هاني شنودة لـ«الشرق الأوسط»: والدتي وراء حُبي للفن

قال إن حفل تكريمه في الرياض فتح «أبواب الذكريات»

الموسيقار المصري هاني شنودة (صفحة هاني شنودة على «فيسبوك»)
الموسيقار المصري هاني شنودة (صفحة هاني شنودة على «فيسبوك»)
TT

هاني شنودة لـ«الشرق الأوسط»: والدتي وراء حُبي للفن

الموسيقار المصري هاني شنودة (صفحة هاني شنودة على «فيسبوك»)
الموسيقار المصري هاني شنودة (صفحة هاني شنودة على «فيسبوك»)

قال الموسيقار المصري هاني شنودة، إن «حفل تكريمه في الرياض فتح (أبواب الذكريات) أمامه». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «والدته وراء حُبه للفن». ونظمت الهيئة العامة للترفيه في المملكة العربية السعودية برئاسة تركي آل شيخ، حفلاً لتكريم شنودة بحضور نجوم الفن والغناء بمصر.
وأثنى شنودة على «التنظيم الشديد للحفل». وأكد: «كُنت أتابع ما يحدث على المسرح؛ فأجد في كل أغنية أو كلمة أو لحن، ما يذكرني بقصتها، وما وراءها». وأضاف: «عندما غنى الفنان محمد منير أغنية (علموني عنيك) تذكرت أنها تم إنتاجها عام 1979 في ألبوم بعنوان (أمانة يا بحر)؛ إلا أنه لم ينجح، لأننا لم نكن أسماء معروفة حينئذ، وبعد أن قمت بتأسيس (فرقة المصريين) والنجاح الذي حققته، فإذا بالشركة الخاصة بألبوم منير تبلغني برغبتها في إصدار ألبوم جديد له، وبالفعل صدر محققاً نجاحاً كبيراً، لتعيد إصدار ألبومه الأول مع تغيير ترتيب الأغاني، وباسم جديد هو «علموني عنيكي أسافر»، مشيراً إلى أن «الجمهور يعتقد أن هذا الشريط هو الثاني في حين أنه الأول».

وتابع شنودة: «عندما صعدت أنغام وغنت مع محمد منير (أنا بعشق البحر) تذكرت الفنانة نجاة الصغيرة، ورأيت صورتها متجسدة أمامي، وأثناء الأغنية ظل صوتها يملأ أذني ووجداني بدفئه الأثير، وتذكرت حينما قدمنا لها كلماتها، وكانت تنتهي بـ(أنا بعشق البحر وبعشق السما وبعشق الطريق)، فقالت لي (الأغنية حلوة جداً لكن ليس لها قافلة يا هاني)، فأضاف لها المؤلف عبد الرحيم منصور (لأنهم حياتي، وإنت يا حبيبي، إنت كل الحياة) فأعجبتها، وحينما جلست أعزفها على البيانو قالت لي (دي تتسجل إمبارح مش بكره)».
وأخذ صوت أحمد عدوية، هاني شنودة، إلى حالة من الشجن واستعاد ذكرياته معه. وقال، «تذكرت أثناء التعاون الفني معه كم كان يتمتع بالحيوية والحماس، وتذكرت كيف كان يتعامل بأصالة وإنسانية ورقي مع أعضاء فرقته وكأنهم جزء من أسرته، إلى حد أنه خصص لهم عمارة سكنية لكي يقطنوا بها».
غناء مي فاروق لأغنيتي «بحلم معاك» و«هدى الليل» أبهر شنودة. وذكر: «وجدت نفسي في حالة من الاندماج الفني معها، ليس فقط لجمال صوتها؛ لكن لأن إعادة توزيعهما وتقديمهما بشكل جديد قد تم بشكل رائع، وكأن هناك من وجد قطعة مجوهرات نفيسة، وأعاد تقديمها عبر لمسات عصرية».

وأخذه غناء منى عزيز لأغنية «ماشية السنيورة» خلال الحفل إلى واحدة من أهم محطات حياة شنودة، الذي أوضح أن «(فرقة المصريين) أسستها بناء على نصيحة من الأديب العالمي نجيب محفوظ للاتجاه إلى الأغاني المصرية بدلاً من الغربية». وأضاف أن «كلمة محمد منير في الحفل عني وعن أيامنا المشتركة، جعلت الدموع تملأ عيني من شدة التأثر، بينما كانت اللحظة التي أخذني فيها عمرو دياب من يدي في نهاية الحفل، وقال (إنني كنت سبب نجاحه وكنت (الكريزة) التي وضعت فوق التورتة)، لمسة جميلة في تكريمي».
عن ذكرياته في نشأته بمدينة طنطا في محافظة الغربية شمال القاهرة، قال الموسيقار هاني شنودة، «في طنطا تعرفت على جميع أنواع الموسيقى مثل الإنشاد الديني، والأغاني الفلكلورية والصوفية، وحلقات الذكر، والترانيم في الكنيسة، فضلاً عن الأغاني الغربية التي كانت تصلنا عبر إذاعة (إف إم) كموضة جديدة في هذا التوقيت، ومن فرط حبي للموسيقى، كنت أخرج على الطريق الزراعي لكي يلتقط الراديو إشارة الـFM الخاصة بإنجلترا أو اليونان». وأضاف: «لعبت والدتي دوراً جوهرياً في حُبي للفن، فكانت أمي تُجيد العزف على البيانو، وتُمسك بالعود وتغني روائع أم كلثوم؛ لكنها حينما كانت تسمعني أُغني، تقول لي مداعبة (كف عن الغناء لأن صوتك نشاز)، وفي الواقع كنت أوافقها في ذلك قليلاً». وأوضح: «عندما دخلت غرفة البيانو بمنزلنا، وضغطت بأصابعي على مفاتيحه، منذ ذلك اليوم لم يعرف أحد بالأسرة أو غيرها أن يخرجني منها، فبقيت داخل هذه الغرفة وبقيت هي كذلك داخلي إلى الآن، حتى لو تغيرت من الناحية المكانية أو الملموسة».

وقال شنودة، «أحببت الموسيقى بشكل غير عادي، فهي (آلة الزمن)، ومن منا حينما يسمع الموسيقى، لا تأخذه إلى ذكرياته وأيامه الفائتة عبر ما تبثه في النفس من حنين وشجن، أو إلى أحلامه المستقبلية من خلال ما تنطوي عليه من طاقات الحب والأمل».
وتذكر شنودة قصة التحاقه بكلية التربية الموسيقية، بقوله: «كان والدي يعمل في مهنة الصيدلة ومنفتح للغاية عن سائر إخوته، لكنه احتراماً لهم وافق على محاولتهم لإثنائي عن الالتحاق بكلية التربية الموسيقية، كي ألتحق بكلية الصيدلة، انطلاقاً من أن جميع أفراد عائلتي إما أطباء أو صيادلة، فقلت لهم (أي لأعمامي) إنني سأصبح صيدلياً (فاشلاً)، ومن ثم على كل منكم أن يمنحني (فدانين أرض زراعية) حتى أستطيع الإنفاق على نفسي مستقبلاً، وقتها انبهر أبي بردي والتحقت بكلية التربية الموسيقية ليبدأ مشواري مع الموسيقى».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

أراجوز «مُعدّل» ينشر بهجة في شوارع مصرية

عبد التواب يقدم أحد عروض الأراجوز (الشرق الأوسط)
عبد التواب يقدم أحد عروض الأراجوز (الشرق الأوسط)
TT

أراجوز «مُعدّل» ينشر بهجة في شوارع مصرية

عبد التواب يقدم أحد عروض الأراجوز (الشرق الأوسط)
عبد التواب يقدم أحد عروض الأراجوز (الشرق الأوسط)

منذ أواخر عام 2018 وبعد إدراجه ضمن قوائم «اليونيسكو» للتراث العالمي غير المادي، الذي يحتاج للصون العاجل، صار هَمّ فناني الأراجوز المصري العمل على إعادته للشوارع والحدائق والميادين بوصفها حاضنة عُروضه الأساسية والبيئة الطبيعية التي يمكنه أن ينشط فيها بعروض مبهجة للأطفال، تزيل عنه بعضاً من أخلاقه القديمة التي كان معروفاً بها. فقد كان، مثل قول الفنان ناصر عبد التواب المشرف على عروض الأراجوز الأسبوعية في المركز القومي لثقافة الطفل، «عدوانياً، وسليط اللسان، وهي قيم ليست تربوية ارتبطت به لدى فناني العرائس القدامى، وكان يجب أن نطوّر رسالته، ونغيّر من طبيعته، ونقدمه في صورة جديدة، تتلافى هذه الخصال دون أن يتخلى الأراجوز عن صناعة البهجة وإضحاك الأطفال».

ويضيف عبد التواب، وهو مخرج مسرح عرائس ولاعب أراجوز، لـ«الشرق الأوسط»: «منذ عام 2007 وأنا أقدّم عروضاً عرائسية في الحديقة الثقافية للأطفال بمنطقة السيدة زينب بالقاهرة، كما دربت ابتداء من عام 2019 أكثر من 60 من الكوادر على تحريك العرائس، وقدّمت على مدار أعوام عروضاً كثيرة منها (أحلام العصافير)، و(قسم وأرزاق)، فضلاً عن حفلات عديدة لفن الأراجوز، تختلف عن (النمر التراثية)، وتقوم أساساً على الارتجال».

أطفال مصريون يشاهدون عروض الأراجوز (الشرق الأوسط)

ولفت عبد التواب إلى أن العروض التراثية مثل «الأراجوز والبربري»، و«الأراجوز والشحات»، وغيرهما، تتضمن أفكار «عنف وتنمر» لا تصلح للأطفال. «وكانت لدينا وقفة كي يقوم الأراجوز بدوره التقويمي للسلوك، وغيّرنا شكله، من رجل كبير لديه شارب، إلى أراجوز طفل يتعلم منه الأطفال. كنا نريد ونحن نسعى لترسيخ الدور التربوي لفن العرائس أن نجعل الطفل لا يتعدى حدوده ويتجرأ على الكبار، ويقوم بتصحيح سلوكهم، كان هدفنا المحافظة على قيمة الكبير في نظر الأطفال»، وفق قوله.

ويضيف عبد التواب: «كان التغيير في هيئة الأراجوز من رجل كبير يرتسم على وجهه شارب، إلى طفل صغير، هو الأنسب ليكون أكثر قرباً للأطفال».

وركزت عروض الأراجوز التي قدّمها عبد التواب وزملاؤه في شوارع عدد من محافظات مصر في الجنوب والشمال بدءاً من الجيزة وبني سويف والمنيا وأسيوط وقنا وسوهاج ومطروح... على فكرة الانتماء، وأهمية الوقت، واحترام الكبير، وقيمة الاعتذار، والبعد عن العنف، وتقوم على التفاعل مع الأطفال بعيداً عن فكرة التلقين، وشارك فيها فنانون جدد كانوا نتاج برنامج تدريبي اعتمده المركز القومي لثقافة الطفل منذ 6 سنوات للمحافظة على فن الأراجوز من الاندثار.

الفنان ناصر عبد التواب وزملاؤه يقدمون عروض العرائس للأطفال (الشرق الأوسط)

ويقدم فنانو الأراجوز عدداً من العروض في حدائق وشوارع القاهرة يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، ويوم 28 من كل شهر، فضلاً عن العروض التي تُقدّم في ملتقى الأراجوز السنوي 28 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، بمناسبة وضع الأراجوز على قائمة «اليونيسكو» بوصفه تراثاً أولى بالحماية، وعنصراً من مكونات الثقافة المصرية.

قصة تسجيل الأراجوز ضمن التراث المصري في «اليونيسكو» يحكيها الباحث أحمد عبد العليم مدير مركز ثقافة الطفل المُشرف على عروض فن العرائس، مشيراً إلى أن «لجنة مصرية قامت بجهود كبيرة في مواجهة الرغبة التركية لتسجيلها ضمن تراثها، ونجح كل من نبيل بهجت ونهلة إمام وأحمد مرسي، في إقناع المنظمة الدولية بأحقية مصر في ذلك».

ويضيف عبد العليم لـ«الشرق الأوسط»: «تلقفنا قرار (اليونيسكو) وبدأنا في عمل برنامج عاجل لحماية فن الأراجوز والعرائس التقليدية، وجمعنا كل الفنانين أصحاب الشأن، كانوا لا يزيدون عن 7، وكان لا بد من تدريب أجيال جديدة من أجل وراثته وتطويره، كان ذلك في الملتقى الأول عام 2018، ورعته وزيرة الثقافة وقتها الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم».

أحد عروض الأراجوز في شوارع مصر (الشرق الأوسط)

وقال عبد العليم: «كان الملتقى (أشبه بالمولد)، ويحمل ملامح المناخ نفسه الذي نشأ فيه الأراجوز، بعروض احتضنتها الشوارع»، لافتاً إلى أن «فن الأراجوز يحتاج إلى ممارسة يومية ليتمكن الفنان من إجادته، ويجب أن يُقبل عليه بمحبة وشغف ليواصل العمل فيه، والآن لدينا أكثر من 25 فناناً عرائسياً قديراً. أما الباقون، ويزيد عددهم عن 40 فناناً، فيقومون بدور (الملاغي)، وهو عنصر مهم في العروض الأراجوزية التي يقدمها المركز وتحمل رسالة وقيماً إنسانية».

ويُقبل على عروض حديقة السيدة زينب جمهور كبير من الأُسر المصرية تأتي بأطفالها لمشاهدتها والاستمتاع بها، ومنهم والد الطفل يوسف أحمد الذي قال إنه «يحب هو وأبناؤه الأراجوز، وصوته الجميل، ولا يتوقف عن الضحك من مواقفه، وألعابه وأغنياته».