اجتماع سعودي ـ فرنسي في باريس يركز على الفراغ الرئاسي في لبنان

مقعد رئيس الجمهورية في لبنان الذي أصبح شاغراً منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في آخر أكتوبر الماضي (رويترز)
مقعد رئيس الجمهورية في لبنان الذي أصبح شاغراً منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في آخر أكتوبر الماضي (رويترز)
TT

اجتماع سعودي ـ فرنسي في باريس يركز على الفراغ الرئاسي في لبنان

مقعد رئيس الجمهورية في لبنان الذي أصبح شاغراً منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في آخر أكتوبر الماضي (رويترز)
مقعد رئيس الجمهورية في لبنان الذي أصبح شاغراً منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في آخر أكتوبر الماضي (رويترز)

كان لبنان أمس محل تباحث بين فرنسا والمملكة العربية السعودية بمناسبة الزيارة التي قام بها نزار العلولا، المستشار في الديوان الملكي السعودي إلى باريس ولقائه نظيره، باتريك دوريل، مستشار الرئيس إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط.
ويأتي هذا اللقاء الذي استضافه قصر الإليزيه بعد الزيارة الرسمية التي قام بها الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي إلى باريس يوم الاثنين الماضي، والتقى خلالها وزيرة الخارجية كاترين كولونا. وإذا كان الغرض الأول من زيارة الأمير فيصل بن فرحان إلى العاصمة الفرنسية إطلاع نظيرته كولونا على الاتفاق السعودي - الإيراني الذي تم التوصل إليه برعاية صينية، وأحد بنوده إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، خلال مدة لا تزيد على شهرين، فإن الملف الرئاسي اللبناني كان له نصيبه من البحث. ويتولى المستشار العلولا متابعة الملف المذكور، وقد مثّل بلاده في الاجتماع الخماسي الذي استضافته باريس الشهر الماضي بحضور ممثلين إلى جانب دوريل والعلولا، عن الولايات المتحدة ومصر وقطر. ووقتها تم الاتفاق على أن تتولى كل جهة من الحاضرين التواصل مع الهيئات اللبنانية التي تقيم معها أفضل العلاقات. ويعد اجتماع أمس بمثابة متابعة للاجتماع السابق، وتقويم لما حصل في الفترة الفاصلة بين الاجتماعين.
وقالت مصادر متابعة للملف إن اجتماع الأمس يحل بعد التطور الأخير الذي حصل بين الرياض وطهران، وهي ترى أن له انعكاساته على الملف الرئاسي وعلى الفراغ المؤسساتي الذي يعاني منه لبنان منذ نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما الوضع الاقتصادي والمالي يزداد تدهوراً.
وأكدت المصادر المشار إليها أن قلق باريس من الفراغ يتصاعد، وهي تتخوف من انعكاساته الاجتماعية والأمنية. ومن هنا، فإن الهم الأول الذي يتحكم في الحراك الفرنسي يتمثل في ملء الفراغ انطلاقاً من مبدأ أن وجود رئيس على رأس الدولة اللبنانية «حاجة ضرورية» لتجنب الانهيار التام. وبما أن الأمور جامدة حتى اليوم في لبنان، والفراغ مرشح ليستمر شهوراً، فإن ما تسعى إليه باريس عنوانه البحث عن اسم يكون مقبولاً من جميع الأطراف، ولا يشكل تحدياً لأحد لا في الداخل والخارج. ويقوم الحراك الفرنسي أو ما يسميه البعض «المبادرة الفرنسية» وفق ما علمت «الشرق الأوسط» على اقتراح «سلة متكاملة» تشمل رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، والالتزام ببرنامج إصلاحي قادر على وضع حد للانهيار، والبدء بإعادة الحياة إلى الدورة الاقتصادية. وفي هذا السياق، فإن باريس ترى أن الخروج من المأزق يتمثل بقبول ترشيح الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، مقابل أن يسمى لرئاسة الوزارة نواف سلام بوصفه إصلاحياً، ويتمتع بعلاقات جيدة عربياً ودولياً.
أما من الجانب السعودي، فإن الموقف الرسمي يؤكد أن الرياض لا تدخل في لعبة الأسماء، وأن المسألة الرئاسية «داخلية لبنانية»، وأن ما يهمها «مواصفات» الرئيس القادم، والسياسات التي ينوي القيام بها، وعلى رأسها الإصلاحات المطلوبة من لبنان، خصوصا من صندوق النقد الدولي. وثمة إجماع على أن موقف الرياض سيكون حاسماً؛ لأن إنقاذ لبنان يتطلب أن ينال مساعدات خارجية، ويرى الجميع أنها لا يمكن أن تأتي إلا من دول الخليج، وأن أمراً كهذا لا يمكن أن يتم ما لم تكن الدول المعنية مرتاحة لهوية وسياسة الرئيس القادم.
بيد أن السير بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية يطرح عدة تساؤلات حول ارتباطاته وعلاقاته وقدرته على السير بخطة إصلاحية، فضلاً عن إمكانية توفير العدد الكافي من النواب، بداية لعقد الجلسات التي تتطلب حضور ثلثي النواب. ثم إن المعارضة اللبنانية ترى أن فرنجية مرشح «الثنائي الشيعي»، وبالتالي سيكون انتخابه بمثابة فرض مرشح غير توافقي تربطه علاقات قوية بالرئيس السوري بشار الأسد وبإيران. وثمة تخوف من أن يفتح انتخاب فرنجية الباب لعودة النفوذ السوري المباشر إلى لبنان.
هكذا تتبدى تعقيدات المسرح السياسي اللبناني، فيما الخارج يدفع من أجل الإسراع في انتخاب رئيس، علماً بأن الولايات المتحدة الأميركية «سلمت» الملف اللبناني إلى باريس، وأن قطر ومصر لا تعارضان وصول فرنجية إلى الرئاسة.
هكذا تتبدى أهمية اجتماع الأمس بين العلولا ودوريل. وبطبيعة الحال لم يصدر عنه أي بيان، كما كانت الحال بعد الاجتماع الخماسي.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)
لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)
TT

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)
لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)

أثار مشروع قانون «الاستقرار المالي واسترداد الودائع»، الذي أقرته الحكومة اللبنانية، الجمعة، موجة من الهواجس التي ترافق إحالته المرتقبة إلى مجلس النواب، وتعزّزت مسبقاً بطلب المصرف المركزي بإدخال «تحسينات وتحصينات» تضمن «العدالة والمصداقية وقابلية التطبيق العملي».

ووفق رصد أولي أجرته «الشرق الأوسط»، يتلقى الكثير من الخبراء ومديري البنوك والصحافيين الاقتصاديين، سيلاً من الاتصالات من مودعين حائرين في استنباط مصير مدخراتهم طبقاً لمندرجات المشروع، وأوجه الاختلاف مع الآليات السارية بموجب تعاميم مصرف لبنان، ومدى جدية الضمانات للسندات المؤجلة، وسط تأكيد الالتزام بمنع التصرف باحتياط الذهب بأي وسيلة، طبقاً للقانون رقم 42 الصادر في عام 1986.

وبرز خصوصاً ضمن الأسئلة، جانب من معاناة أصحاب الودائع غير الكبيرة؛ إذ ينص المشروع على تمكينهم من استرداد مائة ألف دولار بالتقسيط لمدة أربع سنوات، ثم يضطرون للانتظار بعدها استحقاق السند الموعود عقب 10 سنوات. وبين هؤلاء، نماذج لأفراد مسنّين كانوا ادخروا في المصارف تعويضات نهاية الخدمة في القطاعين العام والخاص على السواء، وتتعدى حساباتهم مبلغ المائة ألف دولار، تصل إلى مئتين أو ثلاثة، وكانت تشكل مصدر دخل معيشي من خلال العوائد الشهرية بالحدود الدنيا.

غموض المشروع

وتكتسب هذه التساؤلات أحقية قانونية وإجرائية في ضوء الغموض الذي يكتنف بعض المحاور الأساسية في المشروع، وفق مسؤول مالي معني، ولا سيما ما يخص دور الدولة وحجم مساهمتها في معالجة ميزانية «البنك المركزي»، والذي يشكل الركيزة الأساسية لتحديد مصير توظيفات البنوك التي تتعدى 80 مليار دولار لديه، توطئة لطمأنة المودعين بفاعلية الاقتراحات الواردة في المشروع.

رئيس الحكومة نواف سلام يعلن عن إقرار مشروع قانون «الفجوة المالية» في القصر الحكومة الجمعة (أ.ف.ب)

ولا تنأى الشكوك عن عمليات تزويد المودعين بسندات ذات استحقاقات مؤجلة إلى 10 و15 و20 سنة، لكامل المبالغ التي تتعدّى مائة ألف دولار، باعتبار أن مخزون احتياط العملات الصعبة لدى «المركزي»، لا يكفي حالياً لسداد حصة البنك المركزي من الحد المضمون بمبلغ 100 ألف دولار لكل مودع، ولا توجد موارد تضمن استدامة تغذيته لإيفاء كامل المدخرات نقداً خلال 4 سنوات وسندات آجلة، ما لم يحدّد القانون موارد مستدامة وموازية لمستحقات ودائع تبلغ دفترياً نحو 84 مليار دولار، وحتى بعد تنقيتها وعزل غير المشروع منها، بحيث يؤمل إنقاصها بنحو 20 إلى 30 مليار دولار.

حجم الخسائر

ويشكل غياب «الداتا» الموثقة لحجم الخسائر وإجمالي المستحقات القابلة للسداد سنوياً، كحصص شهرية ونسبة 2 في المائة سنوياً من الودائع المتوسطة والكبيرة لاحقاً، بمنزلة الفجوات الرديفة للفجوة الأساسية البالغة نحو 73 مليار دولار، والقابلة بدورها لإعادة هيكلة رقمية بموجب تنظيف الميزانيات في القطاع المالي (مصرف لبنان والمصارف)، ما يفرض تلقائياً، حسب المسؤول المالي، التريث في تحديد كامل آليات السداد لضرورة مطابقتها مع المعطيات الإحصائية، ثم مع قياسات التدفقات النقدية التي يقتضي تنسيقها مع مؤسسات مالية دولية، وفي مقدمها صندوق النقد الدولي.

وفي نطاق الضمانة للسندات المؤجلة المزمع إصدارها من قبل البنك المركزي، لاحظ المسؤول المالي «أن التأكيد الحكومي على التزام المانع التشريعي لمنع التصرف باحتياط الذهب، البالغ نحو 9.2 مليون أونصة، والذي تعدت قيمته السوقية حالياً مستوى 40 مليار دولار، يضع المسألة بكاملها في مرمى انعدام الثقة بالسلطات أو تآكلها المزمن على أقل تقدير».

وتشير التجارب على مدار سنوات الأزمة إلى عجوزات السلطات المتكررة في التزام وعودها الإصلاحية وإجراء عمليات التدقيق المحاسبي والجنائي في مكامن الهدر والفساد، بل هي بادرت، عبر حكومة الرئيس حسان دياب في 2020، إلى إشهار تعليق كامل مستحقات الديون السيادية الدولية (اليوروبوندز)، لتنفق بعدها ما يزيد على 11 مليار دولار على دعم غير منضبط للسلع الأساسية وغير الأساسية ومصروفات متفلتة أفضت إلى تبديد أكثر من 20 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي.

أسئلة سياسية عن التمويل

ولا تقتصر الأسئلة عن التمويل على القطاع المصرفي، بل تتوسع إلى المستوى السياسي؛ إذ قال وزير العدل عادل نصار في حديث إذاعي، إن «السؤال الجوهري المطروح هو مصدر التمويل لتنفيذ هذا القانون، حيث اُقرّ القانون بسرعة لأسباب سياسية، ولم نستطع معرفة القدرة على تمويل هذه الخطة، والهاجس لديّ كان التأكد من أن وضع المودع سيكون أفضل بما هو عليه اليوم».

وشدّد نصار، الذي شارك في التصويت ضد المشروع، على أن «التدقيق الجنائي ضروري؛ لأنه لا يمكننا تحميل المودعين المسؤولية دون إعلامهم بما حصل وتوزيع المسؤوليات بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف».


اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تعرّضت قوات حفظ السلام الأممية، العاملة في جنوب لبنان، (اليونيفيل)، لاعتداءين منفصلين خلال 24 ساعة، أحدهما من إسرائيل، والآخر من سكان لبنانيين محليين، في حين نفّذ الجيش اللبناني تفتيشاً لثلاثة منازل في منطقة جنوب الليطاني، بناءً على طلب لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار «الميكانيزم»، وتبيّن أنها خالية من الأسلحة.

وقالت وسائل إعلام محلية إن توتراً شهدته بلدة الأحمدية في البقاع الغربي (جنوب شرقي لبنان)، أثناء قيام دورية تابعة لـ«اليونيفيل» بجولة ميدانية مؤلّلة داخل أحياء البلدة، من دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني أو مع أهالي المنطقة.

جنود نيباليون تابعون لقوات «اليونيفيل» المرابطة على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية في صورة تعود إلى 8 ديسمبر الحالي في مقرهم بقرية ميس الجبل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وحين دخلت الدورية اعترض السكان الدورية وطلبوا من عناصرها التوقف عن متابعة جولتهم حتى حضور الجيش اللبناني. وخلال الاحتكاك، أقدم عناصر من «اليونيفيل» على رمي قنابل دخانية باتجاه السكان. وعلى الفور حضرت وحدات من الجيش اللبناني إلى المكان؛ حيث عملت على تطويق الإشكال وتهدئة الوضع.

إطلاق نار إسرائيلي

وكان هذا التوتر الحادثة الثانية التي تتعرض لها قوات «اليونيفيل» في الجنوب خلال 24 ساعة، بعدما أُصيب أحد عناصرها بجروح طفيفة جراء إطلاق نار إسرائيلي. وقالت البعثة الدولية، في بيان، إن «نيران رشاشات ثقيلة أُطلقت صباح الجمعة من مواقع الجيش الإسرائيلي جنوب الخط الأزرق، بالقرب من دورية تابعة لقوات (اليونيفيل) كانت تتفقد عائقاً على الطريق في قرية بسطرة». وجاء إطلاق النار عقب انفجار قنبلة يدوية في مكان قريب.

وأوضح البيان أنه «بينما لم تلحق أي أضرار بممتلكات (اليونيفيل)، تسبب صوت إطلاق النار والانفجار في إصابة أحد جنود حفظ السلام بإصابة طفيفة بارتجاج في الأذن».

وفي حادثة منفصلة يوم الجمعة في بلدة كفرشوبا، أبلغت دورية حفظ سلام أخرى، كانت تقوم بمهمة عملياتية روتينية، عن إطلاق نار من الجانب الإسرائيلي على مقربة من موقعها.

وأكد البيان أن «(اليونيفيل) كانت قد أبلغت الجيش الإسرائيلي مسبقاً بالأنشطة في تلك المناطق، وفقاً للإجراءات المعتادة للدوريات في المناطق الحساسة قرب الخط الأزرق».

وجاء ذلك بالتزامن مع عملية تمشيط قامت بها القوات الإسرائيلية انطلاقاً من موقع «روبية السماقة» باتجاه الأطراف الجنوبية لبلدة كفرشوبا.

ووفق بيان «اليونيفيل»، «تُعدّ الهجمات على جنود حفظ السلام أو بالقرب منهم انتهاكات خطيرة لقرار مجلس الأمن الدولي (1701)». وجددت البعثة دعوة الجيش الإسرائيلي «بالكف عن السلوك العدواني والهجمات على جنود حفظ السلام العاملين من أجل السلام والاستقرار على طول الخط الأزرق أو بالقرب منهم».

تفتيش المنازل

وغالباً ما تقوم «اليونيفيل» بمهام مشتركة مع الجيش اللبناني في منطقة عملياتها، خصوصاً حين تكون في مواقع مأهولة بالسكان. ورافقت دوريات من «اليونيفيل»، الجيش اللبناني السبت، في مهام تفتيش لثلاثة منازل في منطقة جنوب الليطاني بجنوب لبنان، بناءً على طلب لجنة «الميكانيزم».

وطلبت «الميكانيزم»، من الجيش اللبناني بالتعاون مع «اليونيفيل»، الكشف عن أحد المنازل في بلدة بيت ياحون قضاء بنت جبيل، بعد موافقة صاحبه.

عناصر من الجيش اللبناني بالقرب من الحدود مع إسرائيل في 28 نوفمبر 2025 (رويترز)

وأوضح صاحب المنزل، علي كمال بزي، أنّه «تلقى اتصالاً من مخابرات الجيش بعد منتصف ليل الجمعة-السبت يسأله عن عودته من فنزويلا، فأكد أنّه موجود في لبنان، ويقطن في حارة حريك بالضاحية الجنوبية، فطلب منه إرسال مفتاح المنزل لتفتيشه بناءً على طلب (الميكانيزم)، مشيراً إلى أنّ المنزل خالٍ وغير مسكون، وهو ما تم بالفعل».

وتزامن ذلك مع مهمتين إضافيتين؛ حيث كشف الجيش أيضاً عن منزلين آخرين، «أحدهما في بلدة كونين، والثاني في قرية بيت ليف»، حسبما أفادت وكالة «الأنباء المركزية»، التي أشارت إلى أن «جميع المنازل تبين أنها خالية من أي عتاد عسكري».

وفي بيانٍ أصدرته بلدية بيت ياحون، أكدت أنّ الجيش تواصل معها بشأن الموضوع، وأنها «لبّت النداء للكشف عن هذا المنزل»، مشددةً على «التأكيد أمام الرأي العام أنّ هذا البيت خالٍ من الأسلحة».

وفي الإطار نفسه، انتشر مقطع مصوّر لرئيس بلدية بيت ياحون مصطفى مكي، أوضح فيه أنّ طلب التفتيش ورد إلى الجيش اللبناني عبر لجنة «الميكانيزم»، وأن الإجراء أُنجز وفق الأصول الرسمية، وبحضور الجهات المحلية المختصة، لافتاً إلى أن البلدية تتابع هذه الخطوات «حرصاً على الشفافية، ومنع أي التباس لدى الأهالي».


مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)

تتجَّه حركة «حماس»، خلال الأيام المقبلة، إلى انتخاب رئيس عام لمكتبها السياسي؛ بهدف سد المركز الشاغر منذ مقتل رئيس المكتب السابق يحيى السنوار بشكل مفاجئ، خلال اشتباكات خاضها إلى جانب مقاتليه في مدينة رفح بشهر أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بعدما كان قد اختير خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتيل نهاية يوليو (تموز) من العام نفسه، في العاصمة الإيرانية طهران.

وكشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العملية الانتخابية لرئيس المكتب السياسي العام ستُجرى الأسبوع المقبل، أو في الأيام الـ10 الأولى من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، مرجحةً أن يتم انتخاب نائب له إما خلال الفترة نفسها أو لاحقاً بعد إجراء بعض الترتيبات الداخلية، بما يمكن أيضاً اختياره، وليس انتخابه، كما ستكون الحال بالنسبة لرئيس «حماس».

من اليمين روحي مشتهى وصالح العاروري وإسماعيل هنية وخالد مشعل وخليل الحية (أرشيفية - إعلام تابع لحماس)

وقالت المصادر إن هناك أكثر من مرشح لقيادة حركة «حماس»، من بينهم خالد مشعل، وكذلك خليل الحية، وشخصيات أخرى، مبينةً أن عملية الانتخاب ستتم ضمن قوانين الحركة الداخلية والمتبعة منذ سنوات، وأن هناك أجواء أخوية تسود استعداداً لهذه الانتخابات.

وأشارت المصادر إلى أن انتخاب رئيس للمكتب السياسي العام هدفه تحقيق مزيد من الاستقرار والطمأنينة داخل الحركة، وحتى لنقل رسالة واضحة للعالم الخارجي بأن الحركة ما زالت متماسكة، ولديها الكادر القيادي الذي يستطيع أن يكون مسؤولاً عن كل شيء، ولديه القدرة على اتخاذ قرارات ضمن إجماع كامل داخل المكتب السياسي، كما هي الحال قبل الاغتيالات التي جرت خلال الحرب.

وبيَّنت المصادر، أن انتخاب رئيس للمكتب السياسي، لن ينهي دور المجلس القيادي الحالي الذي تمَّ تشكيله لقيادة الحركة بعد الاغتيالات التي طالت هنية والسنوار، مبينةً أنه سيتم اعتباره مجلساً استشارياً يتابع كل قضايا «حماس» داخلياً وخارجياً، ويتم التشاور فيما بينه بشأن مصير تلك القضايا، وذلك حتى انتهاء ولايته في عام 2026.

وأشارت المصادر إلى أنه «لن تقام انتخابات كاملة للمكتب السياسي حالياً، ويتوقع أن هذه الانتخابات ستحصل بعد عام».

فلسطينيون يتظاهرون في الخليل بالضفة الغربية يوليو 2024 تندّيداً باغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية (أ.ف.ب)

ولن تشمل الانتخابات، أي أطر أخرى، وستكون فقط لرئيس المكتب السياسي العام حالياً. كما توضِّح المصادر.

وبشأن رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، بعد اغتيال السنوار، وعدم تعيين خليفة له، قالت المصادر، إن خليل الحية حالياً هو رئيس المكتب في القطاع، وفي حال أصبح رئيساً للمكتب السياسي العام، فسيتم تكليف شخص آخر وفق آليات معينة ليكون بديلاً له، وقد يكون من داخل القطاع نفسه، لافتةً إلى أن حالياً يوجد أعضاء مكتب سياسي بغزة تم تكليفهم لإدارة ملفات عدة.

وقالت المصادر، إن أعضاء المكتب السياسي الذين اغتالتهم إسرائيل داخل قطاع غزة، تم بشكل مؤقت تكليف آخرين للقيام بمهامهم التي كانت موكلة إليهم، ومن بين ذلك أسرى محررون كانوا مقربين جداً من السنوار.

وعانت «حماس» من سلسلة اغتيالات طالت قياداتها خلال الحرب التي استمرَّت عامين، ومن بينهم قيادات داخل وخارج قطاع غزة، ومن أبرزهم في الخارج، هنية، ونائبه السابق صالح العاروري الذي اغتيل في لبنان، خلال شهر يناير 2024.

ويشهد قطاع غزة، سلسلةً من الترتيبات الإدارية التنظيمية على المستويين القياديَّين الأول والثاني، وحتى على مستويات سياسية وأمنية واجتماعية وعسكرية مختلفة؛ بهدف سد الشواغر التي خلفتها عمليات الاغتيال الإسرائيلية.