أثارت مصادقة البرلمان الأوروبي على مجموعة من التوصيات والملاحظات حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس، وتوجهه لتعليق جميع برامج الدعم الموجهة لتونس، حفيظة عدة أطراف سياسية وبرلمانية في تونس، ورأت أن القرار الأوروبي يعد «تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي التونسي، ويتضمن مغالطات كثيرة».
وفيما دعت كتلة «لينتصر الشعب» في البرلمان التونسي إلى عقد جلسة طارئة للرد على هذه الانتقادات، وللدفاع عن «سيادة بلادنا وحرية قرارها»، قام إعلامي مساند لخيارات الرئيس قيس سعيد بتمزيق لائحة البرلمان الأوروبي للتعبير عن غضبه الشديد. بينما قال محمد الناصر، الرئيس السابق للبرلمان، إن «ما يقال في الخارج مهم، إلا أن تونس دولة مستقلة، والأهم من تلك المواقف هو التفاف الشعب التونسي، ونظرته لمستقبل بلاده التي يجب أن تكون تفاؤلية»، داعياً كل المناضلين في الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية، وفي مختلف المسؤوليات إلى التضامن «لإحداث التغيير المنشود».
كما شددت الكتلة على أن معركة السيادة «هي جوهر معارك التحرر الوطني، وجوهر النضال»، ولفتت إلى أن «تكريس السيادة الوطنية والشعبية عبر استقلالية القرار الوطني يشكل أولوية، بوصفها أساس إقامة الديمقراطية السليمة، وتغيير نموذج التنمية الاقتصادي خدمة للتونسيين». كما شددت على تمسكها بحرية التعبير والتظاهر، دون السقوط في خدمة المصالح الخارجية، والاستقواء بالأجنبي، وعلى إيمانها بقرينة البراءة وثقتها باستقلالية القضاء التونسي.
وبدوره، دعا محمود بن مبروك، المتحدث باسم حراك 25 يوليو (تموز)، التونسيين وجميع من آمنوا بالمسار السياسي، الذي أقره قيس سعيد، إلى الخروج بكثافة الاثنين المقبل، الذي يصادف الذكرى 67 لاستقلال تونس، لرفض التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي للبلاد.
كما انتقد الإعلام المساند لخيارات الرئيس سعيد بشدة ملاحظات البرلمان الأوروبي، مؤكداً أن هذا الأخير «هو آخر من يمكن أن يعطي دروساً في حرية الإعلام وحرية التظاهر»، موضحاً أن البرلمان الأوروبي «لا يتمتع بأي مصداقية في ظل شبهات الفساد التي تلاحق عدداً من نوابه»، ومؤكداً أنه لن تكون هناك أي تداعيات أو تأثير على تونس، وأن سيادة البلاد «خط أحمر».
يذكر أن القرار الأوروبي، الذي حظي بتأييد 496 صوتاً، ورفض 28 صوتاً، وامتناع 13 عن التصويت، عبّر عن قلقه العميق إزاء ما يحدث في تونس من تجاوزات بحق المعارضين للرئيس سعيد، داعياً إلى إنهاء الحملة المستمرة على المجتمع المدني. كما حث البرلمان الأوروبي السلطات التونسية على الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفياً، بمن فيهم الصحافيون والقضاة والمحامون والنشطاء السياسيون والنقابيون، واحترام حرية التعبير، وتكوين الجمعيات وحقوق العمال، بما يتوافق مع الدستور التونسي والمعاهدات الدولية. إضافة إلى إعادة القضاة المفصولين بشكل تعسفي إلى وظائفهم على الفور، وإلغاء جميع الإجراءات التي تقوض استقلال القضاء، وإنهاء استخدام المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين، كما تأسف البرلمان الأوروبي لرفض السلطات الامتثال لأمر المحكمة الإدارية بإعادة 49 قاضياً لأعمالهم.
في سياق متصل، أعلن لويس ميغيل بوينو، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن إصدار قرارات مهمة خلال أربعة أيام تتعلق بشراكة الاتحاد الأوروبي مع تونس، وذلك على ضوء التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد، وقال إن «هناك بعض القرارات المهمة المتعلقة بهذه الشراكة في ظل التطورات الأخيرة، وقد عبّرنا عن قلقنا، وشددنا على ضرورة أن تلتزم تونس بحقوق الإنسان والحريات؛ لاستكمال هذه الفترة الانتقالية بنجاح»، كما عبّر عن انشغال الاتحاد الأوروبي بخصوص الاعتقالات الأخيرة التي طالت صحافيين وسياسيين وممثلين عن المجتمع المدني، مشيراً إلى أنه سيتم أيضاً نقاش داخل الاتحاد حول هذا الموضوع.
وكانت جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، قد كشفت عن برنامج يتم طرحه خلال الأسابيع المقبلة، ستطالب من خلاله أوروبا بـ«ردود فورية لدعم دول شمال أفريقيا، وعلى رأسها تونس، التي تعيش أزمة اقتصادية ومؤسساتية»، وتوقعت استعراض الوضع في تونس خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي الاثنين المقبل. وقالت ميلوني بهذا الخصوص إن تونس «تواجه أزمة عميقة مع عواقب يمكن أن تكون مقلقة للغاية لإيطاليا، وليس فقط إيطاليا»، في إشارة إلى بيانات وزارة الداخلية الإيطالية، التي أكدت أن تونس باتت بلد العبور الأول في المنطقة نحو إيطاليا، وذلك إثر مغادرة 12 ألفاً و83 شخصاً انطلاقاً من سواحلها منذ بداية السنة، وحتى يوم 13 مارس (آذار) الحالي مقارنة بـ1360 وافداً فقط في الفترة نفسها السنة الماضية.
انتقادات البرلمان الأوروبي تثير غضب البرلمان التونسي
دعا لعقد جلسة طارئة للرد عليها والدفاع عن «سيادة البلاد»
انتقادات البرلمان الأوروبي تثير غضب البرلمان التونسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة