صراع المحامين يعلق جلسات محاكمة رئيس موريتانيا السابق

مراقبون عدوها واحدة من أكثر الملفات تعقيداً في تاريخ القضاء المحلي

الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
TT

صراع المحامين يعلق جلسات محاكمة رئيس موريتانيا السابق

الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)

أجلت المحكمة الجنائية الخاصة بجرائم الفساد في العاصمة الموريتانية نواكشوط اليوم جلسات محاكمة الرئيس السابق، محمد ولد عبد العزيز وبعض معاونيه، حتى السادس من شهر أبريل (نيسان) المقبل، وذلك بعد انسحاب فريق الدفاع عن ولد عبد العزيز ومقاطعته المحاكمة، بسبب ما قالوا إنه «انعدام أدنى شروط المحاكمة العادلة». ولم تتجاوز المحاكمة، التي انطلقت نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد الدفوع الشكلية حول مدى دستورية المحكمة وحصانة الرئيس، دون أن تدخل في صلب التهم الموجهة إلى المتهمين، البالغ عددهم 12 متهماً، يتقدمهم ولد عبد العزيز الذي حكم موريتانيا لأكثر من عشر سنوات (2009 – 2029)، والذي يواجه تهماً عديدة، منها الفساد وغسل الأموال والإثراء غير المشروع.
وسبق أن عُلقت جلسات المحاكمة لأسبوعين نهاية فبراير (شباط) الماضي، بسبب طعن فريق الدفاع عن الرئيس السابق في دستورية المحكمة، وهو الطعن الذي وجه إلى المجلس الدستوري، لكن الأخير رفض الطعن وأقر دستورية المحكمة، لتبدأ جلسات المحاكمة يوم الاثنين الماضي. غير أن فريق الدفاع عن الرئيس السابق أعلن انسحابه من المحاكمة «حتى إشعار آخر»، وبرر قراره هذا بما قال إنه «انعدام أدنى شروط المحاكمة العادلة في هذه المحاكمة، ومنع حقوق الدفاع وحريته، وإعاقة دور المحامي، ورفض البت في الطلبات المؤسسة»، مشيراً إلى أن المحكمة الجنائية الخاصة بجرائم الفساد لم تسمح له بتقديم دفوعه وطلباته ونقاشها بحرية.
وأمام انسحاب فريق الدفاع، قرر رئيس المحكمة تعليق جلسات المحاكمة حتى السادس من أبريل، لكنه خاطب الرئيس السابق الموجود في قفص الاتهام، قائلاً: «أمنحك حتى السادس من أبريل لإقناع محاميك بالعودة، أو التعامل مع محامين آخرين، أو ستقوم المحكمة بتعيين محامين لك».
ويعتقد الكاتب الصحافي الموريتاني، بشير ولد ببانه، أن «ولد عبد العزيز وفريق دفاعه ينتهجون منذ البداية خطة واضحة، تقوم على فكرة كسب أكبر قدر ممكن من الوقت، وإطالة أمد المحاكمة قدر الإمكان لأنهم يعتقدون أن ذلك سيخدمهم في معركة كسب الرأي العام في صفهم، ويرون أنه كلما طال أمد المحاكمة، تكرست لدى المتابع المحلي فكرة أنها محاكمة سياسية، ولا علاقة لها بمحاربة الفساد ونهب المال العام».
وقال ولد ببانه إن فريق الدفاع «كان خلال مرافعاته يطعن في شرعية المحكمة، ويركز على النقاط التي من شأنها إعاقة انعقاد المحاكمة، وبالتالي فمن الواضح أن الرئيس السابق يتهرب من المحاكمة، وربما تكون لديه أسبابه الخاصة، التي قد تتعلق بقوة التهم والملف الذي بحوزة القضاء، أو لأنه لا يثق في العدالة الموريتانية، أو غير راضٍ عن تشكيلة المحكمة المنعقدة له... المهم أنها هي استراتيجيته التي اختار».
لكن الكاتب الصحافي الموريتاني يؤكد أن القضاء ماضٍ في المحاكمة، وأنه إذا لم يقرر فريق الدفاع العودة إلى حضور جلسات المحاكمة، فإن المحكمة ستتقدم بطلب إلى نقيب المحامين الموريتانيين لينتدب أربعة محامين يتولون الدفاع عن الرئيس السابق، كما ينص على ذلك القانون الموريتاني، مبرزاً أن المشكلة هي أن نقيب المحامين الموريتانيين إبراهيم ولد أبتي يقود فريق الدفاع عن الدولة الموريتانية في الملف، الذي يمثل الطرف المدني في جلسات المحاكمة، واختياره لمحامين لتمثيل الطرف الأخير سيشكل حرجاً كبيراً للسلطات القضائية، حسبه. لذا فإن مطبات كثيرة لا تزال أمام المحاكمة، التي انطلقت منذ 25 يناير الماضي، وهيمنت عليها منذ ذلك الوقت صراعات شكلية بين المحامين، فلم تبدأ حتى الآن في الاستماع للمتهمين، وللشهود الذين يصل عددهم إلى المئات، في واحد من أكثر الملفات تعقيداً في تاريخ القضاء الموريتاني، بحسب مراقبين.


مقالات ذات صلة

الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

العالم العربي الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

قال الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، الذي يحاكم بتهم فساد، إنه «مستهدف لأسباب سياسية بحتة». وأضاف ولد عبد العزيز خلال استجوابه أمام المحكمة المختصة بجرائم الفساد أمس، أنه «مستهدف لأنه سياسي ويعمل ضده سياسيون ورجال أعمال، كانوا يستفيدون من الدولة قبل توليه الرئاسة»، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية. وأوضح الرئيس السابق في أول حديث له حول أصل التهم الموجهة إليه، ومتابعته من قبل القضاء، أنه سجن انفرادياً لستة أشهر، وسجن بعد ذلك مع عائلته ثمانية أشهر في بيته. ويمثل الرئيس السابق أمام المحكمة المختصة بالفساد منذ 25 من يناير (كانون الثاني) الماضي بتهم تتعلق بالفساد وسوء استغلال ال

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
العالم 25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

انطلقت فجر اليوم (الجمعة) الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والجهوية والمحلية، التي تنظم بشكل متزامن في موريتانيا يوم 13 مايو (أيار) المقبل، والتي يتنافسُ فيها 25 حزباً سياسياً ضمن أكثر من ألفي لائحة انتخابية، لنيل ثقة 1.7 مليون ناخب موريتاني. وكان من المفترض أن تنظم الانتخابات في شهر أغسطس (آب) المقبل، لكن جرى تعجيلها إلى شهر مايو، بموجب اتفاق سياسي بين أحزاب الموالاة والمعارضة، تفادياً لتنظيمها في موسم الأمطار، حين تكثر الفيضانات والعواصف، ما يمنع الوصول إلى مناطق نائية من البلاد، وهو ما تسبب في مشكلات كبيرة خلال الانتخابات السابقة (2018). وبموجب الاتفاق السياسي نفسه الذي أشرفت عليه وز

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا وزير الخارجية الجزائري في مالي بعد موريتانيا

وزير الخارجية الجزائري في مالي بعد موريتانيا

بحث وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، أمس، بمالي، مع المسؤولين الحكوميين وممثلين عن حركات التمرد في الشمال، حل خلافاتهم السياسية بشكل عاجل والتقيد بـ«اتفاق السلام» المتعثر، وفق مصادر تتابع الموضوع، وذلك بهدف قطع الطريق أمام الجماعات المتطرفة، التي عادت إلى واجهة الأحداث الأمنية في الأيام الأخيرة، باغتيال مسؤول بارز في السلطة الانتقالية. وبحسب المصادر نفسها، حل عطاف بباماكو مساء الثلاثاء آتيا من موريتانيا، بغرض تسليم رسالة من الرئيس عبد المجيد تبون، لرئيس الحكم الانتقالي العقيد عاصيمي غويتا، تتضمن «أهمية الخروج من المأزق السياسي الذي يتخبط فيه هذا البلد الحدودي مع الجزائر، وتشدد على تطبيق اتفاق ال

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر يبحث في موريتانيا أمن التجارة عبر الحدود

وزير خارجية الجزائر يبحث في موريتانيا أمن التجارة عبر الحدود

يبحث وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، منذ يومين في نواكشوط التبادل التجاري النشط عبر المركز الحدودي منذ عام، والوضع الأمني بالمناطق الحدودية، حيث تعرضت قوافل تجار جزائريين لاعتداءين بين نهاية 2021 ومطلع 2023، أسفرا عن قتلى، وتدمير شاحناتهم، وتسببا في نشر حالة من الخوف. وذكرت «الخارجية» الجزائرية، في بيان، أن لقاء جمع عطاف بالرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، «وفر فرصة لاستعراض التقدم المحرز، ضمن متابعة وتنفيذ التوجيهات السامية لقائدي البلدين، ومخرجات مشاوراتهما بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها الغزواني إلى الجزائر في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2021، والتي أعطت انطلاقة لحقبة جديدة في تا

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي رئيس موريتانيا السابق ينفي تورطه في «أي فساد»

رئيس موريتانيا السابق ينفي تورطه في «أي فساد»

نفى الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد، جميع التهم الموجهة إليه، التي من أبرزها تهمة الفساد وغسل الأموال والإثراء غير المشروع واستغلال النفوذ. وقال ولد عبد العزيز، الذي تحدث للمرة الأولى أمام هيئة المحكمة، مساء أول من أمس، إنه حكم موريتانيا عشر سنوات وغير وضعيتها من الأسوأ إلى الأحسن، مشيراً إلى أن السياسة التي تبناها لا يمكن أبدا أن يتورط صاحبها في أي نوع من «تبديد الأموال العمومية».

الشيخ محمد (نواكشوط)

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف
صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف
TT

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف
صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف

جدّدت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان»، الجمعة، دعوتها الأطراف السودانية إلى ضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية المنقذة لحياة ملايين المحتاجين، وفتح معابر حدودية إضافية لإيصالها عبر الطرق الأكثر كفاءة.

وعقدت المجموعة، التي تضم السعودية وأميركا وسويسرا والإمارات ومصر والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، الخميس، اجتماعاً افتراضياً لمواصلة الجهود الرامية إلى إنهاء معاناة الشعب السوداني.

وأكد بيان صادر عنها مواصلة العمل على إشراك الأطراف السودانية في جهود توسيع نطاق الوصول الطارئ للمساعدات الإنسانية، وتعزيز حماية المدنيين، مع الامتثال الأوسع للالتزامات القائمة بموجب القانون الإنساني الدولي و«إعلان جدة».

وأضاف: «في أعقاب الاجتماع الأولي بسويسرا، أكد مجلس السيادة على فتح معبر أدري الحدودي للعمليات الإنسانية، ما سمح، مع ضمانات الوصول على طول طريق الدبة، بنقل 5.8 مليون رطل من المساعدات الطارئة للمناطق المنكوبة بالمجاعة، والمعرضة للخطر في دارفور، وتقديمها لنحو ربع مليون شخص».

ودعت المجموعة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» لضمان المرور الآمن للمساعدات على طول الطريق من بورتسودان عبر شندي إلى الخرطوم، كذلك من الخرطوم إلى الأبيض وكوستي، بما فيها عبر سنار، لإنقاذ حياة ملايين المحتاجين، مطالبةً بفتح معابر حدودية إضافية لمرورها عبر الطرق الأكثر مباشرة وكفاءة، بما فيها معبر أويل من جنوب السودان.

وأكدت التزامها بالعمل مع الشركاء الدوليين لتخفيف معاناة شعب السودان، والتوصل في النهاية إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية، معربةً عن قلقها الشديد إزاء التقارير عن الاشتباكات في الفاشر، شمال دارفور، ما أدى إلى نزوح الآلاف، ومجددةً تأكيدها أن النساء والفتيات هن الأكثر تضرراً، حيث يواجهن العنف المستمر والنهب من قبل الجماعات المسلحة.

وشدّدت المجموعة على ضرورة حماية جميع المدنيين، بما فيهم النازحون بالمخيمات، وأن يلتزم جميع الأطراف بالقانون الدولي الإنساني لمنع مزيد من المعاناة الإنسانية، مؤكدةً على مواصلة الارتقاء بآراء القيادات النسائية السودانية ودمجها في هذه الجهود.