مجلس النواب اللبناني والحكومة يتقاذفان «كرة نار» الانتخابات البلدية

TT

مجلس النواب اللبناني والحكومة يتقاذفان «كرة نار» الانتخابات البلدية

قبل أيام من الموعد الدستوري المحدد لدعوة الهيئات الناخبة لانتخابات بلدية واختيارية يفترض أن تجري في شهر مايو (أيار) المقبل، يشتد الكباش بين الحكومة ومجلس النواب في غياب الاعتمادات المالية اللازمة لإنجاز هذا الاستحقاق الذي كان قد تم تأجيله أصلا العام الماضي بحجة عدم القدرة على إتمامه بالوقت نفسه مع الانتخابات النيابية.
وفيما فشلت اللجان النيابية مطلع هذا الأسبوع في التوصل إلى أي قرار بشأن عقد جلسة تشريعية لإقرار الاعتمادات أو تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية في ظل إصرار عدد كبير من النواب على رفض التشريع في ظل شغور سدة الرئاسة ومطالبتهم الحكومة بتأمين الأموال اللازمة لإنجاز الاستحقاق، شددت مصادر حكومية على أن «قرار إجراء الانتخابات البلدية ليس اختياريا للحكومة فهي ملزمة قانونيا ودستوريا بإجرائها، لذلك فإن وزير الداخلية سيدعو الهيئات الناخبة للاقتراع، والترتيبات اللوجيستية في الوزارة مستمرة استعدادا للاستحقاق». وأكدت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «الرفض المطلق لرمي الكرة في ملعب الحكومة التي تحاسب قانونا إذا لم تجر الانتخابات، لذلك وما دام لا اعتمادات لهذا الاستحقاق في الموازنة، فالمطلوب من مجلس النواب إقرار الاعتمادات اللازمة للتمويل»، مستهجنة «مطالبة بعض النواب اليوم الحكومة باللجوء للأموال التي حصل عليها لبنان في سبتمبر (أيلول) 2021 من صندوق النقد الدولي SDR، وهم لطالما انتقدوها لصرفها من هذه الأموال». وختمت قائلة: «القرار لدى مجلس النواب وليس لدى الحكومة».
وبحسب مصادر وزارة الداخلية، يتمسك الوزير بسام المولوي بموقفه لجهة قراره دعوة الهيئات الناخبة في 3 أبريل (نيسان) المقبل، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه في نهاية المطاف «ملزم بتطبيق القانون وبالمهل القانونية. أما موضوع التمويل فهو غير معني به، ويفترض أن يقرر فيه مجلس النواب أو الحكومة». وأوضحت أن مولوي كان التقى ميقاتي بعد جلسة اللجان النيابية الأخيرة وسيلتقيه مجددا بعد عودته من سفره لبحث الموضوع، «علما بأن دعوة الهيئات الناخبة أمر مفروغ منه بمعزل عن التمويل».
وأُدرج بند تمويل هذه الانتخابات بمبلغ 8 ملايين و900 ألف دولار على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت الشهر الماضي، إلا أنه تم تأجيل البت به، وأعلن وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري صراحة أن هناك إمكانية لتأجيل موعد الانتخابات البلدية رغم إعلان وزير الداخلية جهوزية وزارته والحكومة لإجراء هذه الانتخابات.
وبحسب الشركة «الدولية للمعلومات» هناك 1057 بلدية في لبنان 108 منها منحلة يديرها القائممقام أو المحافظ و28 بلدية مستحدثة أنشئت بعد عام 2016، وأيضا يديرها القائممقام أو المحافظ.
وقال أحد الأقطاب اللبنانيين ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن «إجراء الانتخابات البلدية أمر أساسي وحيوي في حال كانت هناك الأموال اللازمة، ولكن وفي ظل الوضع المالي الحالي قد يكون من الأفضل توزيع الأموال التي ستخصص للاستحقاق على البلديات المفلسة التي تعاني الأمرين لتسيير أمورها».
ويُجمع القسم الأكبر من النواب الذين يرفضون التشريع في ظل فراغ سدة الرئاسة على إمكانية حل إشكالية تمويل الانتخابات، باللجوء إلى أموال صندوق النقد، وتقول مصادر حزب «القوات» لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة أنفقت حتى الآن أكثر من 740 مليون دولار من دون العودة إلى المجلس النيابي عن طريق حقوق السحب الخاصة، وبالتالي بإمكانها سحب 7.4 مليون دولار إضافية لإجراء الانتخابات البلدية»، معتبرة أن «هناك من يريد تطيير الانتخابات البلدية، ولا يريد تحمل تبعات التطيير، ويسعى لتحميله للحكومة... أما الحكومة فتحاول رمي الكرة في ملعب مجلس النواب». وتشدد المصادر على وجوب أن تُجرى الانتخابات في موعدها مع تأكيدها على عدم دستورية عقد مجلس النواب جلسات تشريعية في ظل الفراغ الرئاسي.
وينسجم موقف «القوات» مع موقف حزب «الكتائب» الذي نبه رئيسه سامي الجميل مؤخرا من أن «عدم حصول الانتخابات البلدية سيؤدي إلى فوضى كبيرة في البلد»، معتبرا أن «هناك عدّة طرق للحكومة لإجرائها، خصوصا أن المبلغ المطلوب هو 8 ملايين دولار وهو ربع ما يدفعه مصرف لبنان يومياً لمنصة صيرفة».
ووقع 46 نائبا على عريضة أعلنوا فيها رفض تشريع الضرورة، لكن هؤلاء قد يقبلون باستثناء فيما يخص ملف الاستحقاق البلدي، وبالتالي المشاركة في جلسة تشريعية للبت حصرا بما إذا كان يجب فتح اعتمادات لإجراء الانتخابات أو للتمديد. وهو موقف لا يبدو بعيدا عن موقف «التيار الوطني الحر» الذي تشدد مصادره لـ«الشرق الأوسط» على وجوب «خروج الحكومة أولا لمصارحة النواب والناس بما إذا كانت قادرة على إنجاز الاستحقاق البلدي أم لا ليتم بعدها اللجوء إلى البرلمان لاتخاذ القرار المناسب».
ولبنان الذي يعاني من أزمة مالية كبيرة يحاول تفادي أي مصاريف يعتبرها غير طارئة مع شح العملات الصعبة في المصرف المركزي. أضف أن هناك عوائق كثيرة أخرى أبرزها لوجيستية قد تمنع إنجاز الانتخابات في ظل إضراب موظفي الإدارة العامة، بحيث إذا فتح باب الترشيح فلن يكون هناك موظفون لتلقي طلبات الترشيح كما لا توجد قرطاسية.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«تسخين» إيراني - أميركي شرق سوريا وغارات روسية مكثفة على مواقع «داعش»

حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
TT

«تسخين» إيراني - أميركي شرق سوريا وغارات روسية مكثفة على مواقع «داعش»

حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)

بعد أقل من يومين على تحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس السوري بشار الأسد من اتجاه الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط نحو التصعيد، شنَّت قوات التحالف الدولي غارات جوية على مواقع ميليشيات رديفة للقوات الحكومية السورية تابعة لإيران في شرق سوريا، ليل الجمعة - السبت، وذلك رداً على استهداف قاعدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في حقل غاز «كونيكو» بريف دير الزور، فيما أفادت مصادر إعلامية السبت بقيام طائرة استطلاع وتجسس أميركية بمسح جوي في المنطقة الجنوبية والعاصمة دمشق وريفها وحمص حتى الساحل السوري ولبنان، كما شهدت الحدود السورية - العراقية، شمال شرقي محافظة الحسكة، تحليقاً مكثفاً لطائرات التحالف الدولي.

بالتوازي، شنَّت قوات الجو الروسية غارات مكثفة على مواقع لتنظيم «داعش» في بادية تدمر والسخنة في ريف حمص الشرقي، وفق ما ذكره «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، يوم السبت، لافتاً إلى أن هذه الغارات جاءت بعد فترة من تسجيل تراجع ملحوظ في الغارات الروسية على مواقع تنظيم «داعش»، قياساً إلى أكثر من 100 غارة جوية نفذتها على مواقع «داعش»، في بادية حماة وحمص ودير الزور والرقة، خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وترافقت الغارات الجوية الروسية المكثفة السبت مع حملة التمشيط التي تقوم بها القوات الحكومية بدعم من سلاح الجو الروسي من بادية حماة الشرقية، وصولاً إلى بادية الرقة الغربية، وبادية تدمر والسخنة وجبالها في ريف حمص الشرقي وتلال البشري وكباجب والتبني ومعدان، جنوب دير الزور، وفق ما ذكرته مصادر محلية قالت إن غارات السبت تركزت على منطقة السخنة، وصولاً إلى كباجب وجبال البشري الممتدة على طول البادية، وترافقت مع تحليق طائرات استطلاع روسية.

وكان الرئيس الروسي قد حذر من أن «الوضع يزداد توتراً في الشرق الأوسط»، خلال استقباله الرئيس السوري، يوم الأربعاء الماضي، في موسكو، معتبراً «المباحثات مع الأسد فرصة لبحث كل التطورات والسيناريوهات المحتملة»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء السورية (سانا)»، لافتة إلى أن الرئيس الأسد رد بأنّ كلاً من سوريا وروسيا «مرّ بتحديات صعبة واستطاعا تجاوزها دائماً»

وتوقعت المصادر ارتفاع درجة التسخين الإيراني - الأميركي شرق سوريا، حيث مراكز وجودهما الأقوى في سوريا والمنطقة، بهدف تعزيز كل منهما مواقعه، ولفتت إلى وجود مخاوف من استغلال تنظيم «داعش» التوتر الحاصل للعودة إلى نشاطه شرق سوريا، وربما هذا ما دفع الجانب الروسي إلى تكثيف غاراته على مواقع التنظيم بالتعاون مع القوات الحكومية، وفق المصادر التي رأت أن احتمال عودة نشاط «داعش» إلى سوريا والعراق سيخلط الأوراق ويدفع الأوضاع نحو المزيد من التعقيد.

مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، قال إن الميليشيات الرديفة للقوات الحكومية السورية التي تتبع إيران تلقت أوامر بالتصعيد ضد القاعدة الأميركية في حقل كونيكو للغاز «بعينها»، وقد تم استهدافها يوم الجمعة بـعشرة صواريخ، ويوم الخميس بثلاثة.

وردَّت قوات التحالف على تلك الضربات السبت دون إيقاع خسائر بشرية، واعتبر عبد الرحمن تبادل الضربات الإيرانية - الأميركية «رسائل متبادلة بين الطرفين».

من جانبه، أفاد موقع «صوت العاصمة» بقيام طائرة استطلاع وتجسس أميركية من طراز RQ - 4B Global Hawk بمسح جوي استمر لأكثر من 21 ساعة متواصلة. وبحسب الموقع «تركز المسح في المنطقة الجنوبية والعاصمة دمشق وريفها وحمص حتى الساحل السوري ولبنان»، دون ذكر تفاصيل أخرى أو مصدر المعلومة، فيما قال موقع «الخابور» إن تحليقاً مكثفاً لطائرات التحالف الدولي جرى السبت على الحدود السورية - العراقية شمال شرقي الحسكة.