وزيرة الخزانة الأميركية: وضع القطاع المصرفي يتجه نحو الاستقرار

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين خلال خطاب في واشنطن (أ.ف.ب)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين خلال خطاب في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

وزيرة الخزانة الأميركية: وضع القطاع المصرفي يتجه نحو الاستقرار

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين خلال خطاب في واشنطن (أ.ف.ب)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين خلال خطاب في واشنطن (أ.ف.ب)

رأت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أن وضع القطاع المصرفي الأميركي «يستقر» بعد إفلاس مصرفي «سيليكون فالي» و«سيغنتشر بنك» الذي زعزع القطاع على المستوى العالمي.
وسحب كثير من زبائن البنوك ذات الأحجام المماثلة أموالهم وتم إيداعها في مؤسسات أكبر مثل «جي بي مورغان» أو «بنك أوف أميركا»، وهي أكبر من أن تتجاهل الحكومة إنقاذها في حال مواجهة انهيار.
بحسب مقتطفات من خطاب ستلقيه وزيرة الاقتصاد والمالية الأميركية أمام مجموعة من المصرفيين خلال المنتدى السنوي لرابطة المصرفيين الأميركيين في واشنطن اليوم (الثلاثاء)، تقول يلين إن «الوضع يستقر، والنظام المصرفي الأميركي لا يزال متينا».
وتؤكد أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي) لإقراض المال للمصارف منذ أسبوع، وفقا لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية، هدفها تجنب وقوع أزمة ولكي تتمكن المصارف من العمل كما هو مرتقب لضخ سيولة في النظام المصرفي، كما أن «السحوبات من المصارف الإقليمية استقرت».
وتسببت موجة سحوبات كبرى قبل أسبوعين تقريبا بتصفية بنك «سيلفرغيت» وهو بنك إقليمي صغير أصبح الوجهة المفضلة لأوساط العملات المشفرة، ثم بنك سيليكون فالي، الذي سيطرت عليه وكالة ضمان الودائع. وأغلق «سيغنتشر بانك» المصنف 21 في البلاد.
وكانت السلطات الأميركية أعلنت عن سلسلة إجراءات لطمأنة الأفراد والشركات فيما يتعلق بمتانة النظام المصرفي الأميركي، ووعدت خصوصا بأن زبائن بنك «سيليكون فالي» و«سيغنتشر بنك» سيتمكنون من سحب جميع ودائعهم.
ستقول يلين أيضا في خطابها: «كان تدخلنا ضروريا لحماية كل النظام المصرفي الأميركي. ويمكن اتخاذ تحركات مماثلة إذا تعرضت مؤسسات صغيرة لموجة سحب تشكل خطرا».
من جهته، أكد رئيس رابطة المصرفيين الأميركيين روب نيكولز أن القطاع المصرفي يبقى قويا في الوقت الراهن رغم الأحداث الأخيرة. وقال إن «القطاع المصرفي عموما يبقى قويا وصلبا ويتمتع برأس مال متين وسيولة ويخدم الزبائن والمجتمعات بشكل جيد جدا»، لافتا النظر إلى أن السلطات تحركت سريعا لتفادي اتساع الضرر.
ويقف بنك «فيرست ريباليك» الذي يخدم العملاء ذوي الملاءة المالية العالية بشكل أساسي على المحك، فقد تدهورت هذا الأسبوع قيمته السوقية بنسبة 80 في المائة وسط مخاوف من عدوى الانهيار. ويحتل البنك المرتبة 14 من بين أكبر البنوك الأميركية من حيث الأصول.
وتتم حاليا في الولايات المتحدة حماية الودائع من قبل الهيئة الناظمة للمصارف، المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع (FDIC)، حتى مبلغ 250 ألف دولار.
وقد طلب ائتلاف يضم بنوكا أميركية متوسطة الحجم من الهيئة الناظمة الفيدرالية للمصارف ضمان جميع ودائع عملائهم لمدة عامين، حتى لمبالغ تفوق الحد البالغ 250 ألف دولار، لتفادي انتقال عدوى إفلاس بنك «سيليكون فالي»، وفقا لما ذكرته وكالة بلومبرغ (السبت) الماضي.
وقال «ائتلاف البنوك المتوسطة الحجم في أميركا» (MBCA) في رسالة إلى السلطات، وفق تقرير الوكالة، إن ذلك الإجراء من شأنه أن «يوقف على الفور هروب الودائع من بنوك أصغر حجما، ويؤدي إلى استقرار القطاع المصرفي ويقلل بشكل كبير من احتمالات انهيار مزيد من البنوك».
وكان الاحتياطي الفيدرالي أعلن من جهته (الخميس) الماضي أنه أقرض نحو 12 مليار دولار للبنوك الأميركية خلال أيام، في إطار إجراءات اتخذها في 12 مارس (آذار) تهدف إلى السماح لها بتلبية سحوبات زبائنها.
وأقرض عبر برنامجه المعتاد للقروض قصيرة المدى 152 مليار دولار للمصارف خلال الأسبوع الماضي مقابل، بالكاد، خمسة مليارات في الأسبوع الذي سبقه، و142.8 مليار دولار لكيانين أسستهما هيئات ناظمة أميركية ليخلفا بنك «سيليكون فالي» و«سيغنتشر بنك».


مقالات ذات صلة

أسواق آسيا تتراجع مع تحول التركيز إلى الاقتصاد الأميركي

الاقتصاد تجار العملات بالقرب من شاشة تعرض مؤشر أسعار الأسهم الكورية المركب «كوسبي» (أ.ب)

أسواق آسيا تتراجع مع تحول التركيز إلى الاقتصاد الأميركي

انخفضت أسهم آسيا بشكل عام يوم الخميس مع تحول اهتمام السوق إلى البيانات القادمة حول الاقتصاد الأميركي بعد أن أعلنت «إنفيديا» عن نتائجها المالية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد صورة مركّبة للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

خطاب شعبوي يطغى على خطط ترمب وهاريس لمعالجة الاقتصاد

مع اقتراب موعد أول مناظرة بين الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، ونائبة الرئيس الحالي، كامالا هاريس، يدخل الاقتصاد في خطاباتهما الشعبوية.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد مستثمر يراقب شاشة تعرض معلومات الأسهم في «سوق الأسهم السعودية (تداول)» بالرياض (رويترز)

آمال خفض «الفائدة الأميركية» تدفع معظم الأسهم الخليجية للمكاسب

أغلق معظم أسواق الأسهم بمنطقة الخليج على ارتفاع بنهاية تداولات الاثنين، بعد إشارة رئيس «بنك الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي جيروم باول إلى احتمال خفض سعر الفائدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ومحافظا بنك إنجلترا أندرو بيلي وبنك كندا تيف ماكليم خلال استراحة خارج قاعة مؤتمر جاكسون هول (رويترز)

التوقعات القاتمة تنذر بأوقات مضطربة للاقتصاد العالمي والأسواق المالية

طغت العلامات المتزايدة على ضعف النمو والمخاطر الناشئة في سوق العمل على تجمع لصُناع السياسات العالميين بمؤتمر جاكسون هول السنوي.

«الشرق الأوسط» (جاكسون هول)
الاقتصاد نائبة الرئيس كامالا هاريس على اليسار والمرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ب)

شركات أميركية معرضة لخسائر جمة مع قرب الانتخابات الرئاسية

بينما بات المناخ السياسي أكثر استقطابا من أي وقت مضى في أميركا، تجد الشركات الكبرى نفسها في مرمى نيران الانتقادات والاتهامات بدعم مرشح ما في الانتخابات الرئاسية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«إصلاح» موازنة الاتحاد الأوروبي ينذر بصدام بين أعضائه

اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
TT

«إصلاح» موازنة الاتحاد الأوروبي ينذر بصدام بين أعضائه

اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)

من المقرر أن تدفع بروكسل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي نحو إصلاح جذري لموازنتها المشتركة البالغة 1.2 تريليون يورو، وربط المدفوعات بالإصلاحات الاقتصادية بدلاً من تعويض البلدان الأكثر فقراً بشكل تلقائي.

وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز»، ستبدأ المحادثات بشأن الجولة التالية من الموازنة طويلة الأجل في الخريف، مما سيشكل انطلاقة لواحدة من أكثر مفاوضات السياسة تعقيداً وتوتراً في الاتحاد الأوروبي. وستكون إحدى التغييرات الأكثر إثارة للجدال التي تسعى إليها المفوضية الأوروبية هي إعادة تنظيم القواعد التي تحكم ما يسمى صناديق التماسك، والتي توزع عشرات المليارات من اليورو سنوياً لسد الفجوة الاقتصادية بين الأجزاء الأكثر ثراءً والأفقر في الاتحاد.

يزعم أنصار التغييرات أن ربط الإصلاحات، مثل التغييرات في معاشات التقاعد أو الضرائب أو قوانين العمل، بالمدفوعات سيجعل الإنفاق أكثر فاعلية وتأثيراً. وقال أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي المطلعين على العمل الأولي لموازنة 2028 - 2034 إن ما يسمى الدول المتلقية الصافية، أي الدول الأعضاء التي تتلقى من الموازنة أكثر مما تضع فيها، «بحاجة إلى فهم أن العالم، حيث تحصل على مظروف من تمويل التماسك من دون شروط... رحل».

أقر مسؤول ثانٍ في الاتحاد الأوروبي بأن التحول سيكون «لحظة حاسمة إلى حد كبير». ولكن من المرجح أن يثير مثل هذا التغيير خلافاً شديداً بين الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي، والتي يجب أن تقضي الآن سنوات في محاولة التوصل إلى اتفاق بالإجماع بشأن حجم الموازنة المشتركة وما يجب إنفاقها عليه.

هل يحصل التمديد؟

في ظل التحديات التي تتراوح من الحرب في أوكرانيا إلى إعادة تجهيز اقتصادها للتنافس مع الصين والولايات المتحدة، تكافح بروكسل لتمديد موازنتها الحالية، التي تستمر حتى عام 2028. وفقاً للموازنة الحالية، يذهب نحو ثلثها نحو سد الفجوات بين المناطق الأكثر فقراً والأكثر ثراءً ويتم دفع ثلث آخر في شكل إعانات زراعية. وينقسم الباقي بين تمويل البحوث ومساعدات التنمية وتكلفة تشغيل آلية الاتحاد الأوروبي.

ستحاكي بنود الشرط المقترح هذا المرفق بصندوق الاتحاد الأوروبي البالغ 800 مليار يورو في عصر الوباء، والذي صرف الأموال على أساس البلدان التي تنفذ إصلاحات واستثمارات متفق عليها مسبقاً. وقد شملت هذه الإصلاحات إصلاح سوق العمل في إسبانيا، والتغييرات التي طرأت على نظام العدالة في إيطاليا، وتكييف نظام التقاعد في بلجيكا. ولكن الوصول إلى صناديق التماسك يُنظَر إليه بوصفه مقدساً من قِبَل كثير من الدول في وسط وشرق أوروبا التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بوعد بدفع مبالغ في مقابل فتح اقتصاداتها أمام المستثمرين من أوروبا الغربية.

ووفقاً لدراسة أجراها المعهد الاقتصادي الألماني، فإن المجر وسلوفاكيا ودول البلطيق هي الدول الخمس الأولى المتلقية الصافية لصناديق التماسك بنسبة مئوية من الدخل الوطني.

ومن المرجح أن تعارض الحكومات في هذه البلدان أي تحركات ترى أنها قد تحد من مدفوعاتها. ومع ذلك، فإن البلدان التي تدفع أكثر لموازنة الاتحاد الأوروبي مما تحصل عليه هي أكثر دعماً. وقال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي إن «الطريقة الوحيدة تقريباً لإقناع الدافعين الصافيين بالمساهمة أكثر هي فرض المزيد من القيود على المتلقين».

وتبدأ المحادثات بشأن الميزانية الموازنة في الخريف، ومن المتوقع تقديم اقتراح رسمي في عام 2025.

كما يمكن للمفوضية الأوروبية فرض تغييرات كبيرة على طريقة تجميع تدفقات التمويل، والتحول من عدد كبير من البرامج إلى «خطة» بلد واحد. وهي تدرس تغييرات أخرى، بما في ذلك ما إذا كان ينبغي تقصير مدة الموازنة المشتركة من سبع إلى خمس سنوات.

وقال المؤيدون في المفوضية إن الإصلاحات الشاملة من شأنها أن تجعل الموازنة أكثر كفاءة في تلبية الأولويات مثل تغير المناخ، وتعزيز الصناعة المحلية، والاستجابة للأزمات غير المتوقعة.

وقال مسؤول ثالث في الاتحاد الأوروبي: «الطريقة التي نتفق بها على موازنة الاتحاد الأوروبي بها كثير من الجمود المدمج... نحن بحاجة إلى أن نكون أقرب إلى الواقع».

ومع ذلك، يعتقد كثير من مجموعات المصالح الخاصة والسلطات الإقليمية أن التغييرات تشكل زحفاً للمهمة من قبل المفوضية. وقالت لوبيكا كارفاسوفا، نائبة رئيس لجنة التنمية الإقليمية في البرلمان الأوروبي، رداً على خطط التغييرات على تدفقات التمويل: «هناك مخاوف واسعة النطاق بين كثير من مناطق الاتحاد الأوروبي حول ما قد يعنيه هذا النوع من التحول لتمويلها الحاسم».

في الوقت الحالي، يتم تمويل موازنة الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير من قبل البلدان؛ وفقاً لوزنها الاقتصادي، مقسمة بين الدافعين الصافين والمستفيدين الصافين. تاريخياً، تبلغ قيمتها نحو 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي. ويزعم بعض مسؤولي الاتحاد الأوروبي أن الموازنة غير كافية للتعامل مع التحديات الكثيرة التي يواجهها الاتحاد، وتتطلب مزيداً من الأموال من العواصم. وقال نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية فالديس دومبروفسكيس لصحيفة «فاينانشيال تايمز»: «لا يوجد شيء، من الناحية القانونية، يمنع موازنة الاتحاد الأوروبي من أن تكون أكبر من واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي».