كُتاب عراقيون: الحرب جعلتنا ندخل الأماكن المحظورة في الكتابة

يتحدثون عن تأثيراتها وانعكاساتها في نتاجاتهم الروائية

كُتاب عراقيون: الحرب جعلتنا ندخل الأماكن المحظورة في الكتابة
TT

كُتاب عراقيون: الحرب جعلتنا ندخل الأماكن المحظورة في الكتابة

كُتاب عراقيون: الحرب جعلتنا ندخل الأماكن المحظورة في الكتابة

ما الذي أحدثته حرب العراق التي تُصادف ذكرى نشوبها العشرون، اليوم، في بنية المجتمع العراقي، ومن ثم في الثقافة العراقية؟ كيف انعكس هذا الحدث الكبير في نتاجات الكُتاب العراقيين؟ هل يمكن الحديث عما قبل الحرب وبعدها، بما أفرزته من نتائج لاحقة على المستويات: الاجتماعي، والاقتصادي، والأخلاقي، وطبيعة النظام السياسي؟ خصوصاً أنها أتت بعد حصار شديد استمر عشر سنوات، وقبلها الحرب العراقية - الإيرانية الطاحنة التي استمرت ثماني سنوات؟
هنا شهادات عدد من الكُتاب العراقيين:

- برهان شاوي: تناولتُ في رواياتي كل حروب العراق
الحقيقة، يواجه العراقيون سؤالاً ملتبساً هو: هل الحرب التي قام بها معظم دول العالم (المتحضر) بقيادة أميركا ضد العراق، من أجل إسقاط النظام الدكتاتوري الاستبدادي، هي تحرير للعراق أم احتلال له؟ لقد تغيرت الإجابات وفق الأهواء والميول السياسية، على الرغم من أن الأمم المتحدة أصدرت قراراً باعتبار العراق بلداً محتلاً من قِبل أميركا. هذا موضوع شائك، سيبقى قيد الاختلاف لزمن طويل في ذمة التاريخ.
أدبياً، تناولتُ فترة الحروب التي شارك فيها العراق في أعمالي الروائية، فمثلاً تناولتُ الحرب العراقية الإيرانية في أكثر من رواية، وأيضاً تناولتُ القصف الأميركي للعراق في «متاهة الأشباح»، حيث يختفي البيت الكبير الذي يضم عوائل كثيرة في منطقة الحيدرخانة، ولا يبقى منه سوى حفرة تفتح شدقيها، تكونت من خلال سقوط صاروخ أميركي.
مآسي الشعوب خلّدها الأدب. «الحرب والسلام» لتولستوي خلّدت الحرب الروسية الفرنسية، و«كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» لريمارك كشفت عن بشاعة الحرب العالمية الثانية، بل إن نصوص برتولد بريخت ضد الحرب كشفت عن المأساة وعبثية الحروب. وحتى في روايتي «الحِداد يليق بالسيدة بغداد» تناولت روح جندي يريد العودة إلى العراق، بعد أن سقط شهيداً في البلاد المجاورة، نتيجة الحروب العبثية التي قام بها النظام العراقي. لكن حرب إسقاط النظام الدكتاتوري واحتلال العراق، تناولتها، بتبِعاتها وحضورها، في «متاهة قابيل» من خلال «همرات» القوات الأميركية وقطعها الشوارع. والبيوت التي تهدمت على سكانها، ومئات الألوف من الأرواح التي أُزهقت خلال تلك الحرب. الحرب مأساة.


- شاكر الأنباري: أصبح العراق كياناً آخر
قضت الحرب على تلك الصورة القديمة التي ارتسمت طويلاً في أذهاننا عن العراق، وأصبحنا نرى كياناً آخر لم يعد يمتُّ بصلة إلى مُدننا، وشوارعنا، ونمط إنساننا الذي هشّمته التغيرات المتلاحقة، ففقَد البوصلة، نوعاً ما؛ كون ذلك البركان المتفجر أضخم مما يستطيع تفسيره أو التعايش معه. هذا على صعيد المجتمع، والمكان، وموازين القوى التقليدية التي تربَّى عليها الفرد. وتطلَّب ذلك سنوات كي يجد الكُتّاب رؤية متماسكة لاستخدام واقع مهشّم، تحكمه الهشاشة، في نص شعري أو روائي، أو عبر فنون أخرى. كتبتُ شخصياً أكثر من رواية تناولت حقيقة الزلزال الذي حصل؛ أي موت القديم وولادة مجتمع جديد شاذّ السمات، وأكثر ما ظهر لديّ في رواية «بلاد سعيدة»، وجاءت عن حياة قرية عاشت الاحتلال، وزوال النظام السياسي، وانفراط المقاييس المتعارف عليها. والتقطت في تلك الرواية محو الذاكرة القديمة للقرية وبشرها، سواء على صعيد المكان أو التقاليد أو العلاقات البشرية، حيث وجد سكان القرية أنفسهم في مستنقع غير مألوف، لا يفهمون ما يجري لهم، وهو ما جعلهم يشعرون بالعجز، واليأس، وضياع المنطق. أما في روايتي الثانية «نجمة البتاويين» فقد حضرت الفكرة نفسها، لكن القارئ يجد روحه في عاصمة العراق؛ بغداد، وهي تعيش فوضى عارمة، من تفجيرات، وجنود أجانب، وصراعات طائفية، وانمحاء لوجهها المتحضر المديني، بعد انهيار السلطة السابقة وضبابية الأفق، مما ترك بصمته على حياة أبطال الرواية فانصرفوا إلى الخمرة، والعبث اليومي، والبحث عن طريق للهروب. وباعتبار أن الحرب؛ أيّ حرب، لا يمكن أن تترك سوى المآسي، فنحن، باعتبارنا كُتّاباً، ما زلنا نتخبط في نتائجها وتفاعلاتها. ومعظم الأدب العراقي بعد تلك الحرب جاء صدى مصمّاً، وترجيعاً عالي النبرة للكارثة اليومية التي يعيشها المجتمع ونُخَبه. اكتشفنا، متأخرين، أن الحرب لم تكن حلاً للنفق المظلم الذي سار فيه العراق منذ أربعين سنة.

- ميسلون هادي: قدمتُ الحرب ومسارات تمنح الأمل
إذا نسينا كل شيء حفظناه، فنحن بالتأكيد لا ننسى بيتاً شعرياً قاله المتنبي أو أبو تمام عن موضوع الحرب أو أي حدث فارق من الأحداث، وفي عصرنا الحالي فإن فن الرواية هو الجنس الأدبي الأكثر استيعاباً لأحداث الأمة، سواءً بعد الحرب العالمية وبداية الخمسينات، أم في نكسة يونيو (حزيران)، أم الحرب العراقية الإيرانية، أم التغييرات التي حصلت بعد عام 2003، حتى إننا يمكننا أن نعتبر الرواية المرآة العاكسة للواقع المحتدم؛ ليس في الوطن العربي فحسب، وإنما في العالم كله، حيث نجد كُتاباً ارتبطت أسماؤهم بأعمال معيّنة عن الحرب خلّدوا فيها أماكن ومدناً وأحداثاً عن طريق الرواية، ولولاهم لطواها النسيان، ومنها مثلاً روايات: الكاتب الألماني ريمارك «ليلة لشبونة»، و«للحب وقت وللحرب وقت»، وهناك أيضاً روايات أرنست همنغواي، وبعض كُتاب أميركا اللاتينية الذين عاشوا واقعاً مشتعلاً وساخناً، فاشتهروا بأسطرة هذا الواقع عن طريق مضامين «تراجيدية» عالية التوتر، أضافوا إليها شكلاً جديداً باللغة. وهكذا دخلت الرواية اللاتينية نادي العالمية عن طريق التجارب التي تفاعلت مع الانقلابات والاضطرابات العسكرية لبلدانهم. في العراق أيضاً كانت لتجارب الحروب والاضطرابات الحصة الكبرى في الروايات التي صدرت خلال الخمسين سنة الأخيرة، لكنها بعد عام 2003 اكتسبت حرية أكبر في تناولها من زوايا جديدة لا تخضع لشعارات وتوجهات آيديولوجية أو رسمية. بالنسبة لي، قدمتُ الحرب في رواياتي بالتوازي مع مسارات أخرى تمنح الأمل الممكن، حتى في أسوأ الظروف. وهذا ما حدث في «العرش والجدول» مثلاً، أو «حلم وردي فاتح اللون»، أو «أجمل حكاية في العالم»، وبما أن الحرب، كما يقول الشاعر زهير بن أبي سلمى: «وما الحرب إلا ما علمتم وذقتمُ ... وما هو عنها بالحديث المرجم»، فإن كمية الحزن أو القهر الموجودة في الحياة اليومية، ستكون عبئاً على القارئ الذي عاش شرورها وتفاصيلها المؤلمة، إذا ما أعادها الكاتب دون كسرها بما هو مختلف عن الصورة المعتمة التي اختبرها الناس، أو شاهدوها في الإعلام.

- خضير الزيدي: ثلاث حروب وحصار ملأت خزانات الذاكرة
للحرب أيضاً فضيلتها الوحيدة على الكُتّاب الجنود من أمثالي؛ كونها تمدّهم بدراما سردية لا تنتهي لتاريخ الدم العراقي المستباح عبر التاريخ، ومن جانب آخر أشفق، ولا أحسد، على كُتّاب بلدان عدة لا يوجد ما يمدُّهم بدراما الدم المسفوح مثلما حدث أو يحدث في بحيرة الدم العراقية، ذلك انعكس على نتاجاتهم فذهبوا إلى داخل النفس الإنسانية والتفكر أو التأمل لاختراقها، من أجل استجداء الحبل الشوكي للأدب السردي المعاصر لديهم على مستوى الأدب الغربي. ولا غرابة في أن نتاجات الحداثة تشتغل على روايات أو قصص المطبخ والطعام والأزياء والمكتبة، فيما نحن العراقيين نحتاج لألف سنة مقبلة كي نتخلص من فوبيا الحروب اللصيقة بوجداناتنا الحزينة، وهي ترثي الأرامل والأصدقاء واليتامى بسرديات كبرى، أو ربما ملاحم صغرى عن تاريخ الدم المسفوح.
ثلاث حروب وحصار بمرتبة الحرب كانت كافية لملء خزانات الذاكرة لجيل الكتابة السردية الحالي، جيل الجنود الأحياء وهو يعكف على تدوين المآسي الهائلة. من الصعب؛ بل المستحيل، أن تنجو من الحرب، لكنني على المستوى الشخصي كنت ألوذ بصفائح الرمل والخنادق من أجل هذا اليوم. ربما آخِر ما صدر لي هو رواية «صديقي المترجم» لحكاية رسخت في رأسي من عشرين عاماً، لجندي هرب في أثناء الحرب عندما قتل زميله الجندي الصديق، فقام باستبدال الأوراق الثبوتية بينه وبين صديقه. بين مفقود بالحرب، وقتيل بمنزلة شهيد وبكل الامتيازات. يهرب ولكن أهله يتسلّمون جثته من دون رأس. فتغدق السلطة آنذاك عليهم الثروة؛ كون ابنهم «شهيداً»، فالحرب حكاية تاريخ عسكري لذواتنا، نستعين بالنهل من هذا التاريخ، لنفسّر ما يحدث في يومنا هذا، فالكُتاب الجنود عبر التاريخ هم أبناء بررة لتاريخ الدم.

- حميد المختار: الحرب الأخيرة أثّرت ثقافياً سلباً وإيجاباً
الحروب، كل الحروب، هي أداة خراب وتهديم للقيم الإنسانية المجتمعية والأخلاقية ولكل ما هو جميل وجليل، فيسود الخراب والقبح، وهذا كله سيؤثر على الأوضاع الفكرية الإبداعية والثقافية عموماً، وهذا ما حصل بعد الحرب الأخيرة في العراق وسقوط النظام البعثي وانهيار كل مؤسساته ومأثوراته الثقافية والحزبية. وقد حصل معنا هذا، حيث توقفت الحياة الثقافية في العراق وانقطعت السبل بالمثقفين العراقيين، لكن في الوقت نفسه أضافت هذه الحرب لنا صفحة جديدة من الأحداث في مواد خام تصلح لأن تكون ثيمات روائية وقصصية وملحمية. إذن فالحرب الأخيرة أثّرت سلباً وإيجاباً في حركية وسيرورة الوضع الثقافي العراقي بعامة. تقف الحياة وتكون حداً فاصلاً بين عهدين: عهد دكتاتوري منهار صار يقبع في خانة الماضي الأسود، وعهد ديمقراطي مفتوح يمنح الكاتب فرصة جديدة لرؤية العالم بنظرة أخرى غير تلك التي سادت في كل إرثه الثقافي والسردي، ثم إنها - أي الحرب وسقوط النظام الدكتاتوري - فتحا باباً أمام ظهور أسماء جديدة في كتابة الرواية، مما أضاف وهجاً ودماً جديداً للسردية العراقية، وعلى صعيد تجربتي الشخصية فقد واكبتُ كل هذه التطورات الدراماتيكية مستغلاً فرصة الدخول إلى عهد جديد لم يمُرّ به العراق من قبل، وصار لزاماً علينا جميعاً أن نكتب ما نشعر به ونعيشه، خصوصاً وقد صار متاحاً لنا أن ندخل الأماكن المحظورة في الكتابة، تلك المحرَّمات التي وضع النظام السابق أمامها خطوطاً حمراء، والذي يتجاوزها سيختفي عن وجه البسيطة، ولذلك وبعد أن أنجزت معظم رواياتي التي فضحت النظام السابق، كتبت روايتي «تابو» التي واكبت التطورات الجديدة بعد سقوط النظام، بل صِرتُ ألعن ساسة العهد الديمقراطي الجديد الذين واصلوا مسيرة الخراب العام التي بدأها النظام المقبور وأكملها هؤلاء الفاسدون.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«سلمى»... نهاية صادمة مقابل أداء تمثيلي متقن

الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)
الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)
TT

«سلمى»... نهاية صادمة مقابل أداء تمثيلي متقن

الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)
الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)

استغرب متابعو المسلسل المعرّب «سلمى» نهايته الفاترة وغير المتوقعة، فخاب أمل المشاهد العربي بعمل درامي أغرته قصّته الإنسانية وتابعه بحماس على مدى 3 أشهر، مترقّباً بفارغ الصبر الحلقة التسعين والأخيرة. غير أنّ هذه الخاتمة جاءت باهتة، ولم تتجاوز مدتها الحقيقية سوى نصف الحلقة، أي نحو 30 دقيقة، فتركت وراءها علامات استفهام كثيرة لدى جمهور لم يرقَ له هذا الاستخفاف بذكائه.

وتدور قصة العمل حول سلمى (مرام علي) التي اختفى زوجها جلال (نيقولا معوّض) من حياتها بين ليلة وضحاها، واضطرت إلى أن تعمل، رغم مرضها، لتأمين لقمة العيش لأولادها، وعندما حانت لحظة الحقيقة كي تلتقيه وتدرك ما جرى في الواقع، مات وهو بين يديها.

وانهمرت التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول هذه النهاية، فتصدّرت الـ«تريند»، وكانت في معظمها تحمّل المخرج مسؤولية إفقاده بريقها. فلا سلمى فهمت سر اختفاء زوجها لسنوات طويلة، ولا جلال استطاع الاعتذار لها وإخبارها بحقيقة غيابه المفاجئ. حتى إن التعليقات تناولت سوء إدارة الممثلين في مشهد إطلاق النار على جلال، فغابت ردود الفعل الطبيعية لدى شخصيات المسلسل، ولم تحضر سيارة الإسعاف، رغم وجود الطبيبة وفاء (فرح بيطار) لحظة حصول الحادثة.

نيقولا معوّض قدّم أداءً لافتاً في الحلقة الأخيرة من «سلمى» (فيسبوك)

وما شفع لهذه النهاية هو أداء بعض أبطال العمل. وتوقف كثيرون عند شخصية جلال التي يُجسدها نيقولا معوّض، فقد استطاع، رغم المساحة المحدودة لدوره، أن يلفت الأنظار بأدائه المؤثّر.

وبرزت قمّة إبداعه التمثيلي في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حين قدّم مشهد لقائه بزوجته سلمى بأسلوب احترافي ودقيق، فنجح في الخروج من دائرة الانتقادات القاسية التي وُجّهت لحلقة الختام، ما دفع المشاهدين إلى تحميل مخرج العمل مسؤولية عدم منحه المساحة التمثيلية التي يستحقّها. صحيح أنّ المشهد لم يستغرق سوى دقائق معدودة، لكنّها كانت كافية ليبلغ معوّض ذروة الإحساس والمشاعر التي تحيط بهذا اللقاء، وكان قد سبق لنيقولا معوّض أن أثار عاطفة المشاهد في حلقة سابقة؛ حيث تضمّنت اللقاء الذي جمعه بطفليه شادي (أحمد جاويش) وجولي (روسيل إبراهيم)، في مشهد لامس الإحساس وطبع في ذاكرة المشاهد.

والمعروف أن معوّض اللبناني يُعدّ حالياً واحداً من نجوم الدراما المصرية. كما كانت له تجربة عالمية في فيلم أميركي بعنوان «His only son» جسّد فيه دور النبي إبراهيم.

يتألّف مسلسل «سلمى» في نسخته التركية الأصلية «امرأة» من 3 مواسم، وقد عُرضت حلقته الأخيرة عام 2020. وبعد مرور 5 سنوات، تابع المشاهد العربي نسخته المعرّبة. وكما درجت العادة لدى الشركة المنتجة للمسلسلات المعرّبة (إم بي سي) يتم اختصار الأعمال التركية إلى 90 حلقة. وهو ما طُبّق سابقاً في مسلسلات «الثمن»، و«القدر»، و«كريستال» وغيرها؛ حيث جاءت النهايات، إلى حدّ ما، على قدر توقّعات الجمهور. غير أنّ «سلمى» شهد اختصاراً طال أحداثاً محورية وأساسية، كان المشاهد يعوّل على تلخيصها لا على بترها.

وانتقد الجمهور أسلوب الإخراج الذي اعتمد على الإطالة وتضييع الوقت ضمن سردية غير متماسكة، مع التركيز على مشاهد غير محورية لاستكمال حبكة بدت ناقصة. وعبّر أحد المشاهدين عن استيائه من نهاية المسلسل عبر حسابه على «تيك توك»، قائلاً: «لقد ندمت على إضاعة وقتي في متابعة 89 حلقة دون جدوى، فالحلقة التسعون والأخيرة كانت فاشلة بكل ما للكلمة من معنى».

وفي السياق نفسه، لجأت مشاهدة أخرى إلى السخرية، عادّةً أنّ المخرج لم يحترم وعي الجمهور. إذ جاءت النهاية مصنوعة بخفّة، وغاب عنها عنصر التشويق. كما وصف عدد من المتابعين أسلوب الإخراج بالقديم، لاعتماده على تبادل نظرات مطوّلة والتحديق في الفراغ بدل التركيز على اللحظة الدرامية والمكان المناسبين. وهو ما عُدّ، برأيهم، أسلوباً لا يليق لا بعقل المشاهد ولا بالحماس الذي واكب متابعة المسلسل طوال أشهر.

في المقابل، حصد بعض الممثلين التقدير الذي يستحقونه من الجمهور، أبرزهم طوني عيسى، الذي أثار إعجاب النقّاد بأدائه الهادئ والمتمكّن، وكذلك نقولا دانيال، الذي جسّد دور الجدّ الفائض بالعاطفة والحنان تجاه أحفاده وبناته.

طوني عيسى من الممثلين الذين تركوا أثرهم على المشاهد العربي (فيسبوك)

أما تقلا شمعون، فقدّمت دوراً مختلفاً من خلال شخصية هويدا، والدة سلمى وميرنا (ستيفاني عطالله). فأثنى المشاهد على حرصها الدائم على عدم تكرار نفسها في أدوار متشابهة، وكذلك على قدرتها في تقديم شخصية جديدة بأبعاد إنسانية واضحة.

من جهتها، قدّمت ستيفاني عطالله دور الشرّ بأبهى حلّة، فتقمّصت شخصية ميرنا المركّبة، التي تعاني اختلالاً نفسياً وفكرياً. وبلغ الحقد والكره لديها تجاه شقيقتها سلمى حدّاً جعل المشاهد يصدّقها ويكرهها بدوره.

ولا يمكن إغفال الأداء اللافت الذي قدّمه الطفلان شادي (أحمد جاويش)، وجولي (روسيل إبراهيم)، فوضعا فنّ التمثيل في مرتبة عالية قياساً إلى عمرهما الصغير. ونجحا في خطف أنظار المشاهدين بموهبتيهما العفوية والمعبّرة.

صحيح أنّ الدراما تعكس في كثير من الأحيان واقعاً نعيشه، ويُسمح لها أحياناً بتوظيف الخيال في سياق أحداثها، غير أنّ النهايات تبقى الحلقة الأصعب والامتحان الحقيقي لأي عمل، فهي إما أن تُعزّز نجاحه وإما تسقطه.

وفي «سلمى» المعرّب، كان كثيرون يدركون طبيعة خاتمته، ولا سيما من تابعوا نسخته الأصلية وعرفوا تفاصيلها، ولكن ذلك لم يشفع لنهاية مبتورة خيّبت آمال المشاهد العربي، فشكّلت سقطة درامية مدوّية في مسيرة هذا النوع من الدراما المعرّبة.


اكتشاف آلاف آثار أقدام الديناصورات في شمال إيطاليا

آثارٌ لم تمحها الأزمنة (أ.ب)
آثارٌ لم تمحها الأزمنة (أ.ب)
TT

اكتشاف آلاف آثار أقدام الديناصورات في شمال إيطاليا

آثارٌ لم تمحها الأزمنة (أ.ب)
آثارٌ لم تمحها الأزمنة (أ.ب)

عُثر على آلاف من آثار أقدام الديناصورات، العائد تاريخها إلى 210 ملايين عام، في محمية وطنية شمال إيطاليا.

وتنتظم آثار الأقدام، التي يصل قُطر بعضها إلى 40 سنتيمتراً، في صفوف متوازية، ويُظهر كثير منها آثاراً واضحة للأصابع والمخالب.

ووفق «بي بي سي»، يُعتقد أنّ هذه الديناصورات كانت من نوع «بروساوروبود»، وهي ديناصورات عاشبة تتميَّز بأعناق طويلة ورؤوس صغيرة ومخالب حادّة.

وقال عالم الحفريات المقيم في ميلانو، كريستيانو دال ساسو: «لم أكن أتخيّل أبداً أنني سأعثر على مثل هذا الاكتشاف المذهل في المنطقة التي أعيش فيها».

كان مصوّر فوتوغرافي قد رصد في سبتمبر (أيلول) الماضي آثار الأقدام، وهي تمتد لمئات الأمتار على جدار جبلي رأسي في محمية «ستيلفيو» الوطنية، شمال شرقي ميلانو.

وفي العصر الترياسي، قبل ما يتراوح بين 250 و201 مليون سنة تقريباً، كان هذا الجدار مسطّحاً طينياً ساحلياً (منطقة مد وجزر)، وأصبح لاحقاً جزءاً من سلسلة جبال الألب.

وقال دال ساسو: «كان هذا المكان يعجّ بالديناصورات في الماضي. إنه كنز علمي هائل».

وأضاف أنّ القطعان كانت تتحرّك في تناغم، «وهناك أيضاً آثار لسلوكيات أكثر تعقيداً، مثل تجمُّع مجموعات من الحيوانات في دائرة، ربما لأغراض الدفاع».

كانت ديناصورات «البروساوروبود»، التي قد يصل طولها إلى 10 أمتار، تمشي على ساقين، ولكن في بعض الحالات عُثر على آثار أيدٍ أمام آثار الأقدام، ممّا يشير إلى أنها ربما توقّفت وأراحت أطرافها الأمامية على الأرض.

وقال المصوّر الذي اكتشف الموقع إيليو ديلا فيريرا، إنه يأمل أن يثير هذا الاكتشاف «تأمّلاً فينا جميعاً، ويسلّط الضوء على مدى ضآلة ما نعرفه عن الأماكن التي نعيش فيها: وطننا، كوكبنا».

ووفق بيان صحافي صادر عن وزارة الثقافة الإيطالية، فإنّ المنطقة نائية ولا يمكن الوصول إليها عبر الممرات، لذا ستُستخدم الطائرات المُسيّرة وتقنيات الاستشعار من بُعد بدلاً من ذلك.

وتقع محمية «ستيلفيو» الوطنية في وادي «فرايلي» عند حدود إيطاليا مع سويسرا، بالقرب من المكان الذي ستُقام فيه الألعاب الأولمبية الشتوية العام المقبل.

وقالت وزارة الثقافة الإيطالية: «الأمر يبدو كأنّ التاريخ نفسه أراد أن يُقدّم تحية لأكبر حدث رياضي عالمي، جامعاً بين الماضي والحاضر في تسليم رمزي للشعلة بين الطبيعة والرياضة».


وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور إثر حريق شبّ في منزلها

 نيفين مندور (صفحتها الرسمية في «فيسبوك»)
نيفين مندور (صفحتها الرسمية في «فيسبوك»)
TT

وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور إثر حريق شبّ في منزلها

 نيفين مندور (صفحتها الرسمية في «فيسبوك»)
نيفين مندور (صفحتها الرسمية في «فيسبوك»)

تُوفيت الفنانة المصرية نيفين مندور صباح اليوم (الأربعاء)، عن عمر يناهز 53 عاماً، وذلك إثر حريق مفاجئ شبّ في منزلها.

وأُعلن الخبر على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك»، اليوم (الأربعاء).

وكان الفنان شريف إدريس قد كتب، عبر صفحته الرسمية في «فيسبوك»: «لا إله إلا الله... الصديقة الطيبة الجميلة نيفين مندور في ذمة الله، الله يرحمك ويحسن إليكِ».

لقطة من دور قدمته نيفين مندور في فيلم «اللي بالي بالك» (صفحتها الرسمية في «فيسبوك»)

واشتهرت نيفين مندور بشخصية «فيحاء» التي جسّدتها ضمن أحداث فيلم «اللي بالي بالك» أمام الفنان محمد سعد، الذي صدر عام 2003. وكان آخر أعمالها المسلسل الكوميدي «المطعم» الذي عُرض عام 2006.