ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة.. يسبب الجفاف والحرائق

وزارتا السياحة والصحة الأردنيتان تحذران من الموجة

حرائق قريبا من القدس بسبب موجة الحر والجفاف التي تجتاح المنطقة (أ.ف.ب)، طائرة لمكافحة النيران في غابة قريبا من القدس (إ.ب.أ)
حرائق قريبا من القدس بسبب موجة الحر والجفاف التي تجتاح المنطقة (أ.ف.ب)، طائرة لمكافحة النيران في غابة قريبا من القدس (إ.ب.أ)
TT

ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة.. يسبب الجفاف والحرائق

حرائق قريبا من القدس بسبب موجة الحر والجفاف التي تجتاح المنطقة (أ.ف.ب)، طائرة لمكافحة النيران في غابة قريبا من القدس (إ.ب.أ)
حرائق قريبا من القدس بسبب موجة الحر والجفاف التي تجتاح المنطقة (أ.ف.ب)، طائرة لمكافحة النيران في غابة قريبا من القدس (إ.ب.أ)

اجتاحت حرائق مساحات كبيرة من مناطق حرجية في كاليفورنيا مجبرة المواطنين على إخلاء منازلهم بسرعة والسلطات على إغلاق كيلومترات عدة من طريق سريع بعد مقتل أحد رجال الإطفاء. وقال مسؤولو جهاز الإطفاء في كاليفورنيا إن «آلاف» الصواعق ضربت المنطقة منذ ليل الخميس/ الجمعة متسببة بعدة مئات من حرائق الغابات الصغيرة، بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
وقال خبير الأرصاد الجوية شتيفان رامشتورف الذي يجري بحثا لمعهد بوتسدام لأبحاث التأثيرات المناخية بالقرب من برلين، إن هناك «اتجاها تدريجيا للاحتباس الحراري طويل الأمد ما يجعل حدوث موجات الحر أكثر احتمالا وأكثر تكرارا». وسجلت معظم دول العالم ارتفاعا بدرجات الحرارة، والتي راح ضحيتها الآلاف، خصوصا في الهند واليابان.
وشهدت دول شرق أوسطية مثل العراق والأردن ودول الخليج العربية ارتفاعا غير مسبوق لدرجات الحرارة. وقال رامشتورف في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية إن «هذا التطور سوف يستمر نظرا لأننا ما زلنا نتسبب في تحمية الغلاف الجوي بالغازات الدفيئة». وأضاف رامشتورف، 55 عاما، وهو أستاذ في فيزياء المحيطات في جامعة بوتسدام، أنه كان يوجد اتجاه احتراري مطرد منذ عام 1980، وأن الإحصائيات أظهرت أن هناك زيادة في فترات درجات الحرارة المرتفعة من حينها.
وشهدت مختلف المناطق الأردنية أمس ارتفاعا ملحوظا لدرجات الحرارة عن المعدل، حيث بلغت درجة الحرارة في عمان 41 بينما سجلت في مدينة العقبة جنوب الأردن 47 درجة مئوية، كما تأثرت بعض المناطق الصحراوية بعاصفة رملية اضطرت شركة الملكية الأردنية إلى تحويل مسار هبوط 3 رحلات على الأقل إلى مطار العقبة وفق ما أفاد به مسؤول في الشركة.
وقال المساعد التنفيذي لمدير عام الملكية الأردنية لشؤون الإعلام والاتصال باسل الكيلاني لـ«الشرق الأوسط» إن رحلات حولت مسار هبوطها تابعة للملكية، منوها بهبوط طائرات في مطار الملك حسين في العقبة بدلا من مطار الملكة علياء الدولي في العاصمة عمان. وبيّن أن هنالك توقفا لحركة الملاحة بسبب قوة العاصفة الرملية التي تضرب داخل مناطق المملكة.
من جانبها أوقفت أمانة عمان أمس موظفيها وعمالها الميدانيين عن العمل من الساعة الحادية عشرة صباحا حتى الثالثة ظهرا، تجنبا لتعرضهم لمخاطر بسبب اشتداد موجة الحر التي تشهدها المملكة.
وتهدف هذه الخطوة إلى التخفيف عن هؤلاء العاملين ومنحهم فترة استراحة بدلا من العمل المتواصل الذي قد يزيد احتمالية تعرضهم لمخاطر. كما شهدت بعض المناطق انعدامًا للرؤية بسبب الكثبان الرملية والأجواء المغبرة.
وقال المركز الإعلامي في مديرية الأمن العام في بيان إن الطريق الصحراوي شبه مغلق بسبب وجود الغبار والأتربة، مطالبًا المواطنين بعدم الخروج واستخدام هذا الطريق إلا للضرورة القصوى.
وسجل الحمل الأقصى للنظام الكهربائي في الأردن أمس الأحد ارتفاعا غير مسبوق، وبلغ 3185 ميغاواط عند الساعة الثانية و55 دقيقة من بعد الظهر مقابل استطاعة توليدية تبلغ نحو 4000 ميغاواط.
وقال الرئيس التنفيذي رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن المهندس فاروق الحياري في تصريح صحافي أمس الأحد إن الهيئة أعلنت منذ يوم أمس السبت حالة التأهب في مركز المراقبة وإدارة الأزمات والطوارئ التابع للهيئة وفي مراكز الاتصال وغرف الطوارئ في شركات الكهرباء في المملكة للتعامل مع تداعيات موجة الحر التي تشهدها المملكة.
ودعا المهندس الحياري شركات الكهرباء لاتخاذ الإجراءات الضرورية والاستعداد للتعامل مع تداعيات الموجة الحارة المتوقع أن تشهدها المملكة خلال الأسبوع الحالي، مؤكدا ضرورة الاستجابة لشكاوى المواطنين والعمل على إصلاح أي أعطال محتملة بالسرعة الممكنة.
كما دعا الحياري المواطنين إلى التعاون مع الهيئة لضمان أمن التزود بالطاقة الكهربائية من خلال استخدام وسائل التكييف الأكثر كفاءة، مؤكدا أن الهيئة وشركات الكهرباء على أتم الاستعداد لتلقي شكاوى المواطنين حول أي استفسارات أو شكاوى وعلى مدار الساعة.
وقال إن كوادر الهيئة ستعمل طوال فترة المرتفع الجوي المتوقعة على مدار الساعة بالتعاون مع مراكز الاتصال والطوارئ في شركات الكهرباء التي زودتها الهيئة بموظفين لمتابعة شكاوى المواطنين والمحافظة على أمن التزود بالطاقة.
ودعا وزير السياحة والآثار الأردني نايف الفايز السياح إلى زيارة المهرجانات والأماكن السياحية المغلقة التي تقام حاليا في الأردن خلال الموجة الحارة في المملكة.
وأضاف أن الوزارة تدعو المواطنين والسياح إلى ضرورة التقيد بتعليمات السلامة العامة الصادرة عن الجهات الرسمية ذات العلاقة وعدم التعرض لأشعة الشمس مباشرة، ناصحا إياهم بضرورة التوجه إلى زيارة المنشآت السياحية المغلقة من متاحف وفنادق ومطاعم سياحية اتقاء لحرارة الشمس المرتفعة.
وقال الفايز لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن المملكة تتأثر طوال الأسبوع الحالي بكتلة هوائية حارة جدا مصاحبة لامتداد المنخفض الحراري الموسمي مما ينعكس على أوضاع السياحة في المملكة، حيث تجاوزت درجات الحرارة في مدينة العقبة 47 درجة مئوية وتسبب الارتفاع الكبير في الحرارة إلى خلو شوارع المدينة من المارة والسياح في ساعات الظهيرة.
كما حذرت وزارة الصحة من المخاطر الصحية التي قد تنتج عن ارتفاع درجات الحرارة والإصابة بضربات الشمس، لا سيما كبار السن والأطفال والمصابين بأمراض مزمنة.
وقال حاتم الأزرعي المتحدث باسم الوزارة أمس الأحد: «إن الوزارة وضعت خطة توعوية وحملة إعلامية تتضمن إلقاء محاضرات وتوزيع نشرات توعوية حول أمراض الصيف وسبل الوقاية للحد من انتشارها».
وأضاف أنه تم تعميم النشرات على مديريات الصحة ليصار إلى توزيعها على المراكز الصحية المنتشرة في أنحاء المملكة للتوعية بالمخاطر الصحية الناتجة عن أمراض الصيف وارتفاع درجات الحرارة والتعرض المباشر لأشعة الشمس الساطعة.
وأشار مدير التوعية والإعلام الصحي في الوزارة الدكتور مالك الحباشنة إلى أن ضربة الشمس هي الأكثر شيوعا في حالة ارتفاع درجات الحرارة وتحدث الإصابة بها حال التعرض المباشر لأشعة الشمس مع بذل جهد جسماني، خصوصا في الجو الجاف وفقدان كمية كبيرة من الماء والأملاح التي قد تؤدي إلى الإصابة بالجفاف.
وشدد الدكتور الحباشنة على أهمية وضرورة الإسعاف السريع للمصاب بضربة الشمس بنقله مباشره إلى الظل وتسليط مروحة عليه ورش جلده بالماء أو الكحول واستنشاق الأكسجين إن وجدا والتأكد من عدم انسداد مسالك الجهاز التنفسي والعمل على نقل المصاب إلى أقرب مركز طبي.
وأكد أن هناك سبلا للوقاية ينبغي اتباعها للأشخاص الذين يتعرضون لأشعة الشمس لمدة طويلة، خصوصا في حال بذل مجهود بدني، وأهمها الإكثار من شرب الماء والسوائل وعدم التجمع في أماكن قليلة التهوية وتجنب التعرض والسير تحت أشعة الشمس المباشرة لمسافات طويلة وملازمة الظل واستخدام المظلة «الشمسية» وارتداء الملابس الفضفاضة، وخصوصا القطنية وحماية الأطفال من اللعب في فترات الحر الشديد والراحة عند الشعور بالتعب والاستلقاء في الظل في مكان جيد التهوية. وشدد على أهمية وضرورة حفظ الأغذية بشكل جيد، خصوصا في ظل ارتفاع درجات الحرارة، إذ إنها تكون عرضة للتلف السريع وانتشار وتكاثر الجراثيم الممرضة وبالتالي التسبب في التسممات الغذائية ولتجنب ذلك فيجب حفظ الأغذية والأشربة مبردة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».