الحكومة التونسية تتحرك لاسترجاع الأموال المنهوبة

تقدر بنحو 4.3 مليار دولار... ويعول عليها لدفع التنمية

رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن
رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن
TT

الحكومة التونسية تتحرك لاسترجاع الأموال المنهوبة

رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن
رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن

دعت نجلاء بودن، رئيسة الحكومة التونسية، اليوم (الخميس)، مسؤولي الدولة إلى تمرير ملفات الجرائم المالية إلى «لجنة الصلح الجزائي مع مرتكبي الجرائم المالية»، التي شكّلها الرئيس قيس سعيد لاسترجاع الأموال المنهوبة، وتوجيهها إلى مشاريع تنمية في المناطق الفقيرة. ودعت المسؤولين الحكوميين إلى إحالة الملفات التي «لها علاقة بالأعمال والممارسات، التي ترتبت عنها أو يمكن أن تترتب عنها منافع غير مشروعة، والتي تسببت بضرر مالي للدولة، حتى لو لم تترتب عنها جرائم أو تتبعات قضائية أو إدارية في عدة مجالات» إلى هذه اللجنة.
وعددت رئيسة الحكومة المجالات التي يمكن أن تمثل فرصاً لنهب الثروات العمومية، وأبرزها المال العام، وملك الدولة العام والخاص، والرشوة وغسل الأموال، والضرائب، والجمارك والصرف، والسوق المالية والمؤسسات المالية.
وتأمل الدولة التونسية من هذه الخطوة، التي عدّها البعض تسامحاً مع ناهبي المال العام والمفسدين، باسترجاع ثروة مالية تقدَّر بنحو 13.5 مليار دينار تونسي (نحو 4.3 مليار دولار)، بعد نهبها خلال العقود الماضية. غير أن بعض الخبراء في المجالين الاقتصادي والقانوني يتوقعون مجابهة صعوبات كثيرة في هذا الملف، وأبرزها عزوف المتهمين بالفساد المالي عندما يتعرضون للتشهير عن تمويل مشاريع تنمية في المناطق الفقيرة والمهمشة.
وطالبت رئيسة الحكومة الوزراء والولاة ورؤساء البلديات والمديرين العامين ورؤساء المؤسسات العمومية، وكذلك رؤساء الهيئات العمومية، بتمكين «اللجنة التونسية للصلح الجزائي» من جميع المعلومات والمعطيات والوثائق، وغيرها من الأدلة المتصلة بمطالب الصلح الجزائي، دون مجابهتها بالسر المهني، أو بحماية المعطيات الشخصية أو سرّية الأبحاث الجزائية، موضحةً أنه يتعين على الجهة المعنية أن تجيبها على الطلب في أجلٍ أقصاه عشرة أيام من تاريخ توصلها بالمطلب، وهو ما سيتيح لهذه اللجنة تحصيل الأموال المنهوبة في مدة أقصاها ستة أشهر، كما حددها الرئيس حين تعيينه لأعضاء هذه اللجنة.
وكان الرئيس سعيد قد عيّن أكرم بن منا رئيساً للجنة الصلح الجزائي، ودعا خلال فبراير (شباط) الماضي إلى تذليل كلّ الصعاب من أجل أن تحقق اللجنة أهدافها «حتّى تعود الأموال المنهوبة من الشعب إلى الشعب»، على حد تعبيره.
من جانبه، أكد رئيس هذه اللجنة تلقيه عشرات الطلبات لإجراء الصلح طبقاً لأحكام المرسوم الرئاسي، المتعلق بـ«الصلح الجزائي وتوظيف عائداته»، موضحاً أنّ المبالغ المالية التي يمكن استعادتها «ستكون مهمة، وقد تصل إلى مئات المليارات».
يذكر أن المرسوم الرئاسي المتعلق بالصلح الجزائي مع «مرتكبي الجرائم المالية والاقتصادية» حدد خمس مراحل لإتمام ملف الصلح. وتتمثل المرحلة الأولى في إحالة الطلب على القطب القضائي للصلح الجزائي. أما المرحلة الثانية فتتمثل في إبرام الصلح طبق لأحكام القانون الجزائي وقانون الصلح، بينما تشترط المرحلة الثالثة إيداع الأموال المستخلصة بعنوان الصلح الجزائي، وحفظها بحساب الخزينة العامة للبلاد. وبعد ذلك تحدد الشركات الأهلية المشاريع ذات النفع الاجتماعي، التي يتم إحداثها على مستوى كل منطقة. وتنتهي هذه المراحل بتوقيع الصلح من جانب القطب القضائي للصلح الجزائي، بعد إيداع الأموال كاملة لدى الخزينة العامة، وفقا لمضمون الحكم القضائي.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.