فيرونيكا بائعة الخضار التي قلبت المقاييس

بائعة الخضار فيرونيكا نمر (خاص فيرونيكا)
بائعة الخضار فيرونيكا نمر (خاص فيرونيكا)
TT

فيرونيكا بائعة الخضار التي قلبت المقاييس

بائعة الخضار فيرونيكا نمر (خاص فيرونيكا)
بائعة الخضار فيرونيكا نمر (خاص فيرونيكا)

على وقع أغاني فيروز وصباح تطل بائعة الخضار فيرونيكا نمر بعربة الـ«فان» التي تقودها وتحمّل فيها كل ما لذ وطاب من فاكهة وخضار. وهي تعتبر سيارتها سبيل رزقها ومشروعاً تجارياً صغيراً تخطط لتوسيعه مع الوقت.
«حزّك مزّك» هو الاسم الذي اختارته لمشروعها، كونها تمضي يومها وهي تتجول على الطرقات. ومنذ إطلاقها له من حوالي الشهر ذاع صيتها، وصارت شهيرة على وسائل التواصل الاجتماعي. فهي تعد أول فتاة شابة (22 عاما) تنطلق في مهنة بيع الخضار متجولة. فعادة ما يتولى هذه المهمة الرجال، إلا أنها قلبت القاعدة من مبدأ خالف تعرف. ولأنها شغوفة في تحضير الطعام، كان لا بد أن تحوز مكوناته على اهتمامها.
حاولت فيرونيكا مثل غيرها من شباب لبنان أن تلحق بفسحة الأمل من خلال هجرتها إلى رومانيا، «ولكني لم أكن سعيدة هناك وقررت العودة إلى بلدي لبنان لأنه بنظري الأفضل على هذا الكوكب». هكذا تخبرنا فيرونيكا عن المراحل التي مرت بها والتي ختمتها بمهنة بيع الخضار. فهي درست إدارة الأعمال في إحدى الجامعات اللبنانية. وفي رومانيا عملت كشيف في مجال الطهي. ومن ثم لحقت بمشاعرها وبحدسها وعادت إلى الوطن. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «هنا فرص العمل أكبر وكثيرة، وعلى الشباب أن يعوا ذلك. بمقدورهم الابتكار والتميز بدل الهروب إلى المجهول».
تستيقظ فيرونيكا في الخامسة فجراً تتوجه بعدها إلى سوق الخضار بالجملة. ونحو الساعة الثامنة تكون في واحدة من مناطق بيروت. تضيف: «الاثنين والجمعة أتواجد في الأشرفية وباقي أيام الأسبوع أتنقل بين مناطق سن الفيل وحرش تابت وانطلياس وغيرها. واليوم عندي زبائن في جميع هذه المناطق، ولا سيما في السيوفي ومار مخايل والجعيتاوي». وتتابع بحماس: «أنا سعيدة كون زبائني يثقون بي وبالأسعار المقبولة والعادلة التي أطلبها. وما أن يسمعوا صوت بوق الـ«فان» وأغاني فيروز وصباح حتى يبدأوا بالتجمع حولي».
استوحت فكرتها كما تقول من وسام بائع خضار اعتاد أن يزور بلدة الرميلة الشوفية مسقط رأسها. «حفر في رأسي وهو يتردد على بلدتنا منذ نحو 20 عاما. قلت في نفسي، ولم لا أقوم بنفس الفكرة؟ وهكذا حصل واشتريت الـ«فان» وغطته والدتي الفنانة التشكيلية نورا داغر برسومات مزركشة وملونة جميلة، حتى تحول إلى لوحة غرافيتي تسرق الانتباه وتستوقف كل من يراها».
تؤكد فيرونيكا أنها تختار البضاعة وكأنها تشتريها لمنزلها: «أحرص على أن تكون طازجة وذات جودة. وأقدمها بطريقة فنية فأرتبها كلوحات رسم تجذب الناس. أسعاري مدروسة وأستخدم آلة حاسبة قديمة (كاسيو) تماما كوسام كي أحاسب الزبائن. أما الميزان الذي عندي فهو من نوع ديجيتال فجمعت بين الحديث والقديم في آن».
لم تختر مهنة بيع الخضار عن عبث لأنها تملك هواية البحث في الأرض وتهوى الجذور. «أجد في الأرض بركة لا نحصل عليها في أماكن أخرى. كما أني أحب الخضار والفاكهة الصحية ولا أقلد بعض التجار في الغش والخلط بين بضاعة وطنية وأجنبية. فأرضنا خيّرة وطعم مزروعاتها ألذ وأطيب. وأحاول بذلك تحسين مذاقات الناس وتشجيع المزارعين في آن».
من البقاع وعكار تختار الخضار الورقي «ولكن غالبية باقي الأصناف أشتريها من سوق الخضار. هناك الجميع بات يعرفني ويحتفظ لي بأفضل بضاعة وأكثرها جودة».
مؤخراً أدخلت فيرونيكا على الأصناف التي تبيعها مادة العسل. «هو عسل بلدي تستخرجه فتاة بعمر الـ19 عاما من قفير نحل تمتلكه في بعبدا. أقصدها دائما كي أحصل على هذا النوع الممتاز. ومع العسل الطبيعي أكون بدأت في توسيع هذا المشروع، كي يصبح فيما بعد مؤسسة. فأنا أنوي أن أحقق من أرباحي مشاريع أخرى ويصبح عندي أكثر من «فان» واحد، وأقدم الفرص لشباب بعمري كي يقودوها ويتنقلوا في مناطق خارج بيروت. وربما تصبح هذه المؤسسة عنواناً للتفاؤل بعيداً عن الإحباط الذي يصيب كثيرين من أبناء جيلي اليوم». تعترف فيرونيكا أنها تضطر أحياناً إلى إيصال الفاكهة والخضار بـ«السلة». «بعض سكان الطوابق العالية ومع غياب التيار الكهربائي، ينزلون «السلة» على الطريقة القديمة كي أضع لهم فيها الخضار الذي يحتاجونه. وبعض أصدقائي الذين يرافقوني من باب المساندة يصعدون السلالم للطوابق العالية، فلا يحرمون المسنين الذين يسكنونها من أصناف الفاكهة والخضار التي يريدونها».
أما أكثر ما لفتها في عملها فهو اهتمام الشباب من أعمار مختلفة الذين يقصدونها بحماس. «لقد حفزتهم على أخذ دور أمهاتهم. فهم يطلون من على الشرفات عند سماع الأغاني التي تصدح من عربتي. ويأتونني فرحين كي يختاروا ما يريدون من أصناف. وبعضهم أسرّ لي أنه يشعر بالفرح وهو يزاول هذه المهمة. تخيلي فهم لم يقوموا بها من قبل ولكن (حزّك مزّك) دفعهم لذلك».
في الثانية بعد الظهر تعود فيرونيكا أدراجها إلى منزلها كي تأخذ قسطاً من الراحة على أمل بداية يوم جديد ومثمر ومفعم بالطاقة الإيجابية. «هدف مشروعي هو العمل كفريق وأنوي مع الوقت أن أحققه قريباً. ويهمني أن أشجع الجيل الجديد على الزراعة، وبذلك أضمن أن البضاعة التي أحملها موقعة من مزارع صحية مائة في المائة. يجب أن نحسّن هذا القطاع لأنه يشكل مورد رزق جيدا لنا في المستقبل. فالأمل موجود دائماً، وما علينا إلا اللحاق به بدل انتظاره، ونحن نضع كفّ يدنا على وجهنا».


مقالات ذات صلة

تعزيز «منصة الابتعاث الثقافي» السعودية بخدمات جديدة

يوميات الشرق تعزيز «منصة الابتعاث الثقافي» السعودية بخدمات جديدة

تعزيز «منصة الابتعاث الثقافي» السعودية بخدمات جديدة

أضافت وزارة الثقافة السعودية خدمات جديدة إلى «منصة الابتعاث الثقافي» بميزات متعددة تهدف من خلالها إلى تعزيز العدالة في ترشيح المبتعثين. وتحتوي المنصة على التفاصيل والمعلومات التي يحتاجها المهتمون بالابتعاث الثقافي، ومحتوى توعوي عنه، فضلاً عن تمكينهم من التقديم على برامجه، ومتابعة طلباتهم، وإنهاء كافة الإجراءات المتعلقة بذلك. وتعد المنصة بمثابة رحلة متكاملة تبدأ من خلال الدخول على صفحة برامج الابتعاث ليظهر مساران للتقدم، وهما: الدارسون على حسابهم الخاص، والحاصلون على قبول مسبق، ومن ثم الانطلاق في التقديم بإنشاء الملف الشخصي الموثق بالتكامل مع أنظمة وخدمات مختلف الجهات الحكومية، ومن ثم تعبئة الب

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مسنّون «يروّجون» لشيخوخة سعيدة

مسنّون «يروّجون» لشيخوخة سعيدة

ينشر مسنّون على إحدى المنصات الاجتماعية فيديوهات مضحكة لأنفسهم مزيلين الأفكار السابقة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وفي سن التاسعة والثمانين، تعيش دولوريس التي تستخدم اسم «دولي برودواي» على «تيك توك» «أفضل أيام حياتها»، وتشارك مقاطع فيديو طريفة لمتابعيها البالغ عددهم 2.4 مليون متابع. لا شيء يوقف هذه «السيدة الكبيرة» اللبقة التي تظهر تارة وهي ترقص على أغاني فرقة «أبا». وقال سيرج غيران عالم الاجتماع والمتخصص في الشيخوخة: «لم تعد للسن اليوم علاقة بما كانت عليه في السابق»، ومع سقوط الصور النمطية «لم يعد المسنون أشخاصاً يحتاجون حصراً إلى الأدوية والهدوء، بل يمكنهم أيضاً أن يكونوا في أفضل أحوالهم!»،

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق تنامي «المعتقدات الشاذة» يثير المخاوف في كينيا

تنامي «المعتقدات الشاذة» يثير المخاوف في كينيا

حالة من الذعر تعيشها كينيا مع توالي العثور على رفات في مقابر جماعية لضحايا على صلة بجماعة دينية تدعو إلى «الصوم من أجل لقاء المسيح»، الأمر الذي جدد تحذيرات من تنامي الجماعات السرية، التي تتبع «أفكاراً دينية شاذة»، خلال السنوات الأخيرة في البلاد. وتُجري الشرطة الكينية منذ أيام عمليات تمشيط في غابة «شاكاهولا» القريبة من بلدة «ماليندي» الساحلية، بعد تلقيها معلومات عن جماعة دينية تدعى «غود نيوز إنترناشونال»، يرأسها بول ماكينزي نثينغي، الذي قال إن «الموت جوعاً يرسل الأتباع إلى الله».

يوميات الشرق كم يُنفق اليابانيون لتزيين سياراتهم بالرسوم المتحركة؟

كم يُنفق اليابانيون لتزيين سياراتهم بالرسوم المتحركة؟

ينفق مجموعة من اليابانيين آلاف الدولارات على تزيين مركباتهم بشخصيات الرسوم المتحركة والشرائط المصوّرة وألعاب الفيديو المفضلة لديهم، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتُطلَق على هذه السيارات أو الدراجات النارية أو المقطورات تسمية «إيتاشا»، وهي كلمة مركبة تُترجم إلى «السيارة المُحرِجة» وتعكس السمعة السيئة التي كانت تحظى بها هذه الموضة لدى ولادتها في الأرخبيل الياباني في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. إلا أنّ العقليات تغيرت مذّاك، وباتت شخصيات الرسوم المتحركة والشرائط المصوّرة وألعاب الفيديو تُعد «ثقافة ثانوية» تحظى باعتراف أكبر في المجتمع الياباني. ولتزيين سيارته الفاخرة من نوع «جاغوار إكس جاي

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
يوميات الشرق في اليوم العالمي للتراث... 6 معالم لبنانية بمتناول الجميع مجاناً

في اليوم العالمي للتراث... 6 معالم لبنانية بمتناول الجميع مجاناً

في 18 أبريل (نيسان) من كل عام، يحتفل العالم بـ«اليوم العالمي للتراث»، وهو يوم حدده المجلس الدولي للمباني والمواقع الأثرية (ICOMOS) للاحتفاء به. ويتم برعاية منظمة «اليونيسكو» ومنظمة «التراث العالمي لحماية التراث الإنساني». ويأتي لبنان من ضمن الدول التي تحتفل به. ويعوّل سنوياً وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى على هذه المناسبة، فيفتح أبواب بعض المعالم مجاناً أمام الزائرين لمدة أسبوع كامل. في رأيه أن مهمته تكمن في توعية اللبناني بموروثه الثقافي، فيشجعه على الخروج من حالة الإحباط التي يعيشها من ناحية، وللتعرف على هذه المواقع عن قرب، من ناحية ثانية.


الذكاء الاصطناعي يعزز فرص الحمل

الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
TT

الذكاء الاصطناعي يعزز فرص الحمل

الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)

توصلت دراسة من جامعة إمبريال كوليدج لندن في بريطانيا إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز فرص الحمل لدى السيدات الخاضعات للتلقيح الصناعي.

وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تسلط الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحسين نتائج العلاج وتقديم رعاية أكثر دقة للمريضات، ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية (Nature Communications).

ويذكر أن التلقيح الصناعي إجراء طبي يساعد الأزواج الذين يعانون من مشاكل في الإنجاب على تحقيق الحمل. وفي هذا الإجراء، يتم استخراج البويضات من المبايض لدى السيدات بعد تحفيزها بواسطة أدوية هرمونية، ثم يتم تخصيبها بالحيوانات المنوية للرجال في المختبر. وبعد التخصيب، يتم مراقبة نمو الأجنة في المختبر، ثم يتم اختيار أفضل الأجنة لنقلها إلى رحم المرأة في أمل حدوث الحمل.

وتمر العملية بخطوات أولها تحفيز المبايض باستخدام أدوية هرمونية لزيادة إنتاج البويضات، ثم مراقبة نمو الحويصلات التي تحتوي على البويضات عبر جهاز الموجات فوق الصوتية. وعند نضوج البويضات، تُجمع بواسطة إبرة دقيقة وتُخصّب في المختبر. وبعد بضعة أيام، تنُقل الأجنة المتطورة إلى الرحم لتحقيق الحمل.

ويُعد توقيت إعطاء حقنة الهرمون أمراً حاسماً في نجاح العملية، حيث يستخدم الأطباء فحوصات الموجات فوق الصوتية لقياس حجم الحويصلات، لكن تحديد التوقيت المناسب يعد تحدياً.

وفي هذه الدراسة، استخدم الباحثون تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات أكثر من 19 ألف سيدة خضعن للعلاج. ووجدوا أن إعطاء حقنة الهرمون عندما يتراوح حجم الحويصلات بين 13 و18 ملم كان مرتبطاً بزيادة عدد البويضات الناضجة المسترجعة، مما أدى إلى تحسن ملحوظ في معدلات الحمل.

وبينما يعتمد الأطباء حالياً على قياس الحويصلات الأكبر فقط (أكثر من 17-18 ملم) لتحديد توقيت الحقن، أظهرت الدراسة أن الحويصلات المتوسطة الحجم قد تكون أكثر ارتباطاً بتحقيق نتائج إيجابية في العلاج.

كما أظهرت النتائج أن تحفيز المبايض لفترات طويلة قد يؤدي لارتفاع مستويات هرمون البروجستيرون، مما يؤثر سلباً على نمو بطانة الرحم ويقلل من فرص نجاح الحمل.

وأشار الفريق إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتيح للأطباء اتخاذ قرارات أكثر دقة في توقيت هذا الإجراء، مع الأخذ في الاعتبار أحجام الحويصلات المختلفة، وهو ما يتجاوز الطرق التقليدية التي تعتمد فقط على قياس الحويصلات الكبرى.

وأعرب الباحثون عن أهمية هذه النتائج في تحسين فعالية التلقيح الصناعي وزيادة نسب النجاح، مشيرين إلى أن هذه التقنية تقدم أداة قوية لدعم الأطباء في تخصيص العلاج وفقاً لاحتياجات كل مريضة بشكل فردي.

كما يخطط الفريق لتطوير أداة ذكاء اصطناعي يمكنها التفاعل مع الأطباء لتقديم توصيات دقيقة خلال مراحل العلاج؛ ما سيمكنهم من تحسين فرص نجاح العلاج وتحقيق نتائج أفضل.