واشنطن لعدم التصعيد مع بكين بسبب زيارة رئيسة تايوان

رئيسة تايوان تساي إنغ وين تتحدث في مؤتمر صحافي في 27 يناير الماضي (رويترز)
رئيسة تايوان تساي إنغ وين تتحدث في مؤتمر صحافي في 27 يناير الماضي (رويترز)
TT

واشنطن لعدم التصعيد مع بكين بسبب زيارة رئيسة تايوان

رئيسة تايوان تساي إنغ وين تتحدث في مؤتمر صحافي في 27 يناير الماضي (رويترز)
رئيسة تايوان تساي إنغ وين تتحدث في مؤتمر صحافي في 27 يناير الماضي (رويترز)

أكدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن توقف الرئيسة التايوانية تساي إنغ وين في الولايات المتحدة تتسق مع زياراتها السابقة، ولا ينبغي للصين أن تستخدمها كذريعة لتكثيف نشاطها العدواني في مضيق تايوان. وكشفت أنها تبحث مع الجانب الصيني في زيارة محتملة لوزيرتي الخزانة جانيت يلين، والتجارة جينا ريموندو لبكين؛ بهدف «مناقشة مسائل اقتصادية» بين العملاقين.
وكشف مسؤول رفيع في الإدارة أن مسؤولين أميركيين كباراً في واشنطن وبكين أكدوا لنظرائهم الصينيين في الأسابيع الأخيرة، أن الزيارات عبر الولايات المتحدة أثناء السفر الدولي الأوسع للرئيسة مسألة روتينية على مر السنين، علماً بأن تساي اجتمعت في مثل هذه الزيارات غير الرسمية مع أعضاء في الكونغرس ومع الشتات التايواني، ورحب بها رئيس المعهد الأميركي في تايوان، وهو منظمة غير ربحية أميركية تدير العلاقات غير الرسمية مع تايوان.
وأضاف المسؤول أن التوقف المتوقع للرئيسة التايوانية قريباً «ليس أمراً جديداً»، ويتسق مع السياسة الطويلة الأمد التي تعتمدها الولايات المتحدة.
وأعلن مكتب الرئيسة التايوانية، الثلاثاء، أنه من المقرر مبدئياً أن تمر تساي عبر نيويورك في 30 مارس (آذار) الحالي قبل التوجه إلى غواتيمالا وبيليز. ويتوقع أن تتوقف في لوس أنجليس في 5 أبريل (نيسان) المقبل في طريق عودتها إلى تايوان. ولم يقدم المكتب أي تفاصيل عن نشاطها أثناء وجودها في الولايات المتحدة.
وقال رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي إنه سيلتقي تساي عندما تكون في الولايات المتحدة ولم يستبعد السفر إلى تايوان لإظهار الدعم.
ومرّت تساي عبر الولايات المتحدة 6 مرات بين عامي 2016 و2019 قبل أن تقلل عدد سفرياتها الدولية بسبب جائحة فيروس «كورونا». ولطالما انتقدت الصين هذه الزيارات.
وتحاول إدارة بايدن حالياً تجنب تكرار رد الفعل الحاد من الصين بعد زيارة رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي لتايوان خلال أغسطس (آب) الماضي، حين أطلقت الصين صواريخ فوق تايوان، ونشرت سفناً حربية عبر الخط الأوسط لمضيق تايوان، وأجرت تدريبات عسكرية قرب الجزيرة. كما علقت محادثات المناخ مع الولايات المتحدة وقيدت الاتصالات العسكرية مع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
وتنظر بكين إلى التواصل الأميركي الرسمي مع تايوان باعتباره تشجيعاً لجعل استقلال الجزيرة الفعلي الذي دام عقوداً أمراً دائماً. لكن الولايات المتحدة لا تزال تعترف بسياسة «الصين الواحدة»، وتقيم علاقات غير رسمية مع الجزيرة، وفقاً لقانون العلاقات مع تايوان لعام 1979، الذي لا يوجب على الولايات المتحدة التدخل عسكرياً في حالة غزو الصين، ولكنه يجعل من السياسة الأميركية ضمان امتلاك تايوان الموارد اللازمة للدفاع عن نفسها، ومنع أي تغيير أحادي للوضع من قبل الصين.
وفي المقابل، يشعر المسؤولون الأميركيون بقلق متزايد بشأن أهداف الصين المعلنة منذ فترة طويلة لتوحيد تايوان مع البر الرئيسي وإمكان وقوع حرب ضد تايوان.
وخلال الشهر الماضي، أمر الرئيس الأميركي جو بايدن بإسقاط منطاد تجسس صيني بعدما اجتاز الولايات المتحدة. وأعلنت إدارته في الأسابيع الأخيرة أن الاستخبارات الأميركية تظهر أن الصين تدرس إرسال أسلحة إلى روسيا في حربها المستمرة في أوكرانيا.
وأرجأت إدارة بايدن زيارة كانت مرتقبة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن لبكين في أعقاب الجدل حول المنطاد. لكنها أشارت إلى أنها ترغب في إعادة هذه الزيارة إلى مسارها الصحيح. وأفاد البيت الأبيض أيضاً بأن المسؤولين يجرون محادثات مع الصين في شأن زيارة محتملة لوزيرتي الخزانة والتجارة تركز على المسائل الاقتصادية. وقال بايدن أيضاً إنه يتوقع إجراء مكالمة قريباً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ.
وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، إن «إبقاء خطوط الاتصال هذه مفتوحة» لا يزال ذا قيمة. وأكّد أن «هذه الزيارة أرجئت ولم تُلغَ. ما زلنا نريده (بلينكن) أن يذهب إلى بكين».


مقالات ذات صلة

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

الولايات المتحدة​ بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

في تحول كبير نحو تعزيز العلاقات الأميركية - الفلبينية، يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، في البيت الأبيض مساء الاثنين، في بداية أسبوع من اللقاءات رفيعة المستوى، تمثل تحولاً في العلاقة بين البلدين التي ظلت في حالة من الجمود لفترة طويلة. زيارة ماركوس لواشنطن التي تمتد 4 أيام، هي الأولى لرئيس فلبيني منذ أكثر من 10 سنوات.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
الاقتصاد الشركات الأميركية في الصين  تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

الشركات الأميركية في الصين تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

تخشى الشركات الأميركية في الصين بشكل متزايد من مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها غرفة التجارة الأميركية في الصين. وأعرب 87 في المائة من المشاركين في الدراسة عن تشاؤمهم بشأن توقعات العلاقة بين أكبر الاقتصادات في العالم، مقارنة بنسبة 73 في المائة في استطلاع ثقة الأعمال الأخير. ويفكر ما يقرب من ربع هؤلاء الأشخاص، أو بدأوا بالفعل، في نقل سلاسل التوريد الخاصة بهم إلى دول أخرى.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

من المتوقع أن يبحث قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمتهم المقررة باليابان الشهر المقبل، الاتفاق على تحديد رد على التنمر الاقتصادي من جانب الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

انتقدت بكين الجمعة، عزم واشنطن فرض قيود جديدة على استثمارات الشركات الأميركية في نظيرتها الصينية، معتبرة أن خطوة كهذه هي أقرب ما يكون إلى «إكراه اقتصادي فاضح وتنمّر تكنولوجي». وتدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، برنامجاً لتقييد استثمارات خارجية أميركية، بما يشمل بعض التقنيات الحسّاسة التي قد تكون لها آثار على الأمن القومي. وتعاني طموحات الصين التكنولوجية أساساً من قيود تفرضها الولايات المتحدة ودول حليفة لها، ما دفع السلطات الصينية إلى إيلاء أهمية للجهود الرامية للاستغناء عن الاستيراد في قطاعات محورية مثل أشباه الموصلات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين، إن «الولايات المتحد

«الشرق الأوسط» (بكين)

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
TT

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)

بينما يشهد العالم ركوداً في التجارة العالمية وتراجع الاستثمارات عبر الحدود، هناك استثناء صارخ لهذه الفوضى الاقتصادية: العصابات الدولية والجريمة المنظمة التي تشهد ازدهاراً غير مسبوق، مستغلة التكنولوجيا الحديثة وانتشار المخدرات الصناعية لتوسيع نفوذها عالمياً. وفقاً لتقرير لمجلة «إيكونوميست».

الجريمة المنظمة تنمو بمعدلات قياسية

يورغن ستوك، الذي أنهى مؤخراً فترة عمله أمينا عاما لـ«الإنتربول»، أكد أن العالم يشهد نمواً غير مسبوق في احترافية واتساع نطاق الجريمة المنظمة. وبينما أظهرت الإحصائيات انخفاضاً عالمياً في معدلات جرائم القتل بنسبة 25 في المائة منذ بداية القرن، تحذر منظمات دولية من ارتفاع هائل في أنشطة العصابات التي تتجاوز الحدود الوطنية لتتحول إلى شبكات عالمية متعددة الأنشطة.

التكنولوجيا: سلاح جديد في يد العصابات

أسهمت التقنيات الحديثة، مثل التطبيقات المشفرة والعملات الرقمية، في تسهيل عمليات الاتصال ونقل الأموال بين العصابات دون ترك أي أثر. الإنترنت المظلم بات سوقاً مفتوحاً لتجارة البضائع الممنوعة، بينما ظهرت الجرائم الإلكترونية كمجال جديد يدر أرباحاً بمليارات الدولارات.

تقديرات تشير إلى أن عائدات الاحتيال والسرقات الرقمية بلغت 7.6 مليار دولار في عام 2023، في وقت يستغل فيه المجرمون أدوات الذكاء الاصطناعي لابتكار طرق جديدة للاحتيال.

يحمل الناس أمتعتهم أثناء فرارهم من حيهم بعد هجمات العصابات التي أثارت رد فعل مدنياً عنيفاً في بورت أو برنس بهايتي (رويترز)

المخدرات الصناعية تغير قواعد اللعبة

مع التحول إلى المخدرات المصنعة كالميثامفيتامين والفنتانيل، أصبحت العصابات أقل اعتماداً على مناطق زراعة النباتات المخدرة مثل الكوكا أو الأفيون. هذه المخدرات، الأرخص والأقوى تأثيراً، ساهمت في توسيع نشاط العصابات إلى أسواق جديدة، خصوصاً في جنوب شرق آسيا، حيث زادت المصادرات بأربعة أضعاف بين 2013 و2022.

تنويع الأنشطة والانتشار الجغرافي

لم تعد العصابات تقتصر على نشاط واحد؛ فهي الآن تجمع بين تجارة المخدرات، الاتجار بالبشر، القرصنة الرقمية، وحتى تهريب الأحياء البرية. على سبيل المثال، أصبحت عصابات ألبانيا لاعباً رئيسياً في سوق الكوكايين بالإكوادور، بينما تستغل عصابة «ترين دي أراجوا».الفنزويلية أزمة اللاجئين لتعزيز أرباحها من تهريب البشر.

يستجوب السكان شخصاً ليس من الحي بعد محاولة هجوم ليلي شنتها عصابات على ضاحية بيتيون فيل الثرية ما أثار استجابة مدنية عنيفة في بورت أو برنس بهايتي (رويترز)

العصابات والسياسة: تأثير متصاعد

امتدت أيدي العصابات إلى التأثير على السياسة في بعض الدول. ففي الإكوادور، اغتيل مرشح رئاسي على يد أفراد يُعتقد ارتباطهم بعصابات كولومبية، بينما شهدت المكسيك مقتل عشرات المرشحين السياسيين في الانتخابات الأخيرة.

العالم في مواجهة تحدٍّ عالمي

على الرغم من النجاحات الفردية لبعض الدول في مكافحة الجريمة، يبقى التعاون الدولي في مواجهة العصابات محدوداً مقارنة بتوسعها السريع عبر الحدود. خبراء يؤكدون أن النهج التقليدي لإنفاذ القانون يحتاج إلى تحديث جذري لمواكبة التحديات التي تفرضها الجريمة المنظمة في عصر العولمة.