كيف أسهمت «السوشيال ميديا» في لمّ شمل «الغائبين»؟

عودة شاب مصري إلى أهله بعد 17 عاماً

صورة متداولة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر للشاب ناصر ووالده
صورة متداولة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر للشاب ناصر ووالده
TT
20

كيف أسهمت «السوشيال ميديا» في لمّ شمل «الغائبين»؟

صورة متداولة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر للشاب ناصر ووالده
صورة متداولة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر للشاب ناصر ووالده

أعادت واقعة عودة شاب مصري إلى أهله بعد غياب 17 عاماً من اختفائه، دور «السوشيال ميديا» في لمّ شمل «الغائبين» إلى الواجهة، علماً أنها لم تكن الواقعة الأولى التي تشهدها مصر وبلاد أخرى؛ إذ ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي في وقائع مشابهة لتؤدي دور صلة الوصل وتجمع المتباعدين، بعد «الظَنِّ أَلّا تَلاقِيا».

وشهدت محافظة المنوفية (55 كم شمال القاهرة) عودة الشاب «ناصر» إلى أسرته بعد غياب 17 عاماً، الذي اختفى في سن العاشرة من عمره؛ حيث كان يعمل في ورشة للنجارة وفوجئت الأسرة باختفائه.
أسرة الشاب لم تدخر جهداً للبحث عنه طوال هذه السنوات بالطرق كافة، إلا أنهم فشلوا في العثور عليه، حتى تواصل والده مع إحدى صفحات البحث عن المفقودين على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، التي نشرت صورة له، ليراها أحد الأشخاص الذي كان يسكن مع «ناصر»، ويقوم على الفور بالاتصال به ليخبره أنه وجد صورته على «فيسبوك»، وأن أهله يبحثون عنه.
ومع العودة، كشف الشاب أنه استقل القطار إلى القاهرة، موضحاً أن إحدى الأسر تولت رعايته حتى أصبح شاباً.

وخلال الأشهر الماضية، تعددت حكايات عودة أشخاص غائبين إلى ذويهم بعد سنوات طويلة من الغياب بفضل «السوشيال ميديا». ففي مصر أيضاً، وخلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شغلت قصة السيدة «رضا» وسائل الإعلام وأحاديث المصريين؛ حيث تاهت صاحبة الخمسين عاماً عن أسرتها التي تسكن محافظة بني سويف (115 كم جنوب القاهرة) منذ أكثر من 45 عاماً؛ إذ ركبت القطار المتوقف للهو، إلا أنه تحرك لينقلها إلى محافظة المنيا، ومنها إلى الأقصر (جنوب مصر).
وبعد أن توفي زوجها تاركاً لها 4 من الأبناء، فكرت في البحث عن أهلها، حيث سجلت مقاطع فيديو في «فيسبوك»، لتحكي قصتها، وبالفعل تعرف أهلها عليها.


لحظة لقاء الحاجة رضا مع أسرتها (بوابة الأقصر الاخبارية على فيسبوك)

من مصر إلى العراق، حيث نشرت وسائل إعلام محلية الشهر الماضي، أن صفحة عراقية على «فيسبوك» أعادت الوصال بين هولندي وعراقي بعد فراق 50 سنة؛ إذ أرسل مصوّر هولندي يدعى جان جريتس، للصفحة صوراً لشاب عراقي في العشرينات من عمره، طالباً نشرها لعلّه يعثر عليه بعد آخر لقاء بينهما في 1971.
وفي غضون ساعة واحدة بعد النشر، فوجئ المصور بالوصول إلى صديقه الشاب الذي يدعى «جواد» ويعيش في النجف.

وفي الهند، لعب القدر دوره بفضل وسائل التواصل الاجتماعي في لمّ شمل أشقاء من الهند بعد فراق 75 عاماً، حيث التقت امرأة كانت قد انفصلت عن عائلتها خلال تقسيم البلاد عام 1947، إخوتها الهنود غير الأشقاء.
والقصة تعود إلى اعتقاد الأب أن ابنته قد قتلت برفقة زوجته، خلال أعمال عنف في باكستان، ليتزوج هو مجدداً وينجب، بينما تم العثور على الطفلة ممتاز بيبي من قبل زوجين مسلمين تبنياها.
وبعد مرور عشرات السنوات، ومع قيام العائلات أثناء التقسيم بمحاولات للعثور على بعضها، اكتشف أبناء الإخوة أمر عمتهم «غير الشقيقة» بمساعدة وسائل التواصل الاجتماعي.

في بريطانيا، ساعد «فيسبوك» في عام 2021 في جمع شمل الأم «بولين» بابنتها «كارول»، التي كانت قد اضطرت للتخلي عنها وعرضها للتبني منذ 50 عاماً مضت.
بدأت الأم في استخدام «فيسبوك» منذ عام 2015 للبحث عن ابنتها، وفي المقابل قامت الابنة بالبحث عن عائلتها الحقيقية بعد وفاة والدتها بالتبني، وبمساعدة صديقة لها استطاعت فعلياً التوصل إلى الأم عبر منصات التواصل الاجتماعي.


الحاجة رضا (بوابة الأقصر الاخبارية على فيسبوك)

حول هذه الوقائع، يقول محمد فتحي، المتخصص في الإعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي بمصر، لـ«الشرق الأوسط»: «منصات التواصل الاجتماعي لديها قدرات عبقرية في التواصل والبحث والمعرفة، لكنها لا تستخدم في كثير من الأحيان؛ إذ يغلب الطابع الترفيهي والكوميدي والسياسي على محتوى الصفحات، وتغلب ميول المستخدمين إلى تلك المجالات، إلا أنه أيضاً توجد تجارب عديدة مميزة في إعادة أشخاص مفقودين إلى ذويهم بعد سنوات طويلة من الغياب، وهو ما يلقي الضوء على الاستفادة الكبيرة من السوشيال ميديا».

ويلفت فتحي إلى أن صفحة البحث عن المفقودين في مصر، التي تمكنت من إعادة الشاب المصري ناصر إلى أهله بعد غياب 17 عاماً من اختفائه، لديها تجربة ملهمة وجديرة بالاحترام، مضيفاً: «تعد الصفحة أحد النماذج المميزة على منصات التواصل الاجتماعي، لأنها استطاعت أن تجمع شمل عدد من المفقودين، كما أن أصحابها استطاعوا تطوير الفكرة من خلال استخدام التقنيات الحديثة للتعرف على الوجوه، لأن أشكال المفقودين تتغير من عمر إلى عمر، وقد لا يتعرف الأهالي على ذويهم بسهولة».

ويوضح المتخصص في الإعلام الرقمي أن «ثقافة اللجوء إلى السوشيال ميديا رسخها الإعلام بالأساس، لأنه أعطى لأصحابها أصواتاً وأفرد لهم مساحة رأي كبيرة للتعبير عن قضاياهم، فاهتمام المسؤولين والإعلاميين بالشكاوى على السوشيال ميديا، جعل الناس يلجأون إليها، وأحياناً تكون هي المكان الأول للشكوى أو الاستغاثة».


مقالات ذات صلة

تامر حسني وبسمة بوسيل يعلنان «طلاقاً هادئاً»

يوميات الشرق تامر حسني وبسمة بوسيل يعلنان «طلاقاً هادئاً»

تامر حسني وبسمة بوسيل يعلنان «طلاقاً هادئاً»

أعلن كل من الفنان المصري تامر حسني، والفنانة المغربية بسمة بوسيل، طلاقهما اليوم (الخميس)، بشكل هادئ، بعد زواج استمر نحو 12 عاماً، وأثمر إنجاب 3 أطفال تاليا، وأمايا، وآدم. وكشفت بوسيل خبر الطلاق عبر منشور بصفحتها الرسمية بموقع تبادل الصور والفيديوهات «إنستغرام» قالت فيه: «(وجعلنا بينكم مودة ورحمة) ده كلام ربنا في الزواج والطلاق، لقد تم الطلاق بيني وبين تامر، وسيظل بيننا كل ود واحترام، وربنا يكتبلك ويكتبلي كل الخير أمين يا رب». وتفاعل تامر حسني مع منشور بسمة، وأعاد نشره عبر صفحته وعلق عليه قائلاً: «وجعلنا بينكم مودة ورحمة بين الأزواج في كل حالاتهم سواء تزوجوا أو لم يقدر الله الاستمرار فانفصلوا ب

محمود الرفاعي (القاهرة)
العالم مقتل 10 في إطلاق نار بجنوب أفريقيا

مقتل 10 في إطلاق نار بجنوب أفريقيا

قالت شرطة جنوب أفريقيا اليوم (الجمعة)، إن تقارير أولية تشير إلى مقتل 10 أشخاص من عائلة واحدة في إطلاق نار بمدينة بيترماريتسبرج بإقليم كوازولو ناتال، حسبما أفادت به وكالة «رويترز» للأنباء. وقالت وزارة الشرطة في بيان: «وفقاً لتقارير أمنية أولية، اقتحم مسلحون مجهولون منزلاً ومنطقة محيطة به في بيترماريتسبرج ونصبوا كميناً للعائلة. أصيبت 7 نساء و3 رجال بجروح أودت بحياتهم خلال إطلاق النار». وأضاف البيان أن وزير الشرطة بيكي سيلي وكبار قادة جهاز الأمن في البلاد سيتوجهون لموقع الجريمة في وقت لاحق اليوم.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبورغ)
يوميات الشرق المغرب: وزارة العدل تطلق خدمات رقمية... وتؤجل منصة «المتزوجين»

المغرب: وزارة العدل تطلق خدمات رقمية... وتؤجل منصة «المتزوجين»

أشرف وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، اليوم (الاثنين)، على إطلاق مجموعة من التطبيقات الرقمية الجديدة الخاصة بتقديم المواطنين شكاوى، وخدمات طلبات العفو عن السجناء، وخدمة تتبع الملفات أمام المحاكم، فيما أعلن تأجيل إطلاق منصة خاصة بسجلات المتزوجين إلى حين حل مشكلات قانونية. وقال وهبي في لقاء صحافي عقده في مقر المعهد العالي للقضاء بالرباط، إن هذه الخدمات تندرج في إطار تسهيل الوصول للعدالة وتيسير دخول المواطنين والمتقاضين ومهنيّي ومساعدي العدالة، إلى الخدمات القضائية. كان وهبي قد أكد في وقت سابق أن وزارة العدل تستعد لإطلاق منصة إلكترونية تضم قاعدة بيانات خاصة بالمتزوجين، تتيح التعرف على هوية كل

«الشرق الأوسط» (الرباط)
يوميات الشرق  مشاركات «لافتة» لفنانين وأسرهم في موسم دراما رمضان

مشاركات «لافتة» لفنانين وأسرهم في موسم دراما رمضان

يشهد الموسم الرمضاني مشاركة عدد كبير من الفنانين وأسرهم، حيث يشارك الفنان هشام عاشور زوجته الفنانة نيللي كريم لأول مرة من خلال مسلسل «عملة نادرة»، ويشهد مسلسل «رمضان كريم 2» مشاركة الفنانة المصرية ويزو وزوجها شريف حسني، وكذلك الفنان أحمد صيام وزوجته رانيا فتح الله، وأيضاً الفنانة ياسمين عبد العزيز وزوجها أحمد العوضي حيث يقدمان بطولة مسلسل «ضرب نار» وهو العمل الثالث الذي يجمعهما سوياً بعد مسلسلي «لآخر نفس»، و«اللي ملوش كبير». ولفتت مشاركات أبناء الفنانين الأنظار بمصر بشكل واسع، ومن بينهم الفنانة ليلى أحمد زاهر، التي تقدم دور ابنة الفنانة غادة عبد الرازق بمسلسل «تلت التلاتة»، ونور خالد النبوي في

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تفاعل في مصر مع الحلقة الأخيرة من مسلسل «الأصلي»

تفاعل في مصر مع الحلقة الأخيرة من مسلسل «الأصلي»

حظيت الحلقة الأخيرة من مسلسل «الأصلي»، بطولة ريهام عبد الغفور ومنال سلامة بتفاعل كبير بين المصريين. وشهدت الحلقة الأخيرة التي عرضت (مساء الأربعاء) تطوراً سريعاً في الأحداث، حيث أجبرت فاطمة وتجسد دورها ريهام عبد الغفور، صالح القط ويجسد دوره فتوح أحمد على إعادة محل «الأصلي» للأسرة.

نادية عبد الحليم (القاهرة)

محاكمة «عمر العجوز» بتهمة السطو على كيم كارداشيان

حضرت كيم كارداشيان حفل «فانيتي فير» لتوزيع جوائز الأوسكار في بيفرلي هيلز بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
حضرت كيم كارداشيان حفل «فانيتي فير» لتوزيع جوائز الأوسكار في بيفرلي هيلز بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT
20

محاكمة «عمر العجوز» بتهمة السطو على كيم كارداشيان

حضرت كيم كارداشيان حفل «فانيتي فير» لتوزيع جوائز الأوسكار في بيفرلي هيلز بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
حضرت كيم كارداشيان حفل «فانيتي فير» لتوزيع جوائز الأوسكار في بيفرلي هيلز بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

بعد مرور 9 سنوات على الحادثة، بدأت، الاثنين، في باريس محاكمة المتهمين في السطو المسلح الذي تعرضت له نجمة تلفزيون الواقع الأميركية كيم كارداشيان، في أثناء مرورها في العاصمة الفرنسية. ويَمْثُل أمام محكمة الجزاء عدد من المشاركين في السرقة، أبرزهم صاحب السوابق باسكال لعربي، 60 عاماً، وهو اسم منتحل لـ«عمر آيت خداش» الملقب بـ«عمر العجوز». ويعتقد المحققون أن المتهم الذي كان مطلوباً للعدالة طوال 10 سنوات هو العقل المدبر للعملية.

ومن المتوقع أن تكون جلسات المحكمة مليئة بالإثارة والمنعطفات. فقد أثار خبر السرقة ضجة في حينه نظراً إلى شهرة الضحية وقيمة المسروقات. وملخص القضية أن مصمم الأزياء التونسي الراحل عز الدين علايا، كان قد أقام عشاء خاصاً مساء 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، بمناسبة أسبوع الموضة في باريس، استضاف فيه مجموعة مختارة من المشاهير، بينهم بيانكا جاغر، طليقة المغني مايك جاغر، والمهندس المعماري الأميركي بيتر مارينو، وماي ماسك، والدة رجل الأعمال الثري إيلون ماسك، وتاجر الأعمال الفنية ثاديوس روباك، والمصمم بيير هاردي. كما دُعيت إلى العشاء كيم كارداشيان وشقيقتها الكبرى كورتني. وارتدت الشقيقتان بدلتين من تصميم علايا، وتزينت كيم بخاتم سوليتير ذي ألماسة كبيرة تزن أكثر من 18 قيراطاً، أهداها إياه زوجها آنذاك، مغني الراب كاني ويست.

غادرت الشقيقتان الحفل بعد منتصف الليل بقليل، وذهبت كورتني لإكمال سهرتها في نادٍ ليلي برفقة الحارس الشخصي لعائلة كارداشيان. أما كيم فقد أوصلها سائقها إلى فندق فخم لا يحمل اسماً على واجهته يقع في شارع «ترونشيت» في حي المادلين ويحظى بشعبية خاصة بين النجوم بسبب هدوئه وتكتمه.

أقامت كيم، البالغة من العمر 36 عاماً، في جناح تبلغ مساحته 367 متراً مربعاً يتألف من 3 غرف نوم موزعة على 3 مستويات بسعر 15 ألف يورو لليلة الواحدة. ونحو الساعة 2:30 صباحاً اقتحم خمسة رجال يرتدون سترات تحمل كلمة «شرطة» الفندق. وكما في مشهد سينمائي أمروا الحارس الليلي بأخذهم إلى جناح «زوجة مغني الراب». وكانت كيم برداء الحمام الأبيض، وسارعت حال رؤيتهم إلى طلب رقم الطوارئ 911، وهو رقم طوارئ أميركي لا يعمل في فرنسا. لكنَّ الرجال المقنعين استولوا على هاتفها وطالبوها بتسليم خاتمها وهم يصرخون بالفرنسية «الخاتم... الخاتم». ولم تفهم ما يقولون للوهلة الأولى لكنَّ الحارس الليلي المقيَّد ترجم لها الطلب. بعد ذلك تم ربطها بشريط لاصق وحبسها في الحمام، جالسةً على الأرض.

وهرب اللصوص مع الخاتم وصندوق مجوهرات و1000 يورو نقداً واختفوا في شوارع المدينة. ولم ينتبه اللصوص إلى وجود مصفِّف شعر النجمة الذي كان هناك في الطابق الأعلى وهو الذي أطلق جهاز الإنذار. وفي تلك الساعة ذاتها في نيويورك، قطع كاني ويست حفله بسبب «حالة طوارئ عائلية».

استغرقت العملية أقل من 10 دقائق، تمت فيها سرقة مجوهرات قُدِّرت بأكثر من 9 ملايين يورو، بما في ذلك خاتم الخطوبة الشهير الذي تبلغ قيمته 4 ملايين يورو. وكانت كارداشيان قد نشرت صورته على حسابها على موقع «إنستغرام» قبل أيام قلائل من الحادث، وحازت إعجاب أكثر من 1.4 مليون شخص. ففي ذلك الوقت كانت النجمة التي اشتهرت بتسجيلاتها المثيرة توثق كل تحركاتها سواء عبر التلفزيون من خلال أحد برامج الواقع الذي يروي الحياة اليومية لعائلتها، أو على حسابها على موقع «إنستغرام» الذي يتابعه 85 مليون شخص.

أثارت السرقة ضجة مدوية نظراً لأن الضحية تعد ملكة وسائل التواصل الاجتماعي. وتناولتها كبريات الصحف في فرنسا والولايات المتحدة. فقد علقت هيلاري كلينتون على القضية قائلة: «شعرت بالأسف الشديد تجاهها». كما طمأنت عمدة باريس آن هيدالغو، السياح، قائلةً: «هذا حدث نادر للغاية وقع في مكان خاص، ولا يثير بأي حال من الأحوال تساؤلات حول عمل شرطتنا أو أمن أماكننا العامة». ومن جهته علق المصمم كارل لاغرفيلد تعليقاً لاذعاً جاء فيه: «لا يمكنك التباهي بثروتك ثم تُفاجأ بأن الناس يريدون قطعة من الكعكة».

كان من الطبيعي أن تلملم كارداشيان حاجياتها على عجل وتغادر عائدةً إلى بلدها. وفي الجناح الذي غادرته بدأت تحقيقات وحدة مكافحة اللصوصية. وكشف الشريط اللاصق وربطات اليدين عن آثار الحمض النووي لمستخدميها. وهي آثار تطابقت مع ما تملكه الشرطة في ملفاتها عن مجرم يدعى باسكال لعربي. وأظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة في الحي، دقيقة بدقيقة، وصول العصابة وهروبها. وهي مؤلَّفة من رجلين وصلا سائرَين وثلاثة آخرين على دراجات هوائية. كما أظهرت الكاميرات سيارة بيجو 508 متوقفة على بعد 500 متر من مكان قريب. وتبين أنها مملوكة لسائق يبلغ من العمر 30 عاماً ويقيم في ضاحية «كريتاي» بالقرب من باريس. وبعد التحري عن هويته تبين أنه هارميني آيت خداش، نجل المطلوب للعدالة «عمر العجوز».

لم يكن ذلك هو الخطأ الوحيد الذي ارتكبه السارقون. فبينما كانوا يغادرون سقطت من أحدهم حقيبة كان يحملها وعلقت في عجلات الدراجة. كما فقد قلادة عليها صليب من البلاتين والألماس (تبلغ قيمتها 29 ألف يورو) عثر عليها أحد المارة في المزاريب وسلمّها للشرطة. وهو نفسه الذي خطف هاتف كيم كارداشيان من يدها ثم تخلص منه بإلقائه في قناة في شمال باريس. وبسبب كل تلك الهفوات إلى جانب المراقبة والتنصت على هواتف المشتبه بهم، توصلت الشرطة إلى 10 أسماء وقبضت على 5 منهم، كما وجهت تهمة المشاركة إلى آخرين، وكلهم من أصحاب السوابق. ونظراً لأن معظمهم في الستين من العمر فقد أطلقت عليهم الصحافة تسمية «الأجداد اللصوص».

وسافرت قاضية التحقيق آرميل بريان واثنان من محامي كارداشيان إلى نيويورك لسماع شهادتها. ورغم مرور 9 سنوات على القضية فإن الإجراءات سارت بشكل أسرع من المعهود في تباطؤ العدالة الفرنسية بفضل شهرة الضحية. وتكمن المفارقةُ في سرعةُ التحقيق القضائي، من جهة، ومن جهة أخرى بطءُ الانتقال إلى جلسة الاستماع. وكانت أقوال كارداشيان تشير إلى شكوك في أن المعلومات عن مكان إقامتها في باريس جاءت «من الداخل». أي من المحيطين بها، ومنهم مايكل وجاري مادار. وكان الأول يعمل في شركة الإنتاج التي يملكها كاني ويست ثم انتقل للعمل في شركة النقل الخاصة بكيم كارداشيان، وهي التي نظّمت حفلاً في فيرساي سبق زفافهما، ثم نقلت جميع السيارات إلى موقع العرس في فلورنسا. وخلال أسبوع الموضة في باريس، تولى مايكل مادار مسؤولية دخول العائلة وخروجها إلى فرنسا، بينما أدار شقيقه غاري مراسم الاستقبال في المطار.

دار سؤال المحققين عن كيفية علم العصابة بالتوقيت المناسب للهجوم. وجاء الجواب بفضل التنصت على الهواتف والذي قاد إلى إلقاء القبض على صاحب حانة باريسية لديه سجل إجرامي واسع النطاق وعلى اتصال منتظم مع غاري مادار من جهة، وأفراد عصابة العجائز من جهة ثانية. كما تمت تبرئة شقيقه مايكل مادار دون فك اللغز الكبير المتعلق بالمسروقات. فقد عثرت الشرطة على حزم من الأوراق النقدية في منازل المشتبه بهم (140 ألف يورو في حوزة صاحب الحانة) دون أن يظهر أثر للمجوهرات أو «الحجر الكبير» كما جاء في وصف خاتم الخطوبة في ملفات التحقيق. فهل تكشف المحاكمة عن اللغز ويعترف عمر العجوز؟