استبق عدد من القادة السياسيين في ليبيا الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة، بالدعوة لإقصاء منافسيهم من السباق، الذي لم يحدد موعده بعد، بينما تُواصل الأطراف الدولية مساعيها لإجراء هذا الاستحقاق قبل نهاية العام الجاري.
فقبل أيام قليلة، أعلن رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، رفضه ترشح العسكريين للانتخابات قبل تقديمهم استقالاتهم من مناصبهم، وهو ما اعتبره البعض إشارة ضمنية للمشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني».
في المقابل طالب رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الدبيبة بعدم الترشح للانتخابات المقبلة، ملمحاً إلى أن مجلسه ومجلس النواب قد يضعان بنداً في القوانين الانتخابية يمنع ترشحه، وأعضاء المجلس الرئاسي أيضاً.
ويرى سياسيون ليبيون أن هذا التصعيد، وإن كان محصلة طبيعية لمناخ الانقسام والتجاذبات الذي تعيشه البلاد، إلا أنه «ينبئ عن عرقلة محتملة من قبل قادة البلاد لأي خطوة في طريق الانتخابات». وفي هذا السياق، اعتبر عضو مجلس النواب الليبي، صلاح أبو شلبي، أن «التصريح بإقصاء كل مرشح محتمل لخصومه، يعد نتيجة طبيعية لتزايد تعقُد الأزمة الليبية خلال السنوات الأخيرة». وقال أبو شلبي لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف الجميع، سواء من شخصيات وقوى محلية، أو ممثلي الدول الغربية، يتطلعون لتحقيق مصالحهم دون النظر لمصالح الليبيين، التي تنحصر في إيجاد قوانين انتخابية عادلة لا تقصي أحداً من فرصة التطلع لقيادة البلاد، إلا مَن صدرت بحقه أحكام قضائية نهائية لارتكابه جرماً بحق الشعب، ولو كان ذلك لمرحلة استثنائية لحين وضع الدستور الدائم». ورأى أبو شلبي أن «الدعم الخارجي هو ما يزيد من تعنت الشخصيات والقوى الليبية من أجل إحداث توافق حول إطار سياسي بشأن شروط الترشح للرئاسة، والقبول بالنتائج أياً كانت الشخصية الفائزة»، لافتاً إلى أن ذلك «يدفعهم من الآن لمحاولة إقصاء منافسيهم، في محاولة مبكرة لحشد الشارع ضد هؤلاء».
كما راهن أبو شلبي على «إمكانية وصول اللجنة المشتركة بين مجلسي النواب والأعلى الدولة، المرتقب تشكيلها، للعديد من السيناريوهات الإيجابية في حل الأزمة، ومنها التفكير بقوانين تسمح بتقاسم السلطة، أو إدارة حوار مجتمعي حول ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية من عدمه، أو إجراء استفتاء شعبي حول ذلك».
من جهته، اعتبر أسعد زهيو، رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني» الليبي، أن «الهدف الحقيقي من وراء إطلاق بعض المرشحين مثل هذه التصريحات، لا ينحصر في التحشيد ضد الخصوم، وإنما إثبات وجودهم في المعادلة السياسية، وإثبات أنهم يستطيعون عرقلة الاستحقاق الانتخابي، إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم».
وقال زهيو لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدف الرئيسي وراء دعوة الدبيبة لرفض ترشح العسكريين، والحديث عن ضرورة إجراء الاستفتاء على أي قاعدة دستورية، ليس إقصاء حفتر من السباق الرئاسي، بل محاولة إثناء مؤيديه (حفتر) بالبرلمان وخارجه عن السعي لوضع أي بنود بالقوانين الانتخابية تحظر ترشح الدبيبة»، مبرزاً ما ذكره المشري أخيراً عن عزم مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» تضمين القوانين الانتخابية بنوداً تحظر ترشح الدبيبة، وأعضاء المجلس الرئاسي، نظراً لتوقيع هؤلاء خلال «ملتقى الحوار السياسي» في تونس وجنيف نهاية عام 2020 تعهداً ينص على عدم الترشح للرئاسة.
كما توقع القيادي الحزبي وضع الدول الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة، «فيتو» في وجه بعض المرشحين، وتحديداً سيف الإسلام القذافي، وأن تحاول ترجمة هذا الموقف لبنود قانونية تقصي ترشحه.
وشدد زهيو على أن الليبيين «سيكونون في مواجهة مشكلة كبرى إذا أُقصي أي اسم من الأسماء الجدلية المرشحة للسباق الرئاسي، سواء حفتر أو الدبيبة، أو سيف الإسلام القذافي، عبر القوانين الانتخابية، بينما سيكون القرار أقل وطأة لو تم إقصاؤهم جميعاً». وقال إن «وضع شروط الترشح في القوانين الانتخابية سيكون أخف ضرراً من أن يتم تضمينها في الإعلان الدستوري أو في الدستور الدائم»، مضيفاً: «نحتاج كتابة الدستور بشكل موضوعي، بعيداً عما تشهده الساحة من انقسامات وتجاذبات».
دعوات «إقصاء المنافسين» تهيمن على سباق الانتخابات الليبية المنتظرة
دعوات «إقصاء المنافسين» تهيمن على سباق الانتخابات الليبية المنتظرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة