اجتمع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الثلاثاء بكبار المسؤولين الحكوميين والقيادة العسكرية العليا لمناقشة الوضع الميداني المتأزم في باخموت، المدينة الأوكرانية الواقعة في الشرق، والتي تواجه منذ شهور أشرس المعارك بين الطرفين، لكن لم يتمكن أي منهما من حسمها عسكريا بعد لصالحه. وقال مكتب الرئيس إن القيادة الأوكرانية اتفقت على مواصلة الدفاع عن المدينة، مضيفا في بيان «بعد النظر في العملية الدفاعية في اتجاه باخموت، عبر جميع الأعضاء عن موقف مشترك بمواصلة التمسك بمدينة باخموت والدفاع عنها».
بالنسبة إلى القيادة العسكرية الأوكرانية، فإنّ الأمر يتعلّق بالحفاظ على باخموت أطول وقت ممكن، حتّى تستخدم روسيا هناك أكبر عدد من رجالها والأسلحة والذخيرة، وتجد نفسها ضعيفة عندما تشنّ أوكرانيا هجومها المضاد.
وتعليقا على القصف الروسي أمس الثلاثاء الذي استهدف مناطق وسط مدينة كراماتورسك الرئيسية شرق أوكرانيا والقريبة من باخموت، أوضح الرئيس الأوكراني أن القصف ألحق أضرارا في ستة أبنية سكنية، مضيفا أن عمليات الإنقاذ تتواصل. وأشار رئيس بلدية المدينة إلى تضرر 25 مبنى. وقال زيلينسكي متوجها إلى روسيا: «دولة الشر تواصل شن حرب على المدنيين»، إلا أنها «ستعاقب لا محال على جرائمها». وتقع كراماتورسك التي كان عدد سكانها نحو 150 ألفا قبل الاجتياح الروسي في فبراير (شباط) 2022 قرب باخموت، وتتعرض هي الأخرى لقصف روسي بانتظام، وتشكل مركز المنطقة منذ أن احتل الروس والموالون لهم مدينة دونيتسك العام 2014. وفي الأول من فبراير قتل ثلاثة أشخاص في قصف روسي لهذه المدينة. وفي أبريل (نيسان) 2022 أصاب صاروخ روسي محطة كراماتورسك ما أدى إلى مقتل نحو ستين مدنيا كانوا يحاولون مغادرة المنطقة. وباتت روسيا تعتبر دونيتسك جزءا من أراضيها بعد إجراء استفتاءات ضم الصيف الماضي.
وتحوّلت مدينة باخموت رمزا للمقاومة الأوكرانية في مواجهة الكرملين، بينما تأمل كييف في استنفاد قوات العدو هناك كي تصبح في وضع يمكّنها من شنّ هجوم مضاد واسع. ونقل المكتب الإعلامي للجيش عن قائد القوات البرية الأوكرانية أولكسندر سيرسكي قوله: «وحدات هجومية (تابعة للمجموعة الروسية المسلّحة) فاغنر تهاجم من اتجاهات عدّة في محاولة لاختراق دفاع قواتنا والتقدّم نحو أحياء الوسط». جاء ذلك فيما قال يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة «فاغنر» الذي يقاتل رجاله على الخطوط الأمامية لهذه المعركة: «كلّما اقتربنا من وسط المدينة، ازدادت المعارك قسوة وكان هناك استخدام للمدفعية». وأكّد سيرسكي أنّ القوات الأوكرانية «تُلحق خسائر كبيرة بالعدو». وقال: «صُدّت كلّ محاولات الاستيلاء على المدينة... بنيران المدفعية والدبابات». واعترف بريغوجين أنّ قواته تواجه مقاومة شرسة. وقال في رسالة عبر شبكات التواصل الاجتماعي: «الوضع في باخموت صعب، صعب للغاية. العدو يقاتل من أجل كل متر». وأضاف «الأوكرانيون يلقون باحتياطيات لا نهاية لها (في المعركة)».
ومنذ أشهر، تحوّلت باخموت التي كان يسكنها 70 ألف نسمة قبل بدء الاجتياح الروسي إلى مركز للمعارك على الجبهة الشرقية في أوكرانيا. ورغم أنّ هذه المدينة التي دُمّر جزء كبير منها بالقصف تحوّلت رمزا للمقاومة الأوكرانية الشرسة للغزو، فإن المحلّلين يشكّكون في أهميتها الاستراتيجية. ويتساءل البعض في أوكرانيا عن حاجة قوات كييف إلى القتال من أجل هذه المدينة التي يكبّد الدفاع عنها الجيش الأوكراني خسائر فادحة أيضاً. ويُرجّح أن تزداد هذه الخسائر إذا تمكّنت القوات الروسية من تطويق باخموت، بعدما نجحت في قطع عدد من الطرق المهمّة لإيصال الإمدادات إلى الجنود الأوكرانيين. وحذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الأسبوع الماضي، من أنّ باخموت قد تسقط «في الأيام المقبلة». وقال الجنرال سيرسكي السبت: «يجب كسب الوقت لجمع الاحتياطيات وشنّ هجوم مضاد».
وتعتزم أوكرانيا مهاجمة الجيش الروسي في الأسابيع أو الأشهر المقبلة من أجل استعادة الأراضي المحتلّة، بعد انتصارات سابقة في عام 2022 في الجنوب والشمال والشرق. ولذلك، هي تعتمد على تزويدها بالأسلحة الغربية، خصوصاً بالدبابات وذخيرة المدفعية التي يصل مداها إلى أكثر من مائة كيلومتر. وقد وعد الأوروبيون والأميركيون بذلك، ولكن تسليمها بطيء وصعب.
وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي أمس الثلاثاء إن بولندا ربما تمنح أوكرانيا طائرات «ميج - 29» المقاتلة في غضون الأسابيع الأربعة أو الستة المقبلة، مشيرا إلى أن حلفاء كييف يقتربون من اتفاق حول الخطوة المقبلة في دعمهم العسكري لأوكرانيا. وقالت بولندا إنها ستكون مستعدة لإرسال مقاتلات «ميج - 29» سوفياتية التصميم في إطار تحالف من عدة دول. لكن لم يتضح الوقت الذي قد تستغرقه هذه العملية في ظل اتباع حلفاء كييف نهجا حذرا في نقل الطائرات المقاتلة. وقال مورافيتسكي في مؤتمر صحافي: «ربما يحدث ذلك في غضون الأسابيع الأربعة أو الستة المقبلة»، وذلك ردا على سؤال عن المدة التي ستستغرقها وارسو لتزويد أوكرانيا بالمقاتلات.
وقال وزير الدفاع السلوفاكي ياروسلاف ناد يوم الخميس الماضي إن نظيره البولندي أخبره في اجتماع للاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء أن وارسو ستوافق على إجراء مشترك لتسليم أوكرانيا مقاتلات «ميج - 29» وقال ناد إن الوقت قد حان أيضا لسلوفاكيا لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت سترسل مقاتلات إلى أوكرانيا من عدمه. وسبق أن أرسلت بولندا 14 دبابة من طراز ليوبارد ألمانية الصنع لأوكرانيا. وقال بافل سروت مدير مكتب الرئيس البولندي عند سؤاله يوم الخميس عن عدد طائرات «ميج - 29» التي ربما ترسلها وارسو «بكل تأكيد لن تكون 14 طائرة».
وأفاد تحديث للاستخبارات البريطانية بأنه بسبب نقص الذخيرة، تستخدم روسيا طلقات قديمة في الحرب ضد أوكرانيا. وقالت وزارة الدفاع في لندن أمس الثلاثاء إنه تم توصيف الذخيرة في السابق على أنها غير صالحة.
وأضافت «خلال الأسابيع الماضية من المرجح أن يكون تفاقم نقص ذخائر المدفعية الروسية وصل لدرجة أنه يتم تقنين القذائف بصورة قوية في عدة مناطق على الجبهة». وأوضحت «هذا بالتأكيد كان سببا رئيسيا لعدم تمكن أي تشكيل روسي مؤخرا من تنفيذ عمل هجومي كبير».
9:54 دقيقة
أوكرانيا مصممة على الدفاع عن باخموت رغم الخسائر الفادحة
https://aawsat.com/home/article/4212706/%D8%A3%D9%88%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D8%B5%D9%85%D9%85%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%B9%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D8%AE%D9%85%D9%88%D8%AA-%D8%B1%D8%BA%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AF%D8%AD%D8%A9
أوكرانيا مصممة على الدفاع عن باخموت رغم الخسائر الفادحة
بولندا ترسل طائرات «ميغ 29» إلى كييف... ولندن تقول إن روسيا تستخدم طلقات قديمة بسبب نقص الذخيرة
أوكرانيا مصممة على الدفاع عن باخموت رغم الخسائر الفادحة
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة