ميسا قرعة لـ «الشرق الأوسط»: الفن ليس أعداد متابعين وأرقام مشاهدات

الفنانة اللبنانية ـ الأميركية تجمع الثقافتين الشرقية والغربية في صوتها وفنها

ميسا قرعة (الفنانة)
ميسا قرعة (الفنانة)
TT

ميسا قرعة لـ «الشرق الأوسط»: الفن ليس أعداد متابعين وأرقام مشاهدات

ميسا قرعة (الفنانة)
ميسا قرعة (الفنانة)

مرَّ ما يزيد على عامين منذ إقامة الفنانة اللبنانية - الأميركية ميسا قرعة في أبوظبي، حيث جمعها حديث مع «الشرق الأوسط». اختيارها مديرة فنية لـ«كلية بيركلي للموسيقى» في العاصمة الإماراتية، قرَّبها من ثقافة شرقية لم تتوقف عن عشقها رغم 15 عاماً أمضتها في الولايات المتحدة تُصغي إلى موسيقاها وتتشرّب فنونها. «أشبه نفسي أكثر حين أقدّم فناً عربياً. أمامه أكون شديدة التأثّر»، تقول مَن تؤلّف وتُلحّن بالإنجليزية، لكن لا مفرّ من سطوة الجذور.
حين تذكر مفارق الحياة، تتوقف عند أبرزها: مشاركة أغنيتها «الأرنب الأبيض» ضمن فيلم «احتيال أميركي» الذي رُشّح لجوائز «أوسكار»، وترشّحها لـ«غرامي» عن ألبومها الأول بالإنجليزية، «علاج بسيط». ومن جميل الذكريات، مشاركتها مع حسين الجسمي وألماس بأغنية «إكسبو دبي» الرسمية. ميسا قرعة مزيج من شرق وغرب يلتقيان في الفن الخلاق. تكترث للتلاقي وتُهمل الفوارق. فتحت هوليوود لها أبواباً، وظلّت ثابتة على موقفها: «أقدّم فناً يُشبه قناعاتي. أنطلق مما يمثلني نحو الآخرين».
تبتسم لكلمة «جسر»؛ وصفُ فنٍ تؤمن به. كلما كُتب عنها، وردَت المفردة للتعبير عن كونها صلة فنية بين ثقافتين. تقول إنها لا تفتعل المسألة ولا تريدها بمثابة قضية: «هكذا تربّيت. 16 عاماً شكلت طفولتي ومراهقتي في بيروت، قرّبتني من الطرب وكباره. في الوقت عينه، استمعتُ إلى البوب والإيقاعات الغربية. أميركا كرَّست كوني الاثنين: النشأة والمُكتسب».
تغنّي بلغات عدّة؛ واهتمامها بإرضاء قناعاتها لا يعني عدم اكتراثها لمطلب الذوق العام. قرعة تتفادى أحكام القيمة حيال فن هذه الأيام، بسذاجة بعضه وسطحيته. تبتدئ من الذات في اختيار نوع الغناء، ولا تتوقف عندها: «أهتم بما أشعر به ثم أفكر بما يريده الجمهور. في النهاية، الفنان صوت الناس. حين أكتب وأُلحّن، أفكر بهم. الفارق أنني لا أجاري الموجة في صناعة فني. نظرة الجمهور إلى ما أقدّم تلتحق بنظرتي إليه، ولا تسبقها».
مُسالمة في الحديث؛ تُردد أنّ الشمس تُشرق على الجميع، والأرض تتّسع لكل البشر: «للفن التجاري مكانه، كما للفن الهادف. أغنّي الشعبي السهل، طالما أنه يليق بي. أرفض زجَّ نفسي في صورة واحدة وإطار ثابت. لستُ ممن يَعْلقون ضمن (ستايل)».
تُنتج فنها في زمن الإنتاج الفردي الشاق. ما يُهوّن هو إفساح المنصات المجال لانتشار المواهب: «يطغى النمط السريع على العالم بأسره. القطاع الفني جزء من التحولات الكبرى. تنامي المنصات يمنح الفن المستقل صوتاً فيصدح بعيداً. من خلالها، تصل الموسيقى إلى مساحات كانت ضيقة في السابق».
لا تبحث عن ضوء بقدر سعيها إلى تأكيد مكانتها الإنسانية في الحياة. تذكُر فرصاً شعرت بأنها لا تليق، فاستبعدتها؛ رغم احتمال أن ترتدّ بأضواء كثيفة. برأيها، «ما حققته حتى الآن، لم يحصل مع أسماء تفوقني شهرة. أطرح على نفسي هذا السؤال دائماً: ماذا أريد من الفن؟ هل هو أرقام مشاهدات وعدد متابعين فقط؟ قطعاً لا. هو مساحة حرة للتعبير عن الذات وتشارُك الهموم الجماعية فيكون صوت الفنان إنسانياً. اقتناعي بأنّ الصناعة العالمية مُصابة بالانجراف نحو التجاري، يجعل المسألة غير شخصية. التوعية مهمّة، وكثيرون يسعون إلى الجمال الفني بمختلف أشكاله، منها الموسيقى الجيدة والأغنية المؤثرة».
غناؤها للمرأة منطلقه «بساطة الرسالة». تكترث ميسا قرعة للقالب الموضوعة فيه أغنيتها، ولا تشترط «ثقله» طوال الوقت، فيغلب الادعاء على الفن: «بإمكان الأغنية أن تكون تجارية، إنما هادفة. همُّ الفنان وصول فنه إلى الناس وإحداث تغيير. حين غنيتُ للمرأة، عنونتُ الأغنية (تي تي). رسالتها تدعو النساء إلى تقبّل أنفسهن فلا تُحبطهن أحكام المجتمع. أردتُ عودة إلى الذات الأصلية، غير الخاضعة لتعديلات بهدف إرضاء الآخرين. ذلك للتأكيد على عظمة الجوهر الإنساني، حيث منبع السعادة». لا تعني إنكار آلام نساء يجدن في إدخال بعض التحسين على المظهر فرصة لترميم مرايا مهشّمة. تغنّي لعدم الإفراط في الهوس. لتلك الذات التي تستحق أن تُحبّ. للأعماق قبل السطوح. نعود إلى ما يريده الفنان من فنه. ميسا قرعة تريد «الجسور». الامتداد من الإنسان إلى داخله، ومن الداخل إلى العالم الواسع. والترابط بين كل ما يتراءى مفككاً، وهو في حقيقته يمتلك من الجَمْع أضعاف ما يُظهره من تشرذم، لكنّ بعض العيون تُغلِّب البصر على البصيرة.
تحضّر لأغنيات جديدة، وتمضي وقتاً في التعرّف إلى الطاقات المحلّية بالإمارات وإظهار جانبها المبدع. هذه مَهمّتها على مستويين: الأكاديمي من خلال موقعها الجامعي، والفني - الإنساني، يوطّده «مهرجان أبوظبي للثقافة والفنون» فيُعاونها في التشجيع والدعم.
احتضنتها مؤسِّسة «مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون»، المؤسِّسة والمديرة الفنية لـ«مهرجان أبوظبي» هدى الخميس كانو، قبل أن تُعرَف وتُصدِر أغنياتها الخاصة. وفي دورته العشرين شاركت في عرض «ابنة صياد اللؤلؤ» بالغناء وسرد الحكاية أمام الحاضرين في «المجمّع الثقافي»، فترك صوتها لمسة أناقة وسلام. تمتنّ لفرص تشكل منعطفات العمر، فتُعامِل اليوم كما عوملت في بداياتها: تُمكّن المواهب المُستحقّة وتمنحها أجنحة.


مقالات ذات صلة

مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

يوميات الشرق مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

انشغلت الأوساط الفنية في فرنسا بخبر تدهور صحة الممثلة المعتزلة بريجيت باردو ودخولها وحدة العناية المركزة في مستشفى «تولون»، جنوب البلاد. يحدث هذا بينما يترقب المشاهدون المسلسل الذي يبدأ عرضه الاثنين المقبل، ويتناول الفترة الأولى من صباها، بين سن 15 و26 عاماً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق خالد يوسف: «سره الباتع» تعرّض لحملة ممنهجة

خالد يوسف: «سره الباتع» تعرّض لحملة ممنهجة

دافع المخرج المصري خالد يوسف عن مسلسله الأخير «سره الباتع» الذي عُرض في رمضان، قائلاً إنَّه تعرَّض لحملة هجوم ممنهجة. وربط يوسف في «سره الباتع» بين زمن الحملة الفرنسية على مصر (1798 - 1801)، وحكم «الإخوان المسلمين» قبل ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، ورصد التشابه بينهما في سعيهما لتغيير «هوية مصر». ورأى يوسف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنَّ المصريين لديهم كما يبدو «قرون استشعار» لمسألة الهوية، و«هذا ما شعرت به من قراءاتي للتاريخ، وهو ما يفسّر لماذا ثاروا على الحملة الفرنسية، وعلى حكم (الإخوان) بهذه السرعة». وواجه المسلسل انتقادات عدة، بعضها يرتبط بالملابس وشكل جنود الحملة الفرنسية، لكن يوسف رد على

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق «سهير شو» مع معتصم النهار: المجتهد ونصيبه

«سهير شو» مع معتصم النهار: المجتهد ونصيبه

تعود العراقية سهير القيسي إلى «إم بي سي» بعد غياب. تُجدّد في الاتجاه، فيصبح حواراً في الفن بعد قراءة لنشرات الأخبار ولقاءات في السياسة. ضيف الحلقة الأولى من برنامجها «سهير شو من أربيل» الفنان السوري معتصم النهار. طفت محاولات نفضها الصورة «الجدّية» وإذعانها لبداية جديدة. تزامُن عرض الحلقة مع العيد برّر غلبة «الإنترتيمنت»؛ دبكة و«بوش آب» و«راب»، دفعها للتعليل الآتي لشخصيتها التي عهدها الناس وللحوارات العميقة. لعلّها مع تقدّم الحلقات لن تحتاج لجهد ساطع يثبت العفوية ويؤكد للآخرين أنها في موقعها. ستفسح المجال للانسياب فيعبّر عن نفسه وعنها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق وسام فارس لـ «الشرق الأوسط» : «سفر برلك» كان نقلة نوعية لي

وسام فارس لـ «الشرق الأوسط» : «سفر برلك» كان نقلة نوعية لي

حقق الممثل وسام فارس حضوراً مميزاً في دراما رمضان 2023 المشتركة، وكاد أن يكون النجم اللبناني الوحيد الذي سطع في سمائها. وسام الذي تابعه المشاهد العربي قبيل موسم رمضان في مسلسل «الثمن» كان له حضوره المميز في العملين الدراميين الرمضانيين «سفر برلك» و«وأخيراً». وجاء اختياره في دور بطولي في «سفر برلك» بمثابة فرصة سانحة، ليطل على الساحة العربية مرة جديدة، ولكن من باب عمل تاريخي ضخم. هذا العمل يصنّفه فارس بالمتكامل الذي برز فيه مستوى عال في التصوير والإخراج بميزانية عالية رصدتها له الـ«إم بي سي». بدأ الاتصال بوسام فارس من أجل المشاركة في «سفر برلك» منذ عام 2018.

يوميات الشرق يامن الحجلي لـ «الشرق الأوسط» : لا أدخل مسلسلاً لست مقتنعاً بنصه

يامن الحجلي لـ «الشرق الأوسط» : لا أدخل مسلسلاً لست مقتنعاً بنصه

يتمتع الممثل يامن الحجلي، صاحب لقب «فارس الدراما السورية»، بخلفية درامية غنية، فإضافة إلى كونه كتب مسلسلات عدّة، فقد حقق نجاحات واسعة في عالم التمثيل، إذ قدّم، في 10 سنوات، أكثر من 30 مسلسلاً؛ بينها «الصندوق الأسود»، و«أرواح عارية»، و«أيام الدراسة»، و«طوق البنات»، و«هوا أصفر»، و«باب الحارة 7»، وغيرها... وهو يطلّ حالياً في مسلسل «للموت 3»، مجسداً شخصية «جواد»، الذي يُغرَم بإحدى بطلات العمل «سحر» (ماغي بوغصن). يؤدي الحجلي المشاهد بلغة جسد يتقنها، خصوصاً أنّ دوره تطلّب منه بدايةً المكوث على كرسي متحرك لإصابته بالشلل.


رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.