الإضرابات تتواصل في بريطانيا رغم «الموازنة المتفائلة»

إجراءات لمواجهة غلاء المعيشة وتأكيدات على تحاشي الركود

مسععفون خارج مقر خدمة الإسعاف في لندن (رويترز)
مسععفون خارج مقر خدمة الإسعاف في لندن (رويترز)
TT

الإضرابات تتواصل في بريطانيا رغم «الموازنة المتفائلة»

مسععفون خارج مقر خدمة الإسعاف في لندن (رويترز)
مسععفون خارج مقر خدمة الإسعاف في لندن (رويترز)

تواصلت الإضرابات في بريطانيا الخميس، رغم التفاؤل واسع النطاق الذي ظهر على وزير المالية البريطاني جيرمي هانت خلال تقديم الموازنة الجديدة مساء الأربعاء، التي تضمنت حزم أمان لبعض الشرائح الاجتماعية، وتأكيده أنّ بلاده ستتجنّب «حالة ركود هذا العام» بعدما انخفض الناتج المحلي الإجمالي خلال ربعين متتاليين.
وتم إلغاء ما يصل إلى ثلاث من بين كل خمس خدمات للقطارات في بريطانيا يوم الخميس، بسبب إضراب جديد لعمال السكك الحديدية، في ظل استمرار موجة الإضرابات الصناعية بجميع أنحاء البلاد.
ويقوم المعلمون في إنجلترا وأعضاء هيئات التدريس في الجامعات أيضا بإضراب، استمرارا لإضراب أول من أمس الأربعاء، عندما شاركوا في واحد من أكبر أيام الإضراب المنفردة منذ نحو 10 أعوام، بحسب ما ذكرته وكالة أنباء «بي إيه ميديا» البريطانية.
وتوقف ما يصل إلى نصف مليون شخص من المعلمين والمحاضرين وصغار الأطباء وموظفي الخدمات الحكومية وسائقي مترو أنفاق لندن وصحافيين في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وموظفين في شركة أمازون، عن العمل في «يوم تقديم الميزانية».
وقال مسؤولون نقابيون في تجمع حاشد في لندن، شارك به عشرات الآلاف من المضربين والمؤيدين للإضراب، إن الإضراب بعث برسالة قوية إلى الحكومة بشأن تعاملها مع الخلافات.
وأعلن وزير المال البريطاني جيريمي هانت الأربعاء أن قيمة الإجراءات الحكومية لمواجهة غلاء المعيشة على مدى عامين ستبلغ 94 مليار جنيه إسترليني (107.7 مليار يورو)، خلال عرض الميزانية على البرلمان. وأكد أنّ بلاده ستتجنّب «حالة ركود هذا العام» بعدما انخفض الناتج المحلي الإجمالي خلال ربعين متتاليين.
ويتوقع انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي، بسبب توترات متوقعة في الربع الأول من العام فقط، قبل أن يتعافى خلال الفترة المتبقية من العام، وفي الأعوام التالية، بحسب المؤسسة الرسمية للتوقعات. وأعلن الوزير بشكل قاطع أن «الاقتصاد البريطاني يناقض مَن يشكّك فيه».
وقال: «في نوفمبر (تشرين الثاني) حققنا الاستقرار». وتسعى الحكومة هذه المرة إلى تحقيق «النمو». وقدّرت المنظمة الرسمية للتوقعات في نوفمبر انكماش الاقتصاد بنسبة 1.4 في المائة في 2023. وتوقّع صندوق النقد الدولي في يناير (كانون الثاني) أن يبلغ التراجع في لندن 0.6 في المائة، وأن تعاني لندن وحدها من ركود هذا العام مقارنة بالاقتصادات الكبرى.
واستجابة للمطالب الملحة للبريطانيين الذين يعانون من تراجع قوتهم الشرائية جراء تضخم يزيد على 10 في المائة، أعلنت الحكومة البريطانية صباح الأربعاء تمديد سقف أسعار الطاقة للأسر لثلاثة أشهر اعتباراً من الأول من أبريل (نيسان).
وكشف هانت أيضاً عن توقعات بانخفاض التضخم «من 10.7 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي، إلى 2.9 في المائة في نهاية عام 2023»، وفقاً لبيانات المنظمة الرسمية للتوقعات. وأعلن الوزير تمديد تجميد الضريبة على الوقود لمدة 12 شهراً، كجزء من الإجراءات لدعم قدرة الأسر الشرائية. كما تعهد هانت بوضع حد لتعريفة الطاقة المرتفعة التي تدفعها أكثر من 4 ملايين أسرة متواضعة الحال.
وتزامناً مع عرض وزير المال جيريمي هانت ميزانيته أمام البرلمان، احتج موظفون في الخدمة المدنية أمام داونينغ ستريت حاملين طبولا وصافرات. وهتف المتظاهرون «ماذا نريد؟ 10 في المائة (زيادة في الأجور)! متى نريد ذلك؟ الآن!».
وسلط هانت الضوء على الجهود الحكومية لإصلاح نظام رعاية الأطفال، الذي وصفه بـ«أحد أغلى الأنظمة في العالم»، معترفاً أنه غالباً ما يجبر الأهل وخصوصاً النساء على تعديل خططهم المهنية أو حتى التخلي عن العمل. وأوضح هانت أن «التوقف عن العمل يعني بالنسبة لكثير من النساء نهاية الحياة المهنية...»، وبالتالي ستضع لندن حوافز ضريبية لإنشاء مراكز لرعاية الأطفال، وزيادة ساعات الحضانة المدعومة لجميع الأطفال الذين تفوق أعمارهم التسعة أشهر.
وتبلغ نسبة غير النشطين اقتصاديا أو من لا يعملون في المملكة المتحدة 21.3 في المائة وفقاً لأحدث الأرقام، وهي أعلى مما كانت عليه قبل الجائحة، ما يؤثر على الاقتصاد لا سيما أنه يُضاف إلى صعوبة توظيف عاملين أوروبيين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. في المجموع ثمة 1.1 مليون وظيفة شاغرة في البلاد.
واختار آلاف الأشخاص فوق سن الخمسين التقاعد المبكر، وثمة عدد قياسي من البريطانيين الذين لا يعملون بسبب أمراض طويلة الأمد، وهي إحدى عواقب الجائحة، ونقص تمويل خدمات الصحة العامة.
ووصف زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر إجراءات خفض وضع خطط تقاعد خاصة، بهدف تشجيع العمال الأكبر سنا على عدم التقاعد المبكر، بـ«هدية ضخمة للأثرياء». ويريد الوزير المحافظ أيضاً الضغط على متلقي الحد الأدنى الاجتماعي، مع تشديد العقوبات في حالة الإخلال بالتزاماتهم.
وعلى الصعيد الضريبي، يشعر قطاع الأعمال بالقلق بشأن الزيادة المعلنة منذ فترة طويلة في ضريبة الشركات من 19 إلى 25 في المائة في أبريل المقبل.


مقالات ذات صلة

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

الاقتصاد مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

قالت أكبر شبكة لبنوك الطعام في بريطانيا إن عدد الطرود الغذائية التي وزعتها زاد 37 بالمائة إلى مستوى قياسي بلغ ثلاثة ملايين طرد في عام حتى مارس (آذار) الماضي، إذ يعاني عدد متزايد من الناس بسبب أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة. وقالت «ذا تراسل تراست» التي تدعم 1300 مركز لبنوك الطعام في أنحاء المملكة المتحدة، يوم الأربعاء، إن أكثر من مليون طرد غذائي جرى تقديمها لأطفال، بزيادة نسبتها 36 بالمائة خلال عام واحد. وأضافت أنه على مدار عام لجأ 760 ألف شخص لأول مرة إلى بنوك الطعام التابعة لها، بزيادة 38 بالمائة على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد «ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

«ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

رفعت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد آند بورز» (إس آند بي) تقديراتها لآفاق الدين البريطاني على الأمد الطويل من «سلبية» إلى «مستقرة»، مؤكدة أنها لا تفكر في خفضها في الأشهر المقبلة، وأبقت على درجتها لتصنيف الدين السيادي (إيه إيه/إيه-1). وقالت الوكالة في بيان، إن هذه النظرة المستقرة «تعكس الأداء الاقتصادي الأخير الأمتن للمملكة المتحدة واحتواء أكبر للعجز في الميزانية خلال العامين المقبلين». وأكدت خصوصاً أن «الإجراءات السياسية للحكومة على جبهة العرض وتحسن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يدعما آفاق النمو على الأمد المتوسط رغم القيود الهيكلية الحالية»، لكن الوكالة حذرت من «المخاطر الناشئة عن ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ارتفع مؤشر ثقة المستهلك في بريطانيا خلال أبريل (نيسان) الجاري إلى أعلى معدلاته منذ نشوب حرب أوكرانيا. وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن مؤشر ثقة المستهلك الذي تصدره مؤسسة «جي إف كيه» للأبحاث التسويقية ارتفع في أبريل الجاري ست نقاط، ليصل إلى سالب ثلاثين، ليسجل بذلك ثالث زيادة شهرية له على التوالي، وأعلى ارتفاع له منذ 14 شهرا. وتعكس هذه البيانات أن المستهلك البريطاني أصبح أكثر حماسا بشأن الآفاق الاقتصادية وأكثر استعدادا للإنفاق على مشتريات أكبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

رغم أن الاقتصاد البريطاني لم يسجل أي نمو خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، قال وزير المالية البريطاني جيريمي هانت يوم الخميس، إن التوقعات الاقتصادية «أكثر إشراقاً مما كان متوقعاً»، مضيفاً أنه من المفترض أن تتجنب البلاد الركود. وأظهرت بيانات رسمية، أن الاقتصاد البريطاني فشل في تحقيق النمو كما كان متوقعاً في فبراير؛ إذ أثرت إضرابات العاملين في القطاع العام على الإنتاج، لكن النمو في يناير (كانون الثاني) كان أقوى مما يُعتقد في البداية؛ مما يعني تراجع احتمالية حدوث ركود في الربع الأول قليلاً. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الخميس، إن الناتج الاقتصادي لم يشهد تغيراً يذكر على أساس شهري في فبراير.

«الشرق الأوسط» (لندن)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.