جدل في تونس بعد قرار الرئيس حل المجالس البلدية

مراقبون عدوا الخطوة «تصفية للإرث السياسي لمنظومة حكم النهضة»

الرئيس سعيد خلال إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس (موقع رئاسة الجمهورية)
الرئيس سعيد خلال إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس (موقع رئاسة الجمهورية)
TT

جدل في تونس بعد قرار الرئيس حل المجالس البلدية

الرئيس سعيد خلال إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس (موقع رئاسة الجمهورية)
الرئيس سعيد خلال إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس (موقع رئاسة الجمهورية)

أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد خلال إشرافه على اجتماع لمجلس الوزراء، ليلة أول من أمس، أن المجلس سينظر في عدد من مشاريع النصوص والأوامر، من بينها مرسوم رئاسي يتعلق بحلّ المجالس البلدية كلّها، وتعويضها بنيابات خصوصية يعينها بنفسه، إضافة إلى مرسوم ثانٍ يتعلق بتنقيح القانون الانتخابي لأعضاء المجالس البلدية، كما دعا البرلمان الجديد للانعقاد الاثنين المقبل, وهو ما خلف جدلاً سياسياً واسعاً حول إصرار سعيد على «مواصلة تصفية الإرث السياسي لمنظومة الحكم التي تزعمتها حركة النهضة»، وعلاقة كل قراراته الرئاسية والخطوات التي أقرها ضمن خريطة الطريق السياسية (شملت الاستشارة والاستفتاء وصياغة قانون انتخابي وإجراء انتخابات برلمانية) بمشروعه السياسي الذي سوّق له قبيل الانتخابات الرئاسية التي جرت سنة 2019.
ولم يتفاجأ جل المتابعين للشأن السياسي التونسي بهذه الخطوة، بل إن معظمهم توقع تركيز نيابات خصوصية على رأس البلديات، في انتظار إتمام مشروع الرئيس سعيد، المتعلق بانتخاب أعضاء المجلس التونسي للجهات والأقاليم، وهو غرفة نيابية ثانية إلى جانب البرلمان المنبثق عن الانتخابات الأخيرة.
وجاء قرار قيس سعيد بحل المجالس البلدية، وتعويضها بنيابات خصوصية، قُبيل أشهر من انتهاء المدة القانونية للمجالس البلدية، التي انتخبت في 6 مايو (أيار) 2018، وبعد أن شهدت الفترة الأخيرة تسليط الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ضغوطاً كبيرة على مؤسسة الرئاسة لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها المحدد في النصف الأول من السنة الحالية، مثلما ينصّ على ذلك القانون الانتخابي التونسي.
وقال حسام الحامي، المنسق العام لائتلاف «صمود»، المدعوم من قبل عدة أحزاب يسارية، إن «حل كل المجالس البلدية المنتخبة، وتعويضها بمجالس خصوصية معينة بجرة قلم، يبين أن السلطة القائمة لا تعترف بالمشروعية الشعبية، ولا بأي شرعية سابقة أو لاحقة». مضيفاً أن «كل مؤسسات الدولة التي سيتم تركيزها سوف تكون موالية لرئيس الجمهوريّة، وستكون له الآليات القانونية التي تمكنه من حلها إذا لم تعلن الولاء» على حد تعبيره.
كما أوضح الحامي أن المجالس المحلية «سوف تنتخب من بين أعضاء المجالس الجهوية، والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وكلها موالية عضوياً لرئيس الجمهوريّة». مرجحاً أن تكون الانتخابات البلدية التي أجريت سنة 2018 «هي آخر موعد انتخابي على مستوى الحكم المحلي، ولن تكون هناك انتخابات بلدية بعد الآن ولا بلديات»، على حد قوله.
وكان فاروق بوعسكر، رئيس هيئة الانتخابات التونسية، قد تحدث قبل أيام عن السيناريوهات الممكنة لإجراء الانتخابات البلدية، التي أفرزت سابقاً مجالس بلدية تشرف على الشأن العام في إطار الحكم المحلي. لكن الأطراف السياسية الممثلة في تلك المجالس لم تتمكن من التوافق والانسجام، وهو ما أدى إلى استقالة العشرات من المجالس البلدية، وإجراء انتخابات بلدية جزئية. وتوقع بوعسكر أن تكون الآجال الخاصة بهذا الموعد الانتخابي ما بين 15 يونيو (حزيران) المقبل، وبداية يوليو (تموز)، مؤكداً جاهزية الهيئة لهذا الاستحقاق. غير أن الرئيس التونسي أعلن عن برنامج مخالف تماماً لبرنامج هيئة الانتخابات التونسية.
تجدر الإشارة إلى أن خريطة الطريق، التي أعلنها الرئيس سعيد في 13 ديسمبر (كانون الأول) 2021، لم تتطرق إلى ملف البلديات، ولذلك رجح أكثر من طرف سياسي أن تلجأ السلطات إلى سيناريو المجالس البلدية المؤقتة، أو النيابات الخصوصية، وذلك بسبب تعدد المطالب بتعديل قانون الجماعات المحلية والقانون الانتخابي، حتى لا تتكرر الأزمات التي أدت إلى حل كثير من المجالس البلدية، إثر اندلاع خلافات سياسية بين أعضاء المجلس البلدي الواحد.
في غضون ذلك، شدد سعيد خلال اجتماع مجلس الوزراء، الذي عقده الليلة قبل الماضية، على أن معركته ضد الفساد والمفسدين «مستمرة بالقوة ذاتها»، قائلاً: «فليتحملوا مسؤوليتهم كاملة، ولن نترك الشعب فريسة لهؤلاء المجرمين»، مضيفاً أن أحد فصول القوانين التي مرّرها البرلمان المنحل «تم فيه شراء ذمة أحد النواب بأكثر من 50 أو 100 ألف دينار تونسي». واعتبر سعيد أن المعركة ضد الاحتكار والمضاربة «من الواجب خوضها اليوم بعد توجيه التحذيرات للمضاربين والمحتكرين والمتحالفين، الذين يقفون اليوم متباكين على حظّهم في السلطة والمال العام وثروات البلاد»، مشدداً على أن الدولة «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام من يريدون تجويع الشعب».


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الصين ومصر تتفقان على ضرورة تشجيع السلام في الشرق الأوسط

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

الصين ومصر تتفقان على ضرورة تشجيع السلام في الشرق الأوسط

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إن بكين اتفقت مع القاهرة على ضرورة أن يشجع البلدان على السلام والمفاوضات لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.

وأدلى وانغ بهذه التصريحات خلال اجتماع مع نظيره المصري بدر عبد العاطي في بكين، اليوم (الجمعة)، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي خلال إحاطة مشتركة في دار ضيافة الدولة دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)

وقال وانغ إن البلدين يشعران بقلق بالغ إزاء الوضع الحالي في سوريا، ودعا إلى احترام سيادة البلاد واستقلالها وسلامة أراضيها.

وسيطر مقاتلو المعارضة السورية على العاصمة دمشق دون مقاومة يوم الأحد بعد أن فر الرئيس بشار الأسد إلى روسيا، مما أنهى حكم عائلته الاستبدادي الذي استمر عقوداً. وقال عبد العاطي إنه ناقش مع وانغ أهمية وجود «عملية سياسية شاملة في سوريا، وأن يتم إدارة مرحلة انتقالية لا تقصى أحداً، وتعكس التنوع الطائفي والديني والعرقي داخل سوريا». كما قال وانغ إن البلدين يرحبان باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، ويأملان في تنفيذه بشكل فعال.