تجدد القتال في «أرض الصومال» يهدد جهوداً إقليمية للتهدئة

اشتباكات متقطعة في لاس عنود

لاجئون صوماليون فروا من الاقتتال في لاس عنود (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
لاجئون صوماليون فروا من الاقتتال في لاس عنود (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
TT

تجدد القتال في «أرض الصومال» يهدد جهوداً إقليمية للتهدئة

لاجئون صوماليون فروا من الاقتتال في لاس عنود (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
لاجئون صوماليون فروا من الاقتتال في لاس عنود (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)

تجدد القتال في إقليم «أرض الصومال»، بين قوات إدارة أرض الصومال وسكان محليين، في مدينة لاس عنود، على الرغم من تصاعد الإدانات الدولية للعنف ونتائجه، وحديث عن «جهود وساطة إقليمية».
ووفق تقارير صحافية محلية، والخدمة الناطقة باللغة الصومالية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، بدأت إثيوبيا جهوداً غير معلنة للوساطة، وتحدثت مع أطراف النزاع بهدف حلحلة الأزمة. وقالت التقارير إن «وفداً إثيوبياً وصل السبت أولاً إلى هرجيسا، والتقى بقادة إدارة أرض الصومال، وناقشوا كيفية التوصل إلى وقف إطلاق النار، ثم التقوا أيضاً ببعض زعماء القبائل في مدينة لاس عنود».
وبعد أيام من حالة الهدوء غير المستقر في المدينة. اندلع قتال جديد (الاثنين)، في ضواحي لاس عنود المتنازع عليها في منطقة بونتلاند التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي والموالية لمقديشو، بين سكان محليين وإدارة إقليم أرض الصومال المعلنة جمهورية من جانب واحد. وذكرت مصادر صحية محلية أن «أعداد القتلى والجرحى في ارتفاع متزايد بسبب قصف المؤسسات الصحية».
ويخوض طرفا الصراع معارك عنيفة في المدينة منذ مطلع فبراير (شباط) الماضي، أسفرت عن سقوط أكثر من 200 قتيل، فضلاً عن مئات الجرحى. واندلع القتال بعد إعلان زعامات قبلية اندماجهم في الحكومة الفيدرالية الصومالية، وأن «مناطق العشيرة لم تعد جزءاً من إدارة إقليم أرض الصومال». وأشاروا إلى أن هذا القرار جاء عقب ما وصفوه بـ«سياسات تطهير» مارستها السلطات لأكثر من 15 سنة ضد سكان لاس عنود.
وأثار القتال إدانات دولية عديدة، إذ دعا ممثلون عن كل من قطر وتركيا والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة، في بيان مشترك، سابقاً، هذا الأسبوع، إلى إنهاء العنف في لاس عنود، والالتزام بوقف إطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، والدخول في حوار بنّاء وسلمي. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 185 ألف شخص أُجبروا على النزوح عن ديارهم بسبب أعمال العنف.
والشهر الماضي، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن أكثر من 60 ألف صومالي، معظمهم من النساء والأطفال فروا من لاس عنود إلى إثيوبيا، في الأسابيع القليلة الماضية التي أعقبت الصراع.
وكان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، قد دعا الأطراف المتصارعة إلى أن «يجتمعوا على طاولة المفاوضات». وجدد الرئيس التأكيد على أن موقف الحكومة الفيدرالية الصومالية هو موقف وحدة، وأنهم لن يتنازلوا أبداً عنه؛ لكنهم يسعون لتحقيق ذلك عبر طاولة الحوار.
وأعلنت أرض الصومال استقلالها عام 1991 من دون أن تحظى باعتراف دولي. وعلى الرغم من كونها منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي من دون أن يُعترف بها كدولة، فإن لأرض الصومال صلات تجارية ودبلوماسية مع أكثر من 20 دولة، وآخرها إعلان فتح قنوات دبلوماسية مباشرة مع كينيا. وللإقليم علاقات دبلوماسية مع إثيوبيا، وعلاقات دبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى وجود قنصلية تركية في مدينة هرجيسا، تابعة للسفارة التركية في مقديشو.
وسبق أن دارت مفاوضات بين الصومال وإدارات الإقليم منذ عام 2012، لم تحقق نتائج مرجوة، بسبب تعنت إقليم صومالاند بخصوص مبدأ الانفصال، وإصرار حكومة مقديشو على البقاء، وهو ما جعل كل الوساطات الدولية والإقليمية تصل إلى طريق مسدود.
وقال أحمد جيسود الكاتب والباحث الصومالي، إن الوساطة الإثيوبية على الرغم من قلة التفاصيل عنها، فإن المعروف أنها بدأت منذ يومين أو 3 أيام عبر وفد رسمي مكلف من طرف الحكومة الإثيوبية.
وأشار جيسود -في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»- إلى أن الوفد الإثيوبي غادر أرض الصومال، وتجدد القتال؛ لكن هذا «لا يعني إصدار حكم نهائي بفشل أو توقف الوساطة الإثيوبية والجهود الإقليمية لنزع فتيل الأزمة»، إلا أن أجواء من عدم الثقة بين الطرفين تهدد بإفشال الوساطات.
ووفق جيسود فإن إدارة أرض الصومال «تتعرض لضغوط دولية كبيرة من قوى كبرى، بما يشمل تهديدات بقطع المساعدات الاقتصادية»، بسبب العنف المتصاعد، كما أن القتال وسقوط الضحايا في صفوف المدنيين يضر بسمعة أرض الصومال، ويعقد مساعيها الطويلة الأمد للحصول على اعتراف دولي.
ورأى جيسود أنه في الوقت الحالي «يبدو أن هناك احتمالاً ضئيلاً لحل وشيك للصراع؛ حيث إن أرض الصومال لن تتخلى بسهولة عن مطالبتها بإقليم سول؛ حيث تقع لاس عنود؛ لأن ذلك من شأنه أن يقوض مساعي الإقليم للاعتراف به كدولة مستقلة».


مقالات ذات صلة

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

العالم العربي الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

أعلن الجيش الصومالي نجاح قواته في «تصفية 60 من عناصر حركة (الشباب) المتطرفة»، في عملية عسكرية مخططة، جرت صباح الثلاثاء، بمنطقة علي قبوبي، على مسافة 30 كيلومتراً جنوب منطقة حررطيري في محافظة مذغ وسط البلاد. وأكد محمد كلمي رئيس المنطقة، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية، أن «الجيش نفذ هذه العملية بعد تلقيه معلومات عن سيارة تحمل عناصر من (ميليشيات الخوارج) (التسمية المتعارف عليها حكومياً لحركة الشباب المرتبطة بالقاعدة) وأسلحة»، مشيراً إلى أنها أسفرت عن «مقتل 60 من العناصر الإرهابية والاستيلاء على الأسلحة التي كانت بحوزتهم وسيارتين عسكريتين». ويشن الجيش الصومالي عمليات عسكرية ضد «الشباب» بدعم من مقات

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار

رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

(حوار سياسي) بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إليها مستقبلاً...

خالد محمود (القاهرة)
العالم رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار حمزة بري أكد ضرورة القضاء على أزمة الديون لإنقاذ وطنه من المجاعة والجفاف بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إ

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

رفض مجلس النواب الأميركي مشروع قانون، قدمه أحد النواب اليمينيين المتشددين، يدعو الرئيس جو بايدن إلى سحب جميع القوات الأميركية من الصومال في غضون عام واحد. ورغم هيمنة الجمهوريين على المجلس، فإن المشروع الذي تقدم به النائب مات غايتس، الذي لعب دوراً كبيراً في فرض شروط الكتلة اليمينية المتشددة، قبل الموافقة على انتخاب كيفن مكارثي رئيساً للمجلس، رفضه غالبية 321 نائباً، مقابل موافقة 102 عليه. وعلى الرغم من أن عدد القوات الأميركية التي تنتشر في الصومال، قد تراجع كثيراً، عما كان عليه في فترات سابقة، خصوصاً منذ عام 2014، فإن البنتاغون لا يزال يحتفظ بوجود مهم، في الصومال وفي قواعد قريبة.

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم العربي الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

عقدت الدول المشاركة في بعثة قوات الاتحاد الأفريقي العاملة في الصومال (أتميس)، اجتماعاً (الثلاثاء)، بالعاصمة الأوغندية كمبالا، لبحث «سبل تعزيز العمليات العسكرية الرامية إلى القضاء على (حركة الشباب) المتطرفة». ويأتي الاجتماع تمهيداً للقمة التي ستعقد في أوغندا خلال الأيام المقبلة بمشاركة رؤساء الدول المنضوية تحت بعثة «أتميس»، وهي (جيبوتي، وأوغندا، وبوروندي، وكينيا، وإثيوبيا)، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية الرسمية. وناقش الاجتماع «سبل مشاركة قوات الاتحاد الأفريقي في العمليات العسكرية الجارية للقضاء على فلول (حركة الشباب)، كما تم الاستماع إلى تقرير من الدول الأعضاء حول ذلك»، مشيدين بـ«سير العمليات

خالد محمود (القاهرة)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».