بالوكو منح نفسه لقب «شيخ» ليقود «داعش» في الكونغو

صورة متداولة لبالوكو
صورة متداولة لبالوكو
TT

بالوكو منح نفسه لقب «شيخ» ليقود «داعش» في الكونغو

صورة متداولة لبالوكو
صورة متداولة لبالوكو

تتصاعد هجمات «القوات الديمقراطية المتحالفة» في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكان آخرها هجوماً قُتِل فيه أكثر من 40 مدنياً في قرية نائية شرق الكونغو، شنه مقاتلون من التنظيم الذي يقوده واحد من أكثر الشخصيات المطلوبة في منطقة أفريقيا الاستوائية، منح نفسه لقب «الشيخ»، ويلاحقه الأميركيون منذ عدة سنوات، ورصدوا 5 ملايين دولار ثمناً لرأسه.
ولقد اشتهرت «القوات الديمقراطية المتحالفة» بأنها في هجماتها لا تحبذ استخدام الأسلحة النارية، وإنما تلجأ بشكل مبالغ فيه للفؤوس والمناجل والسكاكين والسيوف، وتستهدف في الغالب القرى النائية، كما حدث ليل الأربعاء - الخميس، حين استهدف مقاتلوها قرية تبعد نحو 30 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة بيني، في إقليم نورث كيفو، وهو إقليم يعاني من حركات تمرُّد مستمرة، ويخضع لإدارة الجيش منذ 2021، في محاولة لاستعادة النظام. وتشكلت «القوات الديمقراطية المتحالفة»، منتصف تسعينات القرن الماضي، وبدأت تشن هجماتها في مناطق من شرق الكونغو الديمقراطية، على يد متمرّدين، غالبيتهم من الأوغنديين المسلمين، ويُعتقد أنها أودت بحياة عشرات آلاف المدنيين.
وفي حين يشكك بعض المراقبين في وجود صلة بين مجموعة «القوات الديمقراطية المتحالفة» وتنظيم «داعش»، يؤكد الأخير دوماً أنها فرعه في المنطقة، حتى أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في شهر مارس (آذار) من عام 2021، إدراج «القوات الديمقراطية المتحالفة» على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، بسبب اتهامات بصلتهما بتنظيم «داعش». كما رصدت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 5 ملايين دولار، لكل مَن يدلي بأي معلومات تفضي إلى توقيف زعيم «القوات الديمقراطية المتحالفة»، سيكا موسى بالوكو، وهو من أصل أوغندي تولى قيادة الجماعة عام 2015، بعد اعتقال زعيمها السابق جميل موكولو في تنزانيا. ويُعتقد أن بالوكو من مواليد عام 1977، حسب ما تشير إليه تقارير صادرة عن الأمم المتحدة، وتشير أيضاً إلى أنه اعتنق الفكر المتطرف وهو في سن صغيرة، قبل أن يصبح إماماً لأحد المساجد في كامبالا، عاصمة أوغندا، ثم كان بعد ذلك من أوائل المنخرطين في صفوف «القوات الديمقراطية المتحالفة»، وحين انتقلت المجموعة لشن هجماتها في جمهورية الكونغو الديمقراطية أصبح بالوكو أحد أبرز قادتها، وكُلف التخطيط لعمليات إرهابية، وقاد بنفسه تنفيذ حدود تتماشى مع تفسيره لما يعتقد أنه «الشريعة».
وتشير التقارير إلى أنه في مرحلة معينة كان يتولى تدريب وتأطير المنخرطين الجدد في «القوات الديمقراطية المتحالفة»، وزرع فيهم النهج الآيديولوجي للتنظيم، قبل أن يتولى منصب «كبير القضاة الشرعيين»، كما تولى مهمة «المسؤول السياسي» لـ«القوات الديمقراطية المتحالفة». وحين قبضت تنزانيا على زعيم التنظيم، جميل موكولو، عام 2015، أصبح بالوكو خليفته في القيادة، مستفيداً من كون إحدى زوجاته ابنة الزعيم المعتقل، وكونه أحد أقدم القادة في التنظيم وأكثرهم شكيمة وقوة، حتى إنه يوصَف من طرف بعض المقاتلين السابقين في صفوف التنظيم بأنه «متوحش ودموي». بالوكو حين تسلم قيادة «القوات الديمقراطية المتحالفة» عمل على تغيير أسلوب إدارة الأمور، محدثاً قطيعة مع أسلوب سلفه وصهره؛ فركز بشكل كبير على تجنيد مقاتلين جدد في صفوف الشباب باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وقاد هجمات لاختطاف الأطفال الذين حوَّلهم إلى مقاتلين في صفوف التنظيم. كما منح بالوكو نفسه لقب «الشيخ»، وأعلن بعد ذلك البيعة لتنظيم «داعش»، كما تشير بعض التقارير إلى أنه عمل على إقامة علاقة مع «حركة الشباب» في الصومال، في إطار سعيه لدخول شبكة إرهابية واسعة تنشط في مختلف مناطق القارة الأفريقية.
وأصيب بالوكو في هجوم شنه جيش جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2017، على معسكرات تابعة لتنظيمه، ولكنه نجا من تلك الإصابة، وبدأ اسمه يظهر بشكل متكرر في التقارير، حين فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شخصيات من «القوات الديمقراطية المتحالفة»، كان هو في مقدمتها.


مقالات ذات صلة

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.