تفشي الإنفلونزا بالصين... هل يكون «ضريبة مناعية» لسياسة الإغلاق؟

مدينة «شيان» تُفكر في إجراءات استثنائية

الصين تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في إصابات الإنفلونزا... (أ.ب)
الصين تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في إصابات الإنفلونزا... (أ.ب)
TT

تفشي الإنفلونزا بالصين... هل يكون «ضريبة مناعية» لسياسة الإغلاق؟

الصين تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في إصابات الإنفلونزا... (أ.ب)
الصين تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في إصابات الإنفلونزا... (أ.ب)

قبل شهور سدد العالم «الضريبة المناعية» لفترة إغلاقات «كورونا» خلال شهري ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضيين، حيث حدث ارتفاع كبير بإصابات فيروسي الإنفلونزا والمخلوي التنفسي وبكتيريا «المكورات العقدية من المجموعة أ»، أو ما يُعرف بـ«بكتيريا الشتاء»، فهل تسدد الصين حاليا نفس الضريبة، بعد تسجيل عدد كبير من إصابات الإنفلونزا؟ واشتد تفشي الإنفلونزا في الصين خلال الأسبوع الماضي، حيث تستعد مدينة «شيان» شمال غربي البلاد لفرض عمليات إغلاق على غرار «إغلاقات كوفيد - 19» للحد من زيادة الإصابات.
وقال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها في تقرير مراقبة «كوفيد - 19» الأسبوعي، إن «معدل الإيجابية للإنفلونزا قفز إلى 41.6 في المائة في الأسبوع الذي بدأ 5 مارس (آذار) الجاري، بعد أن كان 25.1 في المائة في الأسبوع السابق، وانخفض معدل إيجابية «كوفيد - 19» إلى 3.8 في المائة، مقارنة بنسبة 5.1 في المائة بالأسبوع السابق، وهي معدلات تبدو غير طبيعية في مثل هذا التوقيت من العام».
ويبلغ انتشار الإنفلونزا ذروته عادة في ديسمبر ثم ينخفض، لكن نمط الإصابة هذا العام كان غريبا في الصين، بسبب اجتماع الزحام مع انخفاض مناعة السكان؛ وفق تشانغ هايتاو مدير معهد مكافحة الأمراض المعدية والمتوطنة في مركز السيطرة على الأمراض في بكين.
ويقول هايتاو في تقرير نشره موقع غلوبال تايمز الصيني: «ظلت شدة وباء الإنفلونزا ومعدلات الإصابة منخفضة خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أدى إلى انخفاض مستوى المناعة بين السكان، ومع بداية الفصل الدراسي الجديد لطلاب الجامعات والمدارس الإعدادية والابتدائية في المدينة زاد تدفق الموظفين، وأصبحت التجمعات أكثر تواترا، وأظهر نشاط الإنفلونزا ارتفاعا واضحا في شدته».
ما أشار إليه هايتاو، هو ما يسميه خبراء المناعة بـ«الفاتورة المناعية»، والمقصود بها أن «عمليات الإغلاق حدت من التعرّض لمجموعة من مسببات الأمراض الموسمية التي كانت تصيب الناس عادة، وتساعدهم على تشكيل مناعة ضد الأمراض، وتجعل مناعة الجسم في حالة دائمة من اليقظة، وعندما تم التخلي عن الإغلاق تم تسديد الفواتير المناعية لتلك الفترة المتمثلة في ارتفاع كبير بعدد الإصابات».
ويقول تامر سالم، أستاذ الفيروسات بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا بمصر، إن «ما يسمى بـ(الضريبة المناعية) عامل مهم؛ لكنها قد لا تكون السبب الوحيد لزيادة عدد الإصابات»، موضحاً أن «التركيبة العمرية للسكان (الإصابات تزيد بشكل عام بين الأكبر سنا) والزحام الشديد، من العوامل الأخرى التي تكون مسؤولة عن ارتفاع عدد الإصابات، لذلك قد تؤثر هذه العوامل على اختلاف معدلات الإصابة من مدينة إلى أخرى».
وكانت مدينة شيان شمال غربي البلاد قد أعلنت في وقت سابق من هذا الأسبوع، أنها ستطبق إجراءات مماثلة لتلك التي استخدمت للحد من تفشي فيروس «كورونا» كجزء من خطتها لاحتواء تفشي الإنفلونزا، مع تضمين تلك الخطة إغلاق المدارس والشركات. وتم إغلاق المدينة التي يبلغ عدد سكانها 13 مليون نسمة لمدة شهر في عام 2021 بسبب «كوفيد - 19»، مع منع السكان إلى حد كبير من مغادرة منازلهم. وشهدت المدينة ارتفاع معدل الإيجابية لفيروس الإنفلونزا على مدار ستة أسابيع متتالية، وبدأ الارتفاع بشكل أكثر حدة في منتصف فبراير (شباط) الماضي، وفقا لبيانات حكومية.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

العالم زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

أدلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من التصريحات بشأن مكالمة هاتفية جرت أخيراً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في كييف، الجمعة، بعد يومين من الاتصال الهاتفي، إنه خلال المكالمة، تحدث هو وشي عن سلامة الأراضي الأوكرانية ووحدتها «بما في ذلك شبه جزيرة القرم (التي ضمتها روسيا على البحر الأسود)» وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

تبرأت الصين، اليوم (الجمعة)، من اتهامات وجهها خبراء من الأمم المتحدة بإجبارها مئات الآلاف من التيبتيين على الالتحاق ببرامج «للتدريب المهني» تهدد هويتهم، ويمكن أن تؤدي إلى العمل القسري. وقال خبراء في بيان (الخميس)، إن «مئات الآلاف من التيبتيين تم تحويلهم من حياتهم الريفية التقليدية إلى وظائف تتطلب مهارات منخفضة وذات أجر منخفض منذ عام 2015، في إطار برنامج وُصف بأنه طوعي، لكن مشاركتهم قسرية». واكدت بكين أن «التيبت تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوحدة العرقية وموحّدة دينياً ويعيش الناس (هناك) ويعملون في سلام». وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن «المخاوف المز

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

أثار كتاب التاريخ لتلاميذ المدارس الصينيين الذي يذكر استجابة البلاد لوباء «كورونا» لأول مرة نقاشاً على الإنترنت، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). يتساءل البعض عما إذا كان الوصف ضمن الكتاب الذي يتناول محاربة البلاد للفيروس صحيحاً وموضوعياً. أعلن قادة الحزب الشيوعي الصيني «انتصاراً حاسماً» على الفيروس في وقت سابق من هذا العام. كما اتُهمت الدولة بعدم الشفافية في مشاركة بيانات فيروس «كورونا». بدأ مقطع فيديو قصير يُظهر فقرة من كتاب التاريخ المدرسي لطلاب الصف الثامن على «دويين»، النسخة المحلية الصينية من «تيك توك»، ينتشر منذ يوم الأربعاء. تم تحميله بواسطة مستخدم يبدو أنه مدرس تاريخ، ويوضح

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».