التونسيون متذمرون من انقطاع المياه في خضم جفاف حاد

قلة التساقطات أدت إلى اختفاء عدد من المواد الأساسية من المتاجر (أ.ب)
قلة التساقطات أدت إلى اختفاء عدد من المواد الأساسية من المتاجر (أ.ب)
TT

التونسيون متذمرون من انقطاع المياه في خضم جفاف حاد

قلة التساقطات أدت إلى اختفاء عدد من المواد الأساسية من المتاجر (أ.ب)
قلة التساقطات أدت إلى اختفاء عدد من المواد الأساسية من المتاجر (أ.ب)

أبدى تونسيون تذمرهم من الانقطاع المتكرر للمياه في مناطق عديدة، مع تدخل السلطات على ما يبدو لترشيد الاستهلاك وسط موجة جفاف حادة تضرب الدولة الواقعة في شمال أفريقيا. ولم تبلِغ السلطات المواطنين بأسباب الانقطاع المتكرر للمياه، وبخاصة في ساعات الليل.
وقال مواطن يدعى يوسف «اليوم نعاني من انقطاع المياه، واستمر الأمر في شهر رمضان، ولم نصل إلى حل مع اقتراب فصل الصيف».
وبدأت الشركة التونسية في استغلال وتوزيع المياه في وقت سابق حملة للتوعية بأهمية ترشيد استهلاك المياه عن طريق إرسال رسائل نصية للمواطنين. لكن لم يتسن الحصول على تعليق من إدارة الشركة حول أسباب انقطاع المياه. في حين أبلغ خبير الموارد المائية حسين الرحيلي «وكالة أنباء العالم العربي»، أنه «مرت ثلاث سنوات من الجفاف، بل يمكن القول خمس سنوات من الجفاف الكبير، وهناك نقص شديد في كميات الأمطار من سبتمبر (أيلول) إلى فبراير (شباط)».
في سياق ذلك، قررت وزارة الفلاحة (الزراعة) اليوم البدء بنظام حصص ظرفي، ومنع مؤقت لبعض استعمالات المياه،
في خطوة للحد من الهدر، في وقت تعاني فيه البلاد انحباساً للأمطار ونقصاً كبيراً في مخزون المياه.
وتشهد السدود التونسية مستويات غير مسبوقة في حجم المخزون، حيث لا تتعدى 30 في المائة من طاقة استيعابها وفق آخر تحديث الشهر الحالي. ويبلغ المخزون في أكبر سد في البلاد، وهو سد سيدي سالم، المزود الرئيسي لمناطق الشمال 17 في المائة فقط من طاقة استيعابه.
وجاء في قرار الوزارة الذي نُشر اليوم، حظر استخدام مياه الشرب، الذي تتولى توزيعه الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه للأغراض الفلاحية، أو لري المساحات الخضراء، أو لتنظيف الشوارع والأماكن العامة أو لغسيل السيارات.
ويبدأ سريان القرار منذ تاريخ نشره اليوم، وحتى نهاية شهر سبتمبر المقبل، حيث سيتم اعتماد نظام حصص للتزود بالمياه للمستعملين كافة حتى تلك الفترة.
وتعاني تونس من جفاف مستمر منذ ثلاثة مواسم، وقد حذر مسؤولون في اتحاد الفلاحة من تداعيات كارثية على المحاصيل الزراعية بما في ذلك الحبوب والخضراوات والفواكه. وتصنف تونس من قِبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، من بين الدول المهددة بندرة المياه.
وأضاف الرحيلي، أن تراجع هطول الأمطار بنسبة 70 في المائة على المستوى الوطني أدى إلى انخفاض مخزون السدود إلى نحو 32 في المائة من طاقة استيعابها. مشيراً إلى أن التراجع الكبير في مخزون السدود دفع وزارة الفلاحة وشركة توزيع المياه لاتخاذ قرار بترشيد الاستهلاك «عبر قطع المياه، خاصة في المناطق التي تستغل السدود، وهي تونس الكبرى وبعض مدن الشمال الغربي والوطن القبلي والساحل ومدينة صفاقس».
ورغم أن تونس تمتلك 40 سداً، فإنها تعدّ من دول العالم التي تعاني شحاً مائياً في ظل استمرار تناقص كميات الأمطار وارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات قياسية في الأعوام الأخيرة.
وتراجع مخزون سد سيدي سالم، الذي تبلغ طاقة استيعابه نحو 600 مليون متر مكعب، وهو المزود الرئيسي لمياه الشرب في عدة مناطق بالبلاد، إلى أقل من 17 في المائة، وفقاً لبيانات رسمية. وبسبب ذلك لجأ البعض إلى تعبئة المياه في المنازل، بينما يشكو المزارعون من تأثير ذلك على محاصيلهم.
يقول المزارع محمد الهادي، إن «مياه (الصنبور) دائماً غير موجودة، ولا نعرف إلى حد الآن هل هي مشكلة من الدولة، أو من الشركة الوطنية لاستغلال المياه. لكن حتى في غياب الماء، فنحن نتلقى فاتورة استهلاك المياه باهظة جدا تتراوح بين 500 و600 دينار».
وكان الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري دعا السلطات لإعلان حالة الطوارئ المائية، بينما أكدت وزارة الفلاحة أنها ستضع خطة لمواجهة النقص الحاد في المياه.
وقال حمادي الحبيب، مدير عام مكتب تخطيط التوازنات المائية بوزارة الفلاحة، قبل أسبوعين «سيقع تقسيط (ترشيد استهلاك) مياه الشرب في بعض الولايات في فصل الصيف، عبر قطع المياه ليلاً في إطار استراتيجية وزارة الفلاحة لترشيد استهلاك المياه». مؤكداً أن الوزارة تعمل على التوجه إلى تحلية مياه البحر وزيادة، ودعم طاقة تخزين الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش السوداني استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، أعلنت «قوات الدعم السريع» تنفيذ ما أسمتها «عملية نوعية» في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال مدينة أم درمان، ودمّرت عدداً من الطائرات الحربية والمسيّرات والآليات، «واستهدفت خبراء أجانب تابعين للحرس الثوري الإيراني»، يعملون في المنطقة العسكرية المهمة، وذلك من دون تعليق من الجيش على ذلك.

وقال الناطق الرسمي باسم «قوات الدعم السريع»، في نشرة صحافية (الأحد)، إنها نفَّذت فجراً «عملية نوعية ناجحة، استهدفت منطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان، ودمَّرت خلالها عدداً من الطائرات الحربية من طراز (أنتنوف)، ومقاتلات من طراز (K8) صينية الصنع، وعدداً من المسيّرات والمعدات العسكرية في قاعدة وادي سيدنا الجوية بالمنطقة العسكرية».

ولم يصدر أي تعليق من الجيش على مزاعم «قوات الدعم السريع»، وسط ترحيبه الكبير باسترداده مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، التي كانت قد فقدتها في يونيو (حزيران) الماضي... وعادة لا يشير كلا الطرفين، إلى خسائرهما في المعارك.

وتضم منطقة وادي سيدنا العسكرية التي تقع شمال مدينة أم درمان، أكبر قاعدة جوية عسكرية، وفيها المطار الحربي الرئيس، إلى جانب الكلية الحربية السودانية، وبعد اندلاع الحرب تحوَّلت إلى المركز العسكري الرئيس الذي يستخدمه الجيش ضد «قوات الدعم السريع».

وقال البيان: «إن العملية النوعية التي نفَّذتها القوات الخاصة التابعة للدعم السريع، تأتي تنفيذاً للخطة (ب)، التي أعلن عنها قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) في آخر خطاباته الجماهيرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، عقب خسارة قواته منطقة جبل موية الاستراتيجية بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض.

وتوعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المقرات والمواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً في متناولها.

جندي من الجيش السوداني يقوم بدورية خارج مستشفى في أم درمان في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ووعدت بحسب البيان، بأن تكون الحرب الحالية «آخر الحروب» في البلاد، وبإنهاء ما أسمتها «سيطرة الحركة الإسلامية الإرهابية على بلادنا»، و«إعادة بناء وتأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة، تحقق السلام والاستقرار والعدالة لجميع الفئات السودانية، التي عانت من ظلم واستبداد الدولة القديمة».

وعلى صفحته بمنصة «إكس»، قال مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، إن «خبراء أجانب يعملون مع الجيش في قاعدة وادي سيدنا الجوية، وإن معظمهم تابعون للحرس الثوري الإيراني، استهدفتهم العملية»، وإن ما أُطلق عليه «دك وتجفيف منابع الإرهاب» يعدّ من أولويات الخطة (ب) التي أعلن عنها حميدتي أخيراً.

وفي النيل الأبيض، اقتحمت «قوات الدعم السريع» المناطق الشمالية لمدينة الدويم، بولاية النيل الأبيض، وعند محور الأعوج وقرى المجمع، والسيال، واللقيد، وشمال الأعوج، التي لجأ إليها عددٌ كبيرٌ من الفارين من القتال، وأطلقت الرصاص؛ ما أدى لمقتل شخص واحد على الأقل، وإصابة آخرين.

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

واستنكر الناشط المتابع للأحداث محمد خليفة، وفقاً لحسابه على «فيسبوك»، الذي يتابعه مئات الآلاف، «عدم تصدي القوات المسلحة للقوات المهاجمة؛ دفاعاً عن المواطنين». وقال: «إن القرى والبلدات التي اقتحمتها (قوات الدعم السريع)، تبعد عن منطقة تمركز بنحو كيلومترين فقط...قوات الجيش لم تتحرك من مكانها، وقوات الميليشيا لا تزال في تلك المناطق المنتهكة».

وكان الجيش قد أعلن (السبت) استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، من قبضة «الدعم السريع»، أسوة باسترداد المدن والبلدات الأخرى جنوب الولاية مثل الدندر، والسوكي. وقال القائد العام، الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي وصل إلى المدينة غداة استردادها، إن قواته عازمة على «تحرير كل شبر دنسه العملاء والخونة، ودحر الميليشيا الإرهابية التي تستهدف وحدة السودان».