فطور البحر صورة أصيلة تكرس الحالة الرمضانية لسكان جدة

الإفطار على كورنيش جدة عادة قديمة تجدد كل عام (واس)
الإفطار على كورنيش جدة عادة قديمة تجدد كل عام (واس)
TT

فطور البحر صورة أصيلة تكرس الحالة الرمضانية لسكان جدة

الإفطار على كورنيش جدة عادة قديمة تجدد كل عام (واس)
الإفطار على كورنيش جدة عادة قديمة تجدد كل عام (واس)

كثير من اللوحات والمشاهد لا تجدها إلا في رمضان أو أن وتيرتها تزداد في هذا الشهر، كبعض المأكولات التي يزداد عليها في أيام معدودة، كذلك هو الحال في مدينة جدة الواقعة في الشق الغربي من السعودية. البحر موجود ولكن يطغى جماله وتشتاق إلى نسائمه ويحلو التجمع ولقاء الأحبة فيه قبل سويعات المغرب على تمرة ورشفة عصير.
لا يحلو رمضان كما يعتقد غالبية قاطني مدينة جدة الضاربة في التاريخ لأكثر من ثلاثة ألف عام، إلا بمشهد غروب الشمس على أطراف ساحل يمتد قرابة 100 كيلومتر، هي حالة لسكان جدة وهم يتوجهون من ساعات مبكرة قبل موعد الإفطار للوصول إلى بغيتهم وحجز مقاعدهم قبل الزحام.
وتداعب انخفاض درجات الحرارة التي تلامس الـ27 سكان المدينة من أول أيام الشهر والذي يكون ضمن البروتوكولات المقررة في رمضان المبارك التجمع في منزل كبير العائلة، إلا أن هذا البروتوكول قد يتغير كلياً أو يجانبه تعديل في موقع التجمع ليكون على الساحل الذي بدأ الزحف إليه من بعد صلاة العصر للبقاء مع هذه الأجواء اطول فترة قبل سدول الليل.
وبالعودة إلى تاريخ وزمن هذا الخروج الجماعي للبحر، فهو غير محدد، إلا أن عدداً من كبار السن الذين التقتهم «الشرق الأوسط» يؤكدون أن هذه العادة بدأت تنتشر بين السكان قبل عشرات الأعوام؛ إذ كانوا يخرجون للساحل في رمضان للإفطار ومن ثم العودة إلى منازلهم، وهذا كان مع توسع المدينة التي تخطت أسوارها الصغيرة لترسم ملامحها الجديدة بأكثر من 100 حي منتشرة في كل الزوايا، موضحين أن كثيراً من هذه الأسرة كانت تعتمد على الوجبات الخارجية في هذا اليوم، وذلك يعود لأسباب عدة أن الأسرة تريد الاستمتاع بهذا اليوم من قبل الغروب لما بعده دون قيد أو شرط أو أن يكون هناك ما يسرق منهم هذه اللحظة في حال تأخروا عن الوصول بسبب الإنهاك في عمليات التحضير.
ويتوافق هذا الحديث مع الطفرة التي تعيشها جدة لتصبح بكل المكتسبات من أكثر المدن السعودية التي تحتضن مرافق ومنشآت سياحية متطورة كالفنادق والشقق المفروشة والمنتجعات، إضافة إلى المطاعم والمراكز الترفيهية والمتاحف الأثرية؛ الأمر الذي جعلها محطة العبور من وإلى مكة المكرمة، وتزداد هذه الحالة مع توافد المعتمرين للمدينة فترصد أثناء تجولك على امتداد الساحل الكثير من تجمعات المعتمرين في هذه المواقع.
وتنتعش مع هذا التدفق الكبير والذي يزداد في العشر الأواخر من شهر رمضان، الحركة الاقتصادية لمنافذ البيع وبخاصة المطاعم المنتشرة على امتداد الساحل، بخلاف تلك المنتشرة في أكثر من 320 مركزاً وسوقاً تجارية، وهذا عزز موقع جدة كوجهة حقيقية على مدار العام وفي شهر رمضان لما تمثله من قوة سياحية واقتصادية من خلال استحواذها على 21 في المائة من إجمالي الأسواق والمراكز التجارية بالمملكة.
ولا تقتصر وجبات الإفطار على الأسر، فهناك تجمعات لشباب وإن كانت غير مرتبطة بشكل كبير بالجلوس أمام البحر، إلا أنها منتشرة في كثير من المواقع الساحلية والطرق الرئيسية القريبة من المجسمات الجمالية والتي تزيد على 360 مجسماً صممها فنانون عالميون في فن النحت، وغالباً ما تكون هذه التجمعات لشباب الحي أو الزملاء في مواقع العمل، الذي يختارون يوماً تناول الإفطار خارج الدائرة المزدحمة على البحر أو في مواقع مختلفة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

الإفراج عن الصحافية الإيطالية المعتقلة في إيران

ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
TT

الإفراج عن الصحافية الإيطالية المعتقلة في إيران

ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإيطالية، الأربعاء، أن الصحافية الإيطالية تشتشيليا سالا التي اعتقلت في 19 ديسمبر (كانون الأول) في إيران بتهمة «انتهاك قوانين» إيران، أُفرج عنها. ونشرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، صورة لاستقبالها الصحافية، بعد ماراثون دبلوماسي واستخباراتي لتأمين الإفراج عنها.

حراك دبلوماسي

وقبل ساعات من وصول سالا إلى بلادها، أعلن مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية في بيان: «أفرجت السلطات الإيرانية عن مواطنتنا، وهي في طريقها إلى إيطاليا. تعرب رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني عن امتنانها لجميع الأشخاص الذين ساعدوا في جعل عودة تشتشيليا أمراً ممكناً، ما يسمح لها بالعودة إلى عائلتها وزملائها»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في البيان أن «الطائرة التي تقل الصحافية تشتشيليا سالا غادرت طهران قبل دقائق»، بعد «تحرك مكثف عبر القنوات الدبلوماسية والاستخباراتية». وبحثت ميلوني، في زيارة قصيرة ومفاجئة إلى مارالاغو، قضية الصحافية المحتجزة مع الرئيس الأميركي المنتخب وفريقه الانتقالي الأسبوع الماضي.

وكانت ميلوني استقبلت والدة الصحافية في مقر الحكومة في الثاني من يناير (كانون الثاني)، وتحادثت هاتفياً مع والدها. وكتبت على منصة «إكس» إنها «أبلغتهما شخصياً عبر الهاتف» بالإفراج عن ابنتهما.

من جهتها، أعربت منظمة «مراسلون بلا حدود» غير الحكومية عن «ارتياحها الكبير». وأضافت في بيان مقتضب: «الآن يجب أيضاً إطلاق سراح الصحافيين الـ25 الذين ما زالوا محتجزين في السجون الإيرانية». واعتقلت سالا خلال زيارة مهنية لطهران بتأشيرة صحافية، لكن السلطات الإيرانية لم تعلن أبداً عن أسباب الاعتقال. وكانت الصحافية، البالغة من العمر 29 عاماً، محتجزة منذ ذلك الحين في زنزانة بسجن إيفين بطهران. وتكتب سالا لصحيفة «إل فوليو»، وتقدّم مدونة صوتية إخبارية.

وكان وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، استدعى السفير الإيراني في 2 يناير، مطالباً بـ«الإفراج الفوري» عن الصحافية. وطالبت إيطاليا أيضاً بمعاملة المعتقلة «بطريقة تحترم كرامة الإنسان»، بينما ذكرت الصحافة الإيطالية أنها في الحبس الانفرادي وتنام على الأرض وحُرمت من نظارتها. وفي 3 من الشهر الحالي، استدعت طهران بدورها السفيرة الإيطالية لدى إيران.

ورقة مساومة

أوقفت سالا بعد فترة قصيرة على توقيف الولايات المتحدة وإيطاليا مواطنين إيرانيين اثنين بتهمة انتهاك العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران. واعتُقل محمد عابديني (38 عاماً) في ديسمبر بإيطاليا، بناءً على طلب السلطات الأميركية. أما مهدي محمد صادقي (42 عاماً) الذي يحمل جنسية مزدوجة، فمسجون في الولايات المتحدة.

ترمب وميلوني في صورة جمعتهما مع المرشّحين لمنصبي وزير الخزانة سكوت بيسنت (يسار) والخارجية ماركو روبيو في مارالاغو 4 يناير (إ.ب.أ)

واتهمهما القضاء الأميركي رسمياً في 17 ديسمبر بـ«تصدير مكونات إلكترونية متطورة إلى إيران»، في انتهاك للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران. وبحسب وزارة العدل الأميركية، تم استخدام هذه المكونات خلال هجوم بطائرة من دون طيار في الأردن أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين في يناير 2024. ونفت إيران أي تورط لها، وندّدت بادعاءات «لا أساس لها». لكن طهران شددت، الاثنين، على عدم وجود «صلة» بين اعتقال سالا وعابديني. وتُتّهم إيران، التي تحتجز العديد من الرعايا الغربيين أو مزدوجي الجنسية، من قِبَل المنظمات غير الحكومية باستخدامهم ورقة مساومة في المفاوضات بين الدول.

وتتهم السلطات الإيرانية سيسيل كوهلر، وجاك باري، وهما زوجان فرنسيان مسجونان منذ عام 2022 خلال زيارة سياحية بـ«التجسس»، وهو ما «ينفيه أقاربهما بشدة». كما يعتقل فرنسي ثالث يُدعى أوليفييه، ولم يكشف عن اسمه الكامل، في إيران منذ عام 2022. وتصف باريس هؤلاء السجناء بأنهم «رهائن دولة». كما دعا وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الثلاثاء، الرعايا الفرنسيين إلى عدم السفر إلى إيران حتى «الإفراج كلياً» عن المعتقلين الفرنسيين في هذا البلد.