إيران تتفادى إدانة دولية جديدة بعد تفاهمات مع «الطاقة الذرية»

غروسي: تطمينات طهران تعتمد كثيراً على المحادثات في المستقبل

غروسي خلال مؤتمر صحافي في مقر وكالة «الطاقة الذرية» في فيينا أمس (أ.ب)
غروسي خلال مؤتمر صحافي في مقر وكالة «الطاقة الذرية» في فيينا أمس (أ.ب)
TT

إيران تتفادى إدانة دولية جديدة بعد تفاهمات مع «الطاقة الذرية»

غروسي خلال مؤتمر صحافي في مقر وكالة «الطاقة الذرية» في فيينا أمس (أ.ب)
غروسي خلال مؤتمر صحافي في مقر وكالة «الطاقة الذرية» في فيينا أمس (أ.ب)

نجح أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تجنيب إيران قراراً جديداً ضدها داخل مجلس المحافظين بعد إعلانه عن تحقيق تفاهمات ملموسة في طهران، رغم الغموض والجدل حول هذه التفاهمات. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن 3 دبلوماسيين غربيين قولهم إنه لن يكون هناك مشروع قرار ضد إيران خلال أعمال المجلس في هذه الدورة، رغم تحذير الدبلوماسيين من ضرورة «اليقظة»، وأن وعود إيران قد تكون «مجرد مناورة جديدة».
ورغم نفي إيران للكثير مما كان أعلن غروسي التوصل إليه خلال زيارته لطهران، فإن أمين عام الوكالة بقي مصراً على أنه توصل «لتفاهمات محسوسة» مع المسؤولين الإيرانيين وليس مجرد وعود. وقال إن التطمينات التي أبدتها إيران له خلال زيارته لطهران هذا الأسبوع تعتمد إلى حد بعيد على المفاوضات في المستقبل، متراجعاً عن بعض التعليقات التي أدلى بها لدى عودته.
ونفى غروسي أن تكون زيارته هذه المرة نتجت فقط عن وعود إضافية، قائلاً إن هناك «اتفاقاً على التحرك بشكل محسوس لحل المسائل العالقة». وتحدث في مؤتمر صحافي عقده في اليوم الأول لانطلاق أعمال مجلس المحافظين التابع للوكالة في فيينا، عن «أماكن ولوائح للتحقق منها»، وأن فريقاً تابعاً للوكالة سيزور طهران قريباً للعمل على التفاصيل.
وقال غروسي إنه «خلال هذه العملية سنقيّم المعلومات، وفي حال رأينا أننا لا نحقق نقدماً سنبلغ عن ذلك. ولكن الآن لا يمكن أن أعطي تفاصيل عما سنقوم به من خطوات في هذا التحقيق». وأضاف: «أشعر أن هناك تفاهماً بأننا بحاجة إلى أجوبة بناءة وموثوق بها للخروج من الدائرة، والآن أرى فرصة للخروج من هذه الدائرة، ما إذا كان هذا سيحصل لا أعلم، ولكن الحوار مستمر».
كان غروسي أعلن ليل السبت في مطار فيينا فور وصوله من طهران التي زارها قبل يومين من انطلاق أعمال مجلس المحافظين، أن المسؤولين الإيرانيين وافقوا على إعادة تثبيت كاميرات المراقبة التي كانوا أزالوها من المنشآت النووية حسب اتفاق عام 2015، كما أعلن أن إيران وافقت على التعاون في تحقيق الوكالة الذي تجريه منذ سنوات في 3 مواقع سرية تم العثور فيها على آثار يورانيوم مخصب.
لكن المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي، عاد ونفى بعد مؤتمر غروسي أن يكون تم الاتفاق على تركيب أي كاميرات جديدة، أو السماح للمفتشين الدوليين بزيارة مواقع أو استجواب أشخاص معينين.
وعاد وأوضح غروسي في فيينا، أمس، أن هناك نقاطاً «يجب الاتفاق عليها» مع الطرف الإيراني حول نوع وشكل المراقبة الإضافية، من دون أن يكرر ما كان قاله عن إعادة تركيب الكاميرات التي كانت أطفئت. ورفض أمام استجواب الصحافيين، التعليق على كلام كمالوندي الذي وصفه بأنه «كلام إعلامي وقد تكون له خلفيات سياسية»، مشدداً على أنه يتحاور مباشرة مع المسؤولين الإيرانيين «وليس عبر الإعلام».
وعن المواقع السرية، قال غروسي أيضاً إنه يجب استمرار الحوار مع إيران لأخذ «إذن» بزيارة أماكن واستجواب أشخاص، مضيفاً: «لا يمكننا القيام بشيء من دون إذن» إيران. ولكنه بقي مصراً على أن ما حصل عليه من زيارته لطهران هذه المرة مختلف عن الوعود السابقة والزيارات السابقة التي أصبحت اعتيادية قبيل انطلاق أي دورة لأعمال مجلس المحافظين الذي أصدر قرارين يدينان إيران في الاجتماعين الأخيرين في الأشهر الماضية. وشدد غروسي على أنه ليس «متفائلاً ولا متشائماً» ولكنه واقعي، وأشار إلى لقائه بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، واصفاً اللقاء بأنه «كان بالغ الأهمية»، وأنه تمكن من شرح التعاون الذي تسعى إليه الوكالة «لأرفع المسؤولين الإيرانيين».
ورفض غروسي أيضاً الحديث عن «مهل زمنية» للحصول على أجوبة من إيران حول المواقع السرية، وما إذا كان يمكن حلها قبل اجتماع مجلس المحافظين المقبل في يونيو (حزيران)، واكتفى بالقول: «نحن الآن نركز على المشكلات التي هي أمامنا، وبالطبع نعرف أن هذه عملية لا يمكن أن تستمر بهذه الطريقة، لكن الأمر سيستغرق وقتاً». وأضاف: «ما إذا كانت ستحل قبل اجتماع يونيو المقبل لا أعرف، ربما أسرع».
ويبدو أن الأمر المؤكد الوحيد الذي أنجزه غروسي خلال زيارته لطهران، هو انتزاع موافقة من طهران على تكثيف مراقبة منشأة فوردو التي عثر فيها مفتشون على آثار يورانيوم مخصبة بنسبة تقارب الـ84 في المائة، وهي نسبة تقترب من الـ90 في المائة، التي تسمح بإنتاج أسلحة نووية. وأبلغ غروسي مجلس المحافظين بأن إيران عدلت في يناير (كانون الثاني) الماضي في أجهزة الطرود المركزية في فوردو من دون إبلاغ الوكالة، في خرق لالتزاماتها لاتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية التي ما زالت عضواً فيها. وأبلغ المجلس أيضاً بأن المفتشين عثروا على آثار يورانيوم عالية التخصيب بدرجة كبيرة في المنشأة نفسها في يناير، مضيفاً أن الحوار مستمر مع طهران لتوضيح المسألة. وكانت إيران قالت أيضاً بعد زيارة غروسي لطهران إن مسألة آثار اليورانيوم المخصب بدرجة 84 في المائة «قد طويت»، في خلاف أيضاً لكلام أمين عام الوكالة الذي أكد أن الحوار مستمر مع إيران لتوضيح المسألة.
وكرر غروسي كلامه عن عدم قانونية استهداف المنشآت النووية الإيرانية عسكرياً، وذلك تعليقاً على كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي وصفه بأنه «شخصية لها قيمة أدلت بتصريحات من دون قيمة». وكان غروسي قال في طهران إن هكذا ضربة عسكرية غير قانونية. وأشار أمين عام الوكالة الدولية إلى أن عمله يقضي بالبحث عن «سبل للمساعدة في تخفيف التوتر، واستخدام القوة هو أمر لا أشجع عليه».
ومقارنة بنبرة غروسي في التقارير السابقة التي رفعها لمجلس المحافظين، والتي دفعت بالدول الغربية لطرح قرارين يدينان إيران لعدم تعاونها مع الوكالة، فإن تقاريره للمجلس هذه المرة لا تتضمن شكاوى من عدم تعاون إيران، بل على العكس تحمل إشارات إيجابية «لتعاون بناء» هذه المرة لحل المشكلات العالقة. وهذه الانطباعات التي يحملها غروسي من زيارته الأخيرة إلى طهران كافية لتجنيب إيران قراراً جديداً يدينها داخل المجلس، سيكون الثالث خلال عام واحد.
وكان السفير الروسي ميخائيل أوليانوف، قد حذر في بداية أعمال المجلس من طرح الدول الغربية لمشروع قرار جديد «يسيس عمل المجلس»، قال إنه سيأتي بنتائج عكسية، جاء هذا في وقت تحدثت فيه قناة «فوكس نيوز» الأميركية عن اتفاق روسي - إيراني لإعادة اليورانيوم المخصب بدرجات مرتفعة، الذي كانت شحنته روسيا خارج إيران ضمن اتفاق عام 2015، وقالت «فوكس» إن الطرفين اتفقا على ذلك ضمن الدعم العسكري الذي تقدمه إيران لروسيا في حربها على أوكرانيا.
من جهتها، حثت الصين، إيران، على «الالتزام الكامل والفعال» مع الوكالة، وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية ماو نينغ، في إفادة صحافية دورية، إن بكين «تؤمن بأن الالتزام الكامل والفعال هو الطريق الصحيح للمضي قدماً في المسألة النووية الإيرانية». وأضاف رداً على سؤال بخصوص إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران بياناً مشتركاً بشأن التعاون النووي: «على الولايات المتحدة اتخاذ قرار سياسي في أسرع وقت ممكن لتحقيق مخرجات المحادثات».
كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية والوكالة الإيرانية للطاقة الذرية قد أصدرتا بياناً مشتركاً يوم السبت الماضي نشر خلال عودة غروسي في الطائرة، يتحدث عن اتفاق للتعاون وحل المسائل العالقة من دون أن يخوض في تفاصيل الاتفاق، وهو ما ترجم لاحقاً بشكل مختلف من كل طرف.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
TT

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية، في حال واصلت التصعيد النووي.

وجاء التهديد في إطار بيان لوزارة الخارجية البريطانية أكد محادثات من المقرر أن تجري الجمعة في جنيف، بين الثلاثي الأوروبي (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا) وإيران لبحث إمكانية العثور على مخرج من المأزق في المسار الدبلوماسي الهادف لإحياء الاتفاق النووي.

وردت إيران على القرار الذي اقترحته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، بما وصفه مسؤولون حكوميون بإجراءات مختلفة مثل تشغيل العديد من أجهزة الطرد المركزي الجديدة والمتقدمة، وهي أجهزة تعمل على تخصيب اليورانيوم.

وذكرت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء التي كانت أول من نشر خبر انعقاد الجولة الجديدة من المحادثات يوم الجمعة في جنيف، أن حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تسعى إلى التوصل لحل للأزمة النووية قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في يناير (كانون الثاني).

وقالت وزارة الخارجية البريطانية: «ما زلنا ملتزمين باتخاذ جميع الخطوات الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك عبر آلية العودة التلقائية (سناب باك) إذا لزم الأمر».

وتخشى إيران من أن يعود ترمب إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»، بما في ذلك السعي لتفعيل آلية «سناب باك».

فضلاً عن ترمب، تخشى إيران أيضاً تفعيل آلية «سناب باك» من قبل القوى الأوروبية. وأعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بداية الأسبوع الماضي، عن مخاوفه من أن تقدم الدول الأوروبية على تفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي، قبل انتهاء مفعولها في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، مع انقضاء موعد القرار «2231» الذي يتبنى الاتفاق النووي.

وبعد انسحاب ترمب من الاتفاق النووي في 2018، ردت إيران بإجراءات كبيرة وغير مسبوقة في برنامجها النووي، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة. ورداً على الضغوط، هددت إيران مراراً وتكراراً بإمكانية الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي العالمية إذا أحالتها الدول الأوروبية إلى مجلس الأمن الدولي بسبب تقليص تعهداتها النووية.

وكرر هذا التهديد نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية كاظم غريب آبادي، الخميس الماضي، قائلاً إن بلاده «ستنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية» إذا قرّرت الدول الغربية إعادة فرض عقوبات أممية على إيران، بموجب تفعيل آلية «سناب باك».

آلية فض النزاع

يمر تفعيل آلية «سناب باك» عبر تفعيل بند آخر، يعرف بآلية «فض النزاع». أقدمت إدارة ترمب الأولى على تفعيل آلية «فض النزاع»، لكنها واجهت معارضة أوروبية حالت دون تفعيل آلية «سناب باك» رغم أن وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، أعلن تفعيل بلاده للآلية.

وقبل عودة إيران والقوى الكبرى إلى طاولة المفاوضات النووية في أبريل (نيسان) 2021، فعّل الثلاثي الأوروبي في يناير 2020 آلية «فض النزاع»، في أقوى خطوة اتخذتها هذه الدول حتى الآن لفرض تطبيق اتفاق عُرض على إيران بموجبه تخفيف العقوبات عنها مقابل الحد من أنشطتها النووية. لكن بعد الخطوة بشهر أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، تمديد تلك الخطوة إلى أجل غير مسمى، حتى يتجنب ضرورة إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو فرض عقوبات جديدة على طهران.

وقال بوريل أثناء زيارة إلى طهران في 4 فبراير (شباط) 2020: «نحن متفقون على عدم تحديد إطار زمني صارم بشكل مباشر يلزمنا بالذهاب إلى مجلس الأمن». وأضاف: «لا نرغب في بدء عملية تفضي إلى نهاية الاتفاق (النووي)، وإنما إبقاء الاتفاق على قيد الحياة».

رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يشرح للمرشد الإيراني علي خامنئي عملية تخصيب اليورانيوم... وتبدو مجسمات لسلسلة أجهزة الطرد المركزي (موقع المرشد)

في ديسمبر (كانون الأول) 2020، أقر البرلمان الإيراني قانون «الخطوة الاستراتيجية للرد على العقوبات الأميركية»، ورفعت إيران بموجبه تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة خلال الأسابيع الأولى من تولي جو بايدن مهامه في البيت الأبيض، قبل أن ترفع نسبة التخصيب إلى 60 في المائة.

وتستغرق عملية «فض النزاع» ما يصل إلى 65 يوماً إلا في حالة الاتفاق بالإجماع على تمديد هذه المدة. وفيما يلي خطوات تنفيذ الآلية:

لجنة مشتركة

الخطوة الأولى: إذا اعتقد أي من أطراف الاتفاق النووي المعروف باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة» أن طرفاً آخر غير ملتزم بتعهداته، فإنه بإمكانه إحالة الأمر إلى لجنة مشتركة تضم إيران وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي (كانت الولايات المتحدة عضواً في هذه اللجنة قبل انسحابها من الاتفاق).

ويكون أمام هذه اللجنة المشتركة 15 يوماً لحل المشكلة إلا إذا اتفقت بالإجماع على تمديد هذه الفترة.

الخطوة الثانية: إذا اعتقد أي من الأطراف أن المشكلة لم يتم حلها بعد الخطوة الأولى، فإنه يمكن إحالتها إلى وزراء خارجية الدول المشاركة في الاتفاق. وسيكون أمام الوزراء 15 يوماً لحل المشكلة إلا إذا توافقوا على تمديد هذه المدة.

وبالتوازي مع، أو بدلاً من، نظر وزراء الخارجية في المسألة، فإن بإمكان الطرف الشاكي أو المتهم بعدم الالتزام طلب النظر فيها من قبل مجلس استشاري مؤلف من ثلاثة أعضاء، عضوان منهم يمثلان طرفَي النزاع والثالث مستقل. ويتعين أن يعطي المجلس الاستشاري رأياً غير ملزم في غضون 15 يوماً.

الخطوة الثالثة: إذا لم يتم حل المشكلة خلال العملية المبدئية التي تستغرق 30 يوماً، فإنه يكون أمام اللجنة المشتركة خمسة أيام لدراسة أي رأي تقدمه اللجنة الاستشارية لمحاولة تسوية الخلاف.

الخطوة الرابعة: إذا لم يقتنع الطرف الشاكي بعد ما جرى اتخاذه من خطوات، ويرى أن الأمر يشكل عدم التزام كبير بالاتفاق، فإن بإمكانه اعتبار المسألة التي لم يتم حلها أساساً لإنهاء التزاماته بموجب هذا الاتفاق كلياً أو جزئياً.

كما يجوز للطرف الشاكي إخطار مجلس الأمن الدولي بأن هذه المسألة تمثل عدم التزام كبير. ويتعين على هذا الطرف أن يصف في إخطاره الجهود التي بُذلت بنيات حسنة حتى نهاية عملية «فض النزاع» التي تولتها اللجنة المشتركة.

عراقجي يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول لبنان وإسرائيل (الخارجية الإيرانية)

مجلس الأمن الدولي

الخطوة الخامسة: بمجرد أن يخطر الطرف الشاكي مجلس الأمن، فإنه يتعين على المجلس أن يصوت في غضون 30 يوماً على قرار باستمرار تخفيف العقوبات على إيران. ويحتاج إصدار هذا القرار موافقة تسع دول أعضاء دون أن تستخدم الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين أو بريطانيا أو فرنسا حق النقض (الفيتو).

الخطوة السادسة: إذا لم يتم تبنّي هذا القرار في غضون 30 يوماً، يعاد فرض العقوبات التي وردت في كل قرارات الأمم المتحدة السابقة إلا إذا قرر مجلس الأمن غير ذلك. وإذا أعيد فرض العقوبات السابقة، فإنها لن تسري بأثر رجعي على العقود التي وقعتها إيران.