الكونغرس يدعو البنتاغون لإعادة تقييم استعداداته في مواجهة روسيا

أول قاعدة أميركية دائمة في بولندا... ووارسو ستحصل على دبابات «أبرامز» ومنظومات «هيمارس» و«إف 35»

القاعدة العسكرية الأميركية الجديدة ستكون الأقرب إلى خط المواجهة مع روسيا لقيادة القوات البرية الأميركية الموجودة على الجناح الشرقي لحلف الناتو (أ.ف.ب)
القاعدة العسكرية الأميركية الجديدة ستكون الأقرب إلى خط المواجهة مع روسيا لقيادة القوات البرية الأميركية الموجودة على الجناح الشرقي لحلف الناتو (أ.ف.ب)
TT

الكونغرس يدعو البنتاغون لإعادة تقييم استعداداته في مواجهة روسيا

القاعدة العسكرية الأميركية الجديدة ستكون الأقرب إلى خط المواجهة مع روسيا لقيادة القوات البرية الأميركية الموجودة على الجناح الشرقي لحلف الناتو (أ.ف.ب)
القاعدة العسكرية الأميركية الجديدة ستكون الأقرب إلى خط المواجهة مع روسيا لقيادة القوات البرية الأميركية الموجودة على الجناح الشرقي لحلف الناتو (أ.ف.ب)

في تحول كبير لافت بتوقيته، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، يوم الثلاثاء أنها سترسل دبابات «أبرامز إم - 1» إلى أوكرانيا بحلول الخريف. وعد القرار تراجعا عن إعلانات سابقة، كانت تشير إلى أن عملية تسليم تلك الدبابات قد تستغرق عاما أو عامين، قبل نقلها إلى ساحات القتال. وجاء الكشف عن هذا القرار، في الوقت الذي حث فيه أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، البنتاغون على إجراء تقييم «عاجل وشامل» لاحتياجاته لمواجهة روسيا في أوروبا، في حالة اندلاع صراع بين القوى النووية. كما كشفت وزارتا الدفاع الأميركية والبولندية، الثلاثاء، عن أول قرار تاريخي بإقامة قاعدة أميركية دائمة في بولندا، لتكون ثامن قاعدة عسكرية دائمة للقوات الأميركية في أوروبا. وعكست هذه الإعلانات حالة التوتر المتزايدة، في ظل مخاوف من احتمال أن تطول الحرب الأوكرانية، وتوقعات متشائمة من أن تقوم الصين بتزويد روسيا بالأسلحة، كإحدى الاتفاقيات السرية التي لم يفصح عنها، بعد قمة الرئيسين شي جينبينغ وفلاديمير بوتين.
- تسريع تسليم «أبرامز»
وقال مسؤولون أميركيون، إن قرار تسريع إرسال الدبابات، جاء بعد أن قررت إدارة بايدن، تجديد هياكل تلك الدبابات الموجودة بالفعل في الترسانة الأميركية. وكان الرئيس بايدن، قد وافق في يناير (كانون الثاني) الماضي، بضغط مكثف من المسؤولين الأوكرانيين، على التعهد بتقديم 31 دبابة «أبرامز»، كجزء من ترتيب طويل الأجل يوفر للقادة الألمان غطاء سياسيا، لتوفير دبابات «ليوبارد» الألمانية لأوكرانيا على الفور. وقال الجنرال بات رايدر، المتحدث باسم البنتاغون، إنه عندما وعدت الولايات المتحدة أوكرانيا بتزويدها بتلك الدبابات، كان القصد تسليمها النسخة الحديثة منها، من نوع «إم 1 إيه 2». لكنه أضاف أنه بعدما قام مسؤولو الدفاع «باستكشاف الخيارات لتقديم القدرة المدرعة في أسرع وقت ممكن»، استقروا على تجديد الدبابات القديمة من طراز «إم 1»، مما يسمح بتسليمها سريعا، من دون إيضاح مصدرها في الترسانة الأميركية.
وقال رايدر للصحافيين خلال مؤتمره الصحافي اليومي الثلاثاء: «يتعلق الأمر بوضع هذه القدرة القتالية المهمة في أيدي الأوكرانيين عاجلاً وليس آجلاً». ورغم أن الطرازين مجهزان بمدفع من عيار 120 ملم ومدافع رشاشة، يتميز الطراز الجديد بأدوات تحكم رقمية وأجهزة استشعار محسنة وجهاز عرض حراري لقائد الدبابة. ورفض رايدر تحديد مكان التجديد، غير أنه من المتوقع أن تجري عملية تجديد الطراز القديم في مصنع شركة «جنرال دايناميكس» المنتجة للدبابة في مصنعها الوحيد في مدينة ليما بولاية أوهايو. وجاء إعلان البنتاغون، متزامنا مع قمة شي وبوتين في موسكو، التي أفضت إلى توقيع تفاهمات أعمق بين البلدين، خصوصا في مجال تعاونهما الاقتصادي، لكنها لم تقدم مسارا واضحا لمخرجات الأزمة الأوكرانية، على الرغم من أنها كانت على جدول اجتماعاتهما. وفيما أعلن المسؤولون الأميركيون أنهم يراقبون عن كثب نتائج تلك القمة، جدد البيت الأبيض رفضه المبادرة الصينية، ما لم تؤد إلى قرار بسحب القوات الروسية من أوكرانيا بشكل كامل، قبل الاتفاق على وقف لإطلاق النار. وعبر المسؤولون الأميركيون والغربيون عن قلقهم من أن تكون بكين تستعد لتقديم المساعدة لموسكو، حيث يستمر جيشها في تكبد خسائر فادحة في أوكرانيا، في الوقت الذي تعاني فيه صناعة الدفاع الروسية من العقوبات المفروضة عليها، وتكافح لتجديد مخزوناتها من الأسلحة التي فقدتها.
ورغم ذلك، قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، إن واشنطن لم تر مؤشرات على أن الرئيس الصيني قد اتخذ قرار تزويد موسكو بالسلاح، الأمر الذي كرره أمس، وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في جلسة استماع أمام لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ، قائلا إن «لا مؤشرات حتى الآن على أن الصين قدمت مساعدات مميتة لروسيا». بدوره، قال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، إنه لم ير دليلاً على قيام الصين بتسليم أسلحة إلى روسيا، لكنه قال إن هناك مؤشرات على أن روسيا طلبت هذه الأسلحة وأن بكين تدرس القيام بذلك.
- تغيير استعدادات البنتاغون لروسيا
في هذا الوقت، حثت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، البنتاغون على إجراء تقييم «عاجل وشامل» لما قد يحتاجه لمواجهة روسيا في أوروبا في حالة اندلاع الصراع بين القوى النووية. ووقع الرسالة التي وجهت إلى وزير الدفاع لويد أوستن، السيناتوران الجمهوريان توم كوتون وروجر ويكر، والسيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتال والسيناتور المستقل أنغوس كينغ. وجاء في الرسالة: «ببساطة، لقد أدى أداء القوات المسلحة الأوكرانية إلى تدهور كبير في القوات الروسية التقليدية خلال العام الماضي». وأضافت أن «العقوبات الغربية حدت من قدرة موسكو على إعادة بناء قواتها التقليدية، وأن مسؤولي البنتاغون يستشهدون في كثير من الأحيان بتقديرات قد يكون عفّى عليها الزمن، كمبرر لعدم تزويد الجيش الأوكراني بقدرات إضافية معينة». وقالت الرسالة، إن «الجيش الروسي لم يعد كما كان في عام 2021، ولا تظهر أي بوادر على عودته إلى ما كان عليه قبل الغزو في المدى القريب». «متطلبات القتال الأوروبية يجب أن تعكس هذا الواقع الجديد، الآن، وليس في عام 2026»، في إشارة إلى استراتيجية البنتاغون السابقة. ويرى مراقبون أنه بعد قرار تسريع تسليم الدبابات الأميركية، فقد تؤدي رسالة أعضاء الكونغرس إلى رضوخ إدارة بايدن في نهاية المطاف، لاتخاذ قرار مماثل بشأن تسليم أوكرانيا طائرات «إف - 16»، الذي لا تزال ترفضه حتى الساعة.
- أول قاعدة أميركية دائمة في بولندا
من جهة أخرى، جاء الاحتفال المشترك الذي حضره مسؤولون أميركيون وبولنديون، يوم الثلاثاء، لافتتاح أول قاعدة عسكرية أميركية في أوروبا الشرقية، ليضيف مؤشرات حاسمة عن تغييرات، ستقلب الاستعدادات العسكرية للبنتاغون في أوروبا، بما يتماشى مع طلبات الكونغرس. فالقاعدة العسكرية الجديدة، ستكون الأقرب إلى خط المواجهة مع روسيا، حيث ستعمل القيادة الأمامية للفيلق الخامس للقوات البرية الأميركية من بولندا، على قيادة القوات البرية الأميركية الموجودة على الجناح الشرقي لحلف الناتو. وكشف نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع البولندي، ماريوس بلاشتشاك، خلال الاحتفال، عن أكاديمية لتجهيز القوات البولندية للتدرب على دبابات «أبرامز» التي سيتسلمها الجيش البولندي هذا العام. وقال: «تعاوننا مع الجيش الأميركي يسير بشكل جيد للغاية، وحتى بشكل نموذجي»، «في وقت لاحق من هذا العام، مع السفير بريجنسكي (الأميركي)، سوف ندعوكم لحضور اجتماعات نقدم خلالها نتائج تعاوننا»، وأضاف «هذا العام، بالإضافة إلى دبابات (أبرامز)، سيتم تجهيز نظام (هيمارس) للقوات البولندية. هناك بالفعل صواريخ (باتريوت). وفي العام المقبل سوف نتلقى أول طائرة من طراز (إف - 35)». وقال إن المفاوضات جارية للحصول على معدات عسكرية أخرى، وإن الهدف، هو «تحقيق التشغيل البيني مع الجيش الأميركي، وتزويد القوات المسلحة البولندية بمعدات تتوافق قدر الإمكان مع القوات الأميركية، فالولايات المتحدة تمتلك أقوى القوات المسلحة في العالم، ونحن نعتزم استخدام أفضل النماذج».


مقالات ذات صلة

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».