عائلة الملا عمر تشق صف طالبان وترفض مبايعة أختر خليفة له

غضب في كابل بسبب إقامة أعضاء سابقين في الحركة مراسم الدعاء للملا الراحل

أنصار جماعة الدعوة الباكستانية يقيمون صلاة الغائب على روح الملا محمد عمر حاكم طالبان السابق في أحد مساجد العاصمة إسلام آباد أمس (أ.ب)
أنصار جماعة الدعوة الباكستانية يقيمون صلاة الغائب على روح الملا محمد عمر حاكم طالبان السابق في أحد مساجد العاصمة إسلام آباد أمس (أ.ب)
TT

عائلة الملا عمر تشق صف طالبان وترفض مبايعة أختر خليفة له

أنصار جماعة الدعوة الباكستانية يقيمون صلاة الغائب على روح الملا محمد عمر حاكم طالبان السابق في أحد مساجد العاصمة إسلام آباد أمس (أ.ب)
أنصار جماعة الدعوة الباكستانية يقيمون صلاة الغائب على روح الملا محمد عمر حاكم طالبان السابق في أحد مساجد العاصمة إسلام آباد أمس (أ.ب)

أعلنت عائلة الزعيم الروحي لجماعة طالبان أنها لم تبايع الملا أختر منصور الذي نصب نفسه زعيما جديدا لحركة طالبان، بعد وفاة الزعيم الروحي للحركة الملا محمد عمر، الذي أكدت الحركة وفاته قبل سنتين ونصف تحديدا في شهر أبريل (نيسان) من عام 2013. وأكدت العائلة، وفقا لقناة تلفزيونية باكستانية خاصة «جيو»، رفض عائلة مؤسس حركة طالبان الراحل الملا عمر مبايعة الزعيم الجديد الملا منصور، حسبما أفاد تقرير إخباري أمس.
وأضافت قناة «جيو» التلفزيونية الباكستانية أن الملا عبد الله منان، الشقيق الأصغر للزعيم الراحل، طلب الدعوة إلى عقد اجتماع للأئمة الموالين لطالبان وقادة الجماعة للمناقشة والتوصل لحل للتحدي الذي يواجه ما تصفه طالبان بـ«الإمارة الإسلامية».
وفي رسالة صوتية سجلت بلغة البشتو، قال الملا منان إن عائلته لم تبايع أي زعيم ولا تعتزم أن تفعل. وأشار إلى أن رغبة الملا عمر كانت تتمثل في بقاء طالبان متحدة، وأن عائلته مستعدة الآن لضمان تنفيذ رغبته.
وذكرت محطة «جيو» أن منان، وهو عضو بارز في مجلس قيادة طالبان، قد حث الزعماء الدينيين الموالين لطالبان على التركيز على حل الانقسامات الآخذة في التعمق داخل الحركة أكثر من التركيز على تأييد ومبايعة زعيم واحد. غير أن عبد المنان ويعقوب نجل الملا عمر انسحبا من الاجتماع الذي عقد في مدينة كويتا الباكستانية احتجاجا على انتخاب منصور. وقالت مصادر أفغانية مطلعة إن أختر منصور حصل أمس على دعم قوي من بعض قادة حركة طالبان العسكريين الذين بايعوه على الإمارة.
وبعد مرور أيام فقط من تعيين الملا منصور خلفا للملا عمر، أثار منافسون أقوياء على الزعامة التساؤلات حول عملية اختيار منصور، متهمين عملية الاختيار بأنها متسرعة ومتحيزة.
ومن ناحيته، دعا الملا منصور أول من أمس إلى الوحدة في طالبان، وذلك في رسالته الصوتية الأولى بعد تزعم الحركة. وبُثت الرسالة الصوتية على موقع الإمارة الإسلامية الأفغانية (لسان حركة طالبان) على الإنترنت مدتها 25 دقيقة أول من أمس، وحث فيها الملا أختر أنصار الحركة على ضرورة الوحدة وتعهد بمواصلة «الجهاد» ضد الحكومة الأفغانية. وقال: «يجب أن نحافظ على وحدتنا، فعدونا سيسعده انفصالنا. إنها مسؤولية كبيرة بالنسبة لنا، وهي ليست عمل فرد واحد أو اثنين أو ثلاثة. إنها مسؤوليتنا جميعا أن نواصل القتال حتى نقيم الدولة الإسلامية». وتابع قوله: «سأستغل كل طاقاتي للسير على نهج الملا الراحل محمد عمر. نحتاج للتحلي بالصبر وينبغي أن نتوجه لأصدقائنا المستائين ونقنعهم ونضمهم لصفنا».
والملا عبد المنان الشقيق الأصغر للملا عمر، وهو رجل دين أيضا، أشار إلى أن العائلة لم تبايع ولن تبايع الأمير الجديد تحت الظروف الحالية، مشيرا إلى أن قيادات طالبان ستدعو إلى عقد اجتماع يشمل جميع قادة طالبان وأئمة المساجد والخطباء من داخل أفغانستان وخارجها، وقادة سياسيين وأمنيين في الجماعة للمشاركة في اجتماع يتم فيه انتخاب الأمير الجديد للحركة خلفا للزعيم الراحل، وبنفس الطريقة التي تم فيها انتخاب الزعيم الراحل وفقا للنهج الإسلامي عبر شورى أو مجلس أهل الحل والعقد.
على أن هذا الرفض من جانب عائلة الملا عمر يُظهر وجود خلافات في صفوف طالبان تستطيع تجاوزها إذا ما تداعى علماء الحركة وقادتها لتثبيت أختر منصور في المنصب أو اختيار زعيم جديد بدلا عنه.
وكانت حركة طالبان بعد أن أكدت وفاة زعيمها في ظروف غامضة قبل عامين، أعلنت الجمعة تعيين الملا منصور زعيما جديدا لها خلفا للملا عمر، في الوقت الذي تشهد فيه الحركة التي بدأت مفاوضات سلام صعبة مع كابل منافسة كبيرة مع بروز تنظيم داعش. وأعلنت الحركة تعيين نائبين للملا منصور هما الملا هيبة الله أخند زاده المسؤول السابق عن محاكم الحركة، وسراج الدين حقاني نجل جلال الدين حقاني زعيم شبكة حقاني المتشددة التي يشتبه في قربها من الاستخبارات الباكستانية. واتهمت بعض الشخصيات في طالبان أوساطا موالية لباكستان بفرض الملا منصور، الذي يعرف أنه من أنصار محادثات السلام (التي تجري حاليا مع ممثلي الحكومة الأفغانية والقوات الأجنبية). وكان أحد فصائل طالبان على الأقل يفضل انتخاب ابن الملا عمر ليخلفه. وقال ناطق باسم طالبان إن من شاركوا في انتخاب الملا منصور لم يلتزموا بالقوانين، مضيفا: «حسب قوانين الشريعة ومبادئها، عندما يموت قائد، يستدعى (مجلس) الشورى ثم يعين قائد المجلس».
وقالت طالبان في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني إن «مجلس الشورى القيادي اجتمع مع علماء البلد والشيوخ، وبعد مشاورات طويلة عينوا الرفيق القريب والنائب السابق للملا عمر الملا أختر محمد منصور أميرا جديدا لإمارة أفغانستان الإسلامية». وتابع البيان أن الملا منصور وهو أيضا من إثنية البشتون، «اعتبر أهلا لحمل المسؤوليات، ولسنين طويلة كان مسؤول الشؤون الإجرائية للإمارة الإسلامية». لكن يبدو أن أول انتقال للسلطة في صفوف طالبان التي يقودها الملا عمر منذ عقود ليس موضع توافق، علما أن بعض القياديين يفضلون نجله يعقوب البالغ 26 عاما على الملا منصور، فيما ينتقد آخرون علاقاته مع باكستان المجاورة. وأوضح عضو في «شورى كويتا» الهيئة المركزية لدى طالبان التي تحمل اسم المدينة جنوب شرقي باكستان حيث تتخذ مقرا: «اتخذ القرار على عجل واعترض عدد من الأعضاء من بينهم ثلاثة من مؤسسي طالبان على تعيين أختر منصور». وأضاف قيادي بمرتبة متوسطة في حركة التمرد رافضا الكشف عن اسمه: «يعتبر الملا منصور رجل باكستان، لذلك هناك خلافات في أوساط قيادة طالبان». ويتولى الملا منصور الذي ينتقد بعض المتمردين علاقاته الوثيقة بباكستان، قيادة الحركة في مرحلة حاسمة في تاريخها. فقد دخلت في محادثات سلام غير مسبوقة مع الحكومة الأفغانية، كما أنها تواجه هجمات يشنها تنظيم داعش على مواقعها بشرق أفغانستان على الحدود مع باكستان. وتتهم السلطات الأفغانية أجهزة الاستخبارات الباكستانية بالوقوف وراء حركة طالبان التي تشن هجمات ضد القوات الأفغانية وقوات الحلف الأطلسي، وبأنها «تسيطر» على قياديي الحركة لاستغلالهم في الوقت الذي تعتبره إسلام آباد مناسبا. إلا أن باكستان نظمت في مطلع يوليو (تموز) اللقاء الرسمي الأول بين قياديين من طالبان وممثلين عن حكومة كابل من أجل إطلاق محادثات سلام فعلية بإشراف الولايات المتحدة والصين. وكان من المفترض أن تبدأ جولة ثانية من محادثات السلام في باكستان الجمعة، إلا أن إسلام آباد أرجأتها بسبب «الغموض» الناجم عن وفاة الملا عمر و«نزولا عند طلب من حركة طالبان أفغانستان».
لكن إرجاء محادثات السلام لا يعني إلغاءها. على العكس، فإن «الملا منصور معتدل ويؤيد السلام والمحادثات» بحسب عبد الحكيم مجاهد العنصر السابق في طالبان الذي بات اليوم عضوا في المجلس الأفغاني الأعلى للسلام، وهو هيئة مفوضة من قبل كابل لبحث السلام مع المتمردين الإسلاميين.
وأضاف: «أعتقد أن عملية السلام في ظل حكمه ستعزز، وأن طالبان ستدخل في النهاية في اللعبة السياسية الأفغانية».
واعتبرت الولايات المتحدة التي تشجع منذ زمن على «مصالحة» أفغانية، أن وفاة الملا عمر «تشكل بوضوح فرصة مواتية لحركة طالبان من أجل إرساء سلام فعلي مع الحكومة الأفغانية».
إلا أن بعض المحللين لا يزالون يشككون في استئناف سريع للحوار من أجل استقرار الوضع في البلاد التي تعاني منذ 14 عاما من النزاع المسلح وتشهد تصعيدا في أعمال العنف بعد رحيل القسم الأكبر من قوات الحلف الأطلسي في ديسمبر (كانون الأول).
ويمكن أن تزيد وفاة الملا عمر من الانقسامات داخل حركة طالبان مع إعلان بعض مقاتليها الولاء لتنظيم داعش الذي يسيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق.
وكانت حركة طالبان حذرت أخيرا تنظيم داعش من التوسع في منطقتها، إلا أن ذلك لم يمنع بعض مقاتليها من الانشقاق عنها متأثرين بالتقدم الذي حققه التنظيم المتطرف بقيادة أبو بكر البغدادي، وخصوصا في ظل غياب الملا عمر.
ويقول متابعو الشأن الأفغاني في العاصمة الأفغانية كابل وإسلام آباد عاصمة باكستان التي يعتقد أن لها نفوذا واسعا على مجريات الأمور، وعلى قادة طالبان الجدد، بأن حركة طالبان الأفغانية تشهد حالة من الاضطراب تهدد بانقسام بعد اجتماع الأسبوع الماضي، عندما أصبح الملا أختر زعيم الحركة خلفًا للملا عمر.
وأوضح المحللون أن عدة شخصيات بارزة في الحركة، بمن فيهم ابن وشقيق الملا عمر، انسحبوا من الاجتماع في حالة من الاحتجاج، مشيرين إلى أن انشقاق بعض أعضاء حركة طالبان يعتبر أول تحد يواجهه «الملا أختر»، خاصة أن الحركة منقسمة بشأن محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية وتواجه تهديدًا من تنظيم داعش الإرهابي.
وأكد المحلل السياسي الأفغاني عبد الرحمن سعيدي على أن الانشقاقات في قيادة طالبان من المرجح أن تشهد تصاعدًا بعد تأكيد وفاة مؤسس الحركة الملا عمر.
وأشار سعيدي إلى تفضيل «الملا أختر» إجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية لإنهاء حرب عمرها 13 عامًا، ولكنه يواجه منافسين أقوياء داخل الحركة يعارضون تلك المحادثات خاصة عبد القيوم ذاكر، السجين السابق في غوانتانامو.
كما أشار إحسان الله سعادت، وهو خبير أمني أفغاني، في حوار مع «الشرق الأوسط» في كابل إلى أن الملا ذاكر يفضل أن يتقدم يعقوب، ابن الملا عمر، ليسيطر على الحركة بعد أبيه، بالإضافة إلى أن فصيلا كبيرا يدعم يعقوب أيضًا، وهو فصيل جبهة الفدائيين المنشقة عن طالبان سابقا.
وفي كابل عقد أعضاء سابقون في جماعة طالبان، وبعضهم أعضاء أيضا في مجلس السلام الأفغاني، مراسم الدعاء للراحل زعيم طالبان ووصفوه بشخصية قوية وأنه قاتل ضد الاحتلال، داعين إلى الاستفادة من الأرضية المتاحة للاستمرار في عملية الحوار مع طالبان لإنهاء الحرب الحالية في البلاد، الأمر الذي أدى إلى حالة غضب واسعة في الشارع الأفغاني، خصوصا في الأوساط السياسية والأمنية، الذين انتقدوا إقامة مراسم الدعاء لروح زعيم طالبان المسؤول عن قتل آلاف المدنيين وعناصر الشرطة والجيش.
وفي صباح أمس خرجت في العاصمة كابل مظاهرة احتجاجية شارك فيها عشرات من المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان للتنديد بسعي البعض إقامة مراسم الدعاء لمؤسس الحركة في كابل، رافعين صورا لضحايا التفجيرات والعمليات الانتحارية التي نفذتها طالبان خلال سنوات الحرب.. المتظاهرون الذين جابوا شوارع كابل نددوا بصمت الحكومة تجاه ما يحدث من قبل البعض بدعم واضح للحرب والإرهاب، على حد قولهم، وطالبوا الوزارات الأمنية، وخاصة المخابرات، بإجراء تحقيق مع الشخصيات التي شاركت في حفل التأبين ومراسم الدعاء لروح زعيم طالبان في كابل وجرهم إلى المحاكمة والاعتذار لأهالي الضحايا والقوات الأمنية التي تقاتل للدفاع عن الأراضي الأفغانية ضد هجمات طالبان.



جولة الرئيس التايواني في منطقة الهادئ تثير حفيظة بكين

مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
TT

جولة الرئيس التايواني في منطقة الهادئ تثير حفيظة بكين

مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

أثارت جولة رئيس تايوان، لاي تشينغ تي، المقررة في منطقة الهادئ، حفيظة بكين، ورصدت تايبيه الجمعة 41 طائرة عسكرية وسفينة صينية في محيط الجزيرة قبيل بدء جولة لاي تشينغ - تي في من هاواي وغوام، السبت، في رحلة تستمر أسبوعاً، يزور خلالها أيضاً جزر مارشال وتوفالو وبالاو، وهي 3 دول حليفة دبلوماسياً للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي.

صورة التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية لقاذفة صينية من طراز «H - 6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)

ردّت الصين بغضب على خطة زيارة لاي فيما تعهّد الناطق باسم وزارة الدفاع وو شيان الخميس «سحق» أي مساع تايوانية للاستقلال بشكل «حازم». ولدى سؤاله عما إذا كان الجيش الصيني سيتّخذ إجراءات للرد على جولة لاي في الهادئ، قال وو شيان: «نعارض بشدة أي شكل من أشكال التواصل مع منطقة تايوان الصينية».

وتحت ضغط من جانب الصين - تصر بكين على أن تايوان، التي تحظى بحكم ذاتي، هي جزء من أراضيها وتعارض أي اعتراف دولي بالجزيرة واعتبار نفسها دولة ذات سيادة - لم يعد للجزيرة سوى 12 حليفاً دبلوماسياً رسمياً. ومع ذلك فإنها تحتفظ باتصالات قوية مع عشرات الدول الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، المصدر الرئيسي للدعم الدبلوماسي والعسكري. وأكد مكتب لاي الجمعة أن الرئيس سيتوقف في ولاية هاواي الأميركية وإقليم غوام الأميركي.

الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يتكلم في ندوة استثمارية في تايبيه (رويترز)

ولتأكيد مطالبها، تنشر الصين مقاتلات ومسيرات وسفناً حربيةً في محيط تايوان بشكل يومي تقريباً، فيما ازدادت عدد الطلعات الجوية في السنوات الأخيرة.

وأفادت وزارة الدفاع التايوانية بأنها رصدت 33 طائرة صينية وثماني سفن تابعة لسلاح البحرية في أجوائها ومياهها.

شمل ذلك 19 طائرة شاركت في «دورية الجهوزية القتالية المشتركة» الصينية، مساء الخميس، في أكبر عدد منذ أكثر من 3 أسابيع، حسب بيانات صادرة عن الوزارة. ورصدت تايوان أيضاً منطاداً، كان الرابع منذ الأحد، على مسافة نحو 172 كيلومتراً غرب الجزيرة.

وقال الخبير العسكري لدى «معهد تايوان لأبحاث الدفاع الوطني والأمن» سو تزو - يون لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يمكن استبعاد أن تجري مناورات عسكرية واسعة النطاق نسبياً رداً على زيارة لاي».

ولاي المدافع بشدة عن سيادة تايوان، الذي تصفه الصين بأنه «انفصالي»، يبدأ السبت أول رحلة له إلى الخارج منذ تولى السلطة في مايو (أيار). وسيتوقف مدة وجيزة في جزيرتي هاواي وغوام للقاء «أصدقاء قدامى» حلفاء لتايوان في الهادئ. وخلال زيارة لمعبد طاوي، الجمعة، تعهّد لاي «العمل بجد لتعميق العلاقات بين تايوان والبلدان الأخرى وتعزيز القوة للاستجابة إلى مختلف التحديات حول العام للسماح لتايوان بالوصول إلى العالمية».

زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

وسبق لمسؤولين حكوميين تايوانيين أن توقفوا في أراض أميركية أثناء زيارات إلى منطقة الهادئ أو أميركا اللاتينية، ما أثار حفيظة الصين التي ردّت أحياناً بتنفيذ مناورات عسكرية في محيط الجزيرة. ونظّمت الصين مناورات عسكرية واسعة النطاق مرّتين منذ تولى لاي السلطة ونددت مراراً بتصريحاته وخطاباته.

وقال الخبير العسكري لدى «جامعة تامكانغ» لين ينغ - يو إن الرد الصيني سيعتمد على التصريحات التي يدلي بها لاي أثناء الجولة. وأفاد لين وكالة الصحافة الفرنسية: «قد تنظّم الصين مناورات عسكرية، لكنها قد لا تكون كبيرة. سيعتمد الأمر على ما يقوله الرئيس لاي»، مضيفاً أن أحوال الطقس حالياً «ليست مناسبة جداً» للقيام بمناورات.

عدّت منطقة جنوب الهادئ في الماضي معقلاً لدعم مطالب تايوان بالاستقلال، لكن الصين عملت بشكل منهجي على تغيير ذلك. وخلال السنوات الخمس الماضية، تم إقناع كل من جزر سليمان وكيريباني وناورو بتبديل اعترافها الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين. وباتت جزر مارشال وتوفالو وبالاو الدول الجزرية الوحيدة في الهادئ المتحالفة مع تايوان.

وحدة من المجندين التايوانيين خلال مناورات عسكرية في تينان (إ.ب.أ)

وأثارت جهود بكين لكسب تأييد حلفاء تايوان وتوسيع نفوذها في المنطقة قلق الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا. وقال المحاضر في الدراسات الصينية لدى «جامعة تسمانيا»، مارك هاريسون، إن تحويل الاعتراف إلى الصين «فتح الباب لانخراط أعمق بين بكين وهذه البلدان». وكانت زيارة لاي فرصةً نادرةً من نوعها للرئيس لتمثيل تايوان في الخارج ودعم مطالبها بالاستقلال. وقال هاريسون: «رغم أنها تبدو أشبه بتمثيلية نوعاً ما، إلا أن (هذه الزيارات) تعطي تايوان في الواقع صوتاً حقيقياً في النظام الدولي». وأضاف: «إنها تضفي شرعية وتوحي بالسيادة وفي ظل النظام الدولي القائم، فإن الإيحاء بالسيادة هو أيضاً سيادة».

من جانب آخر، أعلنت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، أن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ستبدأ زيارة لبكين خلال يومي 2 و3 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بدعوة من نظيرها الصيني وانغ يي.

مدمرة تبحر في مضيق تايوان (أ.ف.ب)

يذكر أن بيربوك، كما نقلت عنها وكالة الأنباء الألمانية، أعربت مؤخراً بصورة متكررة عن انتقادات لدور الصين في سياسة المناخ الدولية والحرب الروسية في أوكرانيا. وحذرت بيربوك، بكين، من عواقب في ضوء افتراض الحكومة الألمانية أن موسكو تتلقى دعماً من الصين متمثلاً في طائرات مسيرة.

كانت آخر زيارة قامت بها الوزيرة للصين في منتصف أبريل (نيسان) 2023، التي شملت بكين ومدينة تيانجين المجاورة، حيث تنشط العديد من الشركات الألمانية. وبعد بضعة أشهر، في 14 سبتمبر (أيلول) 2023، تسببت بيربوك في نزاع دبلوماسي بتصريحاتها على شاشة التلفزيون الأميركي حول الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال مقابلة على قناة «فوكس نيوز» التلفزيونية الأمريكية، علقت بيربوك أيضاً على الحرب الروسية في أوكرانيا، وقالت، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: «إذا انتصر بوتين في هذه الحرب، فيا لها من إشارة بالنسبة لديكتاتوريين الآخرين في العالم، مثل شي، مثل الرئيس الصيني؟».

وأعربت وزارة الخارجية الصينية، في ذلك الوقت عن استيائها، ووصفت تصريحات بيربوك بأنها «سخيفة للغاية». وذكرت الوزارة أن تلك التصريحات أهانت بشكل بالغ الكرامة السياسية للصين، وتمثل استفزازاً سياسياً صريحاً. وكان رد فعل بيربوك هادئاً على الغضب، وأوضحت أنها أُحيطت علماً به. وكرد فعل استدعت بكين أيضاً السفيرة الألمانية.