بروفايل: باتيلي... هدفه «ترويض» الأزمة الليبية

الأكاديمي السنغالي المخضرم أمام تحديات مهمته الأممية

بروفايل: باتيلي... هدفه «ترويض»  الأزمة الليبية
TT

بروفايل: باتيلي... هدفه «ترويض» الأزمة الليبية

بروفايل: باتيلي... هدفه «ترويض»  الأزمة الليبية

بخلاف جميع المبعوثين الأمميين السابقين إلى ليبيا، اعتمد عبد الله باتيلي، الأكاديمي والسياسي السنغالي، مبكراً نظرية الصدمة والمكاشفة بحقيقة الأمور، غير عابئ بغضب ساستها، أو من يتولى منهم إدارة المؤسسات الحاكمة بالبلاد. إذ كان ولا يزال الأهم، من وجهة نظره «إنقاذ ليبيا من العودة للاقتتال الأهلي، ووضعها على خريطة الانتخابات سريعاً». باتيلي، الذي تسلم مهامه كمبعوث أممي في ليبيا قبل خمسة أشهر، كان يعلم أنه جاء إلى بلد يموج بالصراعات على السلطة والمال، ويدرك أيضاً أنه أتى بعد إخفاق سبعة من أسلافه الأمميين في حلّ المعضلة السياسية. ولذا؛ تبدو حظوظه وفيرة بالنظر إلى حجم الضغوط الدولية التي تسانده وتقف في ظهره؛ ما يمنحه فرصة كبيرة لترويض الأزمة المُعقدة منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، عام 2011، ثم إن ما مضى من تاريخ الرجل الأفريقي، الذي يقف على مشارف الثمانين من عمره، أزاح بعض مخاوف الليبيين، لاعتبارات عدة، من بينها تراكم خبراته، وسجله السابق في حل نزاعات القارة السمراء، بيد أن إقدامه على طرح مبادرة «أحادية» لحل أزمة بلدهم وضعه في مرمى الانتقادات، التي وصلت إلى توجيه اللوم له من أحد الساسة الليبيين، بأنه «ليس حاكماً لليبيا كي يشكّل أجساماً سياسية جديدة من تلقاء نفسه». ويرجع انتقاد البعض للمبعوث الأممي إلى المبادرة التي طرحها خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، وتقضي بإجراء الانتخابات قبل نهاية العام، بجانب ما تطرق إليه من «أزمة شرعية النخبة السياسية» في ليبيا، عندما قال إن «معظم مؤسسات الدولة فقدت شرعيتها منذ سنوات»، وأن «مجلسي النواب والدولة لم ينجحا في التوافق على قاعدة دستورية».

تجرأ عبد الله باتيلي، الوسيط الأممي في ليبيا، بعكس سابقيه في شغل هذه المنصب، على نكء جرح غائر بتطرقه إلى «شرعية مؤسسات الدولة» في ليبيا وهو لمّا ينه بعد شهره الخامس في مهمته. ذلك أن جُلّ من سبقوه لم يدخلوا هذه «المنطقة الشائكة»، إلا قرب نهاية خدمتهم، أو عقب مغادرتهم المنصب، مدوّنين ذلك في مؤلفات أو عبر مشاركات إعلامية. وكان قد سبق للمستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، أن دعت النخبة السياسية في ليبيا إلى التوقف عن «لعبة الكراسي الموسيقية» للبقاء في السلطة. وأشارت في تصريحات صحافية يومذاك، إلى انتهاء مدة التفويض الممنوح لمجلس النواب بموجب انتخابه قبل أكثر 8 سنوات، وكذلك انتهاء صلاحية المجلس الأعلى للدولة المنتخب قبل 11 سنة.

- خبير المراجعة الاستراتيجية
لم يمنع حاجز اللغة باتيلي، خبير المراجعة الاستراتيجية المستقل، الذي خلف السلوفاكي يان كوبيش، من أن يطوف أرجاء ليبيا ويلتقي مكوّناتها السياسية والأمنية والاجتماعية والمدنية كافة، طوال الأشهر الخمسة الماضية، فيصغي إلى آرائهم بشأن إمكانية حل أزمتهم السياسية. فالرجل يجيد الإنصات والارتجال، مستعيناً على ذلك بخبراته كمحاضر جامعي سابق. والحقيقة، بدا أن المبعوث الأممي ذا الصوت الجهوري - المرتدي غالباً الزي السنغالي بألوان داكنة - كان يتوقع هجوماً قادماً بشأن مبادرته؛ ولذا نقل لمجلس الأمن «شغف» من التقاهم من الليبيين بإنهاء المرحلة الانتقالية والتوجه إلى الانتخابات، كما ذكر أنه تلقى منهم العديد من المقترحات شفهياً وكتابياً حول سبل معالجة الجمود السياسي.
وحقاً، المبعوث الأممي يحرص على توسيع نطاق مشاوراته أفريقياً وعربياً وأوروبياً، ملتقياً بـ«الشركاء» في كل من الجزائر وتونس وبرازافيل والرباط وروما والقاهرة وباريس ولندن وبرلين وموسكو وواشنطن. وكاشفاً عن أنه عبّر لهم جميعاً عن «بواعث قلقه بشأن العملية السياسية في وضعها الحالي، وضرورة إنهاء الترتيبات الانتقالية المتكررة». إذ يرى أن الأمور في ليبيا «لا تخدم سوى أولئك المستفيدين من الوضع القائم».
يجيد باتيلي، أربع لغات هي الإنجليزية والفرنسية، والسونينكية (وهي لغة إمبراطورية غانا في القرون الوسطى التي أسسها شعب السونينكه. وحالياً يتكلمها أبناء هذا الشعب المنتشرون في مالي، وكذلك في شرق السنغال وغامبيا وجنوب موريتانيا) كما والولوفية (لغة أكبر شعوب السنغال وإحدى أقليات موريتانيا). وهو حاصل على دكتوراه الفلسفة في التاريخ من جامعة برمنغهام البريطانية، بالإضافة إلى دكتوراه ثانية من جامعة «شيخ أنتا ديوب» (أهم جامعات السنغال) في دكار. وأما على صعيد العمل، فإن باتيلي عمل محاضراً في عدد من الجامعات العالمية، بعد اكتسابه خبرة في تدريس التاريخ لما يربو على 30 سنة في جامعة «شيخ أنتا ديوب». وقبل أن يأتي إلى ليبيا، تجمّعت للمبعوث الأممي خبرة تزيد على 40 سنة عمل خلالها مع حكومة بلاده والمؤسسات الأكاديمية والمنظمات الإقليمية ومنظومة الأمم المتحدة. وفي آخر مهمة له مع الأمم المتحدة، عُيّن عام 2021 بصفة خبير مستقل في المراجعة الاستراتيجية لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

- «شغف الحرية» والسياسة
ما بين العمل الحزبي، والأكاديمي، مروراً بالترشح للرئاسة في السنغال بين عامي 1993 و2007، ظل عبد الله باتيلي عاشقاً الكتابة في بمجالي السياسة والتاريخ. وفي يونيو (حزيران) الماضي، أعلن عن نشره كتابه «شغف الحرية»، غير أن ذلك يخفي وراءه تاريخاً سياسياً للرجال امتد منذ بداية التسعينات. إذ دخل باتيلي معترك الحياة السياسية مبكراً عبر الالتحاق بحزب «الرابطة الديمقراطي» اليساري، الذي رشحه لخوض الانتخابات الرئاسية التي أجريت في فبراير (شباط) عام 1993، فحل رابعاً بنسبة قليلة من مجمل الأصوات. وفي عام 2000 أيد باتيلي (الرئيس الحالي) عبد الله واد، مرشح المعارضة الليبرالية (يومذاك) في الانتخابات الرئاسية، التي فاز فيها الأخير منهياً أربعة عقود من حكم الاشتراكيين (يسار الوسط). وبعدها أسند لباتيلي وزارة الطاقة والمياه التي احتفظ بها قرابة سنة. ثم خاض باتيلي، الانتخابات الرئاسية مجدداً في فبراير 2007، واحتل المركز السادس بنسبة 2.21 في المائة من الأصوات، وفقاً للنتائج الرسمية. لكن حملته الانتخابية رفضت النتائج بحجة حدوث تلاعب في الأصوات، وتقدمت بطعن، لكن «المجلس الدستوري» بالبلاد رفضه. وللعلم، لباتيلي تاريخ من النضال، فقد سبق واحتجزته الشرطة في عام 2007، لفترة وجيزة إثر مشاركته ومعارضين آخرين مظاهرة نددت بتأخر إجراء الانتخابات. كذلك انتقد الرئيس واد وحكمه بوصفه بـ«حكم الأسرة» عقب تشكيل حكومة في مايو (أيار) 2009 ضمت كريم، نجل الرئيس، آنذاك.

- «عسكريون بطوليون»
لا يخفي «السياسي السابق» والمبعوث الأممي الحالي، مدى ارتياحه لجهة تفاعل العسكريين في ليبيا مع الأحداث الراهنة. وبالذات، استجابتهم للتعاطي مع القضايا الراهنة بالعمل على تثبيت «هدنة وقف إطلاق النار» ومناقشة ملف إخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من بلدهم. وبعد اجتماع سابق ضم أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» قال باتيلي، خلال مؤتمر صحافي «كما ترون، الأمور تتحرَّك؛ فهؤلاء الرجال الذين يرتدون الزي العسكري يلعبون دوراً بطولياً... إننا نتوقَّع هذا الالتزام والمثابرة من الأطراف السياسية أيضاً، لتخرج ليبيا من أزمتها». وأردف «أُجدّد تقديري للقادة العسكريين على التزامهم. إذا اجتمع القادة السياسيون بنفس الروح، لكانت الأزمة في ليبيا قد حُلت منذ وقت طويل».
الآن، تتركز عقبة باتيلي، مع مجلسي النواب والدولة اللذين يرون أنه «يفرض عليهما رؤية تمس السيادة الوطنية للدولة، وتقوّض جهودهما في سنّ القوانين اللازمة لإجراء الاستحقاق». بيد أن باتيلي - الذي تحظى مبادرته بدعم أميركي وأوروبي - يسعى إلى انخراط جميع القادة الليبيين، بمن فيهم رئيسا مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح وخالد المشري، في كسر حلقة الأزمة السياسية الراهنة من خلال تهيئة الظروف لإجراء انتخابات شاملة قبل نهاية العام الحالي، باعتبارها «أولوية قصوى لبعثة الأمم المتحدة».
وبعد موجة اعتراضات، نجح باتيلي في إقناع بعض ساسة ليبيا بخطته، بينهم المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني الليبي». وقال باتيلي، عقب لقاء حفتر، في مدينة بنغازي، إنه «يدعم جهودي في العملية السياسية، والعمل المهم الذي تجريه اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) من أجل توفير بيئة أمنية مواتية للعملية الانتخابية».
وأيضاً بفضل إلحاح باتيلي وطرقه جميع أبواب الساسة، تغيّر موقف حكومة الدبيبة، من الرفض إلى التأييد. وكانت الحكومة التي تمارس مهامها من العاصمة طرابلس قد استبقت ترشيح باتيلي، لمنصب المبعوث الأممي، بإعلان رفضها إياه، وأرجع طاهر السني، مندوب ليبيا بالأمم المتحدة التابع لحكومة الدبيبة، الأمر حينها، إلى «وجود مفاوضات عميقة وجدية مع الليبيين بخصوص المبعوث الجديد، حتى نضمن أن العمل مع الوسيط الأممي سيكون ناجحاً».

- صعوبات وتحديات
اليوم، يجد المبعوث الأممي المخضرم، نفسه أمام ضرورة بذل مزيد من الجهد لتطويع الأزمة وإقناع معارضيه بالحل قبيل إعلانه المرتقب عن شكل لجنة الانتخابات التي سبق تكلمه عنها. ويراهن مؤيدوه على حنكته في احتواء جميع الأطراف الرافضة خريطته. وهنا يفترض أن باتيلي سيعوّل من جهة على الزخم الدولي الداعم لتحركه، ومن جهة ثانية سيستعين بالضغط الشعبي على صالح والمشري، لحثهم على الاتفاق بشكل أسرع لإنهاء القوانين الانتخابية. وجانب من المراهنة على باتيلي، يتمثل في مدى إقناع القاهرة بالعدول عن موقفها الرافض لمبادرته التي ترى فيها «افتئاتاً واضحاً على دور المؤسسات الليبية الشرعية والمنتخبة». فالقاهرة، أبدت على لسان وزارة خارجيتها «اندهاشاً شديداً من دعم مجلس الأمن الدولي، مبادرات مُبهمة وغير محددة المعايير والأهداف، في محاولة لإضفاء الشرعية على عملها»، ورأت أن «استخدام صياغات غير مُحكمة، مثل (الجهات الفاعلة الأمنية)، يفتح المجال للتأويل والتناقض مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة». وانتهت الخارجية المصرية، إلى أن بيان التأييد الصادر عن مجلس الأمن «يزيد من حالة الانقسام والتناحر على الساحة الليبية، ويقوّض من فرص إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أسرع وقت في إطار توافق وطني ليبي».

- محطات مهنية لافتة
مسيرة عبد الله باتيلي، حافلة بالمحطات المهمة؛ إذ شغل في السابق منصب نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة والمتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي بين عامي (2013 - 2014) والممثل الخاص لوسط أفريقيا ورئيس المكتب الإقليمي للأمم المتحدة في وسط أفريقيا بالغابون بين عامي (2014 - 2016).
وفي عام 2018 عُيّن مستشاراً خاصاً للأمين العام بشأن مدغشقر. وفي 2019 عُيّن خبيراً مستقلاً للمراجعة الاستراتيجية لمكتب الأمم المتحدة في غرب أفريقيا.
أيضاً شغل مواقع وزارية في حكومة بلاده السنغال، أبرزها توليه مناصب وزير أول في مكتب الرئيس والمكلف الشؤون الأفريقية (2012 - 2013) ووزير الطاقة والمياه (2000 - 2001) ووزير البيئة وحماية الطبيعة (1993 – 1998).
وبعد انتخابه لعضوية الجمعية الوطنية للسنغال في 1998، شغل منصب نائب رئيس الجمعية في الفترة 2001 - 2006. وانتخب أيضاً لعضوية الجمعية الاقتصادية لبرلمان دول غرب أفريقيا (2002 - 2006).


مقالات ذات صلة

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

شمال افريقيا «ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

حلت نجلاء المنقوش، وزيرة الشؤون الخارجية الليبية، أمس بتونس في إطار زيارة عمل تقوم بها على رأس وفد كبير، يضم وزير المواصلات محمد سالم الشهوبي، وذلك بدعوة من نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. وشدد الرئيس التونسي أمس على موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في ليبيا، وفق مقاربة قائمة على وحدتها ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. وأكد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية بعد استقباله نجلاء المنقوش ومحمد الشهوبي، وزير المواصلات في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، على ضرورة «التنسيق بين البلدين في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن».

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

أكدت السعودية أمس، دعمها لحل ليبي - ليبي برعاية الأمم المتحدة، وشددت على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، حسبما جاء خلال لقاء جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ورئيس البعثة الأممية فيها. وتناول الأمير فيصل في مقر الخارجية السعودية بالرياض مع باتيلي سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود الأممية المبذولة لحل الأزمة. إلى ذلك، أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، فيما شهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً.

شمال افريقيا ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

فتحت الانشقاقات العسكرية والأمنية التي عايشتها ليبيا، منذ رحيل نظام العقيد معمر القذافي، «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الـ12 عاماً الماضية «صيداً» لمخلَّفات الحروب المتنوعة من الألغام و«القنابل الموقوتة» المزروعة بالطرقات والمنازل، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى. وباستثناء الجهود الأممية وبعض المساعدات الدولية التي خُصصت على مدار السنوات الماضية لمساعدة ليبيا في هذا الملف، لا تزال «قنابل الموت» تؤرق الليبيين، وهو ما يتطلب -حسب الدبلوماسي الليبي مروان أبو سريويل- من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذا المجال، مساعدة ليبيا، لخطورته. ورصدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقر

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

أكدت السعودية دعمها للحل الليبي - الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، وضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، وجاءت هذه التأكيدات خلال اللقاء الذي جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض أمس عبد الله باتيلي وجرى خلال اللقاء بحث سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، إضافة إلى استعراض الجهود الأممية المبذولة لحل هذه الأزمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا «الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

«الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي، عن دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية (غرب البلاد) في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، وذلك في ظل توتر أمني مفاجئ بالعاصمة الليبية. وشهدت طرابلس حالة من الاستنفار الأمني مساء السبت في مناطق عدّة، بعد اعتقال «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، أحد المقربين من عبد الغني الككلي رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، بالقرب من قصور الضيافة وسط طرابلس. ورصد شهود عيان مداهمة رتل من 40 آلية، تابع لـ«جهاز الردع»، المنطقة، ما أدى إلى «حالة طوارئ» في بعض مناطق طرابلس. ولم تعلق حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذه التطورات التي يخشى مراقبون من اندلاع مواجهات جديدة بسببها،

خالد محمود (القاهرة)

السيسي يراهن على «وعي المصريين» لتجاوز الأزمات والتهديدات الإقليمية

السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يراهن على «وعي المصريين» لتجاوز الأزمات والتهديدات الإقليمية

السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)

راهن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على وعي المصريين وتكاتفهم باعتبار ذلك «الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات». وشدد، خلال لقائه، مساء الأحد، قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية، على أن امتلاك بلاده «القدرة والقوة يضمن لها الحفاظ على أمن وسلامة مقدرات الشعب».

وقال السيسي، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، إن «الدولة تتابع عن كثب الأوضاع الإقليمية والدولية استناداً لثوابت السياسة المصرية القائمة على التوازن والاعتدال اللازمين في التعامل مع الأحداث والمتغيرات المتلاحقة، والعمل على إنهاء الأزمات وتجنيب المنطقة المخاطر المتصاعدة بالانزلاق إلى بؤر جديدة للصراع تهدد استقرار دولها».

وأضاف أن «الظروف الحالية برهنت على أن وعي الشعب المصري وتكاتفه هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات المحيطة»، مشيراً إلى «استمرار جهود التنمية الشاملة في كافة ربوع مصر سعياً نحو تحقيق مستقبل يلبي تطلعات وطموحات أبناء الشعب».

جانب من اجتماع السيسي مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)

اجتماع الرئيس المصري مع قادة القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية المختلفة بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، الأحد، حضره رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي عبد المجيد صقر، ووزير الداخلية محمود توفيق، ورئيس أركان القوات المسلحة أحمد خليفة، ورئيس المخابرات العامة حسن رشاد.

وقال متحدث الرئاسة المصرية، إن «اللقاء تناول تطورات الأوضاع الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن القومي المصري»، فضلاً عن «استعراض الجهود التي تبذلها القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية في حماية حدود الدولة المصرية وجبهتها الداخلية ضد مختلف التهديدات على كافة الاتجاهات الاستراتيجية في ظل ما تموج به المنطقة من أحداث».

وشدد الرئيس المصري على «ضرورة تعظيم قدرات كافة مؤسسات الدولة وأجهزتها»، مؤكداً «أهمية الدور الذي تضطلع به القوات المسلحة والشرطة المدنية في الحفاظ على الوطن، إيماناً منهما بالمهام المقدسة الموكلة إليهما لحماية مصر وشعبها العظيم مهما كلفهما ذلك من تضحيات»، بحسب الشناوي.

وفي سياق متصل، عقد الرئيس المصري اجتماعاً، الأحد، بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، مع عدد من الإعلاميين والصحافيين، تناول «تطورات الأوضاع الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب في غزة والجهود المصرية ذات الصلة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الرهائن والمحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية دون عراقيل»، بحسب متحدث الرئاسة المصرية.

الرئيس المصري خلال لقاء مع عدد من الإعلاميين والصحافيين (الرئاسة المصرية)

وتناول اللقاء أيضاً التطورات في سوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال واليمن، والجهود المصرية لتسوية تلك الأزمات، كما تطرق اللقاء إلى «الأمن المائي باعتباره أولوية قصوى لمصر ومسألة وجود»، وفق المتحدث الرئاسي.

وأكد السيسي خلال اللقاء «قوة وجاهزية أجهزة الدولة، وبشكل خاص القوات المسلحة والشرطة المدنية، لمواجهة أي تحديات داخلية أو خارجية»، مشدداً على أن «تماسك المصريين ووحدتهم العامل الأول والأهم في الحفاظ على الدولة».

وأشار الرئيس المصري إلى أن بلاده «مرت في الفترة الماضية بالأصعب فيما يتعلق بتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية». وقال: «نسير في الطريق الصحيح، الأمر الذي انعكس في ثقة مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري»، مشيراً إلى «حرص الدولة على توطين الصناعة لتقليل الاعتماد على الاستيراد قدر الإمكان، وبالتالي تخفيض الطلب على العملة الصعبة».

وأكد السيسي أن «الدولة قد قطعت شوطاً كبيراً على طريق الإصلاح في مختلف المجالات»، مشيراً إلى أن «هناك بعض السلبيات التي نعمل بكل إخلاص على إصلاحها لبناء دولة قوية تكون عصيّة أمام أي معتدٍ».