حي «مصر الجديدة» ينبض بالعراقة ويتنفس الحداثة

يحتفظ برونقه وتراثه المعماري الأوروبي

بنايات وشوارع مصر الجديدة صنعت للحي سحره الخاص (مبادرة تراث مصر الجديدة)
بنايات وشوارع مصر الجديدة صنعت للحي سحره الخاص (مبادرة تراث مصر الجديدة)
TT

حي «مصر الجديدة» ينبض بالعراقة ويتنفس الحداثة

بنايات وشوارع مصر الجديدة صنعت للحي سحره الخاص (مبادرة تراث مصر الجديدة)
بنايات وشوارع مصر الجديدة صنعت للحي سحره الخاص (مبادرة تراث مصر الجديدة)

يحاكي التاريخ، ويتشح برداء الحداثة، يقف حي «مصر الجديدة» شامخاً في شرق العاصمة القاهرة، مفتخراً بأنه واحد من أرقى أحيائها. وُلد الحي على يد رجل الأعمال البلجيكي إدوارد لويس جوزيف إمبان الذي اشتهر بـ«البارون إمبان»، قبل 128 عاماً، حيث تم إنشاؤه عام 1905. وطوال هذه العقود احتضن زواره وسكانه من المصريين والأجانب، بين بناياته وشوارعه وميادينه التي لكل منها نكهته المميزة التي صنعت للحي سحره الخاص.

قصر البارون (وزارة السياحة والآثار)

إذا أخذتك قدماك إلى حي مصر الجديدة، فإنك قد ذهبت في رحلة إلى خارج إطار القاهرة الصاخب، وخلالها سترصد عيناك كيف خُطط له بشكل مميز، وستنتعش ذائقتك مع النمط العمراني وجماليات العقارات ذات الطراز المعماري المتميز بالحي، كما ستسرح بخيالك لتضع إجابة عن سؤال: كيف تطور الحي عبر العصور؟

روح أوروبية
مع نشأة الحي بأيدٍ أجنبية على غير ما هو معتاد في ذلك الوقت، فإن أول من سكنوه كانوا من الأجانب الذين وفدوا إلى مصر للعمل، وبدورهم صمموا منازل وفيلات على الطراز المعماري الأوروبي لمحاكاة طبيعة حياتهم، بل واستقدموا لذلك كبراء المهندسين الأوروبيين.

حي مصر الجديدة يتسم بجماليات العقارات ذات الطراز المعماري الأوروبي (مبادرة تراث مصر الجديدة)

ولنقل هؤلاء السكان إلى ضواحي القاهرة الأخرى، نفذت إحدى الشركات الفرنسية أول خط مترو كهربائي في الشرق الأوسط، والذي عُرف بعد ذلك بـ«مترو مصر الجديدة»، والذي أضحى إحدى العلامات المميزة بالحي.
بعد جلاء السكان الأجانب عن الحي وتركهم مصر مع قيام ثورة يوليو 1952، سكنت الحي الطبقة الأرستقراطية والغنية من المصريين، وهو ما ساهم في الحفاظ على هيئة الحي ومستواه الاجتماعي حتى الآن.

ماذا تزور في مصر الجديدة؟
يملك الحي إرثاً غنياً تركه الأجانب، ممثلاً في بعض المعالم الأثرية أو مناطق بعينها، وهي تجذب الزوار للحي، للتجول فيها والتنزه بمعالمها التي ما زالت محتفظة برونقها.
- قصر البارون: إحدى العلامات المميزة للحي، ويقع في قلبه، وبالتحديد في شارع العروبة، وهو من أهم التحف المعمارية التي شُيِّدَت بمصر الجديدة، بل وفي مصر بشكل عام، فعبر صورته المعمارية ذات الطراز الهندي، واللون البني المحروق (السيينا)، يقف متميزاً عن بقية المدينة.
أنشأه البارون إمبان في الفترة بين 1907 و1911، وهو رجل أعمال وصناعة بلجيكي الأصل، منحه ملك بلجيكا لقب «بارون» نظراً لما حققه من نجاحات اقتصادية كبرى، وقد كلف المهندس المعماري الفرنسي ألكساندر مارسيل ببناء هذه التحفة المعمارية.
يتكون التصميم الداخلي للقصر من بدروم وطابقين يعلوهما سطح؛ وتحيط بالقصر حديقة كبيرة من جميع الجهات. خُصص بدروم القصر مسكناً للخدم، ويتكون من مجموعة من الغرف تربطها ممرات وأبواب. ويتوسط مبنى القصر سلم حلزوني، ومصعد يربط جميع أدوار القصر بالبدروم.
يتكون الدور الأرضي من غرفة استقبال، وغرفة طعام، بالإضافة إلى غرفة للبلياردو. أما الدور الأول فيتكون من أربع غرف، لكل منها الشرفة والحمام الخاص بها. أما عن سطح القصر فهو بمثابة مساحة مفتوحة تقع بأحد جوانب البرج المميز لقصر البارون.
يفتح القصر أبوابه من 9 صباحاً إلى 6 مساء، وأسعار التذاكر للأجانب تبلغ 100 جنيه مصري، (الدولار يساوي 30 جنيهاً في المتوسط)، كما يمكن زيارة بانوراما سطح القصر بتذكرة منفصلة عن تلك الخاصة بزيارة القصر بقيمة 50 جنيهاً، كذلك تتاح جلسات التصوير بالقصر مقابل 800 جنيه.
- قصر السلطانة ملك: يقع أمام قصر البارون مباشرة، وأحد أهم القصور التاريخية وأجملها في مصر. يعود إنشاؤه إلى بدايات القرن العشرين، وتم أخيراً الانتهاء من ترميمه وافتتاحه كمركز للإبداع الرقمي وريادة الأعمال.
كان القصر معروفاً باسم صاحبه الأمير حسين كامل، ثم شاعت تسميته بقصر السلطانة ملك، زوجته التي عاشت فيه، وأحياناً يطلق عليه قصر السلطان نسبة إلى اسم الشارع المجاور له. ويعد القصر من أوائل المباني التي شُيدت في حي مصر الجديدة، حيث بدأت أعمال تشييده في صحراء هليوبوليس شمال شرقي القاهرة، بين عامي 1906 و1907.
- كنيسة البازيليك: وهي كنيسة تاريخية أسسها أيضاً مؤسس الحي، وهي تتوسط مصر الجديدة، ويمكن أن تراها ماثلة أمامك من شوارع مصر الجديدة الرئيسية. وتتسم بتصميمها المعماري الفريد على الطراز البيزنطي المشابه لكاتدرائية آيا صوفيا في إسطنبول. وقد دفن البارون إمبان في «البازيليك» عام 1930، حسب وصيته، رغم وفاته في مسقط رأسه بلجيكا.
وبجانب الآثار التاريخية، تتعدد مناطق مصر الجديدة التي يمكن زيارتها، وأبرزها:
- الكوربة: هي منطقة تعد متحفاً مفتوحاً بلا أسوار، حيث يوجد ميدان ذو طبيعة خاصة، يتميز بشكله المثلث، ترقد على أضلاعه ثلاث بنايات ضخمة صممت بهندسة معمارية فريدة من نوعها، إلى جانب انتشار الكافيهات ذات الطابع الغربي.
وترجع تسمية الميدان بهذا الاسم «لا كوربيه» إلى استدارة الشارع على غير عادة الشوارع في ذلك الوقت، والكلمة تعني بالإيطالية: الانحناءة، أو القوس، حيث كان المترو يأخذ انحناءة أو دوراناً في هذا المكان، فكان «الكمساري» البلجيكي الجنسية ينادي بكلمة «الكورب» فصارت اسماً للمكان.
يتميز هذا الميدان ببنايات ضخمة صممت بهندسة معمارية فريدة من نوعها، ومن هذا الميدان كانت بداية مصر الجديدة ذات «البوائك» أو الأقواس التاريخية التي يشتهر بها ميدان الكوربة. ويضم الميدان فندق «هليوبوليس بالاس»، أو قصر الاتحادية (قصر الرئاسة الآن)، الذي يعد درة تاج الكوربة. وقد بدأ العمل فيه عام 1906، وافتتح عام 1910 في حفل فخم.
ويشهد «الكوربة» وفود المصريين والعرب والأجانب من مختلف الفئات السِّنية، كما أن أصول بعض ساكنيه تمتد لجذور أجنبية، للاحتفال بأجواء الأعياد والمناسبات المختلفة، مع تخليد الذكرى بالتقاط الصور التي تتزين خلفيتها بالتراث المعماري الأوروبي المميز. كما يضم كثيراً من المحال التجارية والمطاعم والكافيهات والأسواق التجارية.
- روكسي: تعد من أكثر المناطق التجارية التي تجذب نحوها المواطنين، لا سيما متاجر بيع الملابس، كما أن بها كثيراً من المتنزهات والكافيهات والمطاعم.
- شوارع وميادين مصر الجديدة: يوجد بالحي عدد كبير من الشوارع والميادين الحديثة التي تربط بين المناطق وبعضها ببعض، وأهمها: ميدان تريومف، وميدان المحكمة، وميدان سفير، وميدان سانت فاطيما، وميدان الجامع، وميدان هليوبوليس، وميدان الإسماعيلية، وشارع الحجاز، وشارع الأهرام، وشارع الميرغني، وشارع إبراهيم اللقاني.

خدمات ترفيهية
تتمثل الخدمات الترفيهية في مصر الجديدة في وجود كثير من المراكز التجارية الضخمة، وأهمها «سيتي ستارز مول»، و«سيتي سنتر ألماظة»، اللذان يعدان من أشهر المراكز التجارية المصرية، إلى جانب عدد من دور السينما. ويضم الحي عدداً من الحدائق الشهيرة، مثل حديقة «الميريلاند» وحديقة «الغابة»، كذلك يضم الحي مكتبة مصر الجديدة، ومطار القاهرة الدولي، ومدينة ملاهي «السندباد»، وعدداً كبيراً من النوادي الرياضية والاجتماعية، ومنها: الغابة، والشمس، وهليوبوليس.
كما تكثر في مصر الجديدة المطاعم والكافيهات، القديمة والحديثة، الفاخرة والشعبية، والتي تنتمي لكافة المطابخ العالمية، وتمتاز بتصاميم رائعة ومميزة، وجميعها يواكب متطلبات المكان وسكانه وزواره، وتناسب جميع الأذواق والفئات.

أين تقيم؟
إذا كنت ترغب في الإقامة بمصر الجديدة، فأمامك مجموعة كبيرة من الفنادق التي يمكن الاختيار من بينها، وأهمها:
- فندق «توليب الجلاء» مصر الجديدة (يبعد حوالي 5 كيلومترات عن مطار القاهرة الدولي). وفندق «لو ميريديان» مطار القاهرة (يرتبط الفندق بمبنى رقم 3 للركاب بمطار القاهرة الدولي). وفندق «هيلتون هليوبوليس» (يبعد حوالي 5 كيلومترات عن مطار القاهرة الدولي). وفندق «تريومف بلازا» (يبعد عن مطار القاهرة الدولي مسافة 30 دقيقة بالسيارة). وفندق «البارون» (يواجه قصر البارون مباشرة، ويقع على بعد 12 كيلومتراً من مطار القاهرة الدولي).

التنقل والمواصلات
ما يميز حي مصر الجديدة سهولة الوصول إليه من جميع أنحاء القاهرة، فهو قريب من مطار القاهرة الدولي وكذلك من وسط القاهرة، كما يمكن الوصول إليه بشتى أنواع المواصلات، كما يمر به الخط الثالث لمترو الأنفاق (في محطتي كلية البنات والأهرام).


مقالات ذات صلة

«الأزهر» يؤكد رفضه القطعي لدعاوى «الديانة الإبراهيمية»

شمال افريقيا «الأزهر» يؤكد رفضه القطعي لدعاوى «الديانة الإبراهيمية»

«الأزهر» يؤكد رفضه القطعي لدعاوى «الديانة الإبراهيمية»

أعلنت مشيخة الأزهر في القاهرة «رفضها القطعي لدعاوى (الديانة الإبراهيمية)». وأكدت دعمها لـ«التعاون» بين الأديان وليس دمجها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جورجيت جبارة... ذكريات «الباليرينا» العربية الرائدة

جورجيت جبارة... ذكريات «الباليرينا» العربية الرائدة

في وقتٍ كان فيه كل لبناني يغنّي على ليل قضيّته، جعلت جورجيت جبارة من الباليه الكلاسيكي قضيتها. عبرت به خطوط التماس وحواجز المسلّحين بين «شرقيّة» و«غربيّة»، من بيروت المسيّجة بالنيران إلى طرابلس شمالاً. بحذاء «الساتان» الزهري قطعت الأميال بين مدرسة زرعتها في شارع «الحمراء»، وأخرى في عاصمة الشمال، وما بينهما معهد الرقص الذي امتدّ على وسع أحلامها في قضاء كسروان. عمر الباليرينا قصير كحياة فراشة، لكن جورجيت جبارة وهي فوق ثمانينها، ما زالت مسكونة بالرقص. صحيحٌ أن جسدها اعتزله منذ 35 عاماً، إلا إن روحها تنبض به.

كريستين حبيب (بيروت)
شمال افريقيا القاهرة تستضيف النسخة الرابعة  من معرض «طلال تاريخ تقرأه الأجيال»

القاهرة تستضيف النسخة الرابعة من معرض «طلال تاريخ تقرأه الأجيال»

بمناسبة مرور 35 عاماً على تأسيس الأمير طلال بن عبد العزيز، المجلس العربي للطفولة والتنمية، يستضيف المجلس معرض «طلال تاريخ تقرأه الأجيال»، في نسخته الرابعة 2023 في مقرّه بالقاهرة. وقال الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز، رئيس المجلس، لـ«الشرق الأوسط»: «يتناول المعرض ملامح مسيرة مؤسسه الأمير طلال بن عبد العزيز، وعطاءاته للإنسانية ودوره في حفز الاهتمام بمختلف أبعاد قضايا الطفل العربي، ويسلط الضوء على أسباب إنشاء المجلس، وكذلك أسباب إنشاء المنظمات التنموية المختلفة التي دشّنها الأمير طلال، سواء كانت للمرأة أو للطفل، أو للتنمية المستدامة، أو الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، أو حتى فيما يتعلق ب

نادية عبد الحليم (القاهرة)
شمال افريقيا حريق دار مسنين في القاهرة يعيد أزمة «الحماية المدنية» للواجهة

حريق دار مسنين في القاهرة يعيد أزمة «الحماية المدنية» للواجهة

أعاد حريق دار مسنين في القاهرة الحديث عن «إجراءات الحماية المدنية».

منى أبو النصر (القاهرة)
يوميات الشرق من أعمال الفنانة مريم حتحوت بمعرضها الحالي (حتحوت)

لماذا ألهم الحمار تشكيليين مصريين؟

بألوان دافئة وخطوط معاصرة تقدم الفنانة مريم حتحوت رؤية فلسفية واجتماعية للحمار من خلال 30 لوحة في معرضها المقام حالياً بغاليري «ديمي» بالقاهرة، بعنوان «تنويعات على الحمار»، تتضمن جميع اللوحات معالجات بصرية تثير تعاطف المتلقي معه، وتجعله يشعر بالألفة تجاهه. وتُعَدُّ لوحات حتحوت في المعرض حلقة من سلسلة أعمال ومعارض وفعاليات تشكيلية مصرية كثيرة احتفت بهذا الحيوان على مدى سنوات طويلة، لم تقتصر على الفنانين الذين تصدوا لتناول الريف المصري؛ فالحمار لم يكن مجرد عنصر بارز من عناصر البيئة لمن أراد استلهامها في تجربته الإبداعية، إنما امتد تجسيده ليمثل جزءاً أساسياً في بعض الأعمال. وكان الفنان المصري الر

نادية عبد الحليم (القاهرة)

سفير الصومال بالاتحاد الأفريقي لـ«الشرق الأوسط»: نتشاور مع الحلفاء للدفاع عن وحدة البلاد

سفير الصومال لدى أديس أبابا والاتحاد الأفريقي عبد الله محمد ورفا (صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي)
سفير الصومال لدى أديس أبابا والاتحاد الأفريقي عبد الله محمد ورفا (صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي)
TT

سفير الصومال بالاتحاد الأفريقي لـ«الشرق الأوسط»: نتشاور مع الحلفاء للدفاع عن وحدة البلاد

سفير الصومال لدى أديس أبابا والاتحاد الأفريقي عبد الله محمد ورفا (صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي)
سفير الصومال لدى أديس أبابا والاتحاد الأفريقي عبد الله محمد ورفا (صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي)

كشف سفير الصومال لدى أديس أبابا والاتحاد الأفريقي، عبد الله محمد ورفا، لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، أن بلاده تفكر في خيارات مطروحة بشأن الدفاع عن وحدة الصومال، وتتشاور مع الحلفاء الاستراتيجيين والشركاء في المنطقة وخارجها، «لاختيار أفضل السبل للدفاع عن سيادة البلاد ووحدتها».

يأتي ذلك عقب إعلان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في بيان لمكتبه، الجمعة الماضي، الاعتراف الرسمي بـ«جمهورية أرض الصومال دولة مستقلة ذات سيادة».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

ورفض الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود هذا الاعتراف، وأكد في اجتماع طارئ بالجامعة العربية على مستوى المندوبين، الأحد، «حق مقديشو في الدفاع الشرعي عن أراضيها».

ورداً على سؤال بشأن إمكانية ملاحقة رئيس الإقليم الانفصالي عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، وما إذا كان هناك عمل عسكري مرتقب، قال السفير ورفا: «إننا نفكر في عدة خيارات مطروحة سيتم تناولها ومناقشتها»، مؤكداً «التشاور مع الحلفاء الاستراتيجيين والشركاء في المنطقة وخارجها، ليتم بعد ذلك القيام بأفضل خيار ممثل للدفاع عن الصومال ووحدته وسيادته».

وشدد السفير الصومالي لدى الاتحاد الأفريقي، على أن الاعتراف الإسرائيلي بإقليم شمال الصومال «مرفوض قطعياً وغير مقبول»، ووصف هذه الخطوة بأنها «اعتداء صارخ على وحدة وسيادة الشعب الصومالي»، مؤكداً أنها «مخالفة للقوانين الدولية والشرعية الدولية، وكذلك للأعراف الدبلوماسية».

وأكد «أن الخطوة الإسرائيلية لا يمكن قبولها بأي منطق سياسي أو شرعي؛ لأنها أصلاً فاقدة للشرعية، وبما أن إسرائيل فاقدة للشرعية الدولية، فلا يمكنها أن تعطي شرعية لغيرها».

وعلى الصعيد الدبلوماسي والدولي، أشار إلى أن جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، وغيرها من المنظمات، وقفوا إلى جانب الصومال ضد هذا الانتهاك والتحرك الإسرائيلي.

وأضاف أن «المجتمع الدولي بأسره وقف تقريباً مع الشرعية الدولية، واللوم على إسرائيل المنعزلة دولياً في هذه المغامرة التي لن تأتي بثمارها».

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

ولفت إلى «أن مجلس الأمن عقد جلسته، الاثنين، استجابةً للطلب الذي تقدم به الصومال، وأعضاء المجلس الـ15 صوتوا جميعهم لصالح الصومال»، مؤيدين بذلك الموقف الصومالي الذي يرفض الخطوات التي أقدمت عليها إسرائيل.

وعن تقديراته لخلفيات هذا الاعتراف، اعتبر ورفا أن «هذه المحاولة المتهورة تهدف إلى إيجاد قواعد عسكرية إسرائيلية للسيطرة على باب المندب الاستراتيجي الذي تعبر من خلاله الملاحة الدولية»، محذراً من أن «الأخطر من ذلك هو أن إسرائيل تريد من خلال تواجدها في هذه المنطقة تهجير أكثر من 1.8 مليون فلسطيني من الأراضي الفلسطينية إلى الصومال»، مؤكداً أن «وحدة الصومال أمر مقدس غير قابل للمساس، وأن التجاوز فيها يعد خط أحمر».

وحول رؤية الشعب الصومالي للخطوة الإسرائيلية، أوضح «أن الرفض جاء من قبل الشعب الصومالي بأكمله، سواء في وسط الصومال أو في شماله وجنوبه»، مشيراً إلى «أن سكان الإقليم الانفصالي رفضوا ما قام به رئيس هذا الإقليم رفضاً تاماً، ولوحظ ذلك بالمظاهرات الكبيرة جداً التي خرجت في عدة مناطق».

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أعلن، الجمعة، «توقيع اتفاقية اعتراف متبادل وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين إسرائيل وأرض الصومال»، مشيراً إلى أنه «أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله» واصفاً اليوم «بالمهم لكلا الجانبين».


«المسار البحري الجزائري» ابتلع أكثر من ألف مهاجر خلال 2025

قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (حقوقيون)
قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (حقوقيون)
TT

«المسار البحري الجزائري» ابتلع أكثر من ألف مهاجر خلال 2025

قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (حقوقيون)
قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (حقوقيون)

فرض المسار البحري الرابط بين السواحل الجزائرية والإسبانية نفسه خلال عام 2025، بوصفه من أشد طرق الهجرة دموية في غرب البحر الأبيض المتوسط، بعدما حصد أرواح 1037 شخصاً بين قتيل ومفقود. هذا ما خلص إليه التقرير السنوي للمنظمة الإسبانية غير الحكومية «كاميناندو فرونتيراس»، التي تكرّس منذ عام 2001 جهودها لتوثيق الانتهاكات الجسيمة للحق في الحياة، التي يتعرض لها المهاجرون في عرض المتوسط وعلى حدود أوروبا.

خريطة لطرق الهجرة نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (منظمات إسبانية غير حكومية)

وثق التقرير، الذي جاء بعنوان «رصد الحق في الحياة - 2025»، 121 حادث غرق على هذا المسار البحري وحده، الذي يسلكه في الأساس مهاجرون يغادرون الجزائر متجهين نحو جزر البليار والساحل الشرقي لإسبانيا. وباتت ما تُعرف بـ«طريق الجزائر» اليوم أكبر مقبرة مفتوحة للمهاجرين على الطرق البحرية المؤدية إلى إسبانيا عبر المتوسط، محققة الصدارة في عدد الوفيات، ومؤكدة خطورة هذا الممر الذي أصبح يكتسي طابعاً قاتماً بشكل متصاعد.

* ارتفاع معدلات الوفيات

على مستوى كل الطرق المؤدية إلى إسبانيا، فقد 3090 مهاجراً حياتهم، أو عُدّوا مفقودين، خلال عام 2025 بجميع المسارات. وبذلك تمثل الرحلات المنطلقة من الجزائر أكثر من ثلث الوفيات المسجلة. ومن بين هؤلاء الضحايا 192 امرأة و437 طفلاً ومراهقاً، وفق ما ورد في التقرير نفسه.

وتضاعفت تقريباً نسبة الوفيات في الطريق الجزائرية مقارنة بعام 2024، حيث وثقت المنظمة الإسبانية غير الحكومية 517 حالة وفاة. وفي إطار إحصاء عدد الضحايا، أكد التقرير اختفاء أثر 47 قارباً بالكامل خلال 2025، دون العثور على ناجين أو جثث. وتتعلق حوادث الغرق هذه بشكل خاص بالرحلات الطويلة، التي تتجاوز أحياناً 300 كيلومتر، باتجاه جزر إيبيزا وفورمينتيرا ومايوركا. وكانت غالبية القوارب زوارق صغيرة، أو قوارب صيد مكتظة، وغير مجهزة لمواجهة الظروف البحرية القاسية، وفق الملاحظات التي تضمنها التقرير.

وزيرا الداخلية الجزائري والإسباني (الداخلية الجزائرية)

وأشارت الوثيقة نفسها إلى أن كثيراً من حوادث الغرق سبقتها نداءات استغاثة لم تلقَ استجابة سريعة، مع تأخر في عمليات البحث، لا سيما في المناطق البعيدة عن الخطوط التجارية. ونددت المنظمة غير الحكومية بـ«التقاعس عن واجب الإغاثة»، وهو أمر تفاقم بسبب ضعف التنسيق بين الدول وغياب آليات إنقاذ دائمة، وفق ما قالته.

* فئات جديدة من المهاجرين

مما تضمنه التقرير أن الرحلات المنطلقة من الجزائر أصبحت تشمل منذ 2025 فئات متنوعة من المهاجرين: رجال، ونساء، وعائلات، وقُصّر. وتؤكد المنظمة أن «الطريق الجزائرية» باتت من الممرات الرئيسية للهجرة نحو إسبانيا، وأشدها خطورة، لافتاً إلى أن هذا الممر البحري في حوض المتوسط «ظل لفترة طويلة بعيداً عن الأضواء الإعلامية».

ومنذ عام 2018، وثقت «كاميناندو فرونتيراس» أكثر من 28 ألف قتيل ومفقود في مجموع الطرق البحرية، التي تربط شمال وغرب أفريقيا بإسبانيا. وعدت المنظمة أن الارتفاع الأخير للضحايا في «الطريق الجزائرية» يشكل «إشارة إنذار كبرى»، داعيةً إلى تعزيز عاجل لآليات البحث والإنقاذ، وتحسين التنسيق بين الدول المطلة على المتوسط لحماية الحق في حياة المهاجرين.

طرق الهجرة البحرية نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (مواقع مهتمة بالهجرة السرية)

وواجه أرخبيل جزر البليار في صيف 2025 موجة غير مسبوقة من وصول المهاجرين، في ذروة الموسم السياحي، وفق التقرير ذاته، الذي أبرز أن «الطريق التي تربط الجزائر بجزر البليار، وهي أقل خضوعاً للمراقبة، أصبحت أعلى تفضيلاً واستخداماً بشكل متنامٍ، بينما جرى تشديد الرقابة على طرق الهجرة من تونس والمغرب وموريتانيا على وجه الخصوص».

ونقل الموقع المختص «مهاجر نيوز»، في هذا الشأن تحديداً، عن «أحد العاملين في المجال الإنساني»، أن «القوارب كانت تصل تقريباً كل يوم هذا الصيف، وكانت هناك أيضاً جثث ومفقودون... إنها أوضاع غير طبيعية لم نكن نشهدها العام الماضي».

تنسيق أمني جزائري - إسباني

اجتماع بين وفدين حكوميين جزائري وإسباني في 20 أكتوبر 2025 لبحث مكافحة الهجرة السرية (وزارة الداخلية الجزائرية)

في ضوء هذا المنحى الخطير الذي اتخذته الهجرة السرية، زار وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، الجزائر في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث بحث مع سلطاتها وقف تدفقات المهاجرين. وصرح في أعقاب اجتماعه بنظيره الجزائري، سعيد سعيود، بأن البلدين «يواجهان اليوم تحدياً مشتركاً يتمثل في ضغط الهجرة عبر طرق البحر الأبيض المتوسط»، مؤكداً أن الحكومة الإسبانية «تدرك تماماً أنها تواجه ضغطاً كبيراً بسبب تدفقات الهجرة غير النظامية عبر دول العبور، وهو ما تشهده الجزائر أيضاً، (هجرة عكسية من دول جنوب الصحراء)، حيث تبذل الدولة جهوداً كبيرة لمواجهة هذه الظاهرة بكل الوسائل الممكنة».

من جهته، أشاد الوزير سعيود بنتائج الاجتماع الأمني الذي عقده البلدان في أغسطس (آب) 2025 بمدريد، والذي خصص لمكافحة الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة، وأسفر عن إعداد برنامج تدريبي للفترة من 2025 إلى 2026 يهدف إلى تعزيز قدرات الوحدات الخاصة بمكافحة الهجرة وتقوية آليات التصدي لها.

صورة للقُصّر السبعة خلال الرحلة إلى جزر البليار (حسابات حقوقيين)

وعلى هامش الاجتماع الوزاري، تطرق سعيود إلى «ملف القاصرين السبعة»، الذين غادروا البلاد نحو جزر البليار الإسبانية مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي؛ وهي حادثة أثارت جدلاً سياسياً ومجتمعياً واسعاً. وأكد المسؤول ذاته «استمرار الجهود الدبلوماسية والقانونية لاستعادتهم»، مشيراً إلى أن السلطات الجزائرية «استوفت كل المتطلبات والملفات التي طلبها القضاء الإسباني»، معرباً عن «تفاؤله باستجابة إيجابية وشيكة لطلب الجزائر القاضي بإعادتهم».


«التعليم المصرية» تستنفر مبكراً للحد من أساليب غش مبتكرة بـ«الثانوية العامة»

ضبط منظومة الامتحانات أولوية حكومية في مصر مع تعدد أساليب الغش المبتكرة (وزارة التربية والتعليم)
ضبط منظومة الامتحانات أولوية حكومية في مصر مع تعدد أساليب الغش المبتكرة (وزارة التربية والتعليم)
TT

«التعليم المصرية» تستنفر مبكراً للحد من أساليب غش مبتكرة بـ«الثانوية العامة»

ضبط منظومة الامتحانات أولوية حكومية في مصر مع تعدد أساليب الغش المبتكرة (وزارة التربية والتعليم)
ضبط منظومة الامتحانات أولوية حكومية في مصر مع تعدد أساليب الغش المبتكرة (وزارة التربية والتعليم)

قبل ما يقرب من 6 أشهر على انطلاق امتحانات «الثانوية العامة» في مصر (شهادة البكالوريا)، تعددت اللقاءات على مستويات تنفيذية عليا استعداداً لها، مع توجيهات بتشديد «عقوبات الغش»، و«تغطية لجان الامتحان كافة بكاميرات مراقبة» للحد من أساليب الغش المبتكرة.

وبرزت خلال السنوات الماضية، أساليب جديدة في الغش أثرت سلباً على ضبط منظومة الامتحانات، بينها «استخدام سماعات الأذن»، و«الساعات الرقمية»، و«الجوال»، مع وجود مجموعات مساعدة للطلاب من خارج اللجان عبر غروبات «واتساب»، واتباع أساليب يصعب ضبطها أثناء تفتيش الطلاب قبل الامتحان، بينها التنسيق مع بعض عمال المدارس لإخفاء وسائل «الغش» بعيداً عن أنظار المراقبين.

وقال مصدر مسؤول بوزارة التربية والتعليم المصرية لـ«الشرق الأوسط»، إن الوزارة تدرس إدخال تعديلات على قانون «مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات»، ومضاعفة عقوبات «حيازة الجوال لاستخدامه في الغش»، وكذلك عقوبات «ضبط الطلاب المتورطين في الغش أثناء أداء الامتحان»، مشيراً إلى أن الوزارة ستوفر هذا العام كاميرات مراقبة متطورة في جميع لجان الامتحانات.

وأوضح أن الوزارة تدرس أيضاً الاستعانة بأجهزة متطورة لضبط «سماعات الأذن» المستخدمة في «الغش»، وتشديد إجراءات حماية أوراق الامتحانات بعد وصولها إلى مقار اللجان الامتحانية؛ لضمان عدم نشرها على منصات التواصل الاجتماعي أثناء الامتحان، مضيفاً: «من بين الخيارات التي تدرسها الوزارة تمهيداً لتطبيقها، توفير إجراءات حماية أكبر للملاحظين والمراقبين، وزيادة عدد العاملين بكل لجنة من مراقبين ومشرفين وعمال».

ويعاقب قانون «مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات»، الطالب الذي يرتكب غشاً أو شروعاً فيه بالحرمان من أداء الامتحان في الدور الذي يؤديه والدور الذي يليه من العام ذاته، ويعدّ راسباً في جميع المواد، وفي حالة الامتحانات الأجنبية يُحرَم الطالب من أداء امتحانات المواد اللازمة للمعادلة، وفقاً للنظام المصري، دورَين متتاليَين.

كما يفرض القانون عقوبات مغلظة على جرائم الغش أو الشروع فيه، وتصل العقوبة إلى «الحبس سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية)، ولا تزيد على 200 ألف جنيه على كل مَن طبع أو نشر أو أذاع أو روَّج، بأي وسيلة، أسئلة الامتحانات أو أجوبتها أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات».

رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مع وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف (مجلس الوزراء المصري)

وحسب المصدر المسؤول، فإن الوزارة بدأت هذا العام الاستعداد مبكراً لإجراءات تنظيم الامتحانات، وذلك بفتح باب تسجيل وتحديث بيانات المرشحين للعمل بصفتهم رؤساء ومراقبين أوائل للجان سير الامتحانات، والمستهدف هو تنقية الأسماء المختارة بعناية، واستبعاد أي عناصر ثبت تقصيرها في أداء عملها من قبل، إلى جانب إتاحة الفرصة لتدريب هؤلاء بشكل جيد على أعمال الامتحانات.

وحذّر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي من أن «أي محاولة للمساس بنزاهة امتحانات الثانوية العامة أو الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب ستُواجه بحسم كامل وعقوبات رادعة»، مشيراً إلى أن الدولة «ماضية بقوة في تشديد إجراءات تأمين الامتحانات».

وأكد خلال اجتماع عقده مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني في مصر محمد عبد اللطيف بمشاركة عدد من مسؤولي الجهات المعنية بتأمين الامتحانات، مساء الأحد، أن «تأمين الامتحانات لم يعد خياراً، بل ضرورة وطنية»، وشدّد على «أهمية اتخاذ جميع الإجراءات التنظيمية والتقنية التي تضمن سير الامتحانات في أجواء من العدالة والشفافية، مع التصدي لأي محاولات للغش سواء كانت فردية أو جماعية».

وجاء اجتماع مدبولي مع عدد من المسؤولين التنفيذيين، بعد أسبوعين تقريباً من اجتماع آخر عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وزير التعليم وجّه خلاله «بتشديد العقوبات المُوقَّعة على مَن يثبت تورطهم في الغش بامتحانات الثانوية العامة».

وتواجه وزارة التربية والتعليم المصرية انتقادات عدة نتيجة استمرار وقائع «الغش» و«تسريب الامتحانات»، ولم تعلن الوزارة خلال امتحانات العام الماضي، أعداد الطلاب الذين تمَّ ضبطهم بتهمة «الغش»، غير أنها أعلنت في امتحانات الثانوية العامة عام 2024 إحالة 425 طالباً إلى جهات التحقيق، بسبب مخالفة قانون أعمال الامتحانات.

وأكد أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة، الدكتور عاصم حجازي، أن الاستعدادات المبكرة لامتحانات «الثانوية العامة» تَظهر بشكل واضح على مستويات رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، «غير أن أساليب وزارة التربية والتعليم تبقى تقليدية، وأن الحديث عن مضاعفة العقوبات أو تركيب الكاميرات ليس جديداً أو مبتكراً، ولكنه متبع من قبل ولم يحقق نتائج إيجابية، ولا بد من إدخال تعديلات جذرية على شكل الامتحان».

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن البدء مبكراً يتيح فرصة لتعديل الإجراءات أو إضافة مزيد من المقترحات عليها، كما أن التأكيد على ضرورة التعاون بين الوزارات المختلفة لمجابهة «الغش» خطوة إيجابية ما يجعل هناك توقعات بأن تبقى الامتحانات هذا العام أكثر انضباطاً ومتابعة ورقابة.

وأشار إلى أن الاستنفار الحكومي يرجع لأن «الغش يضعف مصداقية النظام التعليمي على المستوى الدولي، وتبقى مواجهته أولوية كونه يغطي على أي تطوير آخر قد يحدث على مستوى تطوير المناهج التعليمية».

الرئيس عبد الفتاح السيسي سبق أن طالب بتشديد عقوبات الغش في الامتحانات (الرئاسة المصرية)

ووجّه مدبولي بتزويد جميع لجان الامتحانات بكاميرات مراقبة ترصد مختلف الجوانب داخل كل لجنة. وحسب وزير التعليم المصري، فإن «قرابة 95 في المائة من اللجان مزودة بكاميرات، ويجري حالياً استكمال تركيبها في جميع اللجان قبل بدء الامتحانات»، وفقاً لبيان صادر عن مجلس الوزراء المصري.

وقال أستاذ مناهج البحث والتقويم بجامعة قناة السويس، عبد العاطي الصياد، إن التعامل مع تفاقم «الغش» بإجراءات تقليدية لن يجدي نفعاً في عصر الذكاء الاصطناعي، وفي حال أقدمت الوزارة مثلاً على تركيب كاميرات أو استخدام أجهزة لضبط السماعات، فإن مزيداً من أساليب الغش المبتكرة ستكون حاضرة لدى الطلاب، لم تكن معروفة من قبل.

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن التطور يجب أن يصل إلى المعلم وتدريبه على طرق تدريس مبتكرة تتماشى مع تطور نظم التعليم الدولية، مع أهمية إجراء اختبارات قبول للطلاب قبل دخول الجامعات؛ للتأكد من توفر القدرات التي تؤهلهم للدراسة فيها.