الأمن الموريتاني يلاحق «خلايا نائمة»... ومخاوف من عودة المواجهة مع «القاعدة»

مقتل 3 إرهابيين وشرطي في عملية عسكرية شمال البلاد

قوات موريتانية خلال دورية في الصحراء (الجيش الموريتاني)
قوات موريتانية خلال دورية في الصحراء (الجيش الموريتاني)
TT

الأمن الموريتاني يلاحق «خلايا نائمة»... ومخاوف من عودة المواجهة مع «القاعدة»

قوات موريتانية خلال دورية في الصحراء (الجيش الموريتاني)
قوات موريتانية خلال دورية في الصحراء (الجيش الموريتاني)

أعلنت السلطات الموريتانية أن وحدة عسكرية مختصة في محاربة الإرهاب، نفَّذت عملية خاصة في منطقة صحراوية نائية، أمس، أسفرت عن مقتل 3 من أصل 4 عناصر من تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب»، كانوا قد فروا من السجن المركزي بالعاصمة نواكشوط، منذ أسبوع.
وجرى اعتراض السجناء الفارين في منطقة لمصيدي التي تبعد قرابة 400 كيلومتر إلى الشمال الشرقي من العاصمة نواكشوط، وهم يسلكون طريقاً صحراوياً معروفاً لدى المهربين، ويقود إلى أراضي دولة مالي المجاورة، دون المرور بالتجمعات السكانية.
وقال مصدر في الجيش الموريتاني لـ«الشرق الأوسط»، إن الراجح أن الإرهابيين كانوا ينوون التوجه نحو شمال مالي؛ حيث توجد معاقل تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»؛ مشيراً إلى أنهم كانوا على متن سيارة رباعية الدفع ولكنها تعطلت، ليتم رصدهم من طرف السكان المحليين الذين أبلغوا الأمن.
وشاركت في عملية اعتراض الإرهابيين الفارين كتيبة من نخبة الدرك الموريتاني، مدربة على محاربة الإرهاب، بدعم وإسناد من كتيبة المغاوير الأولى، وهي القوات الخاصة في الجيش الموريتاني، كما شاركت في العملية طائرة عسكرية تابعة للقوات الجوية الموريتانية.
وحدث اشتباك بين الطرفين أسفر في النهاية عن مقتل 3 إرهابيين، واعتقال الإرهابي الرابع، بينما قُتل عنصر واحد من الدرك الموريتاني، حسب الحصيلة التي أُعلنت في بيان مشترك بين وزارتي الدفاع والداخلية الموريتانيتين. وأشار البيان إلى أن الإرهابيين كانوا متحصنين في «منطقة جبلية وعرة».
في غضون ذلك، غرد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني عبر «تويتر»: «أعزي الجميع في شهداء قواتنا المسلحة الذين سقطوا في ساحة الشرف دفاعاً عن الوطن»، وكان ولد الغزواني يشير بذلك إلى فردين من الحرس قتلا على يد السجناء في أثناء عملية الفرار، وعنصر الدرك الذي قتل خلال الاشتباك.
وكان فرار عناصر «القاعدة» الموجودين في السجن منذ أكثر من 10 سنوات، واثنان منهم محكوم عليهما بالإعدام، قد أعاد إلى الواجهة خطر الإرهاب في موريتانيا، في وقت كان يحتفي فيه الموريتانيون بنجاحهم في الحد من خطورته؛ إذ تعود آخر عملية إرهابية في البلد إلى عام 2011، ولكن العملية الأخيرة أعادت المخاوف من وجود خلايا نائمة ساعدت السجناء على الفرار.
وأكد الصحافي الموريتاني المهتم بقضايا الأمن سيدي محمد ولد بلعمش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هنالك بالفعل خلايا نائمة، كانت تنشط في الخفاء، هي التي ساعدت الإرهابيين على الفرار من السجن، فهنالك من وفر لهم السلاح الذي قتل به أفراد حرس السجن، وهنالك من وفر لهم سيارة رباعية الدفع يعتقد أنها كانت جاهزة، وهي التي مكنتهم من مغادرة العاصمة نواكشوط ليلة فرارهم من السجن».
ويضيف الصحافي: «ما تأكدنا منه حتى الآن، هو أنه تم اكتشاف عشرات الأشخاص المرتبطين بهؤلاء الإرهابيين»، ثم يردف نقلاً عن جهات أمنية موريتانية على صلة به: «هذه العملية وإن كانت فيها خسائر، مهمة جداً لأمن البلد كله؛ إذ كشفت وجود خلايا إرهابية نائمة كانت تنمو في غفلة من الدولة، مستغلة انشغال السلطات بأمور السياسة والتنمية ومحاربة الفساد».
وخلص الصحافي الموريتاني إلى التأكيد على أن «هذه العملية منعطف في تاريخ تعاطي الدولة الموريتانية مع ملف الإرهاب»؛ مشيراً إلى أنه «لا بد من وضع استراتيجية أمنية جديدة، تعيد النظر في آلية الحوار مع الإرهابيين، والسجون التي يجب أن يكونوا فيها».
وعلى الرغم من أن السلطات الموريتانية أكدت انتهاء ملاحقة السجناء الفارين، فإن الإجراءات الأمنية المشددة لا تزال مستمرة في العاصمة نواكشوط، وعلى الطرق الرئيسية للبلاد، بينما يعتقد أن العملية لا تزال مستمرة للبحث عن مطلوبين متورطين في فرار السجناء. كما استمر قطع خدمة الإنترنت عبر الهاتف النقال، وهو ما سبق أن بررته الحكومة بأنه «لدواعٍ أمنية».


مقالات ذات صلة

الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

العالم العربي الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

قال الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، الذي يحاكم بتهم فساد، إنه «مستهدف لأسباب سياسية بحتة». وأضاف ولد عبد العزيز خلال استجوابه أمام المحكمة المختصة بجرائم الفساد أمس، أنه «مستهدف لأنه سياسي ويعمل ضده سياسيون ورجال أعمال، كانوا يستفيدون من الدولة قبل توليه الرئاسة»، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية. وأوضح الرئيس السابق في أول حديث له حول أصل التهم الموجهة إليه، ومتابعته من قبل القضاء، أنه سجن انفرادياً لستة أشهر، وسجن بعد ذلك مع عائلته ثمانية أشهر في بيته. ويمثل الرئيس السابق أمام المحكمة المختصة بالفساد منذ 25 من يناير (كانون الثاني) الماضي بتهم تتعلق بالفساد وسوء استغلال ال

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
العالم 25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

انطلقت فجر اليوم (الجمعة) الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والجهوية والمحلية، التي تنظم بشكل متزامن في موريتانيا يوم 13 مايو (أيار) المقبل، والتي يتنافسُ فيها 25 حزباً سياسياً ضمن أكثر من ألفي لائحة انتخابية، لنيل ثقة 1.7 مليون ناخب موريتاني. وكان من المفترض أن تنظم الانتخابات في شهر أغسطس (آب) المقبل، لكن جرى تعجيلها إلى شهر مايو، بموجب اتفاق سياسي بين أحزاب الموالاة والمعارضة، تفادياً لتنظيمها في موسم الأمطار، حين تكثر الفيضانات والعواصف، ما يمنع الوصول إلى مناطق نائية من البلاد، وهو ما تسبب في مشكلات كبيرة خلال الانتخابات السابقة (2018). وبموجب الاتفاق السياسي نفسه الذي أشرفت عليه وز

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا وزير الخارجية الجزائري في مالي بعد موريتانيا

وزير الخارجية الجزائري في مالي بعد موريتانيا

بحث وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، أمس، بمالي، مع المسؤولين الحكوميين وممثلين عن حركات التمرد في الشمال، حل خلافاتهم السياسية بشكل عاجل والتقيد بـ«اتفاق السلام» المتعثر، وفق مصادر تتابع الموضوع، وذلك بهدف قطع الطريق أمام الجماعات المتطرفة، التي عادت إلى واجهة الأحداث الأمنية في الأيام الأخيرة، باغتيال مسؤول بارز في السلطة الانتقالية. وبحسب المصادر نفسها، حل عطاف بباماكو مساء الثلاثاء آتيا من موريتانيا، بغرض تسليم رسالة من الرئيس عبد المجيد تبون، لرئيس الحكم الانتقالي العقيد عاصيمي غويتا، تتضمن «أهمية الخروج من المأزق السياسي الذي يتخبط فيه هذا البلد الحدودي مع الجزائر، وتشدد على تطبيق اتفاق ال

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر يبحث في موريتانيا أمن التجارة عبر الحدود

وزير خارجية الجزائر يبحث في موريتانيا أمن التجارة عبر الحدود

يبحث وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، منذ يومين في نواكشوط التبادل التجاري النشط عبر المركز الحدودي منذ عام، والوضع الأمني بالمناطق الحدودية، حيث تعرضت قوافل تجار جزائريين لاعتداءين بين نهاية 2021 ومطلع 2023، أسفرا عن قتلى، وتدمير شاحناتهم، وتسببا في نشر حالة من الخوف. وذكرت «الخارجية» الجزائرية، في بيان، أن لقاء جمع عطاف بالرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، «وفر فرصة لاستعراض التقدم المحرز، ضمن متابعة وتنفيذ التوجيهات السامية لقائدي البلدين، ومخرجات مشاوراتهما بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها الغزواني إلى الجزائر في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2021، والتي أعطت انطلاقة لحقبة جديدة في تا

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي رئيس موريتانيا السابق ينفي تورطه في «أي فساد»

رئيس موريتانيا السابق ينفي تورطه في «أي فساد»

نفى الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد، جميع التهم الموجهة إليه، التي من أبرزها تهمة الفساد وغسل الأموال والإثراء غير المشروع واستغلال النفوذ. وقال ولد عبد العزيز، الذي تحدث للمرة الأولى أمام هيئة المحكمة، مساء أول من أمس، إنه حكم موريتانيا عشر سنوات وغير وضعيتها من الأسوأ إلى الأحسن، مشيراً إلى أن السياسة التي تبناها لا يمكن أبدا أن يتورط صاحبها في أي نوع من «تبديد الأموال العمومية».

الشيخ محمد (نواكشوط)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.