خبراء يحذرون من «التحايل» الإيراني لإنتاج قنبلة نووية

رغم إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن وصولها إلى اتفاق مع طهران بشأن مراقبة المنشآت النووية، والتعاون في تحقيق متعثر بشأن جزيئات اليورانيوم التي تم العثور عليها في مواقع غير معلنة، فإن خبراء حذروا من مغبة «التحايل» الإيراني الذي يسعى بقوة لإنتاج قنبلة نووية.
وقال مارك دوبويتز الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن «النظام في إيران غير قادر على تعديل سلوكه، لأنه نظام آيديولوجي وتوسعي بعمق، ويحمل كراهية عميقة لدول المنطقة، ولن يتعهد بأي التزامات تجاه أمن واستقرار المنطقة»، مشيراً إلى أن المفاوضات النووية مع إيران التي أجراها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة «سيئة التصميم والتنفيذ».
وشدد دوبويتز وهو الرئيس المشارك لمشروع استراتيجية الولايات المتحدة لمنع انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، على «معاقبة إيران وعزلها سياسياً وردعها عسكرياً»، مشدداً على أن مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، التي أدرجتها إيران في القائمة السوداء، «ستساعد الشعب الإيراني في جهوده لاستبدال النظام بحكومة متسامحة داخلياً ومسؤولة إقليمياً».
ويرى الباحث الأميركي أن الاتفاق النووي لعام 2015، سيمكن طهران من إنشاء برامج صاروخية وطائرات من دون طيار أكثر فتكاً، وتمويل وتسليح شبكتها من الوكلاء الخطرين، بما في ذلك الحوثيون و«حزب الله» اللبناني و«حماس» و«الجهاد» الإسلامي الفلسطيني والميليشيات العراقية، مبيناً أنه مع بقاء بضع سنوات فقط من القيود المتبقية من اتفاقية 2015، يمكن لإيران أن تتحرك بسرعة وبشكل قانوني إلى قدرة عتبة الأسلحة النووية.
وتابع: «ربما يتغير تكتيك التحايل الإيراني في الأسابيع المقبلة إذا أدرك المرشد الإيراني علي خامنئي أنه يستطيع تأمين تريليون دولار لتخفيف العقوبات بينما يواصل سعيه وراء برنامجه النووي والعدوان الإقليمي والقمع الداخلي. إذا حدث ذلك، فستكون هناك عودة إلى نسخة أسوأ من اتفاق 2015 الذي تفاوض عليه الرئيس باراك أوباما آنذاك».
ولفت دوبويتز إلى أن الاتفاق «وفر للنظام مسارات للحصول على أسلحة نووية مع اختفاء القيود بمرور الوقت، حيث أتاح للنظام الوصول إلى مئات المليارات من الدولارات لتمويل عدوانه الإقليمي وقمعه الداخلي».
وقال: «لم ينص الاتفاق على أي قيود على برامج الصواريخ الباليستية والطائرات الإيرانية من دون طيار، وعزز أنشطتها الإرهابية»، على حد وصفه، مؤكداً أنه إذا عادت الولايات المتحدة وأوروبا إلى الاتفاق، فستحصل طهران على أكثر من تريليون دولار لتخفيف العقوبات بحلول عام 2030 لبناء جيش تقليدي خطير.
من ناحيته، قال الدكتور محمد السلمي، رئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية في الرياض، لـ«الشرق الأوسط»: «ليس في صالح المنطقة ولا العالم إطلاق تسابق التسلح النووي المكتظ بالكثير من الأزمات، ومن هذا المنطلق فإن من الخطوات الأولى التي اتخذتها إيران، بجانب الخطوة التي اتخذتها أخيراً، هي عمد النظام الإيراني على المضي قدماً في برنامجه التطويري التسليحي وزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 87 في المائة، في سبيل إنتاج قنبلة نووية، على حساب مطالب الشعب الإيراني الاقتصادية والحقوقية والعدلية».
ولفت السلمي إلى أن «مثل هذا السلوك التسلحي يؤجج الوضع الملتهب في المنطقة، خاصة أنه يوجه الإمكانات المالية والاقتصادية إلى ميدان الإنتاج النووي»، مشيراً إلى أنه في حالة بلغت إيران مرحلة الإنتاج النووي «سيتم دفع دول المنطقة مضطرة نحو الاتجاه نفسه وتخلق حالة من السباق النووي، سواء في السعودية أو مصر أو تركيا أو غيرها من دول المنطقة».
وشدد السلمي على أن مسؤولية السباق التسلحي في المنطقة تقع على عاتق المجتمع الدولي، وبذل كل ما يمكنه من كبح جماح إيران في الإنتاج النووي، مؤكداً على ضرورة ممارسة المزيد من الضغوط على طهران لإيقاف هذا السلوك الذي سيفرز عواقب مهددة للاستقرار في المنطقة والعالم، داعياً إلى مزيد من العقوبات الذكية على طهران، وتجميد عضوية إيران في المنظمات الدولية المؤثرة، بجانب تخفيض تمثيلها الدبلوماسي في الدول المعنية، وعزلها اقتصادياً حتى تعود إلى رشدها والعودة إلى المفاوضات بقلب مفتوح، بما يفضي إلى نتائج تنسجم مع متطلبات النظام العالمي الجديد.