لا يملك زائر معرض «محاولات 1» المقام في صالة عرض مركز راشد دياب للثقافة والفنون بالخرطوم، غير أن يتفاجأ من حجم إبداع الفنانين؛ في أول الطريق استغلوا مخيلتهم لتحويل الواقع إلى تفاصيل تشكيلية نلاحظ فيها وجود الماء والظل والضوء كرمز للعديد من الحكايا والأحداث في لحظات معينة تقترب من تحصيل تجربة متفردة، وهي محاولات لإخراج إحساس ينبض بأمل كبير في حياة جمالية.
يركز المعرض على بورتريهات للوجوه وُضعت في سياقات خاصة ضمن خلفيات بيضاء وبراويز رفيعة باللون الأسود، بعضها بلا إطارات نراها معلقة منفردة عند مدخل المعرض، الذي يضمّ أكثر من 20 لوحة لسبعة فنانين، ترتيبها يوحي بهندسة مميزة تُظهر شغف راسميها في التعريف بانفعالاتهم عبر حضور بشري في جميع اللوحات.
يتوقف الزائر عند بعض اللوحات المكررة أثناء ترحاله بين مجموعة الأعمال المعروضة ليشبع فضوله ومحاولة فهم ما يحدث ليكتشف أن التكرار هذا كان بفعل التحدي بين الرسامين لإثبات قدراتهم على فهم اللحظة وتجسيدها من زوايا مختلفة.
ويحمل الملصق الدعائي للمعرض صوراً لـ7 لوحات تُظهر وجوهاً تمثل مشاركات كل الفنانين في المعرض، وهم مأمون بابو عثمان، وشيماء سيف الدين، ومحمد عز الدين، ومحمد علي، ومؤيد حسن حامد، وعمر إسماعيل بوي، ومحمد أرباب الفضل.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يعلق الفنان التشكيلي راشد دياب على المعرض قائلاً: «إنه لفنانين شباب في بداية طريقهم الفني لم يتلقوا دورساً فنية، ولديهم قدرة عالية على الإحساس والانفعال مع لحظات إنسانية استطاعوا منحها جمالية بمواهبهم».
ويضيف دياب، أن مركزه سعيد بتنظيم هذا المعرض لاكتشاف مدى ثراء هؤلاء الفنانين، وهذا التنوّع الذي قدّموه في أعمالهم يدل على مستقبل فيه الكثير من الجمال الذي لا ينضب ويظهر معانقة لثقافات مختلفة.
وتقول الفنانة التشكيلية شيماء سيف الدين، التي تشارك في المعرض بثلاث لوحات، إنه بالنسبة لها مشروع بالغ الأهمية باعتباره أول خطوة في طريقها لاحتراف الفن، وتضيف أن اسم المعرض يشرح مضمون الأعمال المقدمة من قبل الفنانين المشاركين.
أما التشكيلي عمر إسماعيل بوي (طالب في كلية الهندسة)، فيقول إن «مشاركتي في معرض (محاولات 1) تأتي بعد شعوري بأنني صقلت موهبتي، وبدأت أستعمل عدداً مختلفاً من الخامات، بعدما كنت أرسم بالرصاص فقط، فضلاً عن تشجيع أسرتي لي لاحتراف الرسم بعد مشاركتي في الرسم السوداني، بالإضافة إلى معرض باسم (مونديال قطر)».
وأقر محمد علي النور (تشكيلي)، بأن معرض «محاولات 1» يمثل فرصة لإعطاء المبتدئين من الرسامين التشكيليين مزيداً من الصقل والاحتكاك بالوسط التشكيلي، ومتذوقي الفنون، مضيفاً أنه اغتنم هذه الفرصة لتطوير موهبته، وقد شارك بعدد من الأعمال، منها لوحة لهيكل عظمي يقرأ في كتاب، وأخرى تجسّد وجه امرأة يغطيه النمش، ويتابع مؤكّداً أنه يميل إلى رسم وجوه النساء لتفاصيل الجمال الموجودة فيها، التي يمكن توظيفها بطريقة إبداعية مبتكرة.
وتحدث التشكيلي محمد عز الدين عن علاقته بالرسم وكيف تشكل حبه وشغفه قائلاً: «كنت دائماً أرسم على حيطان منزلنا منذ نعومة أظافري، وأترجم ما يدور في خيالي بشخبطات، إلى أن تعلمت أساسيات الرسم من بعض الفنانين، وكوّنت رؤيتي الخاصة في2020 لتأتي مشاركتي في معرض (محاولات1) أول خطوة في مشواري الفني، وأنا اليوم أشارك بثلاث لوحات ولم أختر اسماً لها، بل تركتها للجمهور»، مضيفاً: «ما زلت أرسم بالرصاص ولم أجرب بعد أي خامات أخرى من الألوان».