من النادر أن يُنظّم معرض حرفي وفني، تكمن وراء المشتركات فيه قصص إنسانية مختلفة تسببت في اختيارهن لهذه المناسبة. فهذا المعرض الذي يقام بمناسبة شهر المرأة، وتزامناً مع عيد الأم في لبنان، تشارك فيه مجموعة من النساء الموهوبات. واللافت أن وراء كل مشاركة في معرض «لك يا بيروت» حكاية شاء القدر أن تعيشها. ومع كلير سعادة وثريا البابا، منظمتا المعرض وصاحبتا شركة «ذا أرت أوف أيفنتس باي سي أند إس»، وبسبب قصصهن تلك، قدمتا لهن فرصة التعريف عن مواهبهن.
هذا المعرض الذي يقام من 16 وحتى 19 مارس (آذار) الحالي في فندق «فينيسيا» يتضمن أوجهاً إنسانية مختلفة. فمنظِّمتاه سعادة والبابا أرادتاه فسحة أمل في عز ليل قاتم ومتاهة لا نهاية لها يعيشها اللبنانيون اليوم. ومن مبدأ لمسة الحنان تحدث الفرق، حضّرتا لهذا الحدث.
المشتركات في المعرض من مختلف المناطق اللبنانية يحملن أعمالهن من تطريز وتصاميم عباءات وقفاطين وفساتين ومجوهرات ولوحات رسم. فهن بغالبيتهن غير معروفات وتجتهدن كي يؤمِّنَّ رزقهن بأقل كلفة ممكنة.
ومن ناحية ثانية، وإسهاماً من المعرض في تشجيع مواهب لبنانية محتاجة، يخصص المعرض ركناً لمجموعة فنانات لبنانيات محتاجات ومن دون مقابل. فعادة ما يفرض هذا النوع من المعارض مبلغاً مادياً مقابل إيجار المساحة التي يعرض فيها المشاركون.
وتشرح كلير سعادة لـ«الشرق الأوسط»: «رغبنا في أن تحمل هذه الزاوية التفاؤل لتلك النساء اللاتي يعشن تحت خط الفقر. فليس هناك من يساعدهن ولا من يؤمن لهن أدويتهن وإيجار منزلهن ومعيشتهن ككل. فتركنا لهن هذه المساحة لتشكل فرصة لهن قد تتيح فتح أبواب واسعة أمامهن. وعندما نكرم مواهب نسائنا ونساندهن نكون بذلك نلمّع صورة عاصمة عانت الكثير، بيد أنها لا تزال تحضن أولادها بحب».
وترى سعادة أن هدف المعرض هو تسليط الضوء على مواهب نسائية من لبنان لا تزال أعمالهن مخبأة في الكواليس. ولأن المناسبة تأتي بالتوازي مع شهر المرأة العالمي، فإنها وجدت فيه مع شريكتها البابا طريقاً لتمكين المرأة والشد على يدها.
واحدة من تلك المشاركات، ومن دون مقابل مادي، هي رولا نعمة. تسكن في منزل بسيط مع أختها التي تعاني من ضعف في السمع في منزل بسيط في عجلتون الكسروانية، تقول: «أعتبر هذا المعرض فرصة عمري، ولذلك عندما تم اختياري للمشاركة فيه كانت فرحتي لا توصف. فنحن كنا نعيش حياة كريمة وفجأة إثر الأزمة الاقتصادية التي ألمت بلبنان، وبعد فقداننا أختي زينة وأنا ووالدانا أصبحنا على الحضيض».
وتعترف رولا بأنها اليوم من عداد العائلات الفقيرة في لبنان. تعيش كل يوم بيومه، ولا تملك حتى وسيلة نقل تمكنها من إيصال اللوحات الفنية التي ترسمها إلى مكان المعرض. وتتابع: «أتمنى أن تلاقي لوحاتي إعجاب الناس. فتكون هذه التجربة بالنسبة لي باب أمان يتيح لي العيش الكريم مع أختي».
أما راي خوري وهي واحدة من المواهب الـ35 المشاركة في «لكِ يا بيروت»، وانطلاقاً من حب والدتها ريتا للتطريز، ورثت عنها هذه الموهبة. «لقد طورتها فيما بعد لتشمل قفاطين وعباءات وأعمالاً يدوية مختلفة». وتتابع: «تمسكت بهذه الفرصة كي أكشف عن موهبة سكنت والدتي منذ أكثر من 25 عاماً. فهي توزع أعمالها على محلات تجارية معروفة ولكن من دون أن توقعها باسمها. فتلك المحلات تفضل أن تنسب هذه الأعمال لها من دون الإشارة إلى والدتي». راي وهي خريجة قسم الهندسة الداخلية، تؤلف مع والدتها وشقيقتها عائلة فنية تعمل في مجال الحرفية. فتشكلن مجتمعات «بزنس فاميلي»؛ كي يكسبن رزقهن.
ولن يفوت معرض «لكِ يا بيروت» الذي تطل فيه ملكة جمال لبنان السابقة جويل بحلق كضيفة شرف وراعية له، فرصة تقديم مبلغ مالي لواحدة من السيدات اللبنانيات المكافحات. وتكمن هذه الفرصة من خلال ركن «ستارز ستاند لك يا بيروت». فماذا عن هذه الفكرة؟ توضح سعادة: «لقد فكرنا في استحداث هذا الركن كي نعرض فيه أغراضاً خاصة بالفنانات، يتبرعن به لنبيعه بدورنا لزوار المعرض. والمبلغ الذي نجنيه منه نحوله لسيدة لبنانية محتاجة تكافح من أجل العيش. ولقد اتصلنا بعدد كبير من الفنانات اللاتي أبدين تجاوباً وننتظر تفعيل هذا التجاوب على الأرض كي لا يكون مجرد وعود باهتة».
«لكِ يا بيروت»... تصاميم وحرف يدوية في فندق «فينيسيا»
معرض يُنظّم تكريماً للمرأة المكافحة
«لكِ يا بيروت»... تصاميم وحرف يدوية في فندق «فينيسيا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة