميديا» نقاشاً محتدماً حول مفاهيم الاحترام، والحرية الشخصية، والعادات المجتمعية، وحقوق الأفراد في الأماكن العامة من حيث حرية التصرف مقابل احترام الآخرين.

مشهد من مقطع الفيديو المتداول لمُسن مصري يعنف فتاة بسبب جلستها (فيسبوك)

كما رأى البعض أن المقطع المُصور يعكس صدام الأجيال في المجتمع المصري، واختلافاً في تعريف السلوك المقبول، فما يراه المسن «قلة التزام»، قد تراه الفتاة «حرية شخصية».

الدكتور خلف الله عسران، أستاذ علم نفس بجامعة جنوب الوادي المصرية، عدّ الواقعة ليست مجرد مشادة عابرة، بل هي انعكاس صارخ لفجوة القيم، وانفصال حلقات العادات والتقاليد بين جيلين في المجتمع المصري.

وفي قراءة نفسية لسلوك المسن، أوضح عسران لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أمام شخص يمثل جيلاً تربى على تقاليد تعدّ بعض السلوكيات انحلالاً أو قلة التزام، هذا الرجل لم يعتد في بيئته سواء كانت صعيدية أو ريفية على رؤية فتاة تجلس بوضعية معينة أمام شخص يكبرها سناً، وما حدث هو استفزاز لمنظومته القيمية، لذا جاء انفعاله نوعاً من الغيرة والخوف على الفتاة وعلى قيم المجتمع، وليس مجرد هجوم شخصي عليها».

ويؤكد عسران أن «الفتاة مارست سلوكاً تعتاد عليه، مما خلق لديها قناعة بأنها لم تخطئ، لكنها غفلت عن أن المجال العام له قدسية واحترام، فالحرية في جوهرها مسؤولية، وإذا خلت من القيود الاجتماعية تحولت إلى فوضى، لذا كان الأجدر بالفتاة، أن تقدر سنّ الرجل، وتغير وضعيتها بمجرد شعوره بالضيق». وفق تعبيره.

وأرجع التناقض في التعاطي مع الواقعة، إلى فجوة بين الأجيال، وتراجع القيم المجتمعية والعادات والتقاليد في القاهرة مقارنة بالأقاليم، قائلاً: «نحن أمام حلقات مفقودة من العادات انفصلت بين الأجيال، وبيئة مفتوحة للاختلاط بثقافات قد تُنسي الشباب جذورهم التربوية، لذا هناك حاجة لإعادة بناء القدوة، وتوعية الشباب بأن الاحترام قيمة عليا، خصوصاً تجاه المسنين».

يختلف في ذلك الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، الذي يرى الواقعة ليست مجرد انفعال فردي، بل «انعكاس لثقافة عدائية ضد المرأة».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما فعله هذا الرجل هو تعبير عن نظرة دونية متجذرة تجاه المرأة، ولو كان الجالس أمامه رجلاً، لما تفوه بكلمة، فهذه الواقعة تكشف عن جانب من ثقافة عدوانية كامنة ضد النساء، لا يشترط أن تكون عنفاً جسدياً مباشراً». على حد تعبيره.

واقعة المترو شهدت انقساماً سوشيالياً واسعاً (مجلس الوزراء المصري)

وأضاف أنه «حين تتراكم مثل هذه السلوكيات دون مساءلة، تصبح البيئة العامة مهيأة لتبرير العنف ضد المرأة، سواء كان تحرشاً، أو ضرباً، أو حتى قتلاً، كما رأينا في حوادث سابقة»، مُنتقداً من يبرر سلوك المسن بأنه غيرة على القيم أو دفاع عن التقاليد.

ويرى صادق أن «الواقعة مرآة لمجتمع ما زال يتسامح مع التمييز ضد النساء، ويمنح البعض الحق في فرض وصايته الأخلاقية على الآخرين في الفضاء العام»، مضيفاً: «مثل هذه السلوكيات كانت تحدث في الماضي، لكنها لم تكن تُوثق أو تُناقش علناً كما يحدث اليوم، الفرق الآن أن الكاميرات والجوالات كشفت عما كان يُمارس في الخفاء تحت غطاء الأعراف أو الصمت المجتمعي».


مصر: تأييد حبس محمد رمضان عامين مع إيقاف التنفيذ

رمضان وعد بمراعاة اختيار ملابس مناسبة لحفلاته - حسابه على «فيسبوك»
رمضان وعد بمراعاة اختيار ملابس مناسبة لحفلاته - حسابه على «فيسبوك»
TT

مصر: تأييد حبس محمد رمضان عامين مع إيقاف التنفيذ

رمضان وعد بمراعاة اختيار ملابس مناسبة لحفلاته - حسابه على «فيسبوك»
رمضان وعد بمراعاة اختيار ملابس مناسبة لحفلاته - حسابه على «فيسبوك»

قضت محكمة جنح مستأنف الدقي في الجيزة بمصر، الأربعاء، برفض استئناف الفنان محمد رمضان، وتأييد الحكم بحبسه عامين، وكفالة وغرامة مالية لإيقاف التنفيذ، وذلك بسبب نشره أغنية «رقم واحد يا أنصاص»، على قناته بموقع «يوتيوب»، ومواقع «سوشيالية»، دون الحصول على الترخيص.

وتعود الواقعة لتقديم أحد المحامين بمصر لبلاغ، اتهم خلاله محمد رمضان، بـ«نشر الأغنية التي تخالف القوانين والأعراف، وتحرض على العنف»، الأمر الذي أدى لإحالته للمحاكمة، وفق الدعوى المقدمة ضده أمام الجهات الرسمية.

وأكد محمد رمضان، حينها في بيان منسوب لمكتبه الإعلامي، أن «ما يثار حول الأغنية غير صحيح، وأنه يحترم القانون، وقد تم الحصول على جميع التراخيص لعرض الأغنية».

وأوضح المحامي المصري أيمن محفوظ، أن «محكمة جنح المستأنف قضت غيابياً بتأييد حكم محكمة أول درجة بحبسه، وذلك لعدم حضوره الجلسة التي كانت مقيدة، الأربعاء»، لافتاً إلى أنه «يحق له عمل معارضه استئناف لأنه خارج مصر، وسيقدم للمحكمة دليل عذر بذلك».

ويؤكد محفوظ لـ«الشرق الأوسط» أن «من حق محمد رمضان عمل المعارضة والاستئناف خلال 10 أيام ليتم تحديد جلسة في موعد لاحق، ومن ثم فإن حكم المحكمة اليوم جائز الطعن عليه وليس حكماً نهائياً»، موضحاً أنه، «سبق أن دفع الكفالة حينما قرر الاستئناف، ومن ثم فإن مجرد الطعن على حكم اليوم يوقف التنفيذ».

حكم بالحبس عامين مع وقف التنفيذ ضد رمضان - حسابه على «فيسبوك»

من جهته، علق محمد رمضان على الحكم الصادر ضده عبر منشور بحسابه على موقع «إنستغرام»، مؤكداً «أن الحكم مع إيقاف التنفيذ»، وذلك بالتزامن مع إعلانه عن طرح أغنية بعنوان «بيب بيب».

وتعرض محمد رمضان، قبل ذلك لأزمات عدة أثارت الجدل، من بينها، اعتراض إحدى العائلات المصرية «على ذكر اسم العائلة في إحدى أغنياته»، وكذلك «ظهوره مع لارا ابنة الرئيس الأميركي ترمب»، وأزمة «تقليد الرئيس الراحل السادات»، واتهامه «بالتشهير بأحد البنوك»، وارتدائه ملابس وُصفت بأنها «لا تليق بالرجال»، في مهرجان «كوتشيلا» الأميركي صيف العام الحالي.

وتحدث رمضان مؤخراً عن هذه الواقعة قائلاً في تصريحات إذاعية إنه تعلم من التجربة ويدرك أن بعض التصاميم قد تُفهم بشكل خاطئ، وإنه لن يكرر هذا الخطأ مستقبلاً.

الفنان المصري محمد رمضان - حسابه على «فيسبوك»

وتعلق الكاتبة والناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي، على أزمات محمد رمضان، قائلة إنه يتعمد كتابة كلمات، وتعليقات «مستفزة» على حساباته بالسوشيال ميديا، ووصفت طريقته بـ«الاستعراضية»، وأنه «دائم الحديث بعدّه الأهم والأغلى، في الوقت الذي لم نر أي نجم مصري كبير أطلق على نفسه هذا المصطلح رغم أحقية الكثير منهم».

وأضافت فايزة هنداوي لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يوجد من يتربص بمحمد رمضان مطلقاً، لكنه اعتاد على الأزمات التي تلاحقه بين الحين والآخر، بسبب اهتمامه بالوجود على الساحة، وأن يتحدث عنه الناس سواء بالسلب أو الإيجاب، بدلاً من تقديمه لعمل فني جيد»، وفق تعبيرها.


«الست» يفجر زخماً واسعاً بمصر حول حياة أم كلثوم

منى زكي وكريم عبد العزيز وعدد من صناع الفيلم في كواليس التصوير - حساب مراد على «فيسبوك»
منى زكي وكريم عبد العزيز وعدد من صناع الفيلم في كواليس التصوير - حساب مراد على «فيسبوك»
TT

«الست» يفجر زخماً واسعاً بمصر حول حياة أم كلثوم

منى زكي وكريم عبد العزيز وعدد من صناع الفيلم في كواليس التصوير - حساب مراد على «فيسبوك»
منى زكي وكريم عبد العزيز وعدد من صناع الفيلم في كواليس التصوير - حساب مراد على «فيسبوك»

فجر فيلم «الست» زخماً واسعاً في مصر حول كواليس حياة أم كلثوم، بمراحلها المختلفة وعلاقاتها الشخصية بمن حولها من عائلتها وزملائها، بالإضافة إلى قصص الحب التي عاشتها وجوانب أخرى عن مواقفها السياسية المختلفة والتغيرات التي طرأت عليها.

وأعاد الفيلم الذي يجري عرضه في مصر تسليط كتاب وإعلاميين ومؤثرين الضوء على الجوانب المهمة من حياة «كوكب الشرق» رغم رحيلها منذ 5 عقود.

ودعت وزارة الثقافة المصرية محبي أم كلثوم بزيارة متحفها قائلة عبر حسابها على «فيسبوك»: «إذا كان صوت أم كلثوم يسكن قلبك، وتبحث عن مكان يعيد إليك وهج حضورها، فستجد ضالتك في هذا المتحف الواقع في قلب روضة المنيل على ضفاف النيل».

وأضافت: «المتحف ليس سجلاً تاريخياً فقط، بل فضاء مُلهِم يجسد مسيرة سيدة الغناء العربي بكل تفاصيلها، يأخذك عبر رحلة تبدأ من طفولتها في الريف المصري، مروراً بخطواتها الأولى نحو النجومية، وصولاً إلى مرحلة التألق التي صنعت منها أسطورة فنية لا يزال صوتها يملأ المكان سحراً وخلوداً».

كما أعاد كتاب مصريون التذكير بمؤلفاتهم التي تتناول سيرة كوكب الشرق، وتسابق مؤثرون في الحديث عن حياتها الشخصية، بجانب عمل قراءة فنية لمحتوى الفيلم سلباً وإيجاباً.

وقدم الفيلم العديد من المواقف الإنسانية في حياة أم كلثوم، من بينها علاقتها مع والدها الشيخ إبراهيم البلتاجي، الذي ظهر في الفيلم وهو يستجيب لتهديد ابنته باعتزال الغناء والزواج والجلوس في المنزل حال عودتها إلى مسقط رأسها نتيجة إشاعة نشرت تمس حياتها الشخصية بإحدى الصحف في بداية مشوارها الفني، كما أظهر الفيلم أن أقاربها ومعارفها توقفوا عن زيارتها في القاهرة خوفاً من «حدة رد الفعل».

وتناول الفيلم الذي كتبه أحمد مراد، وأخرجه مروان حامد، العديد من المحطات المثيرة للجدل، ما عرضه لانتقادات، ومن بينها انقطاع صلة أم كلثوم بعائلتها وإقامتها وحيدة في القاهرة، الذي برز بشكل واضح في تكرار واقعة سرقة فيلتها بعد ثورة 1952، وعدم وجود من يبيت معها بالمنزل، بحسب ما ذكرت في تحقيقات الشرطة التي ذهبت لمنزلها بعد بلاغ السرقة، فيما كان مشهد المواجهة بينها وبين ابن شقيقتها ومدير أعمالها بالوقت نفسه متضمناً لتأكيد غياب الأهل والأصدقاء عن التردد عليها.

ومن بين الأمور الجدلية التي تطرق إليها الفيلم كذلك قصة الحب التي جمعت بينها وبين الموسيقار محمود الشريف، التي انتهت بخطبة معلنة لم تكلل بالزواج، وتناول الفيلم فترة تعارفهما وقصة حبهما ونهايتها بعد الاشتباك الذي حدث بين الشريف والموسيقار محمد القصبجي، ووصل إلى حد محاولة قتل القصبجي له على خلفية ما تردد عن سعي الشريف لكي يجعل أم كلثوم تعتزل الغناء.

ورغم تأكيده على تفهم الاختلافات في الآراء وتباين وجهات النظر، لكن الناقد الفني طارق الشناوي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» على تعامل صناع الفيلم مع التجربة بحذر شديد والتأكيد على أن العمل مستوحى من حياتها، مشيراً إلى أن زوجها الدكتور حسن الحفناوي على سبيل المثال كان طبيب أمراض جلدية، وله إسهامات طبية عدة، لكن من يشاهد العمل فسيعتقد أنه طبيب متخصص في الغدة الدرقية.

ويعلق الشناوي على بعض مشاهد الفيلم قائلاً: «لا أتصور على سبيل المثال كتابة أم كلثوم بنفسها على الآلة الكاتبة كما ظهرت في الفيلم»، مشيراً إلى أن «كتابة مقالات باسمها في تلك الفترة كان أمراً شائعاً سواء كتبت المقال بنفسها أو تدخل محمد التابعي لتحسينه، وهو ما كان يفعله العديد من الفنانين آنذاك»، على حد تعبيره.

وأضاف أن صناع الفيلم قد تكون لديهم أخطاء في العمل أو لم يوفقوا في بعض التفاصيل، لكن في النهاية قدموا رؤيتهم السينمائية للعمل، و«هو ما جعلني بوصفي مشاهداً عادياً أتعاطف للغاية مع أم كلثوم بسبب الطرح الذي قدمته التجربة لجوانب في حياتها».

وقال مؤلف العمل أحمد مراد في تصريحات تلفزيونية، الثلاثاء، إنه «عمل على تقديم أم كلثوم من منظور إنساني مع استخدام مساحة من الخيال، لأن الفيلم ليس تاريخياً أو وثائقياً عنها»، مشيراً إلى أن «الهدف من العمل كان محاولة رؤيتها من الداخل بصفتها سيدة، وماذا واجهت في حياتها وكيف كسرت العديد من الحواجز بحياتها».

ويرجع الناقد محمد عبد الخالق الجدل الذي فجره الفيلم إلى المكانة الفنية الاستثنائية لشخصية أم كلثوم، وهو أمر بدأ مع الإعلان عن المشروع، ومن الطبيعي أن يصل لذروته مع عرض العمل، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الزخم الذي خلقه العمل لم يكن مرتبطاً بنقطة واحدة أو نقطتين كما يحدث في بعض الأعمال ولكن في كثير من التفاصيل، ما بين الحديث عن الماكياج والمواقف التاريخية وصولاً إلى أدوار بعض الشخصيات».

وعدّ عبد الخالق «هذا الزخم في صالح العمل وصناعة السينما التي لم تشهد مثل هذا الأمر منذ فترة طويلة»، مؤكداً أن «اتساع دائرة النقاش والجدل حول عمل سينمائي مفيد لصناعة السينما».