هل يتنحى الدبيبة عن رئاسة الحكومة الليبية؟

(تحليل إخباري)

عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية المؤقتة (المكتب الإعلامي للحكومة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية المؤقتة (المكتب الإعلامي للحكومة)
TT

هل يتنحى الدبيبة عن رئاسة الحكومة الليبية؟

عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية المؤقتة (المكتب الإعلامي للحكومة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية المؤقتة (المكتب الإعلامي للحكومة)

تصعّد الولايات المتحدة من ضغوطها على القادة السياسيين في ليبيا، بغرض العمل على توحيد الجهود لعقد الانتخابات الرئاسية والنيابية قبل نهاية العام الجاري، وسط حالة من الترقب لما ستسفر عنه التحركات الأممية في قادم الأيام.
فمن جهة، تدعو واشنطن عبر مبعوثها الخاص السفير ريتشارد نورلاند، رئيس الحكومة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، إلى التنحي عن منصبه وتقديم استقالته «إذا أراد الترشح للانتخابات»، ومن جهة ثانية تحث السلطة التشريعية على إنجاز القوانين اللازمة لهذا الاستحقاق، في ظل تساؤلات عن مدى استجابة من هم في السلطة التنفيذية للتخلي عن مناصبهم، حال تقدمهم لخوض السباق المُرتقب. وبالنظر إلى الدعوة الأميركية للدبيبة بضرورة التنحي أولاً، تُظهر غالبية الأطراف السياسية في ليبيا رغبة واضحة في ضرورة تنحية «خصومها» وفق «الوثيقة الدستورية» المزمع إصدارها؛ إذ سبق لخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، القول إنها «ستشترط الاستقالة على من سيترشح للانتخابات الرئاسية إذا كان مسؤولاً».
وأبدى المحلل السياسي الليبي عبد العظيم البشتي اتفاقه مع الدعوة الأميركية بضرورة تقدم الدبيبة باستقالته أولاً إذا أراد الترشح للانتخابات. وقال في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «الفكرة أراها منطقية، على الرغم من مسألة التدخل الأميركي المباشر والفج والمفروض في الشأن السياسي الليبي، ودلالاته».
ويتبادل الساسة في ليبيا الاتهامات ومطالبات بعضهم لبعض بـ«التنحي وترك الكرسي». وسبق للمشري دعوة الدبيبة إلى «عدم الترشح للانتخابات القادمة، واحترام التعهدات التي أطلقها»؛ بل إنه مضى متوعداً بإمكانية «وضع نص ملزم في القوانين المرتقبة بعدم ترشح الدبيبة وأعضاء المجلس الرئاسي في الانتخابات المقبلة، وفقاً لتعهداتهم السابقة بعدم الترشح».
وفي المقابل، رد الدبيبة على المشري (خصمه الراهن) في إطار صراع مكتوم، دون أن يأتي على ذكر اسمه، وقال إنه «جاء إلى منصبه دون انتخاب، ويجلس فيه دون محاسبة»، متمسكاً أيضاً برفضه ترشح أي عسكري للانتخابات قبل الاستقالة من منصبه، في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني».
ويتفق البشتي مع ضرورة تخلي الدبيبة عن منصبه إذا أراد الترشح للانتخابات المقبلة، وقال: «لا يجوز منطقياً أن يستخدم الدبيبة من خلال منصبه الحالي رئيساً للوزراء إمكانات الدولة مادياً ومعنوياً؛ خصوصاً في ظل ظروفنا الحالية التي نعرف أنها بعيدة كل البعد عن الشفافية والنزاهة». ورأى البشتي أنه في حال خوض الدبيبة للاستحقاق دون تقدمه بالاستقالة، فإن ذلك «يمنحه امتيازاً عن بقية المرشحين». وسبق أن تقدم جميع المرشحين للانتخابات -ممن يشغلون مناصب في الدولة- باستقالاتهم قبل خوضهم الاستحقاق الذي كان مقرراً قبل نهاية عام 2021، ولم يتم. وفي أعقاب مطالبة نورلاند الدبيبة الاستقالة إذا نوى الترشح، قالت زهراء لنقي، عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، إن «ترشحه من الأساس يتعارض مع خريطة طريق الملتقى؛ والتعهدات التي قطعها على نفسه بعدم خوض الانتخابات»؛ لكنها دعت المبعوث الأممي إلى «ألا يكون انتقائياً، وألا يضع استثناءات». وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي قد أعلن مبادرة جديدة لحل الأزمة الليبية، والاتفاق على قاعدة دستورية قبل يونيو (حزيران) المقبل، لضمان إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري، كما تحدث عن تشكيل «لجنة توجيهية رفيعة المستوى ستقوم بصياغة مدوّنة سلوك للمرشحين».
وتعاني النخبة السياسية في ليبيا من أزمة شرعية، وهو ما أتى عليه باتيلي في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، مؤكداً أن «أغلب مؤسسات الدولة فقدت شرعيتها منذ أعوام. ولا بد من أن يتصدر حل أزمة الشرعية أولويات الفاعلين السياسيين الراغبين في تغيير الوضع القائم بالبلاد».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
TT

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر، أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة، إعادة فتح مدرسة «الصداقة»، التابعة لها، فيما ستقوم لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة لبعض المدارس الأخرى المغلقة، للتأكد من «توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، وملفاً كاملاً عن المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.

وقالت السفارة السودانية، في إفادة لها مساء الاثنين، إن السلطات المصرية وافقت على استئناف الدراسة في مدرسة «الصداقة» بالقاهرة، وإن «إدارة المدرسة، ستباشر أعمال التسجيل للعام الدراسي، الجديد ابتداء من الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتتبع مدرسة «الصداقة» السفارة السودانية، وافتتحت عام 2016، لتدريس المناهج السودانية لأبناء الجالية المقيمين في مصر، بثلاث مراحل تعليمية (ابتدائي وإعدادي وثانوي).

وبموازاة ذلك، أعلنت السفارة السودانية، الثلاثاء، قيام لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة بعض المدارس السودانية المغلقة، لـ«مراجعة البيئة المدرسية، والتأكد من توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي»، وشددت في إفادة لها، على أصحاب المدارس «الالتزام بتقديم جميع المستندات الخاصة بممارسة النشاط التعليمي، وفق الضوابط المصرية».

وفي وقت رأى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين بمصر»، عادل الصول، أن إعادة فتح «الصداقة» «خطوة إيجابية»، غير أنه عدّها «غير كافية»، وقال إن «المدرسة التي تمثل حكومة السودان في مصر، تعداد من يدرس فيها يقارب 700 طالب، ومن ثمّ لن تستوعب الآلاف الآخرين من أبناء الجالية»، عادّاً أن «استئناف النشاط التعليمي بباقي المدارس ضروري، لاستيعاب جميع الطلاب».

وأوضح الصول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية السودانيين الذين فروا من الحرب، اختاروا مصر، رغبة في استكمال تعليم أبنائهم»، مشيراً إلى أن «توقف الدراسة بتلك المدارس منذ أكثر من ثلاثة أشهر، سبب ارتباكاً لغالبية الجالية»، وأشار إلى أن «المدارس التي تقوم وزارة التعليم المصرية بمراجعة اشتراطات التدريس بها، لا يتجاوز عددها 40 مدرسة، وفي حالة الموافقة على إعادة فتحها، لن تكفي أيضاً كل أعداد الطلاب الموجودين في مصر».

وسبق أن أشار السفير السوداني بالقاهرة، عماد الدين عدوي، إلى أن «عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر، أكثر من 23 ألف طالب»، وقال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المستشار الثقافي بالسفارة، قام بزيارات ميدانية للعديد من المدارس السودانية المغلقة، للتأكد من التزامها بمعايير وزارة التعليم المصرية، لممارسة النشاط التعليمي»، منوهاً إلى «اعتماد 37 مدرسة، قامت بتقنين أوضاعها القانونية، تمهيداً لرفع ملفاتها إلى السلطات المصرية، واستئناف الدراسة بها».

وبمنظور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، فإن «عودة الدراسة لمدرسة الصداقة السودانية، انفراجة لأزمة المدارس السودانية»، وقال: «هناك ترحيب واسع من أبناء الجالية، بتلك الخطوة، على أمل لحاق أبنائهم بالعام الدراسي الحالي».

وأوضح جبارة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يستوجب إعادة النظر في باقي المدارس المغلقة، لضمان لحاق جميع الطلاب بالعام الدراسي»، وشدد على «ضرورة التزام باقي المدارس السودانية، باشتراطات السلطات المصرية لممارسة النشاط التعليمي مرة أخرى».

وكان السفير السوداني بالقاهرة، قد ذكر في مؤتمر صحافي، السبت الماضي، أن «وزير التعليم السوداني، سيلتقي نظيره المصري، الأسبوع المقبل لمناقشة وضع المدارس السودانية».