مقتل وإصابة 25 قرويًا في غارات تركية على كردستان العراق

رئاسة الإقليم تندد.. وتدعو «العمال الكردستاني» إلى الانسحاب

جانب من الدمار الذي خلفه القصف الجوي التركي في قرية زاركلي بإقليم كردستان العراق أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من الدمار الذي خلفه القصف الجوي التركي في قرية زاركلي بإقليم كردستان العراق أمس («الشرق الأوسط»)
TT

مقتل وإصابة 25 قرويًا في غارات تركية على كردستان العراق

جانب من الدمار الذي خلفه القصف الجوي التركي في قرية زاركلي بإقليم كردستان العراق أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من الدمار الذي خلفه القصف الجوي التركي في قرية زاركلي بإقليم كردستان العراق أمس («الشرق الأوسط»)

أسفرت غارات للطيران التركي فجر أمس على قرية زاركلي التابعة لقضاء راوندوز (شمال شرقي أربيل) عن مقتل وإصابة نحو 25 شخصا غالبيتهم من المدنيين. وأدانت رئاسة إقليم كردستان القصف التركي الذي استهدف المدنيين، وطالبت أنقرة بعدم تكرار ذلك.
وقال دمهات عكيد، الناطق الرسمي لمنظومة المجتمع الديمقراطي الكردستاني الذي يضم تحت جناحه حزب العمال الكردستاني وأحزاب ومنظمات كردية أخرى في تركيا، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت الطائرات التركية منذ الرابعة من فجر اليوم (أمس) غارات مكثفة على قرية زاركلي المأهولة بالسكان، وأسفر القصف عن مقتل عشرة مدنيين وإصابة خمسة عشرة آخرين».
وتابع عكيد: «صحيح أن هذه المنطقة خاضعة لسيطرة قواتنا، لكن تلك القرية يقطنها المدنيون والقصف استهدفهم وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الطيران التركي المدنيين الكرد، حيث استهدف سابقا المدنيين وقتل الكثير منهم في أماكن متعددة من المناطق الحدودية في الإقليم، والقتلى والمصابون هذه المرة جميعهم من المدنيين، إذ استهدفت منازلهم خلال هذه الغارات»، مضيفا أنه «عندما تجمع المواطنون لإجلاء الجرحى عاودت الطائرات التركية غاراتها وقصفت تلك التجمعات»، مشيرا إلى أن حزب العمال الكردستاني ما زال في حالة الدفاع، ومرغم على الدفاع عن النفس، وعليه الصمود تحت قصف الطيران التركي.
المواطن الكردي، زوزك حمه كان موجودا بالقرب من القرية أثناء الغارات التركية، وروى لـ«الشرق الأوسط» ما جرى، قائلا إنه «قبل أن تبدأ الغارات كان هناك تحليق مكثف للطيران التركي في سماء منطقة جومان وبعد مرور نحو ربع ساعة على تحليقها، بدأت تقصف قرية زاركلي قصفا عنيفا، القسم الأول من الغارة أصاب بعض منازل القرية، فهرع سكانها إلى نجدة المنازل التي استهدفت، وحين تجمع المواطنون وجهت الطائرات التركية صواريخها إلى هذه التجمعات وكان بين القتلى اثنان من مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين دخلوا القرية لمساعدة سكانها على إجلاء الجثث والمصابين».
من جهتها، أدانت رئاسة إقليم كردستان القصف التركي الذي استهدف المدنيين، وطالبت أنقرة بعدم استهداف المدنيين في الإقليم مرة أخرى، وأضاف البيان: «إذ ندين هذا القصف الذي تسبب في استشهاد الكثير من المواطنين نطالب تركيا بعدم تكرار قصف المدنيين حيث لا يمكن القبول بأي مبرر لقتل المواطنين الأبرياء في إقليم كردستان».
من ناحية ثانية، دعا البيان قوات حزب العمال الكردستاني إلى ترك معاقلها في الإقليم وإلى إبعاد ساحة المعركة عن إقليم كردستان كي لا يكون مواطنو الإقليم ضحايا هذه الحرب والصراعات، مبينة أن استمرار الحرب له ضرر كبير على المدنيين ونطالب جميع الأطراف بالعودة لعملية السلام. في السياق نفسه، أكد كفاح محمود، المستشار الإعلامي في رئاسة الإقليم، لوكالة الصحافة الفرنسية أن «كلام ديوان رئاسة الإقليم واضح في مطالبة حزب العمال الكردستاني بإبعاد قواعده العسكرية من أراضي الإقليم لكي لا يعطي أي مبرر للحكومة التركية لقصف المدنيين». وتابع محمود أن «المسبب الرئيسي هو حزب العمال الكردستاني لأنه لو لم تكن هناك قواعد له في داخل أراضي الإقليم لما كانت تركيا قصفت المدنيين». وأوضح أن رئاسة الإقليم تطالب حزب العمال بإعادة هذه القوات وخصوصا أن هناك اتفاقية أمنية بين الحكومتين العراقية والتركية تعطي الترخيص لتركيا بالتوغل داخل الأراضي العراقية وهذه الاتفاقية ما زالت سارية المفعول. لهذا نحن نطالب حزب العمال بإخراج قواعده من أراضي الإقليم لأنه يعطي المبررات للحكومة التركية للقيام بهذا القصف.
لكن رئاسة الإقليم أصدرت بيانا آخر لاحقا خففت فيه من حدة موقفها، وطالبت الطرفين بنقل معاركهما بعيدا عن المناطق المأهولة. وقال البيان «نناشد تركيا الامتناع عن قصف القرى والمناطق المأهولة في المنطقة، ونناشد حزب العمال الكردستاني إبقاء قواته وقواعده ومؤسساته بعيدا عن القرى والمناطق المأهولة».
بدوره، قال مسؤول تركي كبير لوكالة «رويترز» إن «أنقرة تتعاون مع حكومة إقليم كردستان العراق للتحقيق في مزاعم سقوط ضحايا من المدنيين في القصف على القرية. وأفاد مسؤول تركي آخر بمقتل قيادي كبير بحزب العمال الكردستاني وامرأتين تقاتلان في صفوف حزب الحياة الحرة، وهو جناح إيراني لحزب العمال الكردستاني، خلال قصف جبال قنديل على الحدود العراقية الإيرانية حيث يوجد عدد من أكبر معسكرات حزب العمال الكردستاني».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.