هل يتوافق مجلسا النواب و«الدولة» على قوانين الانتخابات الليبية؟

من اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)
من اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)
TT

هل يتوافق مجلسا النواب و«الدولة» على قوانين الانتخابات الليبية؟

من اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)
من اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)

هل سيتوافق مجلسا النواب و«الدولة» في ليبيا حول قوانين الانتخابات؟
هذا التساؤل أثير أخيراً داخل الدوائر السياسية الليبية بشكل متكرر؛ بسبب «تبادل الاتهامات بين رئيسي المجلسين خلال اليومين الماضيين بشأن صلاحيات كل منهما»، وهو ما جدد الشكوك حول «إمكانية توافقهما حول القوانين الانتخابية في وقت قريب». فيما يرى سياسيون آخرون أن مبادرة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي «باتت تُشكل ضغطاً عليهما».
ووصف عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، سلوك المجلسين بـ«العبثي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ليبيا الآن على صفيح ساخن، فهناك تهديدات كثيرة تواجه مصيرها، خاصة في مدن الجنوب، حيث تتسع وتيرة التغير الديمغرافي، ومع ذلك تستمر خلافات المجلسين حول معارك سياسية لا طائل وراءها، بدلاً من تهيئة المناخ للاستقرار».
ورأى التكبالي أن رئيس البرلمان عقيلة صالح، ورئيس الأعلى للدولة خالد المشري، اعتادا «إنكار أي تفاهمات توافقا عليها بشكل منفرد، خوفاً من اتهام كل منهما بأنه قدم تنازلاً للآخر، وهذا بالطبع يُضعف موقع كل منهما أمام خصومه، وربما هذا ما حدث في أعقاب التسريبات التي سادت حول توافقهما بشأن السماح لمزدوجي الجنسية بالترشح للرئاسة، «على أن يتنازل المرشح الفائز عن جنسيته الثانية، إذا فاز بالمنصب»، لافتاً إلى أن «مبادرة باتيلي لا تُشكل تهديداً جدياً للمجلسين... فباتيلي قدم أفكاراً مكررة وغير عملية، والمجلسان يدركان أنهما قادران على إفشاله، وربما يحاولان استقطابه كما ظهر في حديث المشري الأخير بأن مجلسه لا يزال يدرس المبادرة، وأنه يمكن المواءمة بينها وبين التعديل الـ13 للإعلان الدستوري»، مشيراً إلى أن «حدوث التوافق بين المجلسين حول القوانين الانتخابية يظل مستبعداً».
في المقابل، قال رئيس مجموعة العمل الوطني الليبي خالد الترجمان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجلسين تخوفا فعلياً في البداية من مبادرة المبعوث الأممي، وما مثلته من تهديد لوجودهما عبر التوجه لتشكيل لجنة تضطلع بوضع الإطار الدستوري، ولذا سارعا لإيجاد حالة من الهدوء النسبي الاضطراري بينهما، لكن الجميع كان يتوقع أن يعودا للصراع مجدداً»، مرجحاً «تلقي المجلسين إشارات ورسائل خارجية بعد الاهتمام كثيراً بمبادرة باتيلي، إلى جانب بعض الإشارات الداخلية عن وجود حالة من عدم الرضا في مناطق نفوذ كل منهما».
وأشار الترجمان إلى «غضب بعض أبناء المنطقة الشرقية مما نص عليه التعديل الـ13 للإعلان الدستوري، والذي جعل من العاصمة طرابلس مقراً لأغلب السلطات السيادية، كرئاسة البلاد والحكومة، فضلاً عن مجلس الشيوخ، أحد غرفتي التشريع»، مبرزاً «اعتراضهم على زيارات قامت بها شخصيات محسوبة على تيارات متشددة لمدنهم خلال الفترة الأخيرة».
من جانبه، رأى المحلل السياسي الليبي إسلام الحاجي، أن «المجلسين قاما باستبدال سياستهما من تحدي مبادرة باتيلي إلى المهادنة معها، وبالتالي بات عامل الوقت غير ضاغط عليهما»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا التبديل بسياسة المجلسين جاء في أعقاب قيام السفارة الأميركية بنشر تغريدة عبر «تويتر» أوائل الشهر الحالي، أشارت بوضوح إلى أن «مقترح المبعوث الأممي سوف يبنى على التقدم الذي أحرزه المجلسان في التوصل لقاعدة قانونية للانتخابات».
ولم يستبعد الحاجي «هيمنة الولايات المتحدة وبريطانيا على اختيار شخصيات اللجنة التوجيهية، التي سوف تشكلها البعثة الأممية، وبالطبع سيكون تيار الإسلام السياسي حاضراً بها، وستحاول الدولتان وضع شروطهما الخاصة فيما يتعلق بالترشح للرئاسة»، مضيفاً أن مجلسي النواب والدولة «أدركا هذا المخطط، ولذا فهما الآن يحاولان الدمج بين التعديل الـ13 للإعلان الدستوري والمبادرة الأممية، لكن ليس بشكل كامل بطبيعة الحال وبطريقتهما الخاصة».
كما أكد الحاجي أن «المجلسين لن يترددا بالمضي قدماً في تشكيل اللجنة المشتركة بينهما لوضع القوانين الانتخابية»، موضحاً أن خلافهما الأخير حول صلاحيات ديوان المحاسبة «لن يكون مؤثراً على عمل تلك اللجنة، رغم استمرار رفض البعض داخل (الأعلى للدولة) للتعديل الدستوري». كما أشار إلى أن المجلسين «يحاولان الاستفادة بعض الشيء من توقع اعتراض روسي، إذا ما تقرر عرض المبادرة على مجلس الأمن»، لافتاً إلى أن مباردة باتيلي «ستظل رغم ذلك هاجساً للمجلسين في حال فشلهما بنهاية المطاف، أو في حال عدم تمكنهما من إيجاد مخرجات تتناسب ورغبات المجتمع الدولي».


مقالات ذات صلة

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

شمال افريقيا «ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

حلت نجلاء المنقوش، وزيرة الشؤون الخارجية الليبية، أمس بتونس في إطار زيارة عمل تقوم بها على رأس وفد كبير، يضم وزير المواصلات محمد سالم الشهوبي، وذلك بدعوة من نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. وشدد الرئيس التونسي أمس على موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في ليبيا، وفق مقاربة قائمة على وحدتها ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. وأكد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية بعد استقباله نجلاء المنقوش ومحمد الشهوبي، وزير المواصلات في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، على ضرورة «التنسيق بين البلدين في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن».

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

أكدت السعودية أمس، دعمها لحل ليبي - ليبي برعاية الأمم المتحدة، وشددت على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، حسبما جاء خلال لقاء جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ورئيس البعثة الأممية فيها. وتناول الأمير فيصل في مقر الخارجية السعودية بالرياض مع باتيلي سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود الأممية المبذولة لحل الأزمة. إلى ذلك، أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، فيما شهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً.

شمال افريقيا ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

فتحت الانشقاقات العسكرية والأمنية التي عايشتها ليبيا، منذ رحيل نظام العقيد معمر القذافي، «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الـ12 عاماً الماضية «صيداً» لمخلَّفات الحروب المتنوعة من الألغام و«القنابل الموقوتة» المزروعة بالطرقات والمنازل، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى. وباستثناء الجهود الأممية وبعض المساعدات الدولية التي خُصصت على مدار السنوات الماضية لمساعدة ليبيا في هذا الملف، لا تزال «قنابل الموت» تؤرق الليبيين، وهو ما يتطلب -حسب الدبلوماسي الليبي مروان أبو سريويل- من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذا المجال، مساعدة ليبيا، لخطورته. ورصدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقر

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

أكدت السعودية دعمها للحل الليبي - الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، وضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، وجاءت هذه التأكيدات خلال اللقاء الذي جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض أمس عبد الله باتيلي وجرى خلال اللقاء بحث سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، إضافة إلى استعراض الجهود الأممية المبذولة لحل هذه الأزمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا «الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

«الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي، عن دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية (غرب البلاد) في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، وذلك في ظل توتر أمني مفاجئ بالعاصمة الليبية. وشهدت طرابلس حالة من الاستنفار الأمني مساء السبت في مناطق عدّة، بعد اعتقال «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، أحد المقربين من عبد الغني الككلي رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، بالقرب من قصور الضيافة وسط طرابلس. ورصد شهود عيان مداهمة رتل من 40 آلية، تابع لـ«جهاز الردع»، المنطقة، ما أدى إلى «حالة طوارئ» في بعض مناطق طرابلس. ولم تعلق حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذه التطورات التي يخشى مراقبون من اندلاع مواجهات جديدة بسببها،

خالد محمود (القاهرة)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.