أول رواية لخوان خوسيه ساير إلى العربية

{المولود من ذي قبل} تعد من أشهر أعماله

أول رواية لخوان خوسيه ساير إلى العربية
TT

أول رواية لخوان خوسيه ساير إلى العربية

أول رواية لخوان خوسيه ساير إلى العربية

يعد خوان خوسيه ساير (1937 - 2005) الكاتب الأرجنتيني الأهم لجيل ما بعد خورخي لويس بورخيس (1899 - 1986) وواحداً من أهم كتاب الأدب باللغة الإسبانية في القرن العشرين، لكن يبدو أن ابتعاده عن بلاده لفترة طويلة أمضاها في فرنسا ووفاته في باريس أثرا سلباً على انتشار اسمه في الدول الناطقة بالإسبانية. من هنا تأتي أهمية صدور روايته «المولود من ذي قبل» عن دار «الكرمة» بالقاهرة، بترجمة شيقة للمصري محمد الفولي، حيث تُعد أول عمل يُترجم له إلى اللغة العربية.
والمفارقة أن أعماله تُرجمت إلى أكثر من عشر لغات ليس من بينها لغة الضاد، رغم أن جذوره عربية، حيث هاجر جداه من سوريا ليكونا من أوائل المهاجرين إلى أميركا اللاتينية، واستقرا في بلدة أرجنتينية صغيرة تدعى سيرودينو تتبع إقليم سانتا في على بعد 40 كيلومتراً عن مدينة روساريو. وقد امتلك أبوه متجر أقمشة وهناك مبادرة حالياً يقوم بها أبناء الجالية العربية في الأرجنتين تسعى إلى تحويل البيت الذي ولد فيه ساير إلى مركز ثقافي يحمل اسمه.
وحمل عام 2007 نوعاً من رد الاعتبار إلى الكاتب، حيث اختيرت ثلاثة من أعماله ضمن قائمة أفضل مائة كتاب باللغة الإسبانية خلال الـ25 عاماً السابقة لهذا التاريخ. وتنوعت أعماله بين القصة القصيرة والشعر والمقال، إلى جانب الرواية التي أنتج فيها أعمالاً أخرى مهمة مثل «التحقيق» و«شجرة الليمون الملكية».
وتحكى رواية «المولود من ذي قبل» بأسلوب أخاذ وتراكيب لغوية غير معتادة وسرد متدفق يحبس الأنفاس، قصة صبي بحار يبحر على متن سفينة عملاقة من إسبانيا إلى العالم الجديد في القرن السادس عشر. وعندما ترسو السفينة على أحد الشواطئ، يقوم البحارة والقبطان برحلة استكشافية لمنطقة أدغال وأحراش كثيفة. وهناك يباغتهم السكان الأصليون من الهنود الأميركيين بهجوم عنيف مستخدمين الحراب والسهام على حين غرة، فيسقط الجميع قتلى باستثناء الصبي الذي يصبح الناجي الوحيد.
يعيش الصبي داخل مجتمع الهنود الحمر عشر سنوات كاملة بعد أن تجاوز صدمة أن هؤلاء الهنود من آكلي لحوم البشر. وهنا يبدع المؤلف، بلغة شاعرية وحس فلسفي، في وصف وتحليل هؤلاء الناس من الداخل واكتشاف إنسانيتهم خلف قشرة التوحش الخارجية. وعندما يتركهم، يجرب بيئات أخرى للعيش، لكن حنينه يظل متقداً لتلك السنوات التي عاشها في معيتهم ما يجعله يجلس ويكتب تلك القصة الآسرة وهو عجوز في الستين.
وقد أثنت الصحافة العالمية على رواية «المولود من ذي قبل»، حيث قالت «واشنطن تايمز» إن «الصور القوية التي يتضمنها العمل لا يمكن نسيانها بسهولة»، ووصفتها «إندبندنت» بأنها «مؤلمة لكنها مكتوبة بأسلوب غاية في الجمال»، فيما أكدت صحيفة «ذا نيشن» أنها «الرواية الأكثر شهرة لساير والتي يظهر فيها مبتكراً كعادته».
ويشير المترجم محمد الفولي في كلمته التي جاءت في نهاية العمل إلى أنه شعر بالذهول حين قرأ خوسيه خوان ساير في لغته الأصلية لأول مرة عام 2017 بسبب «السرد المدوِّخ والألفاظ الجذلة والجمل المركبة والفقرات الطويلة التي لا تفقد تدفقها»، فضلاً عن قدرته المدهشة على طرح هذا الكم من القضايا الفلسفية والوجودية والإنسانية في عمل دون المائتي صفحة. ويشير الفولي، الذي ترجم أكثر من 20 عملاً من الإسبانية إلى العربية، إلى عدد من «التحديات اللغوية» التي واجهته عندما تصدى لتلك الترجمة منها عنوان الرواية نفسه، فهو كلمة واحدة تحمل أداة التعريف «El entenado»، التي يترجمها كثيرون بمعنى «الربيب»، في حين أن الترجمة الإنجليزية استقرت على معنى «الشاهد»، لكن الحقيقة أن هاتين الترجمتين لا تعبران عن جوهر النص.
ومن أجواء الرواية نقرأ:
«إنها أرض من دون... هذا ما قاله القبطان حرفياً حين اخترق السهم فجأة حنجرته آتياً من الأجمة التي انتصبت خلف ظهورنا فتجمد بضع لحظات وهو مفتوح العينين وسط إيماءاته المعلنة، قبل أن يسقط أرضاً. لم يحدث شيء، طوال جزء من الثانية، إلا تيقني الذاهل من أن كل من رافقوا القبطان، باستثنائي أنا، قد تساقطوا أرضاً بلا حراك بعد أن اخترقتهم في أجزاء مختلفة – بالأخص في الحنجرة والصدر - أسهم يبدو أنها بزغت من العدم لتسكن أجسادهم الغافلة. وقع الحدث في حضوري دون أن أتمكن من الارتعاش بسبب معناه المرعب».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

مقابل 5 آلاف يورو... اتهام زوجين إسبانيين ببيع ابنتهما القاصر

عنصران من الشرطة الإسبانية يظهران في مدريد (رويترز)
عنصران من الشرطة الإسبانية يظهران في مدريد (رويترز)
TT

مقابل 5 آلاف يورو... اتهام زوجين إسبانيين ببيع ابنتهما القاصر

عنصران من الشرطة الإسبانية يظهران في مدريد (رويترز)
عنصران من الشرطة الإسبانية يظهران في مدريد (رويترز)

وجَّهت السلطات في إسبانيا اتهامات إلى زوجين ببيع ابنتهما البالغة من العمر 14 عاماً إلى رجل (22 عاماً) مقابل 5 آلاف يورو (5200 دولار) قبل نحو 3 أعوام مضت، وفقاً لما أفادت به تقارير وسائل إعلام محلية، أمس (الخميس)، بحسب «وكالة الأنباء الألمانية».

وتمكنت الفتاة من الفرار، واعتُقل والداها اللذان ذهبا إلى قسم الشرطة في كاديز في جنوب غربي البلاد للإبلاغ عن فقدانها، جنباً إلى جنب مع الرجل، وفقا لصحيفة «لا فامجارديا» ووسائل إعلام محلية. وجرى الاعتقال في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بحسب ما أفادت به وسائل الإعلام.

وقالت الفتاة التي تقدمت بشكوى للشرطة إنها خضعت لاعتداءات نفسية وجسدية وجنسية، وعاشت مع الرجل في مركبة «فان» لتوصيل الطلبات، وأُجبرت على جمع الخردة المعدنية من أجل جني المالي، وفقاً للتقارير.

وأبلغت الشرطة أيضا بأنها تعرضت لانتهاكات جنسية من قبل رجل آخر عندما كان عمرها 12 عاماً، ويبدو أنه تم تنسيق ذلك من قِبَل والدها.

وتم احتجاز الأب بينما تم إطلاق سراح الأم والرجل الذي أُجبرت الفتاة على الزواج منه في عام 2021 تحت المراقبة.

وذكرت التقارير أن الأشخاص الثلاثة متهمون بالاتجار بالبشر والعنف الجنسي وإساءة معاملة الأطفال. وفي حالة إدانتهم قد يواجهون أحكاماً بالسجن لفترات طويلة.