الجزائر تتصدر مورّدي الطاقة إلى إسبانيا رغم تدهور العلاقات بين البلدين

بعد عام من القطيعة الاقتصادية بسبب نزاع الصحراء

الوزير الأول الجزائري السابق أحمد أويحيى ورئيس الحكومة الإسبانية سابقاً ماريانو راخوي عام 2018 (وكالة الأنباء الصينية)
الوزير الأول الجزائري السابق أحمد أويحيى ورئيس الحكومة الإسبانية سابقاً ماريانو راخوي عام 2018 (وكالة الأنباء الصينية)
TT

الجزائر تتصدر مورّدي الطاقة إلى إسبانيا رغم تدهور العلاقات بين البلدين

الوزير الأول الجزائري السابق أحمد أويحيى ورئيس الحكومة الإسبانية سابقاً ماريانو راخوي عام 2018 (وكالة الأنباء الصينية)
الوزير الأول الجزائري السابق أحمد أويحيى ورئيس الحكومة الإسبانية سابقاً ماريانو راخوي عام 2018 (وكالة الأنباء الصينية)

فيما احتل الغاز الجزائري الصدارة في واردات إسبانيا من الطاقة في يناير (كانون الثاني) الماضي، تبقى خسائر التجارة مستمرة بين البلدين على خلفية خلافهما الحاد حول نزاع الصحراء، الذي دخل في مارس (آذار) الحالي عامه الأول، ولا تَلوح في الأفق بوادر لحله.
وأكدت المنصة الإخبارية العربية المتخصصة «الطاقة»، أن صادرات الغاز الجزائري استحوذت على أكثر من ربع واردات إسبانيا خلال يناير الماضي، مشيرةً إلى أن الجزائر «عادت إلى المرتبة الأولى في قائمة مورّدي الغاز إلى إسبانيا، خلال أول شهر من العام الحالي، متفوقةً على الولايات المتحدة، بعد أن شهدت الشحنات من شمال أفريقيا تراجعاً في الشهور الماضية».
وحسب النشرة الإلكترونية المتخصصة، فقد شكّل الغاز الجزائري نحو 25.7 في المائة من إجمالي واردات إسبانيا خلال يناير المنصرم، في حين تراجعت الصادرات الأميركية إلى مدريد عند 21.3 في المائة، مبرزةً أن إسبانيا كانت تتلقى معظم غازها على شكل غاز مسال عن طريق النقل البحري، قبل الغزو الروسي لأوكرانيا. كما نقلت عن الحكومة الإسبانية أن شحنات الغاز المسال شكّلت نحو 67.3 في المائة من الواردات خلال يناير، بينما شكّلت المشتريات عبر خطوط الأنابيب 32.7 في المائة. وأكدت «الطاقة» أن الجزائر «تأتي على رأس الدول ذات الموثوقية العالية في توفير إمدادات الغاز لعملائها». وأبرزت أنه رغم توقف الضخ عبر خط الغاز المغاربي - الأوروبي «ترانسميد»، الذي يربط الجزائر بإسبانيا عبر المغرب، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2021؛ فقد استمر الغاز المسال الجزائري في التدفق إلى الجار المتوسطي.
وقبل أشهر قليلة، رفعت الجزائر طاقة الخط من 8 مليارات متر مكعب سنوياً إلى 10.5 مليار متر مكعب سنوياً، لتؤكد بذلك أهميتها بصفتها مورداً رئيسياً للغاز إلى أسواق الدول المتوسطية القريبة منها، خصوصاً إيطاليا. ويأتي معظم شحنات الغاز، التي تستقبلها إسبانيا من الجزائر، من محطتي سكيكدة (شرق) وأرزيو (غرب) بإجمالي 400 ألف طن، (عام 2022)، حسب تقديرات أولية لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول «أوابك». وارتفعت صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي خلال العام الماضي إلى 56 مليار متر مكعب، مقابل 54 مليار متر مكعب في عام 2021، وكان لانقطاع الغاز الروسي عن القارة الأوروبية أثر بالغ في هذا الارتفاع. وبات الغاز في ظل الحرب الأوكرانية ورقة سياسية وظّفتها الجزائر بقوة ضمن خطة «عودتها إلى الساحة الدولية للعب أدوار تخلّت عنها في وقت سابق»، وفق ما يرد في خطاب المسؤولين الجزائريين.
واستثنت الجزائر الطاقة من العقوبات التي فرضتها على إسبانيا عقب الدعم الذي قدمته مدريد للمغرب بخصوص «خطة الحكم الذاتي للصحراء»، العام الماضي، واختارت وقف استيراد سلع ومنتجات من مؤسسات إسبانية خاصة، لوضع حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز تحت ضغط محلي. ومنذ بدء القطيعة التجارية قبل عام، بلغت خسائر التجارة مليار يورو حسب وسائل إعلام إسبانية، تمثلت أساساً في وقف توريد لحوم الماشية وصناعات غذائية ومادة سيراميك، إلى الجزائر.
وفي المقابل، شهدت السوق الجزائرية ندرة كبيرة في هذه المنتجات، ما أفرز ارتفاعاً فاحشاً في أسعارها. وأواخر الشهر الماضي، صرح الرئيس عبد المجيد تبون لوسائل إعلام محلية بأنه «يأسف» لتدهور العلاقات بين الجزائر وإسبانيا، مؤكداً عدم وجود أي تقدم لإعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين. وشدد على أن مدريد «أخطأت بتغيير موقف إسبانيا التاريخي والمتزن من قضية الصحراء».


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
TT

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)

يعتزم مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) مناقشة سياسات الحكومة المصرية بشأن «آليات تحقيق الانضباط داخل المدارس»، خصوصاً عقب وقوع حوادث بين الطلاب أخيراً.

وأدرج «الشيوخ» على أجندته، الأحد والاثنين المقبلين، طلب أكثر من 20 عضواً، لمراجعة «الانضباط في مراحل التعليم قبل الجامعي»، في وقت رهن برلمانيون وخبراء تحقيق الانضباط داخل المدارس المصرية بـ«ضرورة تحقيق إصلاح شامل لمنظومة التعليم في البلاد».

فمع بداية العام الدراسي في مصر، نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، تعهد وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، بالعمل على «عودة الانضباط في المدارس، وتقليل الكثافات داخل الفصول الدراسية».

وتتزامن مناقشات «الشيوخ» مع حالة جدل أثيرت في البلاد عقب حوادث داخل مدارس، حيث شهدت إحدى المدارس الابتدائية بالقاهرة، الخميس، تعدي طالب على زميلته، ما أدى إلى «فقء عينها اليسرى»، وسبقت ذلك واقعة مأساوية شهدتها محافظة بورسعيد (شمال مصر) بقيام طالب في إحدى مدارس التعليم الفني بطعن زميله بسلاح أبيض، ما أدى إلى وفاته.

عضو مجلس «الشيوخ» المصري، النائبة هبة شاروبيم، تقدمت بطلب للمجلس، تمت تزكيته من أكثر من 20 عضواً لاستيضاح «سياسة الحكومة المصرية الخاصة بآليات تحقيق الانضباط في المدارس». وطالبت النائبة البرلمانية بضرورة «توضيح إجراءات الانضباط داخل المدارس، وغياب المعلمين، في ظل استمرار ما أسمته (التحايل على القوانين)»، إلى جانب «التعرف على إجراءات مواجهة ظاهرة (الدروس الخصوصية)، كما دعت لمناقشة الجدل المثار بشأن المناهج الدراسية، وخصوصاً التأثير السلبي الناتج عن إلغاء (مادة اللغة الأجنبية الثانية) من قوائم المواد الأساسية المضافة للمجموع في المرحلة الثانوية (التي تسبق الجامعة)».

وزير التعليم المصري خلال جولة بإحدى مدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

وأعلنت وزارة التربية والتعليم المصرية، في وقت سابق، سلسلة من الإجراءات الجديدة، تحت مسمى «خطة تطوير نظام التعليم»، تضمنت «انتظام العملية التعليمية، وحلّ إشكالية عجز المعلمين وضمان وجودهم داخل المدارس، ومكافحة (الدروس الخصوصية)»، إلى جانب «تخفيض عدد المواد الدراسية، في مرحلة الثانوية لتخفيف العبء على الطلاب».

عضو مجلس «الشيوخ» المصري، النائبة رشا إسحاق، ترى أن «مناقشة المجلس لإشكاليات التعليم والانضباط داخل المدارس ضروري الآن»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث من إجراءات حكومية، تدخل ضمن محاولات تطوير العملية التعليمية، لم يصل بعد إلى مستوى التطوير الفعلي للمنظومة». وطالبت بـ«ضرورة صياغة الحكومة استراتيجية واحدة لإصلاح التعليم، ينفذها الوزراء، بدلاً من إسناد أمر التطوير، وفقاً لسياسات كل وزير»، وشدّدت على ضرورة «منح ملف التعليم أولوية لتحقيق الانضباط وسدّ عجز المعلمين في المدارس»، مشيرة إلى أنه «إذا سارت الحكومة على نفس الطريقة، فسنجد العام المقبل، مدارس بلا معلمين أو إداريين».

وقدّر وزير التعليم المصري نسبة العجز في المعلمين داخل المدارس بنحو 655 ألف معلم، وأشار في تصريحات صحافية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى مواجهة الأزمة «بحلول فنية، والتوسع في تعيين معلمين جدد، والتعاقد مع معلمي الحصة (بشكل مؤقت)»، معتبراً أن تلك الحلول «ساهمت في حلّ العجز بنحو 90 في المائة بالمدارس الحكومية».

غير أن رشا إسحاق رأت أن تلك «الإجراءات غير كافية»، وقالت إن «التعاقد مع (معلمي الحصة) ليس حلاً واقعياً أو نهائياً، باعتبارهم خارج المنظومة التعليمية»، لافتة إلى أن «هذا الإجراء يفتح أبواب أخرى لظاهرة (الدروس الخصوصية)».

بداية اليوم الدراسي داخل مدرسة في مصر (وزارة التربية والتعليم)

في سياق ذلك، ترى الخبيرة التربوية المصرية، بثينة عبد الرؤوف، أن عودة الانضباط داخل المدارس مرهون بإصلاح شامل لمنظومة التعليم، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «شعارات الانتظام والانضباط حاضرة منذ سنوات، وهناك لوائح تنظمها داخل المدارس، غير أن التطبيق الفعلي لا يحقق تلك الأهداف»، وعدّت جولات وزير التعليم المصري الميدانية داخل المدارس «بعيدة عن الواقع، ولا تظهر حقيقة ما يحدث داخل المدارس».

ومنذ بداية العام الدراسي الحالي، أجرى وزير التعليم المصري سلسلة من الجولات بمحافظات مختلفة، لمتابعة سير الدراسة، كانت أحدثها جولة داخل مدارس محافظة القليوبية (شمال القاهرة)، الأسبوع الماضي، تابع خلالها «انتظام حضور الطلاب، ومستوى تحصيلهم الدراسي، وانضباط المنظومة التعليمية»، وفق إفادة لوزارة التعليم.

واعتبرت الخبيرة التربوية أن «ضبط المنظومة التعليمية يبدأ بتحقيق أساسيات التعليم، وأهمها توفير العدد الكافي من المعلمين المؤهلين»، إلى جانب «بيئة تعليمية جيدة، بتوفير مدارس وفصول دراسية مناسبة، وإعطاء أولوية للأنشطة التعليمية داخل المدارس».