من السرطان إلى الطاعون... هل تنجح لقاحات «mRNA» في مكافحة الأمراض الخطيرة؟

اكتسبت تقنية الحمض النووي الريبي المرسال شهرة واسعة بعد تفشي «كورونا» (رويترز)
اكتسبت تقنية الحمض النووي الريبي المرسال شهرة واسعة بعد تفشي «كورونا» (رويترز)
TT

من السرطان إلى الطاعون... هل تنجح لقاحات «mRNA» في مكافحة الأمراض الخطيرة؟

اكتسبت تقنية الحمض النووي الريبي المرسال شهرة واسعة بعد تفشي «كورونا» (رويترز)
اكتسبت تقنية الحمض النووي الريبي المرسال شهرة واسعة بعد تفشي «كورونا» (رويترز)

منذ استخدامها في عدد من اللقاحات المضادة لفيروس «كورونا»، اكتسبت تقنية الحمض النووي الريبي المرسال، أو «mRNA»، شهرة واسعة، وأكد الكثير من العلماء أنها يمكن أن تساعد في علاج مجموعة مختلفة من الأمراض، من بينها السرطان والطاعون.
وتقنية «mRNA»، هي مادة وراثية تحفز الجسم على إنتاج بروتين معين مكافح للمرض.
وفي حالة لقاحات «كورونا»، تقوم التقنية بإنتاج البروتين الموجود على سطح الفيروس، وفور إنتاج ذلك البروتين يعتقد الجهاز المناعي بوجود «كورونا» داخل الجسم، فيبدأ في إنتاج الأجسام المضادة كما لو كان الشخص قد أصابه المرض فعلاً.
ونقلت صحيفة «نيويورك بوست» عن آنا بلاكني، باحثة الحمض النووي الريبي في جامعة كولومبيا البريطانية، قولها إن استخدام هذه التقنية لعلاج السرطان (من بين أمراض أخرى) هو أمر «واقعي تماماً».
وأضافت أن هذا النوع من اللقاحات «سيغير قواعد اللعبة في السنوات القادمة، وسيقضي تماماً على الكثير من الأمراض التي تؤرق العالم الآن».
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلن عدد من العلماء عن ابتكار لقاح بجرعة واحدة يمكن أن يحمي الناس بشكل فعال من بكتيريا اليرسينيا الطاعونية، المسؤولة عن مرض الطاعون الذي لُقب بالموت الأسود في العصور الوسطى، والذي لا يزال يقتل الآلاف في آسيا وأجزاء من أفريقيا كل عام.
ويعتقد الكثير من الأشخاص أن الاكتشافات الخاصة باستخدام تقنية «mRNA» في علاج مختلف الأمراض لم تبدأ إلا بعد تفشي وباء «كورونا»، إلا أن هذا الأمر غير صحيح؛ إذ أكد الباحثون أنهم أجروا تجارب على العلاجات التي تعتمد على الحمض النووي الريبي المرسال منذ عقود.

وتقول بلاكني: «بدأ العلماء لأول مرة في دراسة لقاحات الرنا المرسال عام 1990. وبدأت التجربة السريرية الأولى للقاح الحمض النووي الريبي في عام 2009».
ويقول كيث كنوتسون، أستاذ علم المناعة في مستشفى «مايو كلينك» بولاية مينيسوتا الأميركية الذي يبحث في تطوير لقاحات للسرطان، إن «التجارب الخاصة بهذه اللقاحات كانت تواجه الكثير من العقبات والروتين البيروقراطي، وهي الأمور التي تغيرت تماماً بعد تفشي (كورونا)؛ إذ ساهم الوباء في تسريع استخدام هذه التقنية».
ولفت الباحثون إلى أنه، في الوقت الحالي، يتم العمل على استخدام لقاحات «mRNA» لعلاج كل أنواع الأمراض الفتاكة تقريباً، من السل والملاريا إلى ارتفاع الكوليسترول وفيروس نقص المناعة البشرية وسرطان المبيض والقولون والمستقيم والرئة والبنكرياس.
كما يتم إحراز تقدم واعد في مجال لقاح الإنفلونزا الشامل، الذي يمكن أن يقي من سلالات متعددة من الإنفلونزا الموسمية.
وتقول بلاكني إن هناك لقاحاً جديداً يطوره باحثون في جامعة بنسلفانيا، «يمكن أن يقي من عشرين سلالة من الإنفلونزا في آن واحد».
ويعمل عدد من الشركات المصنعة للقاحات «mRNA» مثل «موديرنا» و«جي اس كيه» و«سي اس ال سيكيراس»، حالياً، على تطوير لقاح احتياطي لسلالة جديدة من إنفلونزا الطيور تسمى «H5N1» التي قتلت ملايين الحيوانات (بما في ذلك الثدييات مثل الراكون والدببة)، ولكنها تظل نادرة جداً، وتقريباً غير مميتة بالنسبة للبشر، على الأقل حتى الآن، ولكن من بين جميع هذه الأمراض، حاز السرطان الاهتمام الأكبر من جهة العلماء.
وتقول بلاكني إن استخدام تقنية «mRNA» في تطوير لقاحات لـ«كورونا» كان أسهل بكثير من استخدامها مع السرطان.
وأوضحت قائلة: «تعتمد لقاحات (كورونا) على إنتاج بروتين شبيه لذلك الموجود على سطح الفيروس، لدفع الجهاز المناعي على إنتاج أجسام مضادة. أما لقاحات السرطان، فتستهدف الخلايا البشرية التي تحتوي على البروتينات التي تتشكل على الخلايا السرطانية، وقد تستهدف أيضاً تلك التي لا تحتوي على هذه البروتينات. لذلك أحياناً يكون من الصعب التأكد من تأثيرها على الخلايا السرطانية فقط. وهذا ما يجعل تطوير لقاحات السرطان أمراً أكثر صعوبة وتعقيداً».
ويشرف كنوتسون، أستاذ علم المناعة في «مايو كلينك»، حالياً، على 5 تجارب سريرية مختلفة تختبر لقاحات مختلفة لسرطان الثدي أو سرطان المبيض، وهي لقاحات لا تمنع السرطان فحسب، بل تمنعه من التكرار. وعلى الرغم من أن البيانات لا تزال أولية، فإنه متفائل جداً بشأنها.
ويتوقع العديد من الخبراء أنه إذا سارت الأمور على ما يرام في التجارب، فإن اللقاح المضاد للسرطان قد يكون جاهزاً «خلال العامين المقبلين».


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)
الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)
TT

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)
الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)

شهدت فعاليات «أيام مصر» في «حديقة السويدي» بالعاصمة السعودية الرياض، حضوراً واسعاً وتفاعلاً من المقيمين المصريين في السعودية، عكس - وفقاً لعدد من الزوّار - غنى الموروث المصري وتنوّعه من منطقة إلى أخرى.

فرق فنيّة أدت رقصات «التنورة» و«الرقص النوبي» و«الدبكة السيناوية» (الشرق الأوسط)

الفعاليات التي انطلقت، الأحد، في إطار مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى 30 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، اشتملت على عدد من العروض والحفلات الغنائية واستعراض للأزياء التقليدية، والأطعمة الشهية، والفلكلور الشعبي، واللهجات المحلية، لترسم لوحة فنية تعبر عن جمال التنوع المصري.

وتحولت أركان «حديقة السويدي» إلى عرض للأزياء التقليدية من مختلف مناطق مصر، حيث عكست أزياء النوبة، والصعيد، وسيناء، والدلتا، تفردها في الألوان والتصاميم، وتميّز كل زي بطابع جغرافي واجتماعي فريد، مما منح الزوار من المواطنين السعوديين أو المقيمين، فرصة للتعرف على جمال التراث المصري الذي يعبر عن الحرفية والإبداع الفني.

طفل مصري يؤدي وصلة غنائية خلال «أيام مصر» (الشرق الأوسط)

وعلى صعيد المطبخ المصري، أتيحت للزوار فرصة تذوق أشهر الأطباق المصرية التي تعبر عن غنى المطبخ المصري بتنوعه، وبرزت أطباق المطبخ المصري الشهيرة على غرار «الكشري»، و«الملوخية»، و«المسقعة»، و«الفطير المشلتت»، لتقدم تجربة فريدة جمعت بين الطعم التقليدي وطرق الطهي المتنوعة التي تميز كل منطقة.

وتضمّنت فعاليات «أيام مصر» عروضاً موسيقية حيّة ورقصات شعبية مستوحاة من التراث المصري، وأدّت فرق فنية رقصات مثل «التنورة»، و«الرقص النوبي»، و«الدبكة السيناوية»، التي عكست أصالة الفلكلور المصري وفرادته، وسط تفاعل كبير من الجمهور.

وأبدى عدد من الزوّار لـ«الشرق الأوسط» سعادتهم بفعالية «أيام مصر»، وأعرب بعضهم عن شعوره بأجواء تعيدهم إلى ضفاف النيل، وواحات الصحراء، وسحر الريف المصري، واستكشف عدد منهم تنوع الثقافة المصرية بكل تفاصيلها، وأكّد المسؤولون عن المبادرة أن الفعالية شكّلت فرصة لتقارب الشعوب والمجتمعات في السعودية وتبادل التجارب الثقافية.

جانب من الفعاليات (الشرق الأوسط)

وتأتي هذه الفعالية ضمن مبادرة لتعزيز التفاعل بين المقيمين والزوار من مختلف الجنسيات، حيث تهدف إلى تسليط الضوء على الثقافات المتنوعة التي يحتضنها المجتمع السعودي، وتشكل «أيام مصر» نموذجاً حياً لرؤية السعودية نحو مجتمع غني بتعدد الثقافات ومتسق مع قيم التسامح التي اشتملت عليها «رؤية السعودية 2030».